الأزمة العراقية الكويتية (1961)

الأزمة العراقية الكويتية أو أزمة عبد الكريم قاسم هي أزمة حدثت بين العراق والكويت في عام 1961 أثناء فترة حكم عبد الكريم قاسم والذي طالب بضم الكويت بعد أن أعلنت استقلالها من بريطانيا.

الأزمة العراقية الكويتية
المدمرة كامبرداون واحدة من 4 مدمرات وحاملتي طائرات و6 فرقاطات شكلت الاسطول البريطاني الذي أجابت به بريطانيا على طلب أمير الكويت للمساعدة العسكرية في 30 يونيو 1961.
معلومات عامة
التاريخ 25 حزيران يونيو 1961 - 8 شباط فبراير 1963
الموقع الحدود العراقية الكويتية
المتحاربون
 الكويت
 المملكة المتحدة
 السعودية
 الأردن
الجمهورية العربية المتحدة
السودان
العراق
القادة
الشيخ عبدالله السالم الصباح عبد الكريم قاسم
القوة
3,000 عسكري
5,000 متطوع
5,000 عسكري
1,281 عسكري
785 عسكري
159 عسكري
112 عسكري
60,000 مجموع القوات المسلحة العراقية

الخلفية التاريخية

قام حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح في 19 حزيران يونيو 1961 بإلغاء اتفاقية الحماية مع بريطانيا لتحصل الكويت على استقلالها الكامل ٬ وفي اليوم التالي (20 حزيران يونيو) بعث رئيس وزراء العراقي عبد الكريم قاسم برقية لحاكم الكويت يهنئه فيها عن إلغاءه الاتفاقية مع بريطانيا دون ان يشير إلى استقلال الكويت بل عمد إلى اثارة المطالب التاريخية للعراق في الكويت إلا ان الموقف العراقي أصبح واضحا في 25 حزيران يونيو 1961 حينما عقد الزعيم عبد الكريم قاسم مؤتمرا صحفيا في مقر وزارة الدفاع يطالب فيهِ بضم الكويت للعراق مدعيا أن الكويت أرض عراقية فصلها الاستعمار البريطاني عن العراق.[1] ومعلناً عن تعيين الشيخ عبد الله الصباح قائممقاماً للكويت تابعاً لمحافظة البصرة.[2]

العراق

قال عبد الكريم قاسم في برقيته المؤرخة 20 "سيادة الأخ الجليل عبد الله السالم الصباح - الكويت 

علمت بسرور بأن الإنجليز قد اعترفوا في يوم 19/6/1961 بإلغاء الاتفاقية المزورة غير الشرعية، وغير المعترف بها دوليا، والتي سموها اتفاقية 1899 بعد أن عقدوها بالباطل مع الشيخ مبارك الصباح، قائمقام الكويت التابع لولاية البصرة، دون علم اخوته في الكويت، ودون علم السلطات الشرعية في العراق آنذاك. وقد سبق للشيخ حمود أن رفض التوقيع عليها أو تنفيذها، الأمر الذي اضطر الإنجليز على تهيئة شهود الزور من عملائهم، للتصديق على توقيعها، وفعلاً وقع البريطاني وكهام هور الرئيس في خدمة الطبابا الهندية، مع العميل الممثل البريطاني في البحرين أغا محمد رحيم، بصفتهما شاهدين على صحة توقيع شيخ الكويت الجليل. فالحمد لله الذي هو وحده ينقذ العالم من التبعية والاستعمار، ومن جريمة الكفر بحق العرب والمسلمين، وبحق الوطن وبحق إخوانكم في العراق. فليكن ذلك درساً لإخواننا العرب في كل مكان، وحذار من دسائس الإنجليز المستعمرين ومكائدهم لتفرقة الصفوف داخل الوطن وبين الأشقاء ليضمنوا بقاءهم من وراء الستار. يتلاعبون بمصالح العرب والمسلمين، وبقاء سيطرة الاستعمار وأعوانه على أوطاننا. ونؤكد لكم بأننا سنبقى ونحن إخوانكم في الجمهورية العراقية الخالدة، لا تنطلي علينا خدعة الاستعمار، وسنظل نعمل بقوة وعزم لنصرة العرب والمسلمين، والنصر من عند الله. وختاماً فإننا نرجو لشخصكم الكريم بالذات ولإخواننا الكرام أهل الكويت الشقيق كل خير وتقدم ورفاه.".

الكويت

سيادة الأخ اللواء عبد الكريم قاسم - بغداد

تلقيت برقيتكم التي أعربتم فيها عن شعوركم بمناسبة إلغاء اتفاقية 1899، تلك الاتفاقية التي قطعت الكويت من بعدها مراحل واسعة في المضمار العالمي والدولي، بحيث أصبحت والحمد لله دولة عربية فتية كاملة السيادة والاستقلال. ونحن إذ نعتز بما وفقنا الله إلى تحقيقه، وتم الوصول إليه من اعتراف باستقلال وسيادة الكويت البلد العربي، لواثقون تماماً بأن الدول العربية جميعها لاسيما الدول الشقيقة المجاورة ستساعدنا فيما عقدنا العزم عليه، وهو المحافظة على هذا الكسب الدولي، الذي لا يعد كسباً للكويت فحسب، بل هو كسب للدول العربية جميعاً، بل وللشعب العربي بأسره الذي يتطلع دوماً إلى اليوم الذي تتكاتف فيه جميع الدول العربية، وهي طليقة حرة ويجند فيه جميع العرب إمكاناتهم المادية والمعنوية، لتحقيق أمانيهم وصلاح أحوالهم، وإننا ننتهز هذه المناسبة لنعرب عن عميق احترامنا لشخصكم الكريم، وعن أطيب تحياتنا لإخواننا الكرام أهل العراق الشقيق، وفق الله الجميع إلى الخير والتقدم والرفاهية. عبد الله السالم الصباح [3][4]

تاريخ العلاقات الكويتية العراقية

تمتعت الكويت باستقلال واسع تحت حكم أسرة آل صباح في ظل سيادة دولة بني خالد في الاحساء عليها خلال القرن الثامن عشر (1701-1800)، في الوقت الذي كان العراق تحت حكم مماليك العراق، كان والي بغداد يمارس منذ عام 1704 حكما شبه مستقل في ولايته ضمن الإمبراطورية العثمانية وحكمه نافذ على كامل أراضي العراق عدا ولاية الموصل[5] التي تحكمها أسرة آل الجليلي شبه المستقلة، استمر هذا الوضع السياسي في العراق قائما حتى عام 1831 حينما انتهى حكم المماليك في العراق واصبحت ولاية بغداد تحت الحكم المباشر للدولة العثمانية وبات منصب والي بغداد يعين مباشرة من إسطنبول وباستتباب الحكم المركزي في بغداد انهى العثمانيون حكم أل الجليلي بالموصل في 1834[6] وفي عام 1869 ضمت جميع ولايات العراق إلى ولاية بغداد وعين مدحت باشا واليا عليها[7] والذي ابدى اهتاما في بسط نفوذ العثمانيين في شرق الجزيرة العربية فوسع رقعة ولايته جنوبا عبر شن حملة عسكرية على مدينتي الاحساء والقطيف التابعتين لامارة نجد مستغلا الحرب الاهلية الدائرة بين ورثة الامام فيصل بن تركي وخلال الحملة ساند حاكم الكويت العثمانيين بقواتهِ البرية وباسطول بحري لتنتهي الحملة بضم منطقة شرق الجزيرة العربية وتأسيس متصرفية الاحساء وقد سجل مدحث باشا ملاحظاته حول الوضع السياسي للكويت في مذكراته قائلا:[8]

«تبعد الكويت عن البصرة 60 ميلا في البحر وهي كائنة على الساحل بالقرب من نجد وأهلها كلهم مسلمون وعدد بيوتها 6,000 وليست بتابعة لأية حكومة وكان الوالي السابق نامق باشا يريد إلحاقها بالبصرة فأبى أهلها لأنهم قد اعتادوا عدم الإذعان للتكاليف والخضوع للحكومات فبقى القديم على قدمه (...) والأهالي هناك شوافع وهم يديرون أمرهم معتمدين على الشرع الشريف وحاكمهم وقاضيهم منهم فهم يعيشون شبه جمهورية وموقعهم يساعدهم على الاحتفاظ بحالتهم الحاضرة وهم لا يشتغلون بالزراعة بل بالتجارة البحرية وعندهم ألفان من المراكب التجارية الكبيرة والصغيرة فهم يشتغلون بصيد اللؤلؤ في البحرين وفي عمان وتسافر سفائنهم الكبيرة إلى الهند وزنجبار للتجارة وقد رفعوا فوق مراكبهم راية مخصوصة بهم واستعملوها زمنا طويلا.»

وبعد اتمام مدحت باشا ضم منطقة الاحساء جعل كل من إمارة قطر وإمارة الكويت أقضية عثمانية تتبع ولاية بغداد، ومنح حكام الامارتين منصب قائم مقام وبذلك أصبحت الكويت منذ عام 1870 قضاءً عثمانيا يتمتع بالحكم الذاتي إلا انه وبالرغم من ذلك كانت العلاقات الكويتية العثمانية تتسم بالشكلية ففيما عدا رفع العلم العثماني لم يكن للعثمانيين بالكويت إدارة مدنية عثمانية ولا حتى حامية عسكرية بل ولم يخضع الكويتيون للتجنيد في خدمة الجيش العثماني ولم يدفعوا أي ضربية مالية للدولة العثمانية.[9] وحتى لقب «قائم مقام» الذي منح لحكام الكويت ظل ينظر له كمنصب شرفي لاسيما مع تعهد الدولة العثمانية باستمرار الكويت ذاتية الحكم.[10] في عام 1899 دفع النزاع السياسي مع العثمانيين حاكم الكويت إلي طلب الحماية البريطانية لتصبح الكويت محمية بريطاية تحت الحكم العثماني، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية أصبحت الكويت إمارة مستقلة تحت الحماية البريطانية، استمر هذا الوضع قائما حتى 19 حزيران يونيو 1961 حينما ألغيت إتفاقية الحماية الموقعة لعام 1899 بين بريطانيا والكويت واعلنت الكويت استقلالها الكامل.

في المقابل ظلت الأراضي العراقية خاضعة للحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى 1914-1918 حينما أصبح العراق خاضعا للاحتلال البريطاني وفي عام 1921 أعلن عن تأسيس المملكة العراقية وبويع الملك فيصل ملكاً على العراق ولم يحصل العراق على استقلاله إلا عام 1931 وظل النظام الملكي قائما حتى اطاحت به ثورة 14 تموز 1958 لتتأسس الجمهورية العراقية.

تطور الأزمة

تسبب اعلان عبد الكريم قاسم رغبته بضم الكويت إلى العراق إلي حدوث أزمة سياسية بين البلدين ٬ وكانت الكويت قد تقدمت بطلب إلى جامعة الدول العربية في 23 يونيو للانضمام أي قبل يومين من إعلان عبد الكريم قاسم مطالبته بضم الكويت إلى العراق، وقد تقرر البت في الطلب بتاريخ 4 تموز يوليو إلا ان الجامعة أخفقت في اتخاذ قرار في الموضوع، وقرر تأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء، 12 تموز يوليو، ريثما ينتهي أمين عام الجامعة العربية من الاتصال مع الحكومات المعنية بالأزمة.

في 20 تموز يوليو أصدرت الجامعة العربية قراراً بقبول الكويت في الجامعة وطلبت الكويت من بريطانيا ان تسحب قواتها لإحلال قوات عربية محلها ووصلت قوات من الجمهورية العربية المتحدة والأردن والسودان.

قرر العراق قطع علاقاته الدبلوماسية بعدة دول منها لبنان، وتونس والأردن وإيران والولايات المتحدة واليابان كنتيجة لأعترافهم بالكويت.

تحشد القوات العراقية والكويتية على منطقة الحدود الدولية

قامت القيادة العراقية بتحريك اللواء الأول مشاة الموجود في منطقة المسيب واللواء 14 مشاة الموجود في محافظة الناصرية إلى منطقة الحدود الكويتية، كما نقلت كتيبتي الدبابات الأولى والثانية من اللواء المدرع الرابع التابع للفرقة الأولى في بغداد إلى محافظة البصرة.

وعلى الرغم من قلة تعداد الجيش الكويتي الذي يبلغ ما بين 2,000 و3,000 جندي مقارنة بـ 60,000 جندي هو تعداد الجيش العراقي[11] فقد تم اعلان حالة الاستنفار في صفوف الجيش وانتشترت قطاعاته في مواقع دفاعية وتشكل غالب هذه الوحدات من عناصر اللواء السادس إضافة إلى بعض الوحدات المستقلة.

طلب المساعدة العسكرية (30 حزيران يونيو)

تأخر أمير الكويت 6 أيام قبل أن يطلب المساعدة العسكرية من بريطانيا في 30 حزيران يونيو 1961 بموجب اتفاقية الصداقة البريطانية الكويتية المعقودة في 19 حزيران يونيو 1961[12] كذلك قام أمير الكويت بطلب المساعدة العسكرية من المملكة العربية السعودية تفعيلا لاتفاقية الدفاع المشترك بين الكويت والسعودية الموقعة عام 1948.

وصول القوات السعودية (1 تموز يوليو)

وصلت في 1 تموز يوليو قوة سعودية مؤلفة من 100 مظلي، وقد بلغ مجموع القوات السعودية 1,200 فرد.[13]

وصول القوات البريطانية (2 تموز يوليو)

وقد نفذت بريطانيا عملية فانتاج العسكرية وقد بلغ مجموع حجم القوات البريطانية بالكويت 5,000 عسكري.

وصول قوات الجامعة العربية

في 20 تموز يوليو أصدرت الجامعة العربية قراراً بقبول الكويت في الجامعة وطلبت الكويت من بريطانيا ان تسحب قواتها لأحلال قوات عربية محلها ووصلت قوات من الجمهورية العربية المتحدة والأردن والسودان.

  • 1.القوة السعودية: تتكون من 1281 جندياً (كتيبة مشاة 785 جندياً + كتيبة مدرعة 496 جندياً + سرية مدفعية ميدان «6 مدافع 105مم» + وحدات خدمات فنية).
  • 2.القوة الأردنية: تتكون من 785 جندياً (كتيبة مشاة + فصيل مدفعية مضادّة للطائرات «6 مدافع 40مم» + وحدة خدمات طبية).
  • 3.القوة السودانية: تتكون من 112 جندياً (سرية مشاة).
  • 4.قوة الجمهورية العربية المتحدة: تتكون من 159 جندياً، (سرية مهندسين عسكريين + سرية إشارة + وحدة سكرتارية عسكرية).

في 28 أيلول سبتمبر أنفصلت سوريا عن الجمهورية العربية فسحبت مصر قواتها من الكويت في 12 تشرين الأول أكتوبر.

في كانون الثاني يناير 1963، قلصت هذه القوات لتحل محلها قوات رمزية من 15 إلى 20 جندي من جميع الدول العربية.

انتهاء الأزمة

أنتهت الأزمة بمقتل عبد الكريم قاسم نتيجة انقلاب عسكري حدث في 8 شباط فبراير 1963، وجراء ذلك انسحبت القوات العربية نهائياً من الكويت في 20 شباط فبراير من نفس العام.

طالع أيضا

هوامش

  1. موسوعة مقاتل من الصحراء نسخة محفوظة 03 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. محمد رشيد الفيل، "ولقد+أعلن+عبدالكريم+قاسم+في+مؤتمره"&dq="ولقد+أعلن+عبدالكريم+قاسم+في+مؤتمره"&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjFm9-trcn5AhXSgHMKHX1tCxQQ6AF6BAgCEAI الحدود: وجهة نظر جغرافية وجيوستراتيجية : الحدود العراقية الكويتية : الوجه الآخر لحرب الخليج المستمرة، ص. 192، مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2022.
  3. "Al Moqatel - أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، من استقلال الكويت حتى انضمامها إلى الأمم المتحدة، ( من 19 يونيه 1961 إلى 14 مايو 1963)"، www.moqatel.com، مؤرشف من الأصل في 11 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2022.
  4. المقال, كتب؛ النجار, أ د غانم، "برقية قاسم... بداية المشاكل"، www.aljarida.com، مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2022، اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2022.
  5. A Brief History Of Iraq , 2008, Hala Fattah Frank Caso p.130
  6. Ottoman Origins of Modern Iraq, Ebubekir Ceylan I.B.Tauris, 2011 p.47
  7. Ottoman Origins of Modern Iraq, Ebubekir Ceylan I.B.Tauris, 2011 p.124
  8. مذكرات مدحت باشا، الدار العربية للعلوم، 2002، ص.238
  9. Shifting lines in the sand: Kuwait's elusive frontier with Iraq By David H. Finnie. P.7
  10. The Kuwait Crisis: Basic Documents By E. Lauterpacht, C. J. Greenwood, Marc Weller P.12
  11. موسوعة مقاتل نسخة محفوظة 03 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. Britain and the Middle East: Economic History, 1945-87, p.136
  13. Hala Mundhir Fattah and Frank Caso, A Brief History of Iraq (Infobase Publishing, 2009) p203

مصادر

  • بوابة الحرب
  • بوابة العراق
  • بوابة الكويت
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.