الدين في لبنان

يتميّز لبنان بالتنوّع الدّيني والمذهبي الواسعين، ما يمّيزه عن باقي دول العالم العربيّ والشّرق الأوسط. ينصّ الدستور اللّبنانيّ على كفل حريّة المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدّينية، وتعترف الدّولة رسميًا بثمانية عشر طائفةٍ.[1][2] يتداخل الدّين في لبنان بشكل كبيرٍ في السّياسة والاقتصاد والتّعليم والقانون، ما أدّى إلى تكريس الطائفية كنظامٍ للحكم في البلاد على أساس العيش المشترك والتوافق.[3] يتكوّن السّكان بشكل رئيسيّ من المسلمين الشّيعة والسنّة، والمسيحيين الموارنة والموحّدين الدروز، على الرغم من أنّ المسلمين يشكّلون النسبة الأكبر من سكّان البلاد، إلّا أنّ معظم اللبنانيين المغتربين مسيحيّين.[4][5]

كاتدرائية مار جرجس للموارنة وجامع محمد الأمين, وسط بيروت

التوزع السكاني

من الصعب تحديد التّوزع السّكاني حسب الأديان بشكل دقيقٍ. يعود آخر إحصاء رسمي إلى 1932، وذلك بسبب الحساسيّة بين الطوائف المختلفة وغياب التّفاهم بينها بهذا الخصوص. أظهر الإحصاء التي أقامته السلطات الفرنسيّة خلال الفترة الانتدابية أنّ المسيحيين يشكّلون النّسبة الأكبر من السّكان بواقع 53%، إلّا أنّه لا يمكن الاعتماد عليه بسبب التغيّر الديموغرافي منذ تلك الفترة والتشكيك بصحّته من خلال اتّهام القائمين عليه بالتسييس وعدم المساواة بين جميع اللّبانيين.[6]

بيّنت دراسة في 2012 أقامتها مؤسسة إحصاءات لبنان التي يقع مقرّها في لبنان، أن عدد المسلمين يقدّر بحوالي 54% من السّكان (27% شيعة; 27% سنّة)، والمسيحيين 40.4% (21% موارنة; 8% روم أرثوذكس; 5% ملكيين; 6.4 أقليّات مسيحية مختلفة) بالإضافة إلى 5.6% دروز.[7]

في كتاب حقائق العالم التي أصدرته وكالة المخابرات المركزية في 2018 وأستثنت اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، أظهرت أن عدد المسلمين 61% من السّكان (30.6% سنّة; 30.5% شيعة; ونسب قليلة من العلويين والإسماعيليين)، والمسيحيين 33.7% (أكبر مجموعة مسيحية هم الموارنة) بالإضافة إلى 5.2% دروز وأعداد صغيرة من اليهود والبهائيين والبوذيين والهندوس.[8]

أعلنت المنظمة الدولية للأنظمة الانتخابية عن أعداد الناخبين في اللبنانيين في 2011، ما يؤدّي بطبيعة الحال إلى إستبعاد غير المسجّلين في التصويت والمواطنين تحت 21 سنة. أظهرت الأعداد أنّ 27.65% سنّة، 27.35% شيعة، 21.71 موارنة، 7.34 روم أرثوذكس، 5.74 دروز، 4.76 ملكيين، 2.64% أرمن أرثوذكس، 1.28% أقليّات مسيحيّة أخرى، 0.88 علويّون، 0.88% أرمن كاثوليك، 0.53% إنجليّون، و0.18% آخرون.[9]

هنالك مجموعة تقليديّة وصغيرة من الزرادشتيون بين 100 و500 شخص،[10][11] ويقدّر عدد اليهود بأقل من 100.[1]

التوزيع الجغرافي

تقديرا لتوزيع المنطقة من الجماعات الدينية الرئيسية في لبنان
تقديرا لتوزيع المجموعات الدينية الرئيسية في لبنان، عام 1991، استنادا إلى خريطة من قبل GlobalSecurity.org

الدين والسياسة

يلعب الدّين دورًا أساسيًا في الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة، يوصف نظام الحكم بأنّه «خرج من رحم الدين والسّياسة».[12] بعد استقلال الدّولة عن فرنسا في 1943، اجتمع قادة الطوائف اللّبنانيّة، واتّفقوا على توزيع المناصب السّياسيّة حسب الإنتماء الدّيني: يجب أن يكون رئيس الجمهوريّة مسيحيًا مارونيًا، رئيس الحكومة مسلمًا سنيًا، ورئيس مجلس النواب مسلمًا شيعيًا. عرف هذا التفاهم باسم الميثاق الوطني، وعلى الرّغم من أنّه غير مكتوبٍ صراحةً، فإنّ مقدّمة الدّستور توثّقه صراحةً حيث ترفع الشّرعيّة عن أي سلطة تخالف مبدأ الميثاقيّة. تقسّم المقاعد في مجلس النّواب حسب الطوائف أيضًا، فتعطي 64 مقعدًا للمسيحيين و64 مقعدًا للمسلمين. وبالتّالي، لا يمكن تشكيل أي حكومة أو مجلس وزراء دون مشاركة جميع الطوائف.

بدورها، تملك معظم الأحزاب السّياسيّة هويّة طائفيّة ودينيّة واضحة، على الرّغم من إعلان بعضها عن علمانيّة الحزب، حيث يعدّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب أحزابًا مسيحيةً، في حين يشار إلى حركة أمل وحزب الله بعبارة «الثنائي الشيعي»، ويعتبر تيّار المستقبل أكبر حزب سنّي. تنخرط نسبةٌ كبيرةٌ من رجال الدّين والمرجعيّات الكبرى في هذا المجال، ومنهم من ينتمي للأحزاب السّياسيّة، ويستخدمون موقعهم في دعم فريقٍ معيّنٍ واستقطاب المؤيّدين له، أو في إظهار المعارضة لفريقٍ آخر.[13]

الأعياد والعطل الرسمية

نتيجة لتعدّد الطوائف والأديان، تعترف الدّولة اللّبنانيّة بمعظم الأعياد الدينيّة والأيّام المقدّسة فيها، كما تعتبر عطلًا رسمية لجميع الدوائر الرّسميّة والخاصّة، بمعزل عن الانتماء الدّيني لها. إلى جانب رأس السّنة الميلاديّة، تحتفل الدّولة بعيد الميلاد وجمعة الآلام وعيد القيامة عند كلا الكنائس الشرقيّة والكنائس الغربيّة، وعيد البشارة، وعيد انتقال السيّدة العذراء، بالإضافة إلى عيد مار مارون للطائفة المارونيّة. أما على الجانب الإسلامي، هناك رأس السّنة الهجريّة، وذكرى عاشوراء عند الشيعة، والمولد النبوي حسب التاريخ السّني، وعيد الأضحى، وعيد الفطر.

معرض صور

المراجع

  1. "International Religious Freedom Report for 2017"، www.state.gov، United States Department of State، مؤرشف من الأصل في 11 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 30 مارس 2019. Cites Statistics Lebanon for most Lebanon statistics
  2. Alfred B. Prados (8 يونيو 2006)، "CRS Issue Brief for Congress: Lebanon"، The Library of Congress، مؤرشف من الأصل في 21 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 11 يونيو 2012.
  3. Alfred B. Prados (8 يونيو 2006)، "Lebanon" (PDF)، The Library of Congress، مؤرشف من 2006)Update.pdf الأصل (PDF) في 26 سبتمبر 2013، اطلع عليه بتاريخ 11 يونيو 2012. {{استشهاد ويب}}: تحقق من قيمة |مسار= (مساعدة)
  4. "Bassil promises to ease citizenship for expatriates"، dailystar.com.lb، 01 مايو 2014، مؤرشف من الأصل في 14 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 17 أبريل 2018.
  5. Writer, Joseph A. Kechichian, Senior (17 نوفمبر 2015)، "Lebanon contemplates a new citizenship law"، gulfnews.com، مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 17 أبريل 2018.
  6. Maktabi, Rania، "The Lebanese Census of 1932 Revisited Who are the Lebanese?"، مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2018. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  7. "International Religious Freedom Report for 2012: Lebanon"، United States Department of State، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 30 مارس 2019.
  8. "Middle East :: Lebanon — The World Factbook"، Central Intelligence Agency, United States، مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 09 مايو 2020.
  9. "Elections in Lebanon" (PDF)، International Foundation for Electoral Systems، 2011، مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 09 يوليو 2017.
  10. "Seif And The "Fire Worshipers" Of Beirut?"، Seif and his Beiruti Adventures (باللغة الإنجليزية)، 09 أكتوبر 2010، مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2020.
  11. Chebaro, Mohamed (18 نوفمبر 2014)، "Lebanon's Zoroastrians want a civil state"، NOw (mmedia.me)، مؤرشف من الأصل في 03 مايو 2016.
  12. "الإصلاح والسلطة في لبنان بين الديني والسياسي"، الأخبار، مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
  13. Limited, Elaph Publishing، "رجال الدين في لبنان: يوم للرب وآخر للسياسة"، @Elaph، مؤرشف من الأصل في 11 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
  • بوابة الأديان
  • بوابة لبنان
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.