الآثار الإسلامية في مكة

الآثار الإسلامية في مكة كان للرحالة والجغرافيون على مر العصور الفضل في المحافظة على توثيق أوصاف ومعلومات الآثار الإسلامية في مكة المكرمة، حيث أولوها جل عنايتهم واهتمامهم، وذلك لمكانة المدينة الدينية لدى المسلمين.[1] فكتبوا انطباعاتهم ومشاهداتهم من خلال زياراتهم لها خلال مواسم الحج، وغيرها، حتى شكلوا من خلالها مادة علمية ثرية لتاريخها.[2] بعض من هذه الآثار لا يزال مكانها مثل: الجعرانة، والحديبية، وحنين، وأخرى كثيرة أزيلت على مر القرون بسبب التطور العمراني الذي شهدته مكة خلال العصور الإسلامية المختلفة[3]، وأيضًا بسبب ما وصفوه علماء المسلمين بالشركيات، لتبرك البعض بها.[4] ومن أشهر الرحالة الذين كتبوا عن مكة وآثارها، هم: «الأزرقي، والفاكهي، وناصر خسرو، وابن جبير، ومحب الدين الطبري، وابن بطوطة، والتجيبي، وتقي الدين الفاسي، وابن الضياء المكي».

صورة لمكة المكرمة من قمة جبل النور


المعالم التاريخية

الجعرانة

مسجد الجعرانة

بلدة كبيرة، بها مسجد يقصده كل من أراد العمرة بوصفها أفضل مواقيت العمرة من مكة، لإحرام النبي محمد منها.[5] قيل أنها سميت بذلك نسبة إلى امرأة حمقاء من قريش اسمها: ريطة، وتلقب جعرانة. وارتبط هذا الموقع بأحداث السيرة النبوية، حين وزع النبي الغنائم بها بعد معركتي حنين وأوطاس، وحين أحرم منها للعمرة بعد غزوة الطائف. وقد عثر في عدد من الصخور في الجعرانة على مجموعة من النقوش الإسلامية المبكرة، ترجح المراجع التاريخية أنها قد تعود لشخصيات زارت المكان للإحرام منه، أو ربما لقاطنين فيها من أهله تلك الفترة المبكرة من التاريخ الإسلامي.[6][7][8]

الحديبية

تقع على بعد 22 كم غرب المسجد الحرام، وسميت بذلك لشجرة حدباء، أمر الخليفة عمر بن الخطاب بقطعها، عندما نما إلى علمه أن الناس يأتون عندها ويعظمونها، وهو قولٌ مختلف عليه عند جمهور العلماء[9]، وتعرف في الوقت الحاضر باسم: الشميسي. كانت الحديبية محطة على طريق القوافل التجارية الموصل بين اليمن والشام، وزادت أهميتها بعد صلح الحديبية، ثم اتخاذها كمحطة مهمة على طريق الحجاج القادمين بحرًا من ميناء جدة.[10]

شهد هذا المكان أحداثًا من السيرة النبوية، حين نزل الرسول ومعه 1400 من أصحابه قاصدين مكة المكرمة لأداء فريضة العمرة في السنة الخامسة من الهجرة، وهي العمرة التي لم تتم، والتي انبثق عنها صلح الحديبية الذي أبرم بين الرسول وقريش. كما شهد هذا المكان بيعة الرضوان، أو بيعة الشجرة في الوقت نفسه، حين نما إلى رسول الله أن سفيره إلى قريش عثمان بن عفان قد قتل.[11][12]

حُنَين

قصر السليمان الأثري في وادي حنين

وادٍ من أودية مكة الشمالية الشرقية، والذي أخذ شهرته من نشوب معركة حنين فيه، والتي وقعت بين المسلمين بقيادة النبي محمد ، وهوازن ومن ناصرهم عام فتح مكة، والتي نتج عنها انتصار المسلمين. سميت بذلك نسبة إلى حنين بن قانية بن مهلائيل، قيل: من الجن، وقيل: من العماليق.[13][14]


وادي سرف

يقع على بعد 12 كم شمال غرب مكة، وهو أحد أوديتها الشمالية الغربية. تزوج فيه الرسول بأم المؤمنين ميمونة، وفيه توفيت، ودفنت، وقبرها معروف هناك. ويعرف هذا الوادي في الوقت الحاضر باسم النوارية، نسبة إلى صناع النورة.[15][16]

سوق ذي المجاز

من أسواق العرب التي اقترنت بسوق عكاظ، ينطوي هذا السوق على أهمية تاريخية وأثرية وحضارية كبيرة، بوصفه من أشهر الأسواق في الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي حتى فجر الإسلام، وكان الرسول يتردد عليه في المواسم ليعرض الإسلام على القبائل العربية عند اجتماعها به من أول ذي الحجة إلى اليوم الثامن منه.[17][18]

سوق مجنَّة

كان الرسول يرتاده في المواسم لعرض الإسلام على القبائل العربية. اقترن ذكره بسوقي عكاظ وذي المجاز، حيث كان يقام في العشر الأواخر من شهر ذي القعدة من كل عام. يوجد اختلاف في تحديد موقعه، فالجغرافيون المسلمون أشاروا إلى أن مجنة بـ (وادي فاطمة) إلى جبل يقال له الأصفر[19]، وأنها على أميال يسيرة من مكة. وذكر الأزرقي أنها سوق بأسفل مكة، إلا أن العلماء اختلفوا معه؛ لأن أسفل مكة ليس من الشمال، وإنما من الجنوب.[20][21]

غار حراء

غار حراء

يقع هذا الغار بأعلى قمة جبل النور. كان هذا الجبل على بعد كيلو مترات من مكة، ثم امتد إليه العمران حتى وصل إلى سفوحه الجنوبية والشمالية والغربية. فأصبح الجبل على الحافة الشمالية الشرقية لحي حديث يعرف باسم حي جبل النور. ويصعد إلى الغار من طريق متعرجة ووعرة. كان اسم هذا الجبل «ثبير الأعرج»، ثم عرف باسم «جبل حراء»، ولكن أهالي مكة يفضلون تسميته جبل النور، وهو الجبل الذي كان الرسول يتعبد في غاره قبل البعثة، ثم تشرف بنزول أول الوحي على رسول الله في قوله تعالى:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ  الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ   (العلق: 1-5).[22]

غار ثور

غار ثور

يرجح التاريخيون أنه أخذ اسمه من شكله الذي يشبه الثور. كان يعرف باسم أطحل. شهرته تغني عن التعريف به، فقد ارتبط بأهم حدث من أحداث السيرة النبوية، فقد اختبأ النبي ورفيقه أبوبكر

الصديق في أحد غيرانه، عندما هربا من قريش مهاجرين إلى المدينة المنورة، وفيه أنزل الله عز وجل قوله:  إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ   (التوبة: 40).[23][24]

المغمس

يقع على مسافة 22 كم من المسجد الحرام شرقًا، ارتبط ذكر هذا الوادي في المصادر التاريخية بحادثة الفيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، عندما قاد أبرهة الحبشي عام 571م جيشًا جرارًا لهدم الكعبة، وهزم الله عز وجل جيشه في هذا الوادي، حين أرسل عليهم طيرًا أبابيل رمتهم بحجارة من سجل، كما في قوله تعالى:  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ  أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ  وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ  تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ  فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ   (سورة الفيل).[25]

المراجع

  1. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:11
  2. المكرمة, مكة ، خالد الطويل ، أشواق السرواني - مكة، "13 أهمية لكتب الرحلات عن مكة المكرمة - صحيفة مكة"، makkahnewspaper.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 11 أكتوبر 2018.
  3. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:14
  4. المدينة, عبدالوهاب الفيصل - أحمد رافد - جدة - - (04 يونيو 2010)، "إزالة الأماكن التأريخية في مكة والمدينة محو لتأريخ الأمة د. يماني : الآثار الإسلامية تستحق منا الصيانة والرعاية"، Madina (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 11 أكتوبر 2018. {{استشهاد بخبر}}: line feed character في |عنوان= في مكان 58 (مساعدة)
  5. "وقفة مع آية: {وأتموا الحج والعمرة لله}"، www.alukah.net، 11 يناير 2016، مؤرشف من الأصل في 2 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 12 أكتوبر 2018.
  6. "اين موقع ميقات الجعرانة ؟"، مركز الإشعاع الإسلامي، مؤرشف من الأصل في 4 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  7. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:65-66
  8. "متى كانت غزوة حنين ؟ و ما هي تفاصيلها ؟"، مركز الإشعاع الإسلامي، مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  9. توميات, عبد الحليم، "- قصّة قطع عمر رضي الله عنه لشجرة البيعة"، www.nebrasselhaq.com، مؤرشف من الأصل في 2 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  10. شاجع, محمد رابع سليمان، نايف فهد المزينى - مكة المكرمة ,تصوير: محمد (08 يونيو 2012)، "قرية الحديبية.. تاريخ خلده القرآن.. وحاضر يتزين للمستقبل"، Madina (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  11. "تأملات في صلح الحديبيه..!!"، شبكة فلسطين للحوار، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  12. "حدث في السنة السادسة من الهجرة (6)"، www.alukah.net، 24 نوفمبر 2013، مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  13. "قصة غزوة حنين"، www.alukah.net، 01 مارس 2017، مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  14. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:69-70
  15. "وادي سرف - الآثار"، الآثار، مؤرشف من الأصل في 31 مارس 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  16. المكرمة), أحمد اللقماني (مكة (22 أغسطس 2013)، "«النوارية» يحتضن مقبرة أم المؤمنين ميمونة وأقدم مناجم الكلس"، Okaz، مؤرشف من الأصل في 31 مارس 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  17. "سوق ذو المجاز"، المرجع الالكتروني للمعلوماتية، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  18. جدة, علي الشريحي - (02 مارس 2011)، "سوق "ذي المجاز"..تاريخ ينتظر الاكتشاف بين جبل كبكب ووادي عرنة"، Madina (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  19. المنورة, خالد الطويل - المدينة، "الشائع يحدد موقع سوق مجنة - صحيفة مكة"، makkahnewspaper.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  20. "(قراءة في سوق مجنة ...من واقع ما كتبه الشايع) - أشراف الحجاز"، www.al-amir.info، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  21. "سوق مجنة المعالم التاريخية -"، w.mdar.co، مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  22. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:79-80
  23. "مبيت الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر في غار ثور - islamqa.info"، islamqa.info، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018. {{استشهاد ويب}}: line feed character في |عنوان= في مكان 66 (مساعدة)
  24. "بالصور.. غار ثور .. ذكرى خالدة تتناقلها الأجيال | صحيفة المواطن الإلكترونية"، www.almowaten.net، مؤرشف من الأصل في 1 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2018.
  25. الآثار الإسلامية في مكة المكرمة. الحارثي، ناصر. ISBN:978-603-00-2801-6 p:85-86

وصلات خارجية

  • بوابة مكة
  • بوابة السعودية
  • بوابة التاريخ الإسلامي
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.