دوبلير

الدوبلير هو الشخص الذي ينوب عن الممثل أو البطل في القيام بالمشاهد الخطرة; حيث يقوم مخرج العمل باستبدال الممثل بشخص متمرس يمكنه أداء المهام الخطرة نيابة عن بطل الفيلم.

دوبلير
فرع من ممثل بديل  

كل ما على الدوبلير هو إنهاء المشاهد وأخذ نفس ملابس الممثل حتى لا يلاحظ المشاهد الاختلاف بينهما، إلا ان هناك بعض الممثلين يقومون بأداء هذه المشاهد بأنفسهم مثل جاكي شان وأحمد السقا. يرفض بعض المخرجين وصناع السينما قيام بطل العمل بتصوير تلك المشاهد بنفسه، حيث يرون إنه في حالة إصابة بطل الممثل الرئيسي سيؤدي هذا إيقاف التصوير.[1]

يقوم الدوبلير بأداء مشاهد العنف والحركات الخطرة في السينما والتليفزيون والمسرح مثل مشاهد القتال، أو القفز من المرتفعات، أو ركوب الخيل، أو تصادم السيارات، أو الانفجارات، وعادة ما تكون هناك وسائل حماية لتأمين الدوبلير أثناء المشهد مثل الروافع الميكانيكية، والحبال، وبعض تقنيات التصوير تظهر الدوبلير الذي قد يوحي بفعل الحركات الخطرة دون أن يؤديها وكأنه فعلها بالكامل في الحقيقة. إلا أن مشاهد المسرح والتي تقدم أمام الجمهور مباشرة تخلو من وسائل الحماية هذه لسهولة اكتشافها من المشاهد فيلجأ صناع السينما لدوبلير مدرب متخصص عادة ما يكون من العاملين بالسيرك، وبرغم وسائل الحماية وخدع التصوير في مشاهد السينما والتليفزيون إلا أن مشاهد الإثارة والعنف قد تظل خطرة جدا على الدوبلير الذي يؤديها، وقد يتعرض خلالها للجروح والإصابات التي قد تؤدي أحيانًا للإعاقة الجسدية أو الموت.

التاريخ

كان فناني السيرك وخاصة لاعبي الجمباز المدربين والأكروبات من أوائل ممتهني مهنة الدوبلير في العالم، وقد يكون المعنى الأصلي للكلمة الفرنسية كاسكادير cascadeur التي تشير إلى مؤدي مهنة الدوبلير مشتقًا من شرط الوقوع في سلسلة من الحركات أثناء مشهد أو حيلة تتضمن الماء. بينما في استخدام السيرك الألماني والهولندي لكلمة Kaskadeur كان ذلك يعني "أداء سلسلة متتابعة من الوثبات، والقفزات الجريئة دون إصابة المؤدي، ويتطلب أداء مثل هذه الحركات تدريبًا طويلًا، وتحكمًا مثاليًا بالجسم لتقديم أداء مثير للجمهور.[2]

ولعل من أقدم العروض التي تضمنت أداءًا تمثيليًّا ينطوي على الإثارة والحركات الخطرة والعنيفة المباشرة أمام الجمهور عروض الفودفيل المتنقلة في القرن التاسع عشر لعروض الغرب المتوحش المبكرة في أمريكا الشمالية وأوروبا. كان العرض الأول ضمن عروض المحاكاة النموذجية للغرب المتوحش هو عرض بافلو بيل Buffalo Bill الذي قدم في عام 1883 واستمر حتى عام 1913. كانت العروض التي تضمنت محاكاة لمعارك يتم فيها إطلاق النار عبر البنادق، وإطلاق السهام، نسخة رومانسية من الغرب الأمريكي القديم.

مرحلة عروض القتال

خلال أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، تم إنشاء المشاهد القتالية المسرحية للسيوف في جولات الإنتاج المسرحي في جميع أنحاء أوروبا وكومنولث الأمم وأمريكا الشمالية من خلال الجمع بين العديد من الإجراءات العامة المعروفة على نطاق واسع والمعروفة باسم "المعارك القياسية". خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأ أساتذة المبارزة في أوروبا في البحث عن تقنيات المبارزة التاريخية وتجربتها، باستخدام أسلحة مثل السيف ذي اليدين، والسيف، والسيف الصغير، وتوجيه الممثلين لاستخدامها.[3]

مرحلة بدايات السينما

يرجح أن أول استخدام لدوبلير محترف مدرب في السينما كان ما بين عامي 1903 و1910.[4] وكان أول ظهور معروف لفنان أداء أو دوبلير في تاريخ السينما العالمية في ميلتاون بولاية نيو جيرسي، في الفيلم الأمريكي " The Great Train Robbery " أو "سرقة القطار الكبرى" من إنتاج عام 1903، وقد أدى فيه الفارس فرانك هاناواي مشهدًا بدلا من البطل الذي يتم إطلاق النار عليه.[4][5] وكان أول دوبلير مدفوع الأجر في تاريخ السينما هو لاعب السيرك الذي أدى مشهد القفز من أعلى المنحدر والسقوط في البحر في فيلم " The Count of Monte Cristo " أو "كونت مدينة مونت كريستو" من إنتاج عام 1908، وقد تقاضى عن أدائه مبلغًا قيمته 5 دولارات.[6]

كان الدوبلير المحترف رودمان لو مظليًا معروفًا للآلاف حيث كان يقوم بتسلق جوانب المباني، والقفز بالمظلات من الطائرات، والوقوف على قمم الأجسام القاعدية المرتفعة مثل تمثال الحرية. وقد قامت كاميرات الأخبار والمصورون الإعلاميون بتصوير بعض أعماله المثيرة. ثم بدأ رودمان لو بعد ذلك يعمل في الأفلام في عام 1912 لأداء بعض حركاته المثيرة.

مع تطور صناعة السينما في الساحل الغربي الأمريكي حول هوليوود وكاليفورنيا، كان لاعبي السيرك والمهرجين الكوميديين مثل تشارلي شابلن، وباستر كيتون، وكيستون كوبس من أوائل فناني الأداء المحترفين المقبولين. ويرجع ذلك إلى نوعية الأفلام المبكرة التي كانت تدور وفقًا لإطار رئيسي من الأحداث عبارة عن نمط شبه مستمر من الوقائع، والقفزات العالية، وتحطم السيارات الكوميدي، وهي المكونات الأساسية لألعاب مهرجي السيرك.[4] إلا أن هؤلاء الممثلين (وتحديدًا المهرجين) في ذلك الوقت لم يكن يتم تدريبهم لأداء الحركات الخطرة، بل تعلموا من خلال التجربة والخطأ.[7][8]

وسائل الأمان وأجهزة الحماية

يعتبر المنتج والممثل الأمريكي هارولد لويد أول من استخدم وسائل الحماية والحيل البصرية في تصوير مشاهده الخطرة والتخطيط المسبق للمشاهد في فيلم عام 1923 بعنوان " Safety Last " أو "السلامة أخيرًا" حيث لعب دور الفتى الريفي الذي ينتقل إلى المدينة لتحقيق النجاح وينتهي به الأمر بتسلق مبنى شاهق.

ظهر لويد في المشهد معلقًا (بأمان) من برج الساعة، وقد تم تصوير الخدعة بأكملها في موقع في فندق أتلانتيك المطل على شارع برودواي في لوس أنجلوس، على ارتفاعات فعلية. لكن مخرجي الفيلم فريد سي نيوماير، وسام تايلور كانوا قد خططوا لميزتي أمان:

1- وضعت المراتب على منصات خفية تحت كل فنان، وكانوا يرتدون أيضًا مشدًات مبطنًة ومحكمة بشدة تحت ملابسهم.

2- ربط كل فنان بحزام أمان معلق بسلك معدني قوي متصل بالمبنى.

اضطر المنتج هال روتش ولويد إلى تحمل تكاليف تخطيط وبناء أجهزة السلامة والحماية هذه، لأن مفوضو المدينة كانوا ببساطة قد رفضوا إصدار تصريح لتصوير للفيلم بدونها، ثم قرر لويد، الذي كان فضوليًا جدًّ، بعد اكتمال التصوير استخدام دمية بالحجم الطبيعي مليئة بالقطن لمعرفة تأثير الحادث إذا احتاجوا إلى استخدام أجهزة السلامة المطلوبة، وعند رؤيته للنتائج، لم يصور إنتاجًا آخر بدونها.[6]

أعاد الممثل الأمريكي جاكي تشان في عام 1983 خلال تكريم شخصي لباستر كيتون، وهارولد لويد أداء بعض أشهر المشاهد من إصدار الفيلم المبكر، بما في ذلك مشهد برج الساعة للويد من فيلم السلامة أخيرًا، وبينما كان لويد معلقًا من البرج فقط، أخذ تشان خطوة أبعد من ذلك وسقط بالفعل من البرج.[9][10]

مهنة الدوبلير في السينما والدراما

سلّطت بعض أعمال السينما المصرية الضوء على حجم معاناة العاملين في مهنة الدوبلير، عبر مشهد كوميدي في فيلم "إسماعيل ياسين في الطيران"، حيث عانى إسماعيل ياسين من تكرار مشهد صفعه بالقلم مرات عديدة لينزلق على السلم بديلًا للبطل الحقيقي بناءً على رغبة المخرج الذي أعاد المشهد عدة مرات حتى يكون مقنعًا للمشاهدين.

أيضًا عبر الفنان عادل إمام في بدايته عن معاناة مهنة الدوبلير بشكل كوميدي، وذلك في فيلم "نصف ساعة زواج"، حيث ظل إمام يعيد مشاهد الضرب والغرق بناء على رغبة المخرج، حتى كاد يغشى عليه

الإصابات والوفيات

تشهد مهنة الدوبلير الكثير من الحوادث للعاملين بها، والتي قد تتراوح ما بين الإصابات الطفيفة، والإصابات البالغة التي تؤدي إلى العجز أو الإعاقة في بعض الحالات، وحتى الإصابات القاتلة. وعادة ما تنص عقود صناعة الأفلام على أنه يمكن استخدام اللقطات والمشاهد التي جرى تصويرها حتى في حال إصابة أو وفاة الدوبلير الذي يؤدي الحركات أثناء التصوير. يعبر الكثير من صناع الأفلام بما فيهم جاكي تشان عن عدم احترامه لمثل تلك البنود.

في السينما الأمريكية، أثناء تصوير فيلم How the West Was Won (1962) أصيب عدد من الممثلين وفناني الدوبلير كان من أبرزهم روبرت درو أو "بوب" مورجان أثناء تصوير معركة بالأسلحة النارية على عربة سكة حديد مسطحة متحركة محملة بالأخشاب، انقطعت إحدى السلاسل التي كانت تحتوي على جذوع الأشجار، وسحق مورغان بواسطة الأخشاب المتساقطة. على الرغم من ذلك ، ظهر هذا المشهد بالكامل في الفيلم. وعلى مدى خمس سنوات أوقفت الممثلة إيفون دي كارلو زوجة بوب مورجان مسيرتها المهنية من أجل إعادته إلى حالته الصحية، إلا أن الزوجان قد انفصلا في وقت لاحق في عام 1968.[11]

وفي السينما المصرية، توفي الدوبلير مصطفى العسكري حرقًا في مشهد إلقاء زجاجة بنزين في محل فيديو بفيلم "دم الغزال"، وكذلك تعرض الدوبلير طاهر أبو سعدة للإصابة بالصمم بإحدى أذنيه لصوت المفرقعة الشديد في فيلم "أصحاب ولا بيزنس"، وفي فيلم "غاوي حب" تعرض الدوبلير سيد حسين لكسر في رقبته أثناء أداء مشهد مطاردة.[1]

مراجع

  1. عبد الحافظ, هالة (11 مايو 2012)، "الدوبلير.. مهنته صناعة الخطر والنسيان مصيره"، دار الإعلام العربية، مؤرشف من الأصل في 23 يناير 2013.
  2. A Theory of History، Routledge، 14 أبريل 2016، ص. 291–308، ISBN 978-1-315-63770-9، مؤرشف من الأصل في 28 ديسمبر 2020.
  3. Wolf, Tony. (2009) A Terrific Combat!!! Theatrical Duels, Brawls and Battles, 1800-1920
  4. Sarah Fleming (19 أكتوبر 2017)، Steeped in Heritage، Duke University Press، ISBN 978-0-8223-7230-1، مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2020.
  5. Roberto Bolaño's Fiction، New York Chichester, West Sussex: Columbia University Press، 31 يناير 2014، ISBN 978-0-231-53753-7، مؤرشف من الأصل في 28 ديسمبر 2020.
  6. "The history of the Stuntman"، مؤرشف من الأصل في 7 أغسطس 2020.
  7. Hollywood stunt performers, 1910's-1970's : a biographical dictionary (ط. Second edition)، Jefferson, North Carolina، ISBN 978-1-4766-1470-0، OCLC 875894619، مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2020. {{استشهاد بكتاب}}: |edition= has extra text (مساعدة)
  8. "Boxshall, Dr Geoffrey Allan, (born 13 June 1950), Merit Researcher (Band 1), Natural History Museum, since 2014"، Who's Who، Oxford University Press، 01 ديسمبر 2007، مؤرشف من الأصل في 23 يوليو 2020.
  9. Good, E.F. (1980)، "The most dangerous profession"، Electronics and Power، 26 (11–12): 859، doi:10.1049/ep.1980.0441، ISSN 0013-5127، مؤرشف من الأصل في 18 يناير 2021.
  10. "Table 2: IMDB results."، dx.doi.org، مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 ديسمبر 2020.
  11. Drew (01 يوليو 2014)، Holt, Bob، Oxford Music Online، Oxford University Press، مؤرشف من الأصل في 8 يونيو 2018.
  • بوابة سينما
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.