القبائل العربية في إيران

منذ أن فتح المسلمون بلاد فارس، بدأت القبائل العربية تهاجر إليها، حتى أن المؤرخين يؤكدون أن البعض منها استقر في ايران قبل الفتح الإسلامي. «هذه المنطقة سكنتها قبائل من بكر بن وائل وقبائل من تغلب ابن وائل وبني حنظلة وبني العم (بني تميم) قبل الفتح الإسلامي»، بحسب المؤرخ الإيراني أحمد كسروي.

يبلغ عدد العرب في خوزستان راهناً نحو 5 ملايين نسمة، وفي الجزر والموانئ الشمالية للخليج يعيش أكثر من مليون و500 ألف مواطن إيراني من أصول عربية، ويسكن بعض العرب في إقليم خراسان شمال شرق إيران، تحديداً في بلدة عربخانة، وفي مدن سمنان وكرمان ومازندران، وفي العاصمة طهران، وعلى الرغم من القرون التي عاشتها هذه القبائل في إيران، لا تختلف عاداتها وتقاليدها كثيراً عن تلك الخاصة بقبائل شبه الجزيرة العربية.

شهدت خوزستان التي تقطنها الغالبية العربية في جنوب غرب إيران، أول حضارة في إيران وهي «الحضارة العيلامية» نسبة إلى عيلام، أحد أبناء سام. اتخذ العيلاميون مدينة السوس (شوش راهناً) عاصمة لهم وشيّد ملوكها معابد لآلهتهم، أبرزها معبد زيغورات جغازنبيل. ثم سقطت مملكة عيلام على يد ملك آشور (آشوربانيبال) الذي تزامن هجومه عليها مع اتساع حدود دولة الآريائيين الذين بدأو بالهجرة قبل حوالي 6000 سنة.

بنى الفارسيون، إمبراطوريتهم «الأخمينية» بعد إطاحتهم بممكلة الماديون وخلف السلوكيين، الهخامنشيون بعد سقوط أمبراطوريتهم على يد إسكندر المقدوني، وانبثقت في عهدهم مملكة ميسان وعاصمتها خاراكس بالقرب من المحمرة (خرمشهر راهناً). كان أهلها آراميون وساميون كما يصفهم عالم الجغرافيا ايزادور الكرخي في كتابه «المنازل الفرثية».

أما الساسانيون، فبسطوا سيطرتهم بقوة على هذه المناطق وأصحبت شوش إحدى أبرز المدن في العالم، وأنشأ فيها الملك شابور الساساني جامعة جندي شابور وشيّد جسوراً وبنى سدوداً وطرقات، وما زالت آثارها واضحة حتى اليوم.

الفتح الإسلامي

فُتحت فارس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعرفت بعدها «خوزستان» باسم ولاية الأهواز. في العهد العباسي، أصبحت من المراكز المهمة تجارياً ومن أبرز المصادر التي تموّل الخزينة. بعد سقوط العباسيين على يد المغول، وقعت تحت سيطرة الجنكيزيين والتيموريين والإيلخانيين والجلايريين والمشعشيين أو «الموالين» الذين تأسست إمارتهم على يد محمد بن فلاح، الذي استولى على مدن المحمرة والدورق (شادكان) ودزفول، ليختار الحويزة مركزاً لحكومته.

صك المشعشعيون النقود بإسمهم لإبراز استقلالهم وهويتهم العربية أمام الصفويين، وحافظوا على استقلالهم أكثر من 70 عاماً، لكن بعد سقوط إمارتهم على يد اسماعيل الصفوي، حكموا الأهواز وبدأوا بدفع الضرائب للحكومة المركزية.

يُذكر أن نظام الدولة في عهد الصفويين كان فيدرالياً يسمى بـ «المماليك المحروسة»، بمعنى أن المحافظات المركزية تمتعت بالحكم الذاتي.

بعد انهيار الدولة الصفوية حكمت إيران دولاً عدة، منها: الأفشارية، الزندية والقاجارية. ثم نشأت إمارة آل كعب بقيادة الشيخ جابر بن مرداو الكعبي (حفيد الشيخ مروان البوكاسب) بعد اغتيال الشيخ مزعل (نجل الشيخ جابر)، أصبح شقيقه الشيخ خزعل أميرعربستان. وكان اكتشاف النفط في مدينة مسجد سليمان في شمال خوزستان (1908) أبرز الأحداث المتزامنة مع حكمه، فعززت بريطانيا علاقاتها معه ومع حلفائه البختياريين، وعقدت معه عام 1909 اتفاقية لصيانة المنشآت النفطية. كذلك ارتبط خزعل بعلاقات ودّية مع أمراء الخليج، خصوصاً مع حاكم الكويت الراحل الشيخ مبارك الصباح.

أسقط رضا خان بهلوي الحكم القاجاري، وفرض سيطرته من خلال الحكم المركزي على الأقاليم واحتل عربستان وقتل أميرها الشيخ خزعل.

عربستان

كتب رضا شاه بهلوي في مذكراته «من الضروري القضاء على أمير عربستان الذي استمر أعواماً طويلة أميراً مستقلاً داخل حدود إمارته ويسانده الأجانب من دون أن يدفع أي ضريبة للدولة الفارسية» وكان له ما أراد! بدأت النزاعات مع الشيخ خزعل عام 1922 عندما رفض دفع الضرائب المفروضة عليه منذ 1913 حتى 1922، معللاً ذلك بأنه غير مدين لحكومة طهران بأي أموال وأن سلوك الحكومة الإيرانية يعتبر تدخلاً في شؤون إمارته. على رغم التسوية التي تمت بينهما، أرسل رضا خان إلى الشيخ خزعل رسالة يعلمه فيها بتعيين ممثل لوزارة الخارجية الإيرانية للعمل كنائب للحاكم العام في عبدان. حينها تأكد الشيخ خزعل من عزم رضا خان على احتلال عربستان، خصوصاً أن رسالة وصلته منه في يوليو (تموز) 1924 يؤكد فيها أن عربستان لم تكن ملكاً له لأن مظفر شاه عام 1903 ألغى الاتفاقية، وبالتالي فإن عربستان ستعود إلى ملكية إيران.

بعد ذلك احتُجز الشيخ خزعل وابنه عبد الحميد، وضُمت إمارته إلى إيران عام 1925 باسم خوزستان. بعد ذلك عيّنت الحكومة الإيرانية الشيخ خزعل عضواً في المجلس الإيراني محاولةً إرضاءه صورياً، وظل في طهران تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته. يُذكر أن بعض أبناء الشيخ خزعل قدّم ولاءه لمحمد رضا شاه فدخل البلاط الملكي وأكمل البعض الآخر مسيرة أبيه.

تحدياً للظروف الصعبة التي واجهتها، ثمة قبائل عربية عقدت تحالفات مع بعضها البعض لتشكل قبيلة مستقلة بذاتها...

يشارك العرب راهناً، بحسب الإمكانات المتاحة، بالعمل السياسي في إيران من خلال نوابهم في مجلس الشورى الإيراني، منهم النائب عبد الله كعبي، مصطفى مطور زادة، شبيب جويجري، هاشم سواري وناصر سوداني.

القبائل العربيّة

• المشعشعيون: حكمت المنطقة فترة طويلة، يرجع نسبها إلى الإمام موسى الكاظم. يقال أن سبب تسمية أهلها بالمشعشعيين، جمال وجه السيد محمد بن فلاح (مؤسس إمارتهم) والذي كان عالما بارعاً في أصول الدين والفقه والمنطق. من أبرز أمرائها الأمير محسن بن فلاح الذي امتد نفوذه إلى بندر عباس ومنطقة دهدشت وكرمانشاه، ويعتبر أول أمير صُقلت العملة باسمه.

بني كعب: من أكبر القبائل وأكثرها شهرة. تنتشر في مختلف مدن خوزستان، وقد تفرعت منها قبائل كثيرة في الإقليم. يرجع نسبها إلى كعب بن عامر، وأدت دوراً كبيراً في تطوّر الحياة السياسية في العصر الحديث. يؤكد الكاتب أحمد كسروي أنها جاءت إلى خوزستان في أوائل سلطة الشاه عباس وفي زمن حكم أفراسياب باشاديري، وهي أول من سكن مدينة القبان والقرى المحيطة بها.

• آل نصار: أحد فروع بني كعب، تسكن الغالبية العظمى منها في قصبة النصار منذ القرن السابع عشر بعد مقتل الملك نادر أفشار الإيراني. بعد أن استوطن أهلها في القصبة امتنعوا عن دفع الضرائب للشيخ جابر الكعبي وأعلنوا الحرب ضده، ما اضطره إلى طلب المساعدة من أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح، لكن آل نصّار استمروا في تمردّهم حتى عهد الشيخ خزعل إلى أن توسط الشيخ مبارك الصباح بينهما، وقبل خزعل بهجرة أفراد القبيلة إلى الكويت، حيث استقر الكثير منهم هناك.

• آل كثير: من أكبر القبائل العربية التي تسيطر على شوشتر ودزفول. شكلت إمارة في شرق خوزستان وخاضت حروباً كثيرة مع أمراء المشعشعيين. يُذكر أنها وقفت مع العثمانيين ضد البريطانيين في الحرب العالمية الأولى.

آل علي علي وهم عرب من بطن قبيلة سبيع التي تسكن نجد وانتقلوا إلى بر فارس «شيبكوه» عن طريق القطيف وينتمي جزء منهم إلى فرع عمرو من سبيع العامرية. واتخذ آل علي مكانا يعرف الآن باسم «رأس بستانه» مقرا لهم بعد انتقالهم إلى (بر فارس) ومنه انتقلوا إلى قرية «دوان الشرقية» ومنها إلى قرية «بندر جارك» على ساحل البحر. وشيبكوه ما يقارب 240 عاماً بدءاً من عام 1156 إلى عام 1396 للهجرة

•العبيات: من «فخوذ» قبيلة المطير، لكنها تعد الآن قبيلة مستقلة. تحالفت مع قبائل كثيرة لتوسّع نطاقها. يقطن جزء من أبنائها في العاصمة طهران، والقسم الأعظم منهم في خوزستان. من أكبر فروعها «عواد»، ويعتبر أهل الأخيرة شيوخ القبيلة، ومن أشهر رجالاتهم الشيخ فيصل العبيات.

• الضياغمة: من أبناء قبيلة الشمر وتعتبر قبيلتا آل كثير والعنافجة الأقرب إليها.

• الدلفية: تعد من بني طرف راهناً ويعود نسبها إلى قبيلة شمر من طوقة وتسكن مع قبائل كنانة، والبعض منها يسكن مع الضياغم في الميناو وشوشتر.

• بني خالد: من بني مخزوم، يصل نسبها إلى خالد بن الوليد ويقال أن قسماً كبيراً منها قطن في الكويت قبل هجرته إلى خوزستان. من فروعها: أطليحان، غطفان، الفريسات، العلم، الثوابت والصبيح.

بني تميم: من القبائل الكبيرة التي سكنت خوزستان منذ القدم. يعود إليها نسب قبيلة بنو العم التي هاجرت في عهد أردشير الساساني. يقال أن شابور جاء بأفرادها إلى خوزستان بعد رجوعه من حربه مع الروم. أدت هذه القبيلة على امتداد التاريخ أدواراً مهمة في المنطقة.

• آل بوبصيري: من قبيلة بني تميم، لكن بحكم الجوار أصبحت جزءاً من بني كعب.

الدواسر: معظم أفرادها من الدموخ الذين استوطنوا في عبادان والمحمرة ومنطقة دشتستان القريبة من بوشهر. يقال إنهم هاجروا إلى إيران تحت قيادة الشيخ محمد بن مبارك الدوسري. من أشهر رجالاتها راهناً الداعية الإسلامي الشيخ عبد الحميد الدوسري.

الخزرج: عُرفت منذ عهد الرسول، من فروعها: التركي، العبد الله واللطيف، ويرجع نسب بعض القبائل مثل الجنادلة وآل بو عيد والعثوق إليها.

الأوس: يصل نسبها إلى أوس بن حارثة بن طريف بن عمر بن ثمامة، وهي فرع من قبيلة قحطان العربية.

• الخنافرة: يعود نسبها إلى قبيلة العتيبة.

بني أسد: من أقدم القبائل التي استوطنت خوزستان وشاركت في حرب القادسية ضد الساسانيين. عندما ضعفت الدولة العباسية شكلت هذه القبيلة إمارة بني أسد المستقلة، لكنها لم تدم طويلا. من أبنائها: دبيس بن عفيف الأسدي، مؤسس مدينة الحويزة وبانيها.

• الشرفاء: سمِّيت نسبة إلى جدّ أفرادها محي الدين بن زيبق بن شريف. يصل نسبها إلى شريف بن قتاده الحسيني وهو أحد أعيان مكة. ثارت هذه القبيلة ضد نظام رضا خان لمحاولة رجاله نزع «الغترة والعقال»، وهو الزي العربي، لاستبداله بالزي الأوروبي. استخدمت حكومة رضا خان الطائرات لإخماد هذه الثورة التي تُعرف بانتفاضة الحويزة أو انتفاضة محيي الدين الزيبق التي ردّد الثوار فيها: «يا عقال نسوي لك هيبة».

ربيعة: من أقدم القبائل التي سكنت المنطقة قبل الفتح الإسلامي، يعود نسبها إلى نزار بن معد بن عدنان بن يعرب بن قحطان. ساعدت المشعشعيين في وصولهم إلى السلطة، وفي الحرب العالمية الأولى اتخذت مواقف متشددة ضد الحكومة البريطانية وأيّدت السلطة العثمانية. يُذكر أن نسب عشائر السلامات والزركان والحميد يعود إلى هذه القبيلة، ويسكن قسم منهم راهناً في مدينة شمس العرب قرب بهبهان.

• العيدان: أحد «بطون» قبيلة عنزة. يسكن أفرادها المحمرة. بعد انتصارهم على إحدى القبائل العربية قبل عيد الأضحى بيومين وأثناء تقديم التهاني لرئيسهم، قال الأخير إن الناس لديهم عيد واحد ونحن لدينا اليوم عيدان، وهكذا أطلقت عليهم تسمية «العيدان»، عيد الأضحى وعيد النصر على الأعداء.

• الباوية: من قبيلة ربيعة. كتب المؤرخ المصري عبد المسيح انطاكي في كتابه «درر الحسان» عنها: «الباوية قبيلة شجاعة، ذات شوكة وعظمة وأثناء الحرب باستطاعتها أن تستنفر 5 آلاف مسلح. أهلها لا يعرفون الخوف ولا يهابون القدر». كانت لهم علاقات جيدة مع الشيخ خزعل، لكن عندما أعلن دعمه لبريطانيا، تمردوا عليه.

• الدحيمي: من قبيلة «حمير» وأهلها أبناء حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرف بن قحطان، يسكنون في منطقة أم الدبس شمال مدينة بستان.

• آل عبس: أفرادها من أشراف قبائل اليمن ويقال لهم بني النمير. يقال أن الفارس والشاعر العربي عنترة بن شداد العبسي من أبناء هذه القبيلة التي تعتبر راهناً متفرقة في خوزستان، فهي في المحمرة حليفة لقبيلة إدريس والبوحميد وفي عبدان حليفة لآل كنعان من بني تميم وفي الحويزة مع قبيلة نيس.

• الدغاغلة: تعود إلى بني عبادة ويسكن أهلها في قرية تعرف بإسمهم.

السودان: من فروع قبيلة كندة ويعود نسبها إلى القحطانيين. استقر أفرادها في أراضي الحويزة إبان حكم المشعشعيين.

• بني طرف: من أكبر القبائل الراهنة في خوزستان. يصل نسبها إلى طيء، وقد خضعت بداية إلى حكام الحويزة. خلال حكومة ناصر الدين شاه القاجاري، استغلت ضعف المشعشعيين ودفعت الضرائب للدولة المركزية. في عهد الشيخ خزعل، قامت بانتفاضات عدة، لكن الأخير استطاع فرض سلطته عليها. في الحرب العالمية الأولى ساند أفرادها العثمانيين ضد الإنكليز وعرفت تلك الحرب بحرب الجهاد. كتب قائد القوات البريطانية آرنولد ويسلون عنهم «بسبب حروبنا معهم كنا نكرهم، وقد عاقبناهم في الأيام الثلاثة الأخيرة بشدة، لكن ذلك لم يعطي النتائج المطلوبة».

• آل عبد الخان: تتحدر من قبيلة بني لام وتتكوّن من فروع عدة منها: آل بونصيري وبني عقبة.

• القطارنة: من فروع قبيلة بني تميم ومنها «الشماخنة». يذكر أن نسب وزير الدفاع الإيراني الأسبق الأدميرال علي شمخاني يعود إليها.

• كنانة: يرجع نسبها إلى قبيلة مضر المشهورة ويعيش أهلها في الحويزة ومدينة رامز وميناو. تحالف قسم منهم مع آل كثير والقسم الآخر مع قبائل الباوية، ومنهم من يعيش في كيلان ومازندران وأصفهان وشيراز.

• نيس: فرع من قبيلة مذحج، وكانت مقرّبة من المشعشعيين. يسكن أفرادها في عبادان والأهواز ورامز ومن فروعها: البومحمد، البوفلاح، والبوخيام.

• آل بوحمدان: يسكن أفرادها إلى جوار قبيلة آل كثير وهم من بقايا الحمدانيين من آل سيف الدولة الحمداني.

• المعاوية: يرتبط أفرادها بالأوس ومن ثم الأزد من نسل قحطان، وينتسبون إلى معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن الأوس، وثمة قرية باسمهم معروفة بـ «شلهة معاوية»، ويسكنون أيضاً في عبادان والمحمرة.

• المطارقة: يعتبر المطارقة نفسهم جزءاً من قبيلة بني أسد، القبيلة العربية المشهورة، التي سكنت قديماً مدينة الأهواز وحكمت مدينة الحويزة.

  • بوابة علم الإنسان
  • بوابة إيران
  • بوابة العرب
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.