شبك
الشبك (بالكردية: شەبەک، Şebek) مجموعة سكانية كُرديّة،[4] تقطن في أكثر من 60 قرية منتشرة في المناطق المتنازع عليها، وبالتحديد في محافظة نينوى (سهل نينوى)، الغالبية تتحدث بالشبكية الباجلانية القريبة من اللهجة الكورانية.[5] بعد إحصاء عام 1987، بدأ النظام العراقي حملة انتقامية ضد الشبك الذين اختاروا إعلان أنفسهم كُردًا. تضمنت الحملة ترحيلاً واستيعابًا قسريًا، ونقلوا العديد منهم (مع كُرد جوران) إلى معسكرات اعتقال تقع في منطقة حرير في إقليم كردستان. قُتل ما يقدر بـ 1160 شبكي خلال هذه الفترة، كما بُذلت جهود متزايدة لإجبار الشبك على قمع هويتهم لصالح العرب.[6] قال سليم الشبكي، ممثل الشبك في البرلمان العراقي، «الشبك جزء من الأمة الكردية»، مؤكداً أن الشبك من أصول كُرديّة.[7]
شبك
|
يعيش أفراد القبائل الكردية الثلاث باجلان، زانغانا وداودي في نفس القرى التي يعيش فيها الشبك ويظنون أنهم من الشبك.[8]
لغة الشبك
لغة الشبك هي اللغة الشبكية المنحدرة من لغات (ماجو[بحاجة لمصدر]) نفس لغة باجلان في خانقين ومندلي. برغم ذلك يقول الباحث رشيد الخيون أن الشبك يتكلمون لهجة كردية لانها تحتفظ بالكثير من الألفاظ القديمة، إضافة إلى تأثيرات محيطها الإقليمي والجغرافي المتمثل بوجود ألفاظ فارسية أو تركية أو عربية. وتذكر المصادر أن لهجة الشبك هي اللهجة الشبكية الباجلانية وهي إحدى فروع اللهجة الكورانية غير المنحدرة من اللغة الكردية.[9][10] وبصورة عامة يمكن القول إن لغة الشبك تنتمي إلى مجموعة اللغات الأذرية والهندوأوربية،[11]
أصل الشبك
هنالك اعتقاد بأن الشبك قدموا إلى منطقة سهل نينوى من إيران في أواخر القرن السابع عشر.[12] وفي العهد الملكي اعترفت بهم الحكومة كإحدى طوائف العراق. ولكن سرعان ما ساءت أحوالهم عندما هجر النظام السابق في العراق معظم الشبك من قراهم لأنهم قاوموا سياسة التعريب التي انتهجها النظام ضد الكُرد والأقليات خارج ما كان يسمى بمنطقة الحكم الذاتي.[10] ويتكون مجتمع الشبك من عدة جماعات منهم: الأغوات والبيكات والشيوخ. فبالرغم من كثرة الكتابات والمقالات التي تناولت أصل الشبك وقدمت تبريرات عديدة لتأييد وجهات نظر كتابها، إلا أنها في الحقيقة لم تتفق جميعا على تحديد أصل الشبك، ويمكن أن نلمس ثلاثة آراء:
- الرأي الأول: الشبك هم الجماعات التي استوطنت من العشائر الكردية في العراق منذ زمن بعيد، وهذا الرأي ليس لهُ سند علمي لوجود عشائر من الشبك ذات جذور تركمانية وأخرى عربية.
- الرأي الثاني: ذهب إلى أن الشبك هم من القبائل التركية المهاجرة إلى العراق في عهد السلطان طغرل بك السلجوقي، وهذا الرأي مردود أيضا، لأن لغة الأتراك النازحين إلى العراق في ذلك الوقت كانت هي اللغة الأذرية التي يتكلم بها اليوم تركمان العراق في كركوك وقصباتها ومنطقة تلعفر في الموصل وهي تختلف اختلافاً ً جذرياً عن اللغة الشبكية[13] كما أكد ذلك نخبة من المثقفين الشبكيين بأن الشبك من بقايا عشائر القرة قو ينلو الذين حكموا العراق بين عامي 1410 -1468م. ويرى آخرون أنهم من الأتراك الذين هاجروا من عامي 1468 -1508م الذين جاء بهم السلطان مراد الرابع سنة 1047، وأسكنهم شمالً العراق، وهذا الرأي مردود أيضا لوجود الشبك قبل هذا التاريخ في المنطقة.
- الرأي الثالث: يرى أصحاب هذا الرأي أن الشبك جاءوا من إيران أبان حكم دولة الصفويين ويقول، أحمد حامد الصراف عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، في كتابهِ حول الشبك: جاء الشبك من جنوب إيران وأن لسانهم خليط بين اللغات الفارسية والكردية والعربية وقليل من التركية. والحقيقة أن الشبك هم من الأقوام التي استوطنت الجانب الشرقي من مدينة الموصل، في عهد الدولة الساسانية والعهود التي تلتها واختلطت وتصاهرت مع بعض العشائر العربيةً والكردية والفارسية، وانصهروا جميعا في بودقة الشبك. أي ان القومية الشبكية بالنسبة لهؤلاء هي في الحقيقة خيار جاء عن طريق تفاعل قديم ولعل من أقدم المصادر التي أشارت إلى استيطان الشبك منطقة الموصل هو كتاب الكامل في التاريخ لأبن الأثير (والملاحظ أن هذه القرى التي يشير إليها ابن الأثير هي قرى الشبك نفسها في الوقت الحاضر بدلائل أماكنها وتسميتها، ويؤكد هذا الرأي الكاتب سليمان الصائغ في كتابهِ تاريخ الموصل حيث يقول: (أنهم جاءوا من الشرق واستوطنوا هذه المنطقة مثلهم مثل إخوانهم العرب والكُرد). وهذا القول لهُ أسانيد كثيرة من الذين سكنوا الموصل في فترات مختلفة، وفي الواقع فالشبك الذين دخلوا قرية باشبيشة المسيحية الأصل نقلوا معهم فن البناء الساساني إلى هذه المنطقة حيث تميزت دورهم بأشكالها المميزة فمنها الخصوصية المخروطية، علما بأنهم دخلوا هذه القرية عام 557 هـ، أما الشبك كجماعة إثنية مستقلة فتؤكدها إحدى المذكرات الخاصة بتفتيش منطقة الحمدانية ذات الأغلبية الشبكية التي اعتمدتها وأصدرتها الحكومة العراقية آنذاك ومنها المذكرة رقم 541 في عام 1952م والتي تنص على أن منطقةً الحمدانية تتكون من عدة قوميات، وأن أكثرها عددا القومية الشبكية تليها القومية العربية والكردية والتركمانية والمسيحية (وهذا اعتراف صريح من الحكومة العراقية باستقلالية الشبك). وأشار الباحث عباس الإمامي بأن كلمة الشبك تتكون من مقطعين (كلمة شاه) أي الملك بالفارسية، (وكلمة بيك) أي السيد بالتركية، اندمجتا وصارت (شاه بكلر) أي سيد الملوك، أن تداخل الكلمتين الفارسية والتركية ناتج عن كون القبائل التركمانية التي وصلت إلى إيران تأثرت بالثقافة الفارسية، قبل أن تتأثر بالثقافة العربية، لذلك نرى كلمة (شاه بكلر) هي مركبة وعربت الكلمة في العراق إلى شبك بعد اختلاطهم بالعرب وبضوء ما تقدم، نخلص أن الشبك هم من الأقوام التي استوطنت الجانب الشرقي في مدينة الموصل في عهد الدولة الساسانية، واختلطت وتصاهرتً مع بعض العشائر العربية والكردية وانصهروا جميعا في مجتمع سمي الشبك، فالقومية الشبكية هي خيار جاء عن طريق تفاعلهم.[14]
التوزيع السكاني
يتوزع الشبك في عدة قرى وبلدات في أقضية الموصل والحمدانية وتلكيف الشيخان وبعشيقة وسنجار وتلعفر وطهراوه ومخمور، ومن تلك القرى: موفقيه و علي رش ومنارة شبك وباشبيتة ولك وجليوخان وشهرزاد وقرة تبة شبك وخويتلة وبلاوات ووردك وكبرلي و خزنه طابا وكوكجلي وبازوايا وطوبزاوة وطبرق زيارة ودراويش وأبو جربوعة وخضر بساطلي وسماقية ونوران وخوسبات وشاقولي وشيخ امير وبدنة وارين وبدنة جورين وترجلة وعباسية وفاضلية وسادة بعويزة وشيخ شيلي.
ويتواجد عدد كبير من الشبك في مدن عراقية أخرى غير الموصل كأربيل وبغداد والسليمانية. بالإضافة إلى ذلك فقد هاجر عدد آخر إلى دول عربية وأوروبية. وبعد الغزو الأمريكي للعراق أصبحت معظم قرى الشبك تحت سيطرة قوات البيشمركة الكردية، كما قتل وهجر عدد كبير من الشبك من مدينة الموصل من قبل بعض المجموعات الإرهابية المسلحة.[15] بعد أحداث الموصل في حزيران 2014م، وسقوط الموصل بيد مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تحولت قرى سهل الموصل إلى مناطق خطرة وترك معظم السكان قراهم خوفا من بطش المسلحين الأصوليين والتجأوا إلى مناطق أكثر أمناً تسيطر عليها الپيشمرگه الكردية، وبعد انطلاق عملية تحرير الموصل قام قوات مكافحة الإرهاب تحرر بازوايا وترفع العلم فوق مبانيها.[16] وايضا قوات البيشمركة حررت مركز ناحية بعشيقة[17][18] وقرى تابعة له.
الاعتقادات الدينية
غالبا ما يوصف الشبك بكونهم إحدى فرق المسلمين الشيعة، بعض منهم يقلد الطريقة البكتاشية المأخوذة من الشيعة في تركيا كما هناك اعتقاد بأن أصلهم يعود إلى القزلباشيون الذين قدموا إلى المنطقة في القرن الثامن عشر، ويلتجأون إلى المساجد والحسينيات وتكايا للعبادة والصلاة.[19] ويبلغ عدد المسلمون على مذهب أهل السنة 30% وعلى المذهب الشيعي 70%.
التكوين العشائري للشبك
يتكون الشبك من عشائر متعددة، بعض منها لها فروع في مناطق أخرى من أربيل وكركوك وخانقين في العراق وكرمانشاه في غرب إيران.[20] يتألف مجتمع الشبك من عدة عشائر كبيرة وبارزة في منطقة سهل نينوى.
الشبك بين الإحصاءات والتجاذبات
المعلوم أن الشبك مكون سكاني عراقي يشكل جزءاً من المجتمع العراقي. ولقد حاولت الأنظمة التي حكمت العراق، على مدى العقود الطويلة، تهميش هذا المكون لأهداف ومصالح خاصة وسياسة اتبعتها تلك الأنظمة، وجعلت المجتمع العراقي يتمزق ويصبح هشاً من الداخل. ويرى الباحث رشيد الخيون أن الشبك عشائر كردية ربما تأثرت منهم مجموعة بالمذاهب والديانات المحيطة، ودخل بعضهم في التكايا والطرق الصوفية، وقد قاوموا كبقية الكُرد محاولات كثيرة لتعريبهم، كتهجير قسم من العائلات الشبكية عام 1975، وهجرت بعض القرى إلى مجمعات قسرية للغرض نفسه في عامي (1988-1989). وكذلك هجرت قسم من العوائل وليس قرى بأكملها. وكان سبب التهجير ان هذه العوائل ادعت انها من القومية العربية في تعداد عام 1977م، ثم غيرت قوميتها إلى القومية الكردية في تعداد عام 1987م، لتجنب التجنيد في الجيش العراقي، وليسهل لها الانضمام إلى أفواج الدفاع الوطني الكردية. ولذا قامت الدولة بتهجيرهم إلى مناطق كردية كمنطقة (سهل حرير) على اعتبار انهم كُرد كما يدعون. ثم قامت بعد ذلك بالعفو عنهم عام 1991م، وسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.
وقبل ذلك كانت السلطة قد سجلتهم خلال تعداد عام (1977) عرباً، ومن قبل كانت الإحصاءات تجمعهم مع الايزيديين. لذا لم يشر تقرير مديرية الأمن العامة الخاص بالتوزيع الديني للسكان العراقيين إليهم أو ذكرهم جمعاً مع الايزيديين، كما حصل في الإحصاءات السابقة. ويتوصل الكاتب المؤرخ رشيد الخيون من خلال دراسته حول الشبك في كتابه (الأديان والمذاهب بالعراق)، عن عدد نفوس الشبك بالقول تتفاوت التقديرات والإحصاءات حول عدد نفوس الشبك، ومنها التقديرات الإنكليزية القديمة، التي عدتهم بعشرة آلاف نسمة، وفي الإحصاء العراقي (1947) عدوا جميعاً مع الايزيديين بثلاثة وثلاثين ألف نسمة، وفي إحصاء (1977) بلغت نفوسهم تقريبا بين 57-58 ألف نسمة، ومن اللافت للنظر أن الدليل العراقي لعام (1936) وإحصاءات أخرى لم تذكر الشبك بالاسم، على اعتبار أنهم كُرد مسلمون فليس هناك تفاصيل خاصة بالعشائر، عربية كانت أو كردية لكن جميعهم في إحصاء (1947) مع الايزيديين ويؤكد الرأي الرسمي المعتمد على البحوث والدراسات المذكورة سلفاً على أنهم منفصلون عن الكُرد وفي إحصاء (1977) إشارة إلى أنهم عرب، حسب الادعاء الرسمي.[21]
المصادر
- Kehl-Bodrogi؛ Kellner-Heinkele؛ Otter-Beaujean (1997)، Syncretistic Religious Communities in the Near East: Collected Papers of the International Symposium "Alevism in Turkey and Comparable Sycretistic Religious Communities in the Near East in the Past and Present" Berlin, 14-17 April 1995، BRILL، ص. 159، ISBN 978-90-04-10861-5، مؤرشف من الأصل في 13 مايو 2016، اطلع عليه بتاريخ 29 أكتوبر 2012.
- Martin, Bruinessen, van (2000)، Mullas, sufis and heretics: the role of religion in Kurdish society : collected articles، Isis Press، ص. 259–، ISBN 978-975-428-162-0، مؤرشف من الأصل في 1 مايو 2016، اطلع عليه بتاريخ 29 أكتوبر 2012.
- Mina al-Lami (21 أغسطس 2014)، "Iraq: The Minorities of the Nineveh Plain"، مؤرشف من الأصل في 11 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 09 أكتوبر 2014.
- Leezenberg (ديسمبر 1994)، "The Shabak and the Kakais: Dynamics of Ethnicity in Iraqi Kurdistan" (PDF)، University of Amsterdam، : 6–8، مؤرشف من الأصل (PDF) في 7 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 30 مارس 2019.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: Cite journal requires|journal=
(مساعدة) - Leezenberg, Michiel (01 أكتوبر 2017)، "Iraqi Kurdistan: A Porous Political Space"، Anatoli (8): 107–131، doi:10.4000/anatoli.608، ISSN 2111-4064، مؤرشف من الأصل في 19 يونيو 2020.
- Leezenberg (ديسمبر 1994)، "The Shabak and the Kakais: Dynamics of Ethnicity in Iraqi Kurdistan" (PDF)، University of Amsterdam، : 6–8، مؤرشف من الأصل (PDF) في 6 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 30 مارس 2019.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: Cite journal requires|journal=
(مساعدة) - "Shabak minority want only Peshmerga to liberate... / Rudaw.net"، www.rudaw.net، مؤرشف من الأصل في 8 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 26 نوفمبر 2020.
- عبود، زهير (2009)، الشبك في العراق، AIRP، ISBN 978-9953-36-270-0، مؤرشف من الأصل في 31 يناير 2020.
- Zaza-Gorani، ethnologue. نسخة محفوظة 05 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- داود سلمان الكعبي, (الشبك) مكون أساسي من مكونات العراق، الحوار المتمدن نسخة محفوظة 01 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- د.صالح شبيب الدليمي - كتاب الشبك في العراق - ص10
- Who Are The Shabak People?، ShabakNews نسخة محفوظة 31 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
- د. صالح شبيب الدليمي (2015,)، لبنان (باللغة العربيىة)، العراق: مؤسسة المسرات الاعلامية.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=
(مساعدة)صيانة CS1: extra punctuation (link) صيانة CS1: لغة غير مدعومة (link) - د.صالح شبيب الدليمي - كتاب الشبك في العراق - ص7
- Islamic Extremists Threaten Iraq's Shabak Community، AINA.org نسخة محفوظة 17 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
- "تحرير قرى الشبك"، 31 أكتوبر 2016، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2020.
- "تحرير قرى الشبك"، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2020.
- "تحرير ناحية بعشيقة"، 08 نوفمبر 2016، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2020.
- Syncretistic religious communities in the Near East، By Krisztina Kehl-Bodrogi, Barbara Kellner-Heinkele, Anke Otter-Beaujean نسخة محفوظة 12 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- مارك سايكس، القبائل الكردية في الامبراطورية العثمانية، مجلة المعهد الملكي للانثروبولوجيا غام 1980 ص 451-486 نسخة محفوظة 26 ديسمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- رشيد الخيون، الشبك معركة الهوية، جريدة الشرق الاوسط [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 9 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.