الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس

استُخدمت عبارة «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» (بالإنجليزية: ، The empire on which the sun never sets)‏ لوصف إمبراطوريات عظمى بعينها امتدت أراضيها إلى جميع أرجاء العالم حتى أن الشمس كانت دائمًا تسطع على جزء واحد منها على الأقل. وفي العادة يُقصد بتلك العبارة المتعالية المبالغة في التباهي باتساع الإمبراطورية، ورغم ذلك اُستخدمت تلك العبارة في بعض الأحيان بمعناها الحرفي.[1][2][3]

ذُكرت تلك العبارة لأول مرة للإشارة إلى مملكة الإمبراطور شارلكان[4][5][6] التي شملت عدة ممالك في أوروبا والقارة الأمريكية. وبعدها اُستخدمت العبارة للإشارة إلى الإمبراطورية الإسبانية في عهد الملك فيليب الثاني وخلفائه في القرون السادسة والسابعة والثامنة عشرة.[7][8] وفي العصور الحديثة، اُستخدمت العبارة لوصف الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين في الوقت الذي صارت فيه الإمبراطورية البريطانية أكبر الإمبراطوريات اتساعًا في التاريخ على الإطلاق. وفي القرن العشرين، طُوعت تلك العبارة في بعض الأحيان للإشارة إلى امتداد النفوذ الأمريكي في العالم.

الإمبراطورية البريطانية

حدود الإمبراطورية البريطانية (عام 1919) على القارات السبع في أقصى اتساع بلغته على الإطلاق

شاع استخدام تلك العبارة للإشارة إلى الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر. كانت أراضي الإمبراطورية البريطانية مُلونة باللون الأحمر والوردي على الخرائط العالمية لإبراز مدى النفوذ البريطاني في أنحاء العالم. ويُنسب إلى الكاتب الإسكتلندي جون ويلسون استخدام العبارة لأول مرة لوصف الإمبراطورية البريطانية في مجلة بلاكوودز البريطانية في عام 1829.[9][10][11][12] إلا أنه، في ظل التوسع الإقليمي الذي حظيت به بريطانيا عقب حرب السنوات السبع، علق جورج مكارتني في كتابه قائلًا: «تلك الإمبراطورية لا تغيب الشمس عنها، ولم يتيقن أحد حتى الآن من طبيعة حدودها».[13]

في 31 يوليو 1827، علق القس روبرت بيدر بوديكوم في خطابه قائلًا: «قيل لنا أن الشمس لا تغيب بتاتًا عن العلم البريطاني؛ من المؤكد أن تلك المقولة القديمة كانت صحيحة في عهد ريتشارد الثاني، أما الآن فهي لم تعد صحيحة كما كانت من قبل».[14] وفي عام 1821 وصفت مجلة كاليدونيان ميركوري الإمبراطورية البريطانية قائلة: «لا تغيب الشمس عن ممالكها أبدًا؛ إذ أن الشمس تشرق على ميناء جاكسون في ذات الوقت الذي تغيب فيه عن أبراج كيبك، وتغطس في مياه بحيرة سوبيريور في ذات الوقت الذي تبزغ فيه من فم نهر الغانج».[1]

أعرب دانيال وبستر عن فكرة مماثلة في عام 1834 قائلًا: «إنها قوة وضعت علاماتها في جميع أنحاء العالم بمستعمراتها ومواقعها العسكرية التي تحوم دقات طبولها حول الأرض في سلسلة لا تنقطع من أجواء إنجلترا العسكرية».[15][16] وفي عام 1839، خاطب سير هنري وارد مجلس عموم المملكة المتحدة قائلًا: «انظروا إلى الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية – أعظم الإمبراطوريات التي شهدها العالم. تشدق الإسبان سابقًا بأن الشمس لا تغيب عن ممالكهم، أما الآن فقد حققنا ذلك بالفعل بأنفسنا».[17] وفي عام 1861، اشتكى اللورد ساليسبوري من أن الحكومة البريطانية كانت تنفق 1.5 مليون جنيه على الدفاع الاستعماري، وأن ذلك لا يعود على بريطانيا بأي منفعة سوى «توفير مواقع عسكرية مريحة لجنودنا، والتباهي بالرأي القائل بأن الشمس لا تغيب عن إمبراطوريتنا».[18]

الولايات المتحدة

بدءًا من منتصف القرن التاسع عشر، وُصفت كلٌ من الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة في البلاد المتكلمة باللغة الإنجليزية بتلك العبارة. ففي عام 1852 قال ألكساندر كامبيل في أحد خطاباته: «وهب الرب بريطانيا وأمريكا كلتاهما أراضي العالم الجديد؛ فالشمس لا تغيب بتاتًا عن ديننا وعن لغتنا وعن فنونا...».[19]

ومع نهاية القرن التاسع عشر، أصبحت تلك العبارة تشير إلى الولايات المتحدة فقط. فقد تشدقت إحدى المجلات في عام 1897 بعظمة الولايات المتحدة في مقال بعنوان «أعظم أمة على وجه الأرض» قائلة: «لا تغيب الشمس بتاتًا عن العم سام».[20]

انظر أيضًا

مراجع

  1. "The British Empire"، Caledonian Mercury، العدد 15619، 15 أكتوبر 1821، ص. 4.
  2. "Empire's Sunset? Not Just Yet."، The New York Times (باللغة الإنجليزية)، 01 يوليو 1997، ISSN 0362-4331، مؤرشف من الأصل في 29 أغسطس 2018، اطلع عليه بتاريخ 18 أغسطس 2020.
  3. Munroe, Randall (2014)، What if? : serious scientific answers to absurd hypothetical questions، Boston، ص. 259–261، ISBN 978-0-544-27299-6، OCLC 872620028، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020.
  4. Holslag, Jonathan (25 أكتوبر 2018)، A Political History of the World: Three Thousand Years of War and Peace، Penguin UK، ISBN 9780241352052، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020 عبر Google Books.
  5. Armitage, David The Ideological Origins of the British Empire Cambridge University Press (2000) p32
  6. Ocker, Christopher, Printy ,Michael & Starenko, Peter (Editors) Politics and Reformations: Communities, Politics, Nations, and Empires Brill Academic Publishers (2007), 495.
  7. Lothar Höbelt (2003)، Defiant Populist: Jörg Haider and the Politics of Austria، Purdue University Press، ص. ISBN 978-1-55753-230-5، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020.
  8. Cropsey, Seth. Seablindness: How political neglect is choking American sea power and what to do about it. نسخة محفوظة 4 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
  9. Wilson, John (أبريل 1829)، "Noctes Ambrosianae No. 42"، Blackwood's Edinburgh Magazine، XXV (cli): 527، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020، Not a more abstemious man than old Kit North in his Majesty's dominions, on which the sun never sets.
  10. Vance, Norman (2000)، "Imperial Rome and Britain's Language of Empire 1600–1837"، History of European Ideas، 26 (3–4): 213, fn.3، doi:10.1016/S0191-6599(01)00020-1، ISSN 0191-6599، S2CID 170805219، It seems this proverbial phrase was first used by 'Christopher North' (John Wilson) in Blackwood's Magazine (April 1829).
  11. Morris, Jan (1978)، Farewell the Trumpets: An Imperial Retreat، مؤرشف من الأصل في 16 نوفمبر 2018، as Christopher North the poet, had long before declared it, an Empire on which the sun never set.
  12. Miller, Karl (09 أغسطس 2003)، "Star of the Borders"، The Guardian، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 15 يونيو 2009، the British empire, on which, as Wilson may have been the first to say, the sun never set.
  13. Macartney, George (1773)، An Account of Ireland in 1773 by a Late Chief Secretary of that Kingdom، ص. 55.; cited in Kenny, Kevin (2006)، "George+Macartney"+"sun+never+sets"&pg=PA72 Ireland and the British Empire، Oxford University Press، ص. 72,fn.22، ISBN 0-19-925184-3، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 فبراير 2016.
  14. Scott, William؛ Francis Garden؛ James Bowling Mozley (1827)، "Monthly Register: Society for the Propagation of the Gospel: Liverpool District Committee"، The Christian remembrancer, or the Churchman's Biblical, Ecclesiastical & Literary Miscellany، F.C. & J. Rivington، ج. Vol. IX، ص. 589، اطلع عليه بتاريخ 15 يونيو 2009. {{استشهاد بكتاب}}: |المجلد= has extra text (مساعدة)
  15. Bartlett, John (2000) [1919]، Familiar quotations، Bartleby.com، revised and enlarged by Nathan Haskell Dole (ط. 10th)، Boston: Little, Brown and Company، ص. 495، ISBN 1-58734-107-7، مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 فبراير 2016.
  16. Lodge, Henry Cabot (1907–1921)، "XVI. Webster"، في W. P. Trent؛ J. Erskine؛ S. P. Sherman؛ C. Van Doren (المحررون)، [American] Early National Literature, Part II; Later National Literature, Part I.، The Cambridge History of English and American Literature، New York: G. P. Putnam's Sons، ج. XVI، ص. § 6. Rhetoric and Literature، ISBN 1-58734-073-9، مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2018.
  17. "Waste Lands of the Colonies". Parliamentary Debates (Hansard). House of Commons. 25 June 1839. col. 847. نسخة محفوظة 28 أكتوبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  18. Roberts, Andrew (أكتوبر 1999)، "Salisbury: The Empire Builder Who Never Was"، History Today، 49.
  19. Speeches of Alexander Campbell نسخة محفوظة 10 April 2011 على موقع واي باك مشين.
  20. Jordon, William (يوليو 1897)، "The Greatest Nation on Earth"، Ladies' Home Journal: 7–8.; cited by Kaiser, Kaitlyn (2005)، "Americanizing the American Woman: Symbols of Nationalism in the Ladies Home Journal, 1890–1900"، Salve Regina University (thesis)، : 17, fn.57,58، مؤرشف من الأصل في 7 فبراير 2012. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  • بوابة التاريخ
  • بوابة الإمبراطورية البريطانية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.