العنصرية في إيطاليا

تتناول العنصرية في إيطاليا علاقات الإيطاليين وغيرهم من شعوب القوميات المختلفة في تاريخ البلاد. تصادف العنصرية في معظم المجتمعات مثلها مثل التعصب، وإيطاليا ليست استثناء.[1] تفتخر الشعوب الإيطالية منذ فترة طويلة بغياب العداوة العنصرية، على الرغم من هشاشة الشعور الموحد لهوية الشركات الوطنية-[2] كما هو موجود في الدول الأوروبية الكلاسيكية في الشمال- من الناحية التاريخية.[3]

غُرست هذه الأفكار لأول مرة عندما بدأت إيطاليا في غزو واستعمار البلدان الأفريقية، على الرغم من أن السياسات المتعلقة بأطفال الاختلاط كانت مربكة. [4] مُرّرت القوانين المعادية للسامية وكذلك القوانين التي تمنع الهجرة الداخلية في ظروف معينة، في ظل دولة بينيتو موسوليني الفاشية، بمجرد أن عزز النظام تحالفه مع ألمانيا النازية.[5] أحدثت هجرة ما بعد الحرب الجماعية من الجنوب إلى الشمال الصناعي، درجة من انعدام الثقة بالنفس عند الطبقات الاجتماعية الإيطالية. أدت موجة هجرة من أواخر ثمانينيات القرن العشرين، من قبل اكستراكومونيتاري (المهاجرين من غير الأوروبيين، وكان للكلمة نغمات قوية من الرفض)[6] إلى ظهور حركات سياسية، مثل رابطة الشمال، والتي كانت معادية لما يدعى بـ «تيروني» (وصم تجاه الإيطاليين الجنوبيين) وكلانديستيني (المهاجرين غير الشرعيين) من مناطق جنوب البحر الأبيض المتوسط.

أشار تقرير لهيومن رايتس ووتش في عام 2011 إلى تنامي المؤشرات بخصوص ازدياد رهاب الأجانب في المجتمع الإيطالي.[7][8] أشار استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في عام 2017 إلى أن إيطاليا هي الدولة الأكثر عنصرية في أوروبا الغربية.[9]

العصور الوسطى

انتشرت العبودية في إيطاليا في العصور الوسطى، وبُرّرت في كثير من الأحيان على أسس دينية أكثر مما بُرّرت على أسس عنصرية. ينتمي معظم العبيد في جنوة إلى أعراق غير أوروبية، وكان الوضع مختلفًا في البندقية وباليرمو، حيث اعتُبر العبيد المتحررين مواطنين أحرارًا في القرن الثالث عشر.[10]

القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين

لومبروزو والعنصرية العلمية في إيطاليا

شاعت العنصرية العلمية في إيطاليا بسبب عالم الجريمة سيزار لومبروزو. قارنت نظرية لومبوزو عن التأسّل الحضارة البيضاء والأعراق الأخرى، بالمجتمعات «البدائية» أو «المتوحشة».[11] ألقت نظرياته التي تربط علم الفراسة بالسلوك الإجرامي اللوم بوضوح بما يخص معدلات جرائم القتل المرتفعة في جنوب إيطاليا، على تأثير الدم الأفريقي والآسيوي على شعوبها. نشر لومبروزو في عام 1871 الرجل الأبيض والرجل الملون، بهدف إظهار تفوق الرجل الأبيض في جميع النواحي على الأعراق الأخرى. ذكر لومبروزو صراحة إيمانه بتفوق البيض: «نحن البيض فقط من حققنا التناسق الأكثر مثالية في أشكال الجسد [...] نمتلك فنًا موسيقيًا حقيقيًا [...] أعلننا حرية العبيد [...] اشترينا حرية الفكر». عادل لومبروزو الميول الإجرامية للسكان البيضاء بـ «السواد» المتبقي.[12] انتشرت أفكار لومبروزو حول العرق في جميع أنحاء أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر.[13]

ميّز لومبروزو بين اليهود الأوروبيين أو «الآريين» بصورة عامة واليهود المتمسكين بالتقاليد الذين انتقد ممارساتهم الدينية، واعتبر الجنوبيين في إيطاليا «رجعيّين»،[14][15][16] على الرغم من أنه كتب بشكل مكثف عن موضوع معاداة السامية في أوروبا، وهاجم النظرية العنصرية المعادية للسامية.[17]

باحثون آخرون في العنصرية العلمية

بحث علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع الإيطاليون أيضًا في مسار لومبروزو للعنصرية العلمية. اتّبع الصقليّ ألفريدو نيكيفورو نهج لومبروزو السيميائي، لكنه نشر في عام 1906 نظرية عنصرية اعتبر فيها كل من تصبُّغ الشعر الأشقر والبشرة الداكنة علامات انحطاط، مع اعتبار العرق الإيطالي في موقف وسط إيجابي. احتفظ نيكيفورو بهذه الآراء حتى أواخر عام 1952، مدعيا أن «الأنواع الزنجية والمنغولية وُجدت بوتيرة أكبر في الطبقات الدنيا». حاول عالم الأنثروبولوجيا ريدولفو ليفي في عام 1907، إظهار أن ملامح الوجه المنغولية ارتبطت بالسكان الأكثر فقرًا. أكد أن تفوق العرق الإيطالي أُثبت بقدرته على استيعاب المكونات العرقية الأخرى بشكل إيجابي.[10]

إيطاليا الفاشية

معاداة السامية قبل عام 1938

امتلك اليهود الإيطاليون أحد أعلى معدلات الاندماج في الزيجات المختلطة في الشتات. دعم اليهود بشدة توحيد إيطاليا، وعُرّفوا على أنهم قوميون إيطاليون، وأثبتوا شجاعتهم كجنود في الحرب العالمية الأولى، وشكلوا من حيث وجودهم العددي الصغير نسبيًا بين السكان بشكل عام، جزءًا غير متكافئ من الحزب الفاشي منذ بداياته حتى عام 1938.[18][19] ما يزال هناك جدل حول ما إذا كانت الفاشية الإيطالية معادية للسامية في الأصل. ميز موسوليني في الأصل موقفه عن عنصرية هتلر المتعصبة، مع التأكيد على أنه بذاته صهيوني، حتى أنه وعلى نطاق أوسع، اقترح بناء مسجد في روما كعلامة على أن إيطاليا كانت حامية الإسلام، وهي خطوة مُنعت من قبل البابا الذي أخافه الموضوع. يسخر الدعاة الألمان غالبا مما يسمونه «الفاشية الكوشيرية» لإيطاليا. كان هناك بعض الفاشيين الذين حملوا وجهات نظر عنصرية متطرفة هامشية قبل التحالف مع ألمانيا النازية،[20][21] مثل روبرتو فاريناتشي وجيوفاني بريزيوسي. كان بريزيوسي أول من نشر طبعة إيطالية من بروتوكولات حكماء صهيون في عام 1921، والتي نُشرت بشكل متزامن تقريبًا مع إصدار صادر عن أومبيرتو بينيني في ملحقات لـ الإيمان والعقل،[22][23][24] وكان للكتاب مع ذلك تأثير ضئيل حتى منتصف ثلاثينيات القرن العشرين.[24]

أُشير أيضًا إلى امتلاك بينيتو موسوليني وجهات نظر عنصرية خاصة به،[25][26] وإن كانت مختلفة نوعًا ما عن النازية. نُقل عن موسوليني قوله: «على الرجل الأبيض إخضاع الأعراق السوداء والبنية والصفراء».[27]

رأى موسوليني أن هناك وحدة صغيرة من اليهود الإيطاليين عاشوا في إيطاليا «منذ أيام ملوك روما» (في إشارة إلى بيني روما) ويجب أن «يظلوا غير مزعجين».[28] كانت واحدة من عشيقات موسوليني وهي مارغريتا سارفاتي، يهودية. كان هناك بعض اليهود في الحزب الفاشي الوطني، مثل إيتوري أوفازا الذي أسس الصحيفة الفاشية اليهودية لا نوسترا بانديرا في عام 1935.[29] أعلن موسوليني ذات مرة أن «معاداة السامية لا وجود لها في إيطاليا ... أظهر الإيطاليون من أصل يهودي أنفسهم كمواطنين صالحين وقاتلوا بشجاعة في [الحرب العالمية الأولى]».[30]

نُظر إلى إيطاليا في النصف الأول من ثلاثينيات القرن العشرين كملاذ آمن من قبل بعض اللاجئين اليهود، على الرغم من وجود نظام فاشي. استضافت الدولة ما يصل إلى 11000 يهودي مضطهد، بمن فيهم 2880 يهوديا من أصل ألماني، ومع ذلك، كان هناك عمليات إبعاد للأفراد اليهود من المؤسسات ومنظمات الدولة،[31] في وقت مبكر من عام 1934.

شهد عام 1934 أيضًا حملات صحفية ضد اليهود المناهضين للفاشية، معادلة إياهم بالصهاينة.[32] تصاعدت الدعاية المعادية للسامية التي أقرها النظام الفاشي بين عامي 1936 و1938 في الصحافة وحتى في الكتابة على الجدران. بدأ بالمثل علماء علم تحسين النسل والإحصاءات والأنثروبولوجيا والديموغرافيا في تحديد النظريات العنصرية.[31]

مراجع

  1. Grace Russo Bullaro, 'From terrone to extracomunitario:A snapshot of Italian society in a globalized world,' in Grace Russo Bullaro (ed.), From Terrone to Extracomunitario: New Manifestations of Racism in Contemporary Italian Cinema : Shifting Demographics and Changing Images in a Multi-cultural Globalized Society, Troubador Publishing Ltd, 2010 p.xiv. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  2. John Foot, Modern Italy, Rev.ed.Palgrave Macmillan, 2014 pp.20ff. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. Michael Alexander, Cities and Labour Immigration: Comparing Policy Responses in Amsterdam, Paris, Rome and Tel Aviv, Rev.ed. Ashgate Publishing, Ltd., 2012 p.56. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  4. Giulia Barrera,'Patrilinearity, Race and Identity: The Upbringing of Italo-Eriteans during Italian Colonialism,' in R. Ben-Ghiat, M. Fuller (eds.), Italian Colonialism, Palgrave Macmillan, (2005) 2016 (ردمك 978-1-403-98158-5) pp.97-108 pp.97f. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  5. Foot p.42.
  6. Alexander p.57.
  7. Melissa Coburn, Race and Narrative in Italian Women's Writing Since Unification, Fairleigh Dickinson, 2013 p.11. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  8. Judith Sunderland, L’intolleranza quotidiana La violenza razzista e xenofoba in Italia, 21 March 12011 نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  9. "Western Europeans vary in their nationalist, anti-immigrant and anti-religious minority attitudes"، مركز بيو للأبحاث، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 29 أغسطس 2019.
  10. Steven Epstein (01 يناير 2001)، Speaking of Slavery: Color, Ethnicity, and Human Bondage in Italy، Cornell University Press، ISBN 978-0-8014-3848-6، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 أغسطس 2013.
  11. Gibson, Mary؛ Hahn Rafter, Nicole (15 يونيو 2006)، "Editors' Introduction"، في Lombroso, Cesare (المحرر)، Criminal Man، Duke University Press، ص. 17–، ISBN 978-0-8223-8780-0، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 أغسطس 2013.
  12. Nicole Rafter (01 يناير 2008)، The Criminal Brain: Understanding Biological Theories of Crime، NYU Press، ص. 1–، ISBN 978-0-8147-7656-8، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 أغسطس 2013.
  13. Dr Suman Fernando؛ Suman Fernando (15 أبريل 2013)، Cultural Diversity, Mental Health and Psychiatry: The Struggle Against Racism، Routledge، ص. 63–، ISBN 978-1-135-45270-4، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 أغسطس 2013.
  14. Wiley Feinstein, The Civilization of the Holocaust in Italy: Poets, Artists, Saints, Anti-semites, Fairleigh Dickinson University Press, 2003 pp.162f. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. Paul Knepper 'Lombroso and Jewish Social Science,' in Paul Knepper, Per Jørgen Ystehede (eds.),The Cesare Lombroso Handbook, Routledge, 2013 pp.171-185 pp-181ff. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  16. William Brustein, Roots of Hate: Anti-Semitism in Europe Before the Holocaust, Cambridge University Press, 2003 نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  17. Ruth Ben-Ghiat Fascist Modernities: Italy, 1922-1945, University of California Press, 2001 p.262 n.97. نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  18. ستانلي جي. باين, A History of Fascism, 1914–1945 , University of Wisconsin Press, 1996 pp.239-240. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  19. R. J. B. Bosworth,Mussolini, Bloomsbury Publishing, Rev.ed. 2014 pp.123f. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  20. Salvatore Garau, Fascism and Ideology: Italy, Britain, and Norway, Routledge, 2015 pp.122-123. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  21. John Whittam, Fascist Italy, Manchester University Press, 1995 pp.95f. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  22. Michele Sarfatti, Anne C. Tedeschi, The Jews in Mussolini's Italy: From Equality to Persecution, University of Wisconsin Press, 2006 p.13. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  23. David I. Kertzer, The Popes Against the Jews: The Vatican's Role in the Rise of Modern Anti-Semitism, Knopf Doubleday Publishing Group, 2007 p.266. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  24. Valentina Pisanty (2006)، La difesa della razza: Antologia 1938–1943، Bompiani.
  25. Racial theories in Fascist Italy by Aaron Gilette نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  26. Dictating Demography: The Problem of Population in Fascist Italy by Carl Ipsen, pg 187 نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  27. Duggan, Christopher (2008)، The force of destiny : a history of Italy since 1796، Boston: Houghton Mifflin، ISBN 0618353674، مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 2020.
  28. Hollander, Ethan J، Italian Fascism and the Jews (PDF)، University of California، ISBN 0-8039-4648-1، مؤرشف من الأصل (PDF) في 15 مايو 2008.
  29. "The Italian Holocaust: The Story of an Assimilated Jewish Community"، ACJNA.org، 08 يناير 2008، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  30. Benito Mussolini By Jeremy Roberts نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  31. Giuseppe Acerbi (2011)، Le leggi antiebraiche e razziali italiane ed il ceto dei giuristi، Giuffrè Editore، ص. 33–، ISBN 978-88-14-15571-0، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 09 أغسطس 2013.
  32. Richard S. Levy (01 يناير 2005)، Antisemitism: A Historical Encyclopedia of Prejudice and Persecution، ABC-CLIO، ص. 585–، ISBN 978-1-85109-439-4، مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 12 أغسطس 2013.
  • بوابة إيطاليا
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.