البابا بيوس الثاني عشر والهولوكوست

وقعت حبرية البابا بيوس الثاني عشر في وقت الحرب العالمية الثانية والهولوكوست، والتي شهدت القتل الجماعي لستة ملايين يهودي، إضافةً إلى خمسة ملايين من الغجر والمعاقين والمعارضين السياسيين وغيرهم على يد النظام النازي (الرايخ الثالث) بزعامة أدولف هتلر والمتواطئين معه. استخدم البابا بيوس الثاني عشر الدبلوماسية لمساعدة ضحايا النازيين خلال الحرب، ومن خلال توجيه كنيسته لتقديم مساعدات سرية لليهود وغيرهم، حيث أنقذ مئات الآلاف من الأرواح.[1] وحافظ البابا بيوس الثاني عشر على صلاته مع المقاومة الألمانية ضد النازية، وتقاسم المعلومات مع الحلفاء. إلا أن أقوى إدانته العامة للإبادة الجماعية كانت تعتبر غير كافية من قبل قوات الحلفاء، في حين نظر النازيون إليه باعتباره متعاطفًا مع الحلفاء الذين فقدوا سياسته لحياد الفاتيكان.[2] وأشاد المجتمع اليهودي في روما بجهود البابا لحماية اليهود،[3] وقد أجرى المؤرخ الإسرائيلي بينكاس لبيد مقابلة مع الناجين من الحرب، وخلص إلى أن بيوس الثاني عشر «كان له دور أساسي في إنقاذ 700,000 يهودي على الأقل، ولكن ربما يصل الرقم إلى 860,000 يهودي تم انقاذهم من الموت المؤكد بين أيدي النازيين».[4] وأشاد القادة اليهود لعمل بيوس الثاني عشر في إنقاذ الآلاف من اليهود، من بينهم العالم ألبرت أينشتاين، وغولدا مئير، وموشيه شاريت، والحاخام الأكبر اسحق هليفي هيرزوغ.[5]

أعضاء من فوج الملكي الكندي مع البابا بيوس الثاني عشر، في أعقاب تحرير روما عام 1944.

وقد اتهم بعض النقاد بعد الحرب البابا بيوس الثاني عشر إما بالحذر المفرط، أو «بعدم القيام بما يكفي»، أو حتى «الصمت» في مواجهة الهولوكوست. وغالباً ما يُشار إلى خوف بيوس الثاني عشر من الأعمال الانتقامية ضد «الكاثوليك غير الآريين» أو «اليهود المتحولين إلى الكاثوليكة» كدافع له لعدم التحدث ضد الهولوكوست علناً.[6][7] ومع ذلك، فقد اعتقد أنصاره أنه أنقذ الآلاف، إن لم يكن عشرات أو مئات الآلاف من اليهود عن طريق طلب كنيسته لتزويدهم بالملجأ والمساعدات، وأنه قدم قيادة أخلاقية وفكرية في مواجهة العنصرية العنيفة للأيديولوجية النازية.[8][9] كان بيوس الثاني عشر قد شغل منصب دبلوماسي في الفاتيكان في ألمانيا قبل الحرب وكوزير للدولة في الفاتيكان في عهد بيوس الحادي عشر. وبهذه الصفة، كان ناقدًا للنازية وساعد في صياغة المنشور الدوري المناهض للنازية الصادر عام 1937. في رسالته البابوية الرعوية الأولى عام 1939، أعرب بيوس الثاني عشر عن استيائه من غزو بولندا عام 1939. وكرر التعليم الكاثوليكي ضد العنصرية ومعاداة السامية؛ وأيد المقاومة ضد أولئك الذين يعارضون المبادئ الأخلاقية لـ«الوحي على سيناء» والعظة على الجبل. في عيد الميلاد من عام 1942، عندما ظهر دليل على ذبح اليهود الجماعي، أعرب البابا عن قلقه من قتل «لمئات الآلاف» من الناس «العدماء» بسبب «جنسيتهم أو عرقهم». وتدخّل بيوس الثاني عشر لمحاولة منع الترحيل النازي لليهود في مختلف البلدان من عام 1942 إلى عام 1944. ويؤكد عدد من المصادر على العديد من نشاطات الإنقاذ التي قامت بها الكنيسة الكاثوليكية لمساعدة اليهود، وتشير إلى العديد من الحالات التي تدخل فيها البابا بيوس الثاني عشر بذاته للتشجيع على المساعدة وإنقاذ اليهود.[10] [11][12][13][14] وعند وفاته في عام 1958، أشاد وزير الخارجية الإسرائيلي وقادة العالم الآخرين ببيوس الثاني عشر. لكن إصراره على حياد الفاتيكان وتجنب تسمية النازيين كأشرار للصراع أصبح أساسًا للنقد المعاصر واللاحق من بعض الأوساط وتستمر دراسات أرشيف الفاتيكان والمراسلات الدبلوماسية الدولية.

مراجع

  1. Coppa, Frank J. (29 يونيو 2006)، "Pius XII: Assessment"، موسوعة بريتانيكا، مؤرشف من الأصل في 26 أبريل 2019.
  2. "Roman Catholicism: the period of the world wars"، Encyclopædia Britannica، 17 فبراير 2016، مؤرشف من الأصل في 3 أبريل 2019.
  3. Bokenkotter, Thomas (2004). A Concise History of the Catholic Church. Doubleday. pp. 480–481, quote: "A recent article by American rabbi, David G. Dalin, challenges this judgment. He calls making Pius XII a target of moral outrage a failure of historical understanding, and he thinks Jews should reject any 'attempt to usurp the Holocaust' for the partisan purposes at work in this debate. Dalin surmises that well-known Jews such as Albert Einstein, Golda Meir, Moshe Sharett, and Rabbi Isaac Herzog would likely have been shocked at these attacks on Pope Pius. ... Dalin points out that Rabbi Herzog, the chief rabbi of Israel, sent a message in February 1944 declaring 'the people of Israel will never forget what His Holiness ... (is) doing for our unfortunate brothers and sisters in the most tragic hour of our history.'" Dalin cites these tributes as recognition of the work of the Holy See in saving hundreds of thousands of Jews."
  4. Lapide (1967) cited in Dalin (2005), p. 11
  5. Dalin, David, Rabbi (26 فبراير 2001)، "A Righteous Gentile: Pope Pius XII and the Jews"، Catholic League، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2018.
  6. Roth and Ritner, 2002, p. 49.
  7. Sánchez, 2002, p. 177.
  8. Bogle, James (31 مارس 1996)، "The Real Story of Pius XII and the Jews"، Catholic League، مؤرشف من الأصل في 27 أكتوبر 2018.
  9. "860,000 lives saved—the truth about Pius XII and the Jews"، National Association of Catholic Families، Autumn 1991، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  10. Coppa, Frank J. (29 يونيو 2006)، "Pius XII: Early Life and Career"، Encyclopædia Britannica، مؤرشف من الأصل في 26 أبريل 2019.
  11. "Eichmann's diary reveals Catholic Church's assistance to Jews"، EWTN، Zenit، 01 مارس 2000، مؤرشف من الأصل في 19 يناير 2017.
  12. Davies, Bess Twiston (19 أغسطس 2006)، "Faith news – Comment – Times Online"، The Times، اطلع عليه بتاريخ 02 نوفمبر 2006.[وصلة مكسورة]
  13. Baglioni, Pina (أغسطس 2006)، "The Holy Father orders…"، 30 Days، مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2007.
  14. McInerny (2001).

انظر أيضاً

  • بوابة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
  • بوابة كوارث
  • بوابة حقوق الإنسان
  • بوابة ألمانيا
  • بوابة أوروبا
  • بوابة اليهودية
  • بوابة المسيحية
  • بوابة علاقات دولية
  • بوابة الأديان
  • بوابة الفاتيكان
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.