الجزائر خلال العهد العثماني
الجزائر خلال العهد العثماني[1] تميزت في عدة جوانب.
نظام الإدارة العثمانية في الجزائر
الوالي العثماني في الجزائر
يعين الوالي في الجزائر بعد اجتماع كامل ديوان الإيالة وكبار الموظفين والعلماء ومعظم جنود الأوجاق، وبعد اتفاقهم على الشخص الذي يتولى الحكم يتقدم إليه العلماء والأعيان ويقومون بتتويجه كحاكم عليهم، ثم يتقدم إليه المفتي ليذكره بمسؤولياته ويقوم الحاضرون ويدعون له بالنصر، ثم في اليوم الموالي يأتي دور القناصل المعتمدين ليهنئوا الباشا وفي نفس الوقت يحصلون منه على تجديد توقيع المعاهدات مع الإيالة ومع البلدان الأخرى.
الديوان
الديوان هو بمثابة مجلس عام يضم الوزراء وكبار الموظفين والقادة العسكريين والعلماء والأعيان، يجتمع في مواعيد معينة لمعالجة القضايا التي تخص الدولة، وكان للجزائر ديوان خاص إلا أن تدخل الباشوات في صلاحياته أفقده المصداقية وجرده من الكثير من المسؤوليات، ففقد أهميته خاصة عندما حول الداي علي باشا مقر الحكم من قصر جنينة إلى قصر القصبة.
الخزناجي
ومهمة الخزنجي إدارة الشؤون المالية المتعلقة بالإيداع والصرف، وهي الوظيفة نفسها التي كان يقوم بها الدفتردار في الباب العالي، والخزنجي يمارس وظيفته تحت إشراف الباشا بوصفه النائب الأول للسلطان على مستوى الإيالة، ويساعد الخزنجي موظف يطلق عليه «الصايجي كبير» أي المحاسب الكبير، ويطلق على الثاني «كوجوك صايجي» أي المحاسب الكبير.
بي
وهو الضابط المكلف بإدارة بيت مال الأوجاق والإشراف على الأملاك التابعة له ويطلق عليه «أوجاق بيت المالجيس» وله عدة مهام منها: مصادرة أملاك الجنود والموظفين في الإيالة الذين لم يتركوا ورثة لهم.
وكيل الخرج
يطلق وكيل الخرج على الضباط المكلفين بالتموين في وحدات الجيش الانكشاري، كما له وظيفة رئيس شؤون البحرية ووظيفة الاهتمام بالعلاقات الخارجية.
آغا الانكشارية (آغا السبايهية)
يطلق الديوان على الأشخاص الذين كانوا يستغلون مناصب عديدة في مجال الخدمة المدنية والعسكرية وكان أبرزهم آغا الانكشارية والذي كانت له صلاحية تطبيق قواعد النظام العسكري، ويقيم في دار تعرف بدار السركجي.
أما آغا السبايهية القائد الأعلى للفرسان فله وظيفة الإشراف على المناطق الداخلية للإيالة وخاصة المحيطة بمدينة الجزائر، ولما كان آغا السبايهية يخوض المعارك فإنه يعد من أخطر المناصب، لذلك كان يعينه الباشا بنفسه ويكون محل ثقته.
الخواجة
يطلق الخواجة على الأشخاص الذين يحسنون القراءة والكتابة، والذين كانوا يشغلون مناصب حكومية ويختارون من جيش الأوجاق ويرئسهم باش خواجة.
القضاء ونقابة الأشراف
أسس العثمانيون دولتهم وفق الشريعة الإسلامية، وكانوا يحتكمون للشرع في الفصل في القضايا، فعينوا قاضي مالكي وآخر حنفي، أما القضايا المتعلقة بالأوجاق فكانت من تخصص قاضي الانكشارية، وكانت توجد إلى جانب القضاة شخصية لا تقل أهمية عن القاضي وهم الأشراف الذين يعتبرون من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أولاهم العثمانيون مكانة مرموقة في المجتمع فمنهم التجار والعلماء والجنود والفقراء والأغنياء، وكان الأشراف يتميزون باللون الأخضر في اللباس وخاصة العمامة الخضراء.
نظام الجيش في الجزائر خلال العهد العثماني
كان الجيش في الجزائر مثل الجيش في الدولة العثمانية، قائم على دعامتين هما: الجيش النظامي المتمثل في الأوجاق وفي مقدمتها فرق الانكشارية، والجيش الاحتياطي المتمثل في عشائر المخزن فضلا عن البحرية التي كانت تمثل جانبا مميزا في القوة العسكرية الجزائرية.
الجيش النظامي
وينقسم إلى قسمين: المشاة والفرسان، وكان كل قسم يتكون من عدة فرق.
- الانكشارية: ويرجع تأسيسها إلى سنة 1520م، وكان الانكشاريون الجزائريون تعود أصولهم إلى أسر مسلمة في أغلب الحالات، وتقيد أسمائهم في سجل الجند «دفتر ياكيجري»، فيكتب فيه اسم الجندي واسم والده واسم البلدة التي قدم منها، مع ذكر مهنته، ثم يوزعون إلى فرق عسكرية ويعطى لهم جميعا أرقام تسلسلية من 1 إلى 420.
أما مصطلح الأوجاق فيستعمل بمعنى الجيش النظامي أو الفرقة العسكرية الكبيرة، وكان الانكشاريون في الجزائر يسكنون في معسكرات تطلق على كل واحدة «دار الانكشارية» ويترقى الجندي في الرتبة العسكرية حتى يصل لرتبة «آغا الانكشارية» ثم ينهي الجندي الانكشاري خدمته العسكرية في الجزائر ويصبح «معزول آغا» أي متقاعد، ويعطى له حق الاحتفاظ بحقوقه.
أما عن علاقة الجنود الانكشارية بالرعية في الجزائر فتشير المصادر إلى أنها أصبحت في أواخر العهد العثماني مبنية على التعالي والظلم.
حقوق جنود الانكشارية
يتقاضى مبلغا من المال من خزينة الدولة خلال يوم واحد في السلم والحرب وراتبا يوزع عليه كل شهرين، وكانت الإيالة مكلفة بتوفير الغذاء وأربعة أرغفة يوميا للجنود، أما اللحم فيوزع عليهم مرة في كل أسبوع.
إعفائهم من الضرائب والرسوم الجمركية ولا يجوز طبقا للقانون القبض على الجندي إلا في حالة اتهامه من طرف آغا الانكشارية.
الحق في التقاعد عند نهاية الخدمة أو العجز أثناء الخدمة.
الجيش الاحتياطي (عشائر المخزن)
هي قبائل معفاة من الضرائب ولها امتيازات في الإدارة وإستغلال الأراضي مقابل قيامها بتجنيد أبنائها كلما إحتاجت السلطة إلى ذلك، وقد قسمت القبائل في العهد العثماني إلى ثلاثة أقسام:
- قبائل المخزن: وهي المتعاونة مع السلطة.
- قبائل الرعية: وهي الخاضعة إلى السلطة وتدفع الضرائب.
- قبائل متمردة: وهي البعيدة عن السلطة ولا تدفع الضرائب.
التركيبة السكانية لمدينة الجزائر خلال العهد العثماني
لقد أدت هجرة الأندلسيين إلى الجزائر بعد سقوط الأندلس عام 1492م وصدور قرار التنصير الإجباري عام 1519م، ثم تدفق سيول من المهاجرين المورسكيين بعد قرار الطرد الجماعي إلى تغيير وجه التركيبة السكانية وأصبحت مدينة الجزائر كوسموبوليتية أي مجتمع ينتمي أفراده لأماكن مختلفة وإثنيات وأجناس متعددة ولغات ومذاهب مختلفة.
الحضر / البلدية
ويقصد بهم أقدم سكان الجزائر، أي السكان الأصليين، ويمكن تمييز ثلاث مجموعات منهم:
- المجموعة الأولى: تتكون من العناصر الأصلية.
- المجموعة الثانية: تتكون من الوافدين من المدن الذين أقاموا في المدينة وإندمجوا فيها.
- المجموعة الثالثة: تضم العنصر الأندلسي ويعد من العناصر الهامة ضمن البلدية.
العنصر التركي
وقد جاء العنصر التركي من أزمير وبورصا ودنيزلي وديار بكر، وشكل العنصر التركي في الفترة ما بين 1699 - 1701 نحو 47% من السكان.
العنصر الكريتلي
وهم الشراكسة، إذ بلغوا سنة 1807-1817م حوالي 15 عائلة، وكان واحد منهم من رياس البحر الأثرياء وهو إبراهيم رايس الكريتلي المتوفي سنة 1810م.
العنصر الغرناؤوطي (الألباني)
كان معظمهم في الجيش البحري، فمراد رايس كان أحمد مشاهير رياس البحر، ووصل الأمر بطائقة الغرناؤوط أنهم تمردوا ضد الداي بابا محمد توتو وإغتالوه.
الكراغلة
تكونت هذه الشريحة نتيجة زواج أفراد الجيش التركي بنساء البلاد، وظهرت لأول مرة في المدن التي بها حاميات تركية وهي: الجزائر – تلمسان – معسكر – مستغانم – بسكرة – قسنطينة – عنابة.
وساد في العلاقة بين الآباء والأبناء شك، إذ تخوف الآباء من تزايد عدد الأبناء، وهذا ما دفع الحكام الأتراك إلى الاحتراز منهم والحيلولة دون توليهم الوظائف السامية في الجيش والإدارة، وقد وصل بهم الأمر إلى الاصطدام مع آبائهم سنة 1626 و1628 و1633، ونتيجة لهذه الأحداث وصل البعض منهم إلى منصب الباي، مثل الباي مصطفى لعمر، والباي محمد الذباح، وقد كانت أغلب الوظائف على مستوى الإدارة المحلية في دار السلطان من نصيب الكراغلة.
الأعلاج
شكل الأعلاج في عهد البايلربايات قوة ضاغطة ويتجلى ذلك بوضوح في عدد الحكام الذين تولوا سدة الحكم في الفترة الممتدة من 1535م إلى 1586م، 16 حاكما، 7 منهم أتراك و7 أعلاج.
والعلج هو الرجل من كفار العجم والأنثى تسمى علجية، وقد توافد عدد هام من الأعلاج من إيطاليا، كورسيكا، مثل: حسن قورصو، مراد قورصو، ومن البندقية مثل: حسن فنزيانو.
الوافدون (الدخلاء) البرانية
وهم الوافدون من المناطق الداخلية كالبليدة، سهل متيجة، المدية، قسنطينة، معسكر وغيرها، عرفوا بالبرانية، ونجد فيهم:
الجيجليون: إستقروا في مدينة الجزائر منذ عام 1516م، وتعتبر طائفة الجيجلية في رتبة جماعة الأتراك تقريبا، إذ لهم حق حمل السلاح وارتداء الملابس المزركشة والمطرزة بخيوط الذهب على الطريقة التركية.
القبايل: وتطلق هذه التسمية عن كل الذين وفدوا من المناطق الجبلية.
بني ميزاب: الذين هاجروا هجرة منتظمة من مدن غارداية لأن المنطقة فقيرة، فكانت هجرتهم اضطرارية، وكان أمين جماعة بني ميزاب عام 1609-1610م، هو الحاج يوسف الشويهل.
البساكرة: وهم الذين وفدوا أواخر القرن السادس عشر من مناطق: الزيبان، وادي ريغ، سوف، طولقة، تقرت.
الأغواطيون: شكل الأغواطيون جماعة ذات حجم صغير، ولم يكن توافدهم على المدينة ذا أهمية كبيرة، إلا ما بين 1817-1826م.
اليهود: والذين إستقروا في مدينة الجزائر منذ أمد بعيد، حافظوا على خصوصيتهم الدينية، وكان لهم أمين ينظم شؤونهم واشتغلوا بالصياغة والمواد الغذائية، ولعبوا دورا خطيرا في أواخر عهد الدايات (مسألة الديون).[2]
الزنوج: عاشوا في مدينة الجزائر، واشتغلوا في عدة مهن ومنها مهنة «الدندون».
انظر أيضاً
المراجع
- الأسواق الجزائرية في العهد العثماني نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- "الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م"، مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2019، اطلع عليه بتاريخ 26 ديسمبر 2019.
- بوابة الجزائر
- بوابة الدولة العثمانية
- بوابة التاريخ
- بوابة مجتمع
- بوابة الحرب
- بوابة السياسة