اللجنة (رواية)
اللجنة رواية للكاتب المصري صنع الله إبراهيم نُشرت في طبعتها العربية الأولى عام 1982، وتدور أحداثها حول كيان غامض ومُتحكم يتألف من مجموعة من الأشخاص النافذين يطلق عليه المؤلف اسم "اللجنة".[1][2]
جائزة لرواية "اللجنة"
خلال "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي" في أكتوبر 2003، وفي ختام دورة الملتقى الثانية بالقاهرة، رفض صنع الله إبراهيم جائزة الرواية العربية التي منحها له الملتقى والتي أعلن عن فوزه بها الأديب السوداني الطيب صالح رئيس لجنة تحكيم الجائزة. قال صنع الله إبراهيم من على خشبة المسرح، وعقب إعلان فوزه بالجائزة، كلمة موجزة أدان فيها الجائزة وأعلن رفضه لها، وقال: "في الوقت اللي ما فيش فيه أمة لا حاضر لها ولا مستقبل، وفي الوقت اللي فيه إسرائيل بتجهز على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وسفيرها آمن في مصر، وفي الوقت اللي موجود فيه السفير الأميركي في القاهرة ويحتل حيا بالكامل وينتشر جنوده في كل شبر من الوطن، وفي الوقت اللي بتتفرج فيه الحكومات العربية على المجازر التي تحدث في العراق وفلسطين ولا تصنع حيالها شيئا، ارفض قبول هذه الجائزة لأنها صادرة عن حكومة غير قادرة على منحها. تحدث فاروق حسني وزير الثقافة المصري لتهدئة الجو، برغم إشادته بلجنة الجائزة وحيادها والمجهود الذي بذلوه في اختيار الفائز بها، واعتبر حسني رفض صنع الله إبراهيم الجائزة شهادة للحكومة المصرية ومناخ الحرية الذي تعيشه مصر.
نشر الناقد والشاعر شعبان يوسف في أكتوبر 2019 على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منشورا تحت عنوان "اعتراف" قال فيه: "عندما رفض صنع الله إبراهيم جائزة ملتقى الرواية، وقلب الدنيا بعد أن واجه سلطة مبارك الطاغية، وقرأ بيان جاد وحاد وصارم ومكتوب بعناية فائقة أمام وزير الثقافة شخصياً ولجنته، واختصم السلطة كلها، وانقسم الناس بين رافضين بشدة له ولموقفه ولبيانه جملة وتفصيلا وتزلفا، بل هاجموه بضراوة، وبين مؤيدين له مدحوه بشكل مفرط، واعتبروا موقفه شجاعة مفرطة لم تحدث من قبل".[3]
كتب موقع الناقد العراقي في 23 أبريل 2017: "ورغم حالة الجدل التي تركتها قنبلة صنع الله إلا أنه كان مقتنعًا بما فعل، وهو ما ترجمه أحد أئمة المساجد في خطبة الجمعة، بالإشادة بما فعل، بل أكّد على أن ما فعله "كان يجب أن يقوم به الشيوخ قبل غيرهم"، وهو ما جعله يشعر بالفخر. كانت قنبلة صُنع الله التي ألقاها، ذات دويّ كبير في الأوساط الثقافيّة آنذاك بل جعلت القائمين على الملتقى فيما بعد يتخذون قرارًا بإلزام الفائز بإقرار كتابي بتسلّم الجائزة حتى لا تتكرّر واقعة صُنع الله التي أحرجت الدولة. موقف صنع الله لم يرق لبعض المثقفين الذين تساءلوا عن سبب طباعته رواية "شرف" في دار الهلال وهي إحدى مؤسسات الدولة التي اعترض على جائزتها، بل تساءل آخرون لماذا قَبِلَ جائزة سلطان العويس؟ وغيرها من الأسئلة التي لم يكن يُبالي بالرّد عليها، فهو مقتنعٌ بما فعل".[4][5][6]
ملخص الرواية
يسعى بطل الرواية إلى استرضاء اللجنة بشتى الطرق، حين يأتي دوره لمقابلة أعضائها، ويتهيأ لهذا اليوم الموعود. يدور النقاش بين بطل الرواية واللجنة وتتضح قوة وجبروت هذه اللجنة. يتحمل البطل كثيراً من التعنت والمهانة من اللجنة أثناء المناقشة، ولكنه يظل يسترضي أعضاء اللجنة التي تطلب منه البحث والكتابة عن شخصية عربية بارزة. يبدأ المهمة وأثناء بحثه يصل إلى "الدكتور" وهو شخص غامض، وهو أيضاً يقف وراء عديد من الأحداث الإقليمية والدولية.
يتوصل بطل الرواية إلى اكتشافات مثيرة وحلول الغاز كانت عصية على الحل، كما قادته رحلة البحث هذه إلى ارتكاب جريمة قتل.
جاء الهام هذه الرواية عند مثول صنع الله إبراهيم أمام لجنة مكونة من اثني عشر عضواً للقبول في المعهد السينمائي في روسيا. إذ فشل في إجراء المقابلة حينما طًلب منه أن يمثل، فعاد حزينا كئيبا وابتدأ بكتابة ملخص الرواية في صفحتين، واتضح له أنه متأثر بكافكا في رواية المحاكمة، واعتبر أن الاشتراك في التيمة من قبيل توارد الأفكار. إلا أن هذه الفكرة تحولت لمعالجة ظاهرة اللجنة الإمبريالية التي تحكم العالم.
مقتطفات من الرواية
بلغت مقر اللجنة في الثامنة والنصف صباحا، قبل نصف ساعة من الموعد المحدد لي. ولم أجد صعوبة في العثور على الغرفة المخصصة لمقابلاتها، وكانت في طرقة جانبية هادئة كابية الضوء، يقف أمامها عجوز في سترة صفراء نظيفة، تنطق ملامحه بالطمأنينة التي تغشى وجوه من يرفعون راية الاستسلام عندما يجدون أنفسهم في نهاية المطاف، فينسحبون من صخب الحياة والصراع الدائر على مظاهرها الفانية. أفضى إلي الحارس بأن أعضاء اللجنة لا يتوافدون عادة قبل الساعة العاشرة، ووجدت ذلك أمرا طبيعياً رغم أنه ضايقني، وندمت لأني التزمت بالموعد المحدد بالضبط فغادرت فراشي مبكر دون أن أنعم بقسط كاف من النوم.
لم يكن هناك مقعد غير الذي يجلس عليه الحارس فوقفت إلى جواره، ووضعت حقيبتي "السامسونايت" على الأرض، ثم قدمت إليه سيجارة وأشعلت لنفسي أخرى. كان قلبي يدق بعنف طيلة الوقت، رغم محاولاتي للتماسك والسيطرة على أعصابي، وكررت لنفسي أكثر من مرة أن اضطرابي سيفقدني الفرصة المتاحة لي، إذ سأعجز عن تركيز انتباهي، وهي ما أحتاج إليه بشدة في المقابلة القادمة.
ضقت بالوقوف بعد قليل، فحملت الحقيبة في يدي، ومضيت في الطرقة الطويلة حتى نهايتها. ثم استدرت عائداً وعينيا على باب الغرفة، خشية أن تكون اللجنة وصلت واستدعتني. لكن الحارس كان مايزال جالساً في مكانه، يحدق أمامه بدعة، وهو يحرك فمه الخالي من الأسنان كأنما يلوك شينًا وهميا".
يواصل الكاتب وصف حالة بطل القصة أثناء انتظار اللجنة، ثم يصف استجواب اللجنة له عن كل جوانب حياته، حتى سؤاله عن معرفة ويتابع الوصف ويكتب:
"تكلمت إحدى السيدات وهي عجوز وقور، كانت تجلس في أقصى اليسار، إلى جوار رجل بدين يرتدي سترة بيضاء ويضع ساقاً على ساق رافعاً رأسه إلى أعلى محدقاً في السقف كأنه ليس معنا. سألتني: هل تعرف الرقص؟ أجبت: أجل بالطبع. فتدخل الرجل القصير الغاضب قائلاً: أرنا إذن. سألته: أي أنواع الرقص؟
وأدركت أنى أخطأت بالسؤال، أي نوع من الرقص حقيقة، ما لو كان ثمة غيره. تصرفت بسرعة وبراعة طمعت في أن تشهدا لصالحي, فعندما لم أجد ما أحزم به وسطي، خلعت رباط رقبتي وعقدته حول خصري فوق عظام الحوض مباشرة، حيث يتمتع الجسم بمرونة بالغة، وراعيت أن أجعل العقدة على الجانب، كما تفعل الراقصات المحترفات. وسرعان ما اكتشفت أن لهذا الوضع ميزة كبرى، فهو يكاد يفصل البطن عن الردف ويعطي لكل منهما قدرة كبيرة على الحركة المستقلة. وانطلقت أهز وسطي وأنا أرفع كعبي قدمي قليلا عن الأرض تطلعا إليهما من فوق كتفي، بينما أشرعت ذراعي إلى أعلى، وشبكت يدي فوق رأسي، ورقصت في حماس بعض الوقت، بل حاولت أن أطرقع بأصابع يدي بعد أن ضممت سبابتيهم.
وكنت منهمكا في ذلك فلم أعرف انطباع الأعضاء. تكلم الرئيس الذي لا يسمع ولا يرى فجأة قائلاً وهو يلوح بيده: "كفى". عندئذ مال أحد العسكريين، الذي كاد وجهه يختفي تماما خلف عوينات سوداء كبيرة، وخاطبني قائلاً: إننا نعرف من الأوراق التي أمامنا كل شيء تقريبا عنك، لكن هناك شيء واحد ما زلنا نجهله، وهو أين كنت في ذلك العام، فهل لك أن تخبرنا ؟
تشاغلت بنزع رباط عنقي عن خصري وعقده حول رقبتي وأنا أفكر بسرعة في العام الذي يعنيه. ففي حدود معرفتي بلغة اللجنة، لم يكن اسم الإشارة الذي استخدمه يشير إلى العام الذي نحن فيه. وطالما أنه لم يذكر عاماً بعينه، فلا بد أنه تعمد ذلك وبهذا يكون الأمر شركا نصب لي، خاصة وإني لا أتصور أن يكون ثمة نقص في التقارير المرفوعة عني".
يستمر الاستجواب بأسئلة هزلية تصل إلى حد سؤاله مثل هذا السؤال:"هنا تقرير يقول إنك لم تتمكن من ممارسة الجنس مع سيدة معينة، والتقرير لا تشوبه شائبة، فقد رفعته نفس السيدة التي تعرضت لهذا الموقف. فما تفسيرك له ؟
يقوم أعضاء اللجنة بتحريات عن بطل الرواية، وأيضا الكشف عن خبايا نفسه وجسمه، وفي ذلك كتب الكاتب:
ولم يلبث الأشقر أن طلب مني أن أستدير وأعطيه ظهري، ثم أمرني أن أنحني، وشعرت بيده على آليتي العارية، وأمرني أن أسعل، وعندئذ شعرت بأصبعه داخل جسدي. اعتدلت واقفاً بعد أن سحب الرجل أصبعه وعدت أواجههم فرأيت الرجل الأشقر يتطلع إلى الرئيس قائلاً في انتصار: ألم أقل لكم. ابتسم العجوز لأول مرة، وانطلق الجميع يتكلمون في وقت واحد.
تنتهي مقابلة البطل مع اللجنة ويكتب صنع الله:
"انقضت عدة شهور على المقابلة التي جرت لي مع اللجنة تناوبتني خلالها مشاعر اليأس والرجاء. فكنت أستيقظ في الصباح بثقة مطلقة في أن قرارها سيكون لصالحي، ولا تمضي ساعات إلا ويكون الشك قد راودني، فاسترجع وقائع المقابلة لحظة بلحظة، وعندئذ يستولي علي هبوط بالغ، أو أقع فريسة ليأس مطبق".
يواصل الكاتب قائلاً: "كنت أهم بتناول عشائي ذات مساء عندما وصلتني منها برقية أثارت حيرتي، فبدلا من دعوة للحضور، أو بلاغ وجيز بالقرار النهائي، طالعتني هذه الكلمات: "ننتظر دراسة عن ألمع شخصية عربية معاصرة" .... اتجه اهتمامي بعد ذلك إلى دراسة البرقية بحثاً عن الفخاخ التي اشتهرت اللجنة بها. فوجدتها حافلة بالعديد منها. فهي لم تحدد زمناً لهذه الدراسة ولا حجماً لها. فلا أعرف إذا كان المطلوب عجالة سريعة مثل ما ينشر في الصحف، أو بحثاً أكاديمياً في مئات الصفحات. كما أنها لم تحدد المقصود باللمعان، أهى الشهرة ؟ أم تحقيق إنجازات معينة ؟ وأي نوع من الإنجازات؟ لم يكن من الممكن الاستفسار من اللجنة.
يتطرق الكاتب لأبحاث بطل الرواية عن الشخص المطلوب عمل الدراسة عنه، أهو سياسي أو فنان أو راقصة ... إلخ، وتقع عيناه على صورة شخص في الصحف يرتدي حلة لامعة، ويطلق عليه اسم "الدكتور"، ويقرر بطل الرواية أن الدكتور هو الشخص المطلوب إجراء البحث عنه. على مدار فصول الرواية يقوم بطلها بأبحاثه في الصحف والكتب ويعرف أسراراً كثيرة في مجالات شتى. يدق بابه يوماً رجال وسيدات اللجنة، ويكتشف أنهم كلهم عسكريين جاءوا للاطلاع على نتيجة أبحاثه، ويرحلون عنه بعد أن تركوا أحدهم يقيم معه وهو يحمل سلاحا كان يخفيه في ملابسه، لا تغفل عينه عن مراقبة بطل الرواية حتى أنه يرفض أن يغلق باب الحمام عليه، وينام معه على نفس الفراش.
يذهب البطل إلى مقر اللجنة ويجدهم في حالة حداد على فقد أحد الأعضاء، لا بد أنه من كان يقيم مع البطل في مسكنه، ونعرف أنه قتل على يد البطل الذي كان يدافع عن نفسه، حيث إنه كان مهددا بالقتل. وبعد تشاور أعضاء اللجنة يكون الحكم عليه بأقصى عقوبة، وحيث أن بطل الرواية لا يعرف ما هي أقصى عقوبة، فقد ذهب إلى الحارس وسأله. ويكتب صنع الله إبراهيم:
"قال: في حالتك أنت التي تابعتها باهتمام ليس هناك أقصى ولا أقسى من الأكل. ساءلت في دهشة: الأكل ؟ من يأكل وماذا يأكل ؟
تأملنى برهة ثم قال بتؤدة وهو ينحني ليرفع مقعده: أنت تأكل نفسك".
تنتهي الرواية وبطلها يعيد ترتيب أفكاره، ويكتب الكاتب:
"عندما استعرضت تفاصيل المقابلة الأخيرة، ندمت على تخاذلى، وعلى أنى فقدت أمام جماعة اللجنة الذلاقة والجرأة اللتين لازمتاني في تعاملي مع أشخاص منفردين مثل القصير، وعملاق الاتوبيس، والطبيب.
شغلني تعليل هذه الظاهرة حتى رأيت بعد امعان أن جذورها تضرب بعيدا في الماضي منذ أول امتحان خضته وعمري بضع سنوات، وكل مرة بعده، وقفت عارياً أمام الأعين الباردة اللامبالية لأشخاص ذوي بطش، ينتمون إلى عوالم مختلفة عن عالمى، وتجري حياة كل منهم في مدار مستقل لا يتوقف بأى شكل على نتيجة المواجهة القائمة بينى وبينهم، عكس الأمر بالنسبة لي .... تمنيت لو وقفت أمام أعضاء اللجنة من جديد لأسمعهم كلمتى، وتخيلت نفسي أواجههم في ثقة، فمضيت أنتقى عباراتي في دقة وعناية، وجرفتني الرغبة فقمت من فوري، ووضعت شريطاً خالياً في المسجلة، وأقمتها فوق المكتب، ثم وقفت أمامها كما لو كانت لجنة. تردد صوتى قويا ثابتا في الغرفة الخالية وأنا أقول لقد إرتكبت منذ البداية خط لا يغتقر فقد كان من واجبي لا أن أقف أمامكم وإنما أن أقف ضدكم ذلك أن كل مسعى ذليل على هذه الأرض يجب أن يتجه للقضاء عليكم. وأسارع فاقول أني لست من السذاجة بحيث اتصور أن هذا الهدف لو تحقق سيكون نهاية المطاف، إذ من طبيعة الأمور أن تحل مكانكم لجنة جديدة، ومهما كان حسن نواياها وسلامة أهدافها فلن يلبث الفساد أن يتطرق اليها، وتصبح عقبة بعد أن كانت علامة، ويتحتم ازالتها بعد فترة من الوقت، طالت أم قصرت ....
مضيت أنصت للموسيقى التي ترددت نغماتها في جنبات الحجرة، وبقيت في مكاني مطمئناً منتشياً، حتى إنبلج الفجر، عندئذ رفعت ذراعي المصابة إلى فمي وبدأت آكل نفسي.[7][8][9][10]
رواية اللجنة مصورة
قام فنان القصص المصورة الفرنسي، والصحفي بجريدة "لوموند" توماس آزويلوس بزيارة لمصر وعثر عن طريق الصدفة على نسخة مترجمة إلى الفرنسية من رواية "اللجنة"، وأثارت اهتمامه وبدأ في رسم رواية مصورة مستوحاة من رواية صنع الله. قام آزويلوس بالبحث في رواية صنع الله إبراهيم عن الوجوه التي تمثل طبقات المجتمع المصري، على مدى ثلاثين عاماً، منذ وصول الرئيس الراحل حسني مبارك للحكم وحتى قيام ثورة يناير عام 2011.
احتفظ توماس آزويلوس ببعض الخيوط الرئيسة في رواية صنع الله إبراهيم متخذاً منها محركاً للأحداث والوقائع المتفرقة التي تجمعها تواريخ ذات دلالة هامة، كحادث اغتيال السادات، ثم تولي حسني مبارك الحكم، ثم إضرابات عمال النسيج عام 2010، إلى أن يصل إلى ثورة يناير 2011. تحمل الرواية المصورة سخرية لاذعة، كما تحتفظ بالإطار الخيالي نفسه الذي تتسم به رواية صنع الله إبراهيم، لكنها تحدث تطورا في تتبع الأحداث.
بطل الرواية المصورة هو الشاب "سعيد" يظهر في البداية كصاحب محل حلويات، ويُطلب منه أن يصنع بعض الحلوى للرئيس الجديد، الذي سمع بمهارته ويرغب في تذوق "البسبوسة" التي يشتهر بها المحل. ويطلب سعيد مقابلة اللجنة، ويقابل طلبه بغضب شديد، وتبدأ ملاحقته، لكنه يختفي سريعاً في غموض.
تتكرر نفس الحادثة حين يظهر سعيد مرة أخرى في شخصيات جديدة (صانع نسيج - محاسب في شركة قطاع الأعمال - عضو في إدارة مؤسسة حكومية). يتفنن الرسام الفرنسي في تقديم بعض التفاصيل الدالة في رواية صنع الله إبراهيم في هيئة مشاهد مرسومة ومتتابعة ليبقي على روح الرواية الأصلية في صور مرسومة بالأبيض والأسود.
علق موقع "إندبندنت عربية" على هذه القصة المصورة فقالت: "تعكس هذه الترجمة لعمل من أعمال القصص المصورة (كوميكس) رغبة مُلحة لتقديم هذا الفن إلى الجمهور المصري والعربي، وهي رغبة تصطدم بالعديد من العراقيل، لا يمثل نقص الكفاءات والخبرات إحداها في أغلب الأحوال، فهناك عديد من المحاولات والتجارب التي ظهرت إلى حيز الوجود في سوق النشر العربي فيما يخص القصص المصورة، واستقبلت هذه المحاولات عند ظهورها بترحيب لافتا. العقبة الرئيسة هنا أمام انتشار هذا النوع الأدبي عربياً ربما تتمثل في تكلفة هذا المحتوى مقارنة بغيره من الأنواع الأدبية الأخرى، ما يقف حائلاً دون انتشاره شعبياً، وهو الأمر الذي يحول دون اختراقه لسوق النشر، ووصوله بالتالي إلى أيدي الشريحة الأكبر من القُراء العرب الذين لم يعتادوا التعاطي مع مثل هذه الأنواع الأدبية المعتمدة على الصورة".[11]
نقد وتعليقات
يري محمود أمين العالم في دراسته "ثلاثية الرفض والهزيمة"، أن "اللجنة أقرب ما تكون إلى السلطة الأجنبية التي لها تواجدها بل سلطانها في مصر، وهي أقرب ما تكون إلى قوة شبه سرية مباحثية مخابراتية أجنبية، بل تكاد تكون أمريكية على وجه التحديد، وتبقى دراسة العالم حول الرواية من بدايتها حتى نهايتها مكرِّسة هذا الرأي.[12]
كتب جميل حمداوي على موقع "ملاحق المدى" في 11 أغسطس 2015: "اللجنة هنا بمثابة جهاز مخابرات سرية تقوم باستنطاق المواطنين الغيورين على بلدهم، وتطرح عليهم مجموعة من الأسئلة والأبحاث لمعرفة هويتهم وحقائقهم الذهنية والوجدانية. وبالتالي، فاللجنة نظام للمحاسبة والمكاشفة السياسية ورمز للتعذيب الإنساني واستمرار للسجن ومصادرة حقوق الإنسان ... نجد صورة واقعية رسمت بتشكيل كاريكاتوري ساخر تبين أعضاء اللجنة وهم يستنطقون إنسانا عاريا ومهانا في كرامته وفي حقوقه الفطرية الطبيعية بطريقة عسكرية قائمة على القمع وفرض السلطة بالقوة والعنف والتهديد الإجباري ... تدين هذه الرواية ذات الطبيعة السياسية الحقوقية الساخرة أجهزة القمع التي تصادر حقوق الإنسان وتمرغ كرامة المثقفين المناضلين و الفاعلين العضويين بمفهوم أنطونيو غرامشي في وحل الإهانة والعبث بشرفهم وآدميتهم الطبيعية ... تعتمد رواية اللجنة على بطل إشكالي بمفهوم لوسيان غولدمان يعاني من التمزق بين الذات والموضوع. وبالتالي، لم يستطع التكيف مع الواقع، وينتهي به الأمر إلى الفشل والتآكل عندما يختار القوة والعنف والرغبة في المغامرة سعيا وراء إحقاق الحق وإبطال الباطل".
كتبت الناقدة المصرية سيزا قاسم أن الرواية تطرح مشكلة مهمة هي حق الإنسان في المعرفة أو مشكلة المعرفة في المجتمع العربي المعاصر... فلا شك أن تزييف المعرفة وحجبها، وفرض منظور الأيديولوجية السائدة على المجتمع من خلال ما يمكن أن تسميه القمع المعرفي، من المشكلات الجوهرية التي يعاني منها المجتمع ومن ثم فقد أخذ الأدب علي عاتقه أن يفضح هذا الزيف وأن يكشف النقاب عن الحقيقة"،[13] وواصلت الناقدة سيزا قائلة: "طبيعة وشكل المفارقة عند صنع الله إبراهيم، الذي يصنع بداية مسافة بينه وبين المادة القصصية التي يقدمها، وتتولد المفارقة من المادة نفسها وطريقة تقديمها، وهو ما يعرف بالمفارقة اللاشخصية. وهو أسلوب لا تخلو منه جميع أعمال صنع الله إبراهيم، وإن كانت الكاتبة توقفت عند بعضها، مثل "اللجنة".[14]
كتب عادل الجوجري على موقع "مصرس" في 5 يناير 2010: "يلاحظ أن شخصيات الرواية فارغة من حيث الدلالة وسديمية بلا معنى ومعدومة الجوهر، إنها لا تحمل اسماً أو علما على غرار روايات كافكا والرواية الجديدة التي حولت الشخصيات الروائية إلي حشرات وأشياء وأرقام بلا هدف ولامقصديه. ولاتحمل هذه الشخصيات سوى بعض الألقاب القائمة علي التعظيم (الدكتور) أو التقبيح والتشويه (القصير)، وهذا يعني أن الإنسان لم يعد له قيمة تذكر في عالم الاستبداد والقمع والتشييء الليبرالي. وبالتالي، فالرواية هي تصوير للمحاضرة المعرفية والشخصيات المثقفة المناضلة بطريقة ساخرة من الواقع العربي المتردي على جميع المستويات والأصعدة".[13]
كتبت بديعة الطاهري على موقع وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية: "تحدد منذ البداية علاقة غير متكافئة بين السارد (الشخصية) واللجنة ... تبدو الشخصيات في اللجنة هجينة تفتقد إلى الركائز الأساسية التي تجعلها تنتمي إلى هذا الصنف أو ذلك ... تأتي الرواية لتفضح الهيمنة الخارجية على مصر خاصة، وعلى العالم العربي الذي يتبرك في أعتاب الهيمنة الأمريكية عامة. وهي هيمنة تتحدد في جميع المستويات فكرية وثقافية وسياسية يترجمها الوجود النصي للجنة المكونة من شخصيات عسكرية وأجنبية لا تتواصل باللغة العربية، فضلا عن معرفتها بأدق تفاصيل الشخصيات الماثلة أمامها، (السارد نموذجا لذلك). تتجلى هذه الهيمنة على المستوى النصي في أحداث أخرى يحينها السارد، إذ يخبرنا مثلا كيف لازمه الضابط في بيته يراقبه في أدق التفاصيل حتى خلال اللحظات الحميمية، حاملا معه سلاحه. فضلا عن أن ذلك لم يكن اختياريا بالنسبة له. تتحدد معالم هذه الهيمنة على المستوى الثقافي أيضا انطلاقا من هذا التوجيه الذي تفرضه اللجنة على مستوى اقتراح المواضيع، ثم من إلمامها بمعطيات تخص السارد ومعرفته التي هي جزء من معرفة المجتمع ... استطاع هذا النص عبر لغة رصينة، لكنها هادفة، أن يترجم عنف الواقع بطريقة ساخرة تبتعد عن التقريرية المباشرة".[15]
كتب فايز عثامنة على موقع المنظومة تحت عنوان "السيرة الذاتية صانعة للرواية": "إنها تنبني على شبكة معقدة من العلاقات الشخصية، تحدث عنها الكاتب في تفسيره الظواهر السياسية والاجتماعية المعقدة، وربما كانت الرواية تفسيراً لعلاقات كثيرة بين مختلف الظواهر؛ ويحسن تحليل تفسير مختلف العلاقات التي تربط بين عناصر الرواية فيما بينها، والعلاقات التي تربط بين الرواية كاملة، ومجالات أخرى ليست غريبة عنها. اختير المنهج النفسي؛ لتحليل شخصية السارد، عن طريق الشعور واللاشعور؛ لتبيان الجوانب الظاهرة والخفية معًا وما نتج عنهما، وما انتاب الذات من قلق وكبت وقهر ودونية. ومن الجدير بالذكر أن عموم هذه النواتج الشخصية الذاتية، هدف إليها الباحث لربطها ببنية النص الروائي المنتج بمقاربة سردية، وحصل بتداخل تلك العناصر ببعضها، بناء هيكل الرواية بصورة منتظمة، وهو ما جعلها مغايرة في طرحها عن الروايات الأخر".[16]
جاء على موقع وكالة وطن 24 في 20 أبريل 2017: "اللجنة" رواية قصيرة، فهو لن يحدثك عن الشخصيات كثيرا ولن يحكى لك شئ عنها، لكنك ستسير معه في محور واحد من خلال البطل حتى تجد عالما بالغ الثراء ... هي هجاء ساخر لسياسة الانفتاح في عهد السادات، وفيها يخلق صنع الله إبراهيم عالما خاصاً بالرواية ... يتوصل بطل الرواية فيها إلى حقائق مدهشة غائبة عن المواطن العادي ... تمتلئ بأمور تتجاوز الرواية وبطلها ومصيره إلى النظام العالمي وتآكل الهوية وسيطرة الشركات العالمية والنخب الحاكمة على مصير شعوب العالم الثالث".[12]
كتب أحمد فرح على موقع المجلة الشهرية "الكلمة": "احتفاظ العنوان بمؤشر ذي طبيعة تيمية، تتوفر على قابلية الإيحاء بوجود تيمة محددة في النص، يمكن اختبارها والتأكد من درجة قدرتها الإحالية في مضمار القراءة وحسب نوعية التأويل؛ فكأن الكاتب يريد من البداية أن يرسم للقارئ دليل السير الممكن للتحرك في مسار كتابته من منطلق أفقي قبل الولوج إليها عموديا ... يتميّز الخطاب السردي في رواية "اللجنة" بخصوصيته التي تتمثّل في تعدّد صيغه الخطابية ومن ثم تعدّد خطاباته ... تتجلّى في صيغ ثلاث رئيسية هي: صيغ الخطاب المسرود، والخطاب المعروض، والخطاب المنقول ... وظف الكاتب في روايته أنماطا أسلوبية جديدة تستند إلى استعمال قصاصات من أنباء الصحف والمقالات والإعلانات الإشهارية لإضفاء الواقعية والموضوعية على الرواية، إلى جانب استعمال أسلوب الريبورتاج التسجيلي الصحفي، واستخدام الصور الكاريكاتورية الساخرة القائمة على السخرية والمفارقة، وتنويع الأساليب والأصوات الإيديولوجية ... يمكن أن نصف رواية "اللجنة" بأنها رواية كشف ذاتي وبوح سري؛ لهذا كان بدهيا أن تقدم الأحداث فيها من خلال منظور الرؤية المصاحبة، حيث معرفة الكاتب مساوية للشخصية الرئيسة في الرواية. ومن ثم، فالتبئير داخلي في هذا العمل السردي. ومنه تنطلق الرؤى المغايرة الأخرى لتشكل ظلال جزئية تضرب على الإيقاع الرؤيوي المصاحب".[17]
كتب الموقع الأردني "حبر" في 10 مارس 2010: "لا سبيل لنا لمعرفة من هي اللجنة على وجه التحديد، وعلى الرغم من الرمزية العالية في محتوى هذه القصة، يمكننا القول بأن اللجنة مثلت بلا شك سلطة حاكمة من الطراز الثقيل. فلربما هي هيئة مخابرات محلية كما حلل بعض النقاد، ولكنها أيضا تشبه الوزارات الحكومية، ولم يستبعد بعضنا أن تكون منظمة عالمية تحكم وتتحكم عن بعد وبشيء مضلل من السرية. اللجنة على رأي بعضنا أيقونة يومية؛ أصبح المواطن العربي يألفها في كل حديث يهدف لثنيه عن رأيه، تفكيره، منطقية حواره، لتأكيد ضعف موقفه بأن اللجنة "تمنع، لا تعتقد، لا توافق، تريد، لا تريد". تبرز تهميش المواطنين حتى أكثرهم كفاءة".[18]
المصادر
- "تحميل كتاب اللجنة ل صنع الله ابراهيم pdf"، كتاب بديا، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "اللجنة"، www.goodreads.com، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "أزمة لا تموت.. سجال بين مثقفين حول رفض صنع الله ابراهيم جائزة ملتقى الرواية"، اليوم السابع، 31 أكتوبر 2019، مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "صنع الله إبراهيم الروائي المـشاكس وصانع الأزمات"، الناقد العراقي، 23 أبريل 2017، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "الكاتب المصري صنع الله إبراهيم يرفض جائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية,"، archive.aawsat.com، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- Limited, Elaph Publishing (23 أكتوبر 2003)، "لأنها صادرة من حكومة فاقدة لمصداقية منحها: صنع الله إبراهيم يرفض جائزة الرواية مفجرا قنبلة من العيار الثقيل"، Elaph - إيلاف، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "تحميل و قراءة رواية اللجنة - كتب PDF"، مجلة الكتب العربية - كتب و روايات، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- FoulaBook-مكتبة فولة، تحميل كتاب اللجنة تأليف صنع الله إبراهيم pdf، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2022.
- "تحميل كتاب اللجنة - رواية pdf لـ صنع الله ابراهيم - مكتبة طريق العلم"، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- نور, مكتبة، "تحميل كتاب اللجنة PDF"، www.noor-book.com، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- في-شريط-مصور-بالفرنسية ""اللجنة" لصنع الله إبراهيم في شريط مصور بالفرنسية"، اندبندنت عربية، 16 أبريل 2021، مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
{{استشهاد ويب}}
: no-break space character في|مسار أرشيف=
في مكان 121 (مساعدة) - الاخبارية, وكالة وطن 24، "استعدادا لـ تحويلها فيلما سينمائيا.. تعرف على رواية اللجنة لـ صنع الله إبراهيم"، وكالة وطن 24 الاخبارية، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "هل دافعت الرواية عن حقوق الإنسان العربي؟"، مصرس، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "«روايات عربية… قراءة مقارنة» للمصرية سيزا قاسم… رؤية جديدة لروايات معاصرة"، القدس العربي، 30 نوفمبر 2020، مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "بديعة الطاهري: عنف المتخيل والواقع قراءة في رواية" اللجنة " لصنع الله إبراهيم – وزارة الثقافة"، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "بحث"، search.mandumah.com، مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "مجلة الكلمة - تمظهرات الخطاب السردي في رواية «اللجنة» لصنع الله إبراهيــم"، alkalimah.net، مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
- "مراجعة لكتاب صنع الله ابراهيم: اللجنة"، 7iber | حبر (باللغة الإنجليزية)، 10 مارس 2011، مؤرشف من الأصل في 14 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 17 مايو 2022.
وصلات خارجية
https://www.noor-book.com/book/review/14462 اللجنة (رواية)
https://www.goodreads.com/ar/book/show/3658363 اللجنة (رواية)
https://elaph.com/Web/Archive/1066894401610947700.html اللجنة (رواية)
https://www.wattan24.com/OldNews.php?app=article.show.38303 اللجنة (رواية)
https://www.youtube.com/watch?v=IrZJ_eM_k0Q اللجنة (رواية)
https://www.youtube.com/watch?v=Bgf1kAA54-I اللجنة (رواية)
- بوابة أدب عربي
- بوابة مصر
- بوابة القرن 20