الوقف في المغرب
الحبوس أو الوقف، لعب دورا مهما في دعم الثقافة الدينية ونشرها في بلاد المغرب الأقصى، ارتبط ظهورها بمجيء الإسلام أيام الفتوحات الإسلامية حيث كان الفاتحون يؤسسون المساجد اقتداء بالرسول ﷺ، كما انتعش الوقف بالعناية المتزايدة به من قبل الملوك الذين تعاقبوا على حكم المغرب، إضافة للمبادرات الفردية للمحسنين التي ساهمت في ارتفاع عدد المساجد وازدهار الوقف.
تاريخ دعم الوقف
في العهد الإدريسي اهتم المولى إدريس ببناء المساجد وتشجيع الناس على البناء والغرس وإقامة المنشآت الوقفية، وفي العهد المرابطي حرص يوسف بن تاشفين على زيادة عدد المساجد وإصلاحها وبناء العديد من الحمامات والسقايات، وفي العهد الموحدي دعا المهدي بن تومرت ويعقوب المنصور الموحدي إلى بناء المساجد وتعمير وترميم ما تهدم منها، فضلا على بناء الحمامات والفنادق والحوانيت وتحبيسها على مساجد فاس وخاصة القرويين. لكنها كانت محدودة نسبيا مفارنة مع ما ستشهده الحبوس في عهد المرينيين، يدل لهذا قول ابن سعيد لدى حديثه عن بعض أخلاق أهل المغرب الأقصى:[1]
حيث عرف الوقف في العهد المريني نهضة كبرى، واهتم ملوك بني مرين ببناء المؤسسات الوقفية الاجتماعية إلى جانب المؤسسات الدينية والثقافية،
وقد حاول السعديون إعادة تنظيم الوقف من خلال تشييد المساجد أو ترميمها وإحياء بعض المدارس وتأسيس أخرى إضافة لإنشاء المكتبات وتزويد القديم منها بالمؤلفات.
فيما استمر ملوك الدولة العلوية في العناية بالأحباس والاهتمام بشؤونها، إذ اعتبروا الأوقاف تراثا خاصا لجماعة المسلمين، وقد رصدوا مداخيلها للقيام بشعائر الإسلام وتعليم الدين، إضافة لبناء المساجد والمدارس والملاجئ والمستشفيات، وقد استمروا على هذا النهج حتى في عهد الحماية وافشلوا المحاولات الاستعمارية للنيل من الأوقاف وتعطيل وظائفها.
وبفضل الأوقاف على مدى العصور انتعشت العديد من المجالات في المغرب، ففي المجال الديني تزايد عدد المساجد وتحسنت أوضاعها وظروف المقيمين عليها.
المجال الثقافي والاجتماعي
ساهم الوقف في مساعدة الطلبة على تحصيل العلم وتزايد عدد المدارس والمعاهد والمدارس العتيقة والخزانات العلمية والمكتبات والإيقاف عليها حتى يستدام الانتفاع بها.
وفي المجال الاجتماعي، ساعد الوقف المحتاجين واليتامى والأرامل والمقعدين والمعوقين، كما ساهم في بناء الحمامات والسقايات وإعداد دور خاصة للاحتفال بالمناسبات والأعراس خاصة بالنسبة للفقراء والمحتاجين. وعلى المستوى الاقتصادي، ساعد الوقف على البناء والتعمير واستصلاح الأراضي الفلاحية واستثمارها وتجهيزها، كما تم إنشاء مؤسسات تهتم بتسليف المحتاجين بدون فائدة.
كما تعنى الأوقاف بإنشاء العديد من الوحدات السكنية والمحلات التجارية والإدارية قصد إكرائها لفئة عريضة لا تتوفر على الإمكانيات لاقتناء السكن، وتساهم أوراش الإصلاح في خلق العديد من فرص الشغل. وتنقسم الأحباس في المغرب إلى نوعين، أحباس عامة وأخرى خاصة.
أنواع الأحباس
الأحباس العامة هي التي توقف على جهة من جهات البر والخير، ولا يكون المحبس عليه شخصا معينا مثل العقارات المحبسة على خدمة المساجد والمستشفيات والمدارس والملاجئ ودور الأيتام.
الأحباس الخاصة وتسمى أيضا بالمعقبة، فهي العقارات التي حبسها أصحابها على أشخاص معينين، كأن يحبس شخص دارا على أولاده الذكور ما تعاقبوا ليستمر انتفاعهم.
وتتولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدعوة للوقف والمحافظة على أمواله وإدارته واستثماره وصرف ريعه على وجوه البر التي أوقفت من أجلها، وجعله يقوم بالدور الأساسي الذي ابتغاه له المحبسون سواء في الجانب الديني أو الثقافي أو في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
انظر أيضاً
مراجع
- استقرار كثير من أصول القومية المغربية في الفترة المرينية والوطاسية دعوة الحق 110 العدد نسخة محفوظة 14 أغسطس 2018 على موقع واي باك مشين.
- بوابة المغرب