البهلول بن راشد
البهلول بن راشد الرعيني وكنيته أبو عمرو من أهل القيروان، من الطبقة الأولى، من أصحاب الإمام مالك. كان ثقة مجتهدًا، ورعًا مستجاب الدعوة، كان عنده علم كثير. سمع من مالك، والثوري والليث بن سعد وغيرهم. سمع منه سحنون ويحي بن سلام وجماعة، روى عنه القعنبي عن عبد الله بن مسلمة قال: هو وتد من أوتاد أهل المغرب، ونظر إليه مالك فقال هذا عابد بلده.
البهلول بن راشد | |
---|---|
معلومات شخصية | |
وجاءت ذات مره اسئله الي الإمام مالك بن انس، من عند ابن غانم فقال: ما قال فيها المصغر؟ يعني البهلول ـوما قال فيها الفارسي ـ يعني عبد الله بن فروخ. وكان البهلول وعبد الله بن فروخ تجمعهما اخوة ومحبه في الله. وقال سعيد بن الحدّاد: ماكان بهذا البلد أحــد أقوَم بالسنة من البهلــول في وقته وسحنون في وقته. وقال أبو اسحــاق البرقي: كان البهلول بن راشد من أهل الفضل والعلم والورع، معروفا بذلك مع العبادة والاجتهاد. قال سحنون: كان البهلول رجلا صالحا وقال: كنا نختلف عند البهلول نتعلم منه السمت. كان البهلول يري نفسه صغيرا ويراه الناس كبيرا، وكان قد استجيب دعاؤه المأثور عن النبي (ص): (اللهم اجعلني صغيرا في نظر نفسي كبيرا في نظر الناس. أو كما قال.
كان البهلول يحرص ان يعيش كما يعيش الناس قيل انه ذات مره كان عنده طعام فغلا ثمنه فباعه واشتري طعاما خشنا رخيصا فسئل عن سبب ذلك فقال: نفرح إذا فرح الناس ونحزن إذا حزنوا. وكان البهلول يتخفي عن اعين الناس بعبادته ويحاول الا يظهرها وكان لا يهمه ابدا ان يستصغره الناس، ولكنه يجتهد في ان يتقبل الله أعماله ثم لا يهمه بعد ذلك. حُكِيَ انه ذات مره كان جالسا وجاءه صاجبه رباح بن يذيد الزاهد، وبينما هما كذلك إذا أخ للبهلول كان في البادية واخذ يلهج بخبر المطر والزرع فنهض رباح بن يذيد وقال للبهلول: سقطت من عيني تذكر الدنيا في مجلسك ولا تغيِّر؟ فقال له البهلول: إذا لم اسقط من عين الله فلا ابالي من عين من سقطت، فخر رباح علي راسه يقبله ويقول: نعم يا حبيبي يا بهلول، لا تبالي من عين من سقطت. وكان البهلول يفضل ان ينفق المال في الصدقات علي ان ينفق في نوافل خاصه.قال المغيث بن سالم: جاء مغيث بن رباح الي البهلول فأخبره بعزمه علي الحج فقال له البهلول اما كنت حججت؟ فقال نعم ولكني اشتقت الي بيت الله الحرام وقبر النبي (ص) فقال البهلول: كم اعددت لخروجك؟ قال: مائه درهم فقال البهلول: هل لك ان تاتيني بها فاصرفها في مواضع وادعو الله يبدلك عشر حجج بها؟ فأتي مغيث بالصُّره فافرقها تحت جلد وجلس معه. فلم يزل البهلول يدفع منها الخمسة والعشرة يقول لهذا تزوج بها وعش بالباقي ويقول لذلك انفقها علي عيالك ويقول لاخر استر وجهك بها حتي نفدت. كان البهلول بن راشد ملتزما مجانبا لاهل الاهواء، وكانت اخوته ومولاته في الله ومعاداته في الله عملا بالحديث: قال بن الحداد: قال لي ابن سنان: ربما سمعت بهلول في داركم وهو يهدر ويقول: السنة ويلح بها وكان يحرص الا يبتدع في الدين بدعه فكان حريصا علي الاتباع. وقد امتحن البهلول بن راشد علي يد العكي امير القيروان فقد وشي الواشون من أهل الشر للامير بان البهلول يقع في سلطانك ويحرض عليك فامر باحضاره فلما علم الناس بذلك تحاشدوا وتبعوا البهلول تأييدا له وخوفا عليه. فزاد هذا الغيظ في نفس الأمير فأمر الجند ففضوا الناس وأمر بتجريد البهلول من ثيابه وضربه بالسياط ففعلوا به ذلك ثم حبسه في السجن. وكان السجان باتيه لعلاج جروحه فكان البهلول يعطيه مماعنده من مال لقاء ذلك. فبرئت كل الجروح الا جرحا واحدا من أثر السوط لم تبرا فكانت سبب موته. وقيل ان السبب المباشر لغضب الأمير عليه هو ان الأمير كان يهادن ويواد ملك الروم فطلب ملك الروم ان يرسل الي سلاحا وحديدا ونحاسا فلما اراد الأمير ان يرسل ذلك اليه اعترضه البهلول ووعظه واعلن ان ذلك لا يجوز فحرك ذلك غضب الأمير ففعل به ذلك. جلس ابن فروخ امام البهلول وهو في سجن العكي، وصار يبكي، فسأله البهلول مايبكيك؟ قال ابكي لظهر ضرب بغير حق قال البهلول قضاء وقدر. وابن فروخ هذا هو فقيه القيروان في وقته وهو أبو بكر المالكي وقد تلقي العلم مباشرة عن الإمام مالك بن انس وسفيان الثوري وغيرهما. وهو الذي قال فيه عبد الله بن وهب من ائمة المالكية في مصر: قدم الينا ابن فروخ سنة 176هـ بعد موت الليث ابن سعد فرجونا ان يكون خلفا له فما لبث الا يسيرا حتي مات، وجعلت علي نفسي ان لا احضر جنازة الا وقفت علي قبره ادعو له. وكانت لوفاته فجعه عظيمة عند أهل العلم. هذا الرجل هو الذي جلس امام البهلول بن راشد وهو يبكي لان البهلول ضرب بغير ذنب. ندم الأمير الفكي علي فعلته تلك. وقدر الله تعالي ان عزل من الامارة اسوأ عزلة عقب ضربة للبهلول وحاول ان يري البهلول بعد ذلك فلم يتمكن فأرسل الي البهلول طالبا العفو فعفا عنه.
كان مولد سنة 128 هـ وتوفي سنة 183 هـ وقيل 182 هـ.[1]
المراجع الرئيسة
- طبقات علماء إفريقية، المؤلف أبو العرب التميمي
مصادر
- ابن فرحون المالكي: الدباج المذهّب 1/325.
قالب:القيروان ودورها في الحضارة الإسلامية، د.محمد محمد زيتون، دار المنار، القاهرة ، الطبعة الاولى، 1988 [1]
- بوابة أعلام
- طبقات علماء إفريقيا نسخة محفوظة 27 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.