لوبركاليا

اللوبركاليا[1] (أو مهرجان الخصب) (بالإنجليزية: Lupercalia)‏ هو مهرجان سنوي كان الرومان يقيمونه من الثالث عشر إلى الخامس عشر من شهر شباط تكريماً للوبركوس [الإنجليزية] إله الحقول والقطعان، وذلك بغيةَ ضمان «الخصب» للناس والقطعان والحقول.[2] وهو مهرجانٌ رعوي قديم، ربما يرجع إلى ما قبل العصر الروماني.[3] ويُعتبر أحد أشهر المهرجانات الرومانية وأكبرها الذي تصاحبه طقوس جنسية وعربدة وسُكرٍ، والذي كان قد استمرت إقامته وإحياؤه حتى مع بدء ظهور المسيحية. وهُناك زعم ينسُبُ سبب ظهور عيد الحب في العصر الحديث لهذا المهرجان القديم.[4][5] ويُقام المهرجان عند كهف أو عرين لوركال في سفح جبل أفنتين المُقدس، ويذهب بعض الباحثين إلى أنَّ اللوبركال هو المكان الذي كانت تُرضع فيه الذئبتان رومولوس وريموس. ويُضحى بكبشين وكلب كقرابين للإله - أما الكبش أو الماعز فسبب التضحية به إلى أنَّ الإله بان له قدم الماعز وحوافره. أمَّا الكلب فيرجع إلى أنَّه يُوصف عادةً بأنَّه حارس حارس للغنم.[6][7][8]

لوبركاليا
 

لوبركاليا الاسم يعني الذئب. رأس الذئب البرونزي، القرن الأول الميلادي.

يُقام المهرجان سنويًا تحت إشراف مجموعة من الكهنة تسمى اللوبرسي.[9][6] أصول المهرجان غير واضحة، على الرغم من أن الاشتقاق المحتمل لاسمه من lupus الذئبة (اللاتينية: "wolf" الذئب) وقد اقترح ارتباطًا مختلفًا بإله قديم كان يحمي القطعان من الذئاب وبالذئب الأسطوري الذي رعى رومولوس وريموس. كطقوس للخصوبة، يرتبط المهرجان أيضًا بالإله فاونوس.[9]

حيثيات المهرجان

الطقوس والمعنى

مهرجان لوبركاليان في روما (حوالي 1578–1610)، رسمته دائرة آدم إلشايمر، يظهر فيه اللوبرسي يرتدون زي كلاب وماعز، مع كيوبيد وتجسيد للخصوبة.

كان الكهنة في عید لوبركاليا المخصص للإله فاونوس يضربون النساء عمدًا بسياط من جلود الحيوانات المضحى بها؛ لتطهيرهن ولزيادة وتعزيز قدرتهن الإنجابية.[10] وكان اللوبرسي (بالإنجليزية: Luperci)‏، وهم كهنة المهرجان لا يلبسون شيئًا ما عدا بعضًا من جلود الماعز التي يغطون بها مناطقهم الحساسة، يُهرولون حول تل البلاتين يدعون الإله فاونوس أنْ يُبعِدَ عنهم الأرواح الشريرة، ويضربون وهم يُهرولون مَن يلقون من النساءِ بسياطٍ من جلود الحيوانات المُضحى بها ليطهرونهُنَّ ويزيدوا في قدرتهنَّ على إنجاب الأبناء، ثمَّ يُلقون بعد هذا بدمى مصنوعة من القشِّ في نهر التيبر؛ لاسترضاء إله النهر، ولعلَّ هذا الإله في الأيام التي كانت أكثر همجية كان يتطلب أن تُلقى فيه أضحيات بشرية.[11][8][4] كانت تجري احتفالات اللوبرکالیا في الخامس عشر من شباط وهي من بين أهم الاحتفالات في التقويم الروماني. وكانت تهدف إلى التطهر. حيث يضحي بالماعز أنثى وذكرًا، وربما بالكلاب أيضا. وبعد التضحية بالحيوانات كان يساق شابان إلى المذبح، فیلمس الكهنة حواجبهما بسكاكين يقطر منها الدم ويمسحونها بحشوة صوفية مشبعة بالحليب ينفجر بعدها الشابان بالضحك. ثم يؤدي كهنة لوبرسي، نصف عراة وملفوفين فقط بجلد الماعز المضحى بها، طقوسا تمد خلالها النساء اللواتي يرغبن بأن يحملن أيديهن ويدرن ظهورهن کي تُساط بجلد الماعز.[8]

يقدم أوفيد شرحًا مسلياً لعري اللوبرسي. فقد فاجأ فاونوس ذات يوم هرقل وأومفاله [الإنجليزية] نائمين في كهف. أمل فاونوس في أن يستغل المرأة الشابة النائمة، ولكن الحبيبين كانا قد تبادلا بمرح ثوبيهما. لم يلحظ فاونوس هذا في العتمة، ومخدوعًا بنعومة الثوب الذي كان يرتديه هرقل اقترب منه بدلا من أو أومفاله، فرُدَّ بفظاظة كما من الممكن أن نتخيل. ولتجنب مثل هذه البلية في المستقبل أصر فاونوس على أن يبقی کهنته عراة عند احتفالهم بمهرجانه.[8]

حظر المهرجان

قيصر يرفض الإكليل (1894)، عندما قدمه مارك أنتوني خلال عيد اللوبيركاليا.

تشهد أوصاف مهرجان اللوبيركاليا لعام 44 قبل الميلاد على استمراريته؛ استخدمها يوليوس قيصر كخلفية لرفضه العلني (ربما على مراحل) للتاج الذهبي الذي قدمه له مارك أنتوني.[12][13] على الرغم من حظر جميع الطوائف والمهرجانات غير المسيحية في عام 391، فقد تم الاحتفال باللوبيركاليا من قبل السكان المسيحيين اسميًا بشكل منتظم في عهد الإمبراطور أناستاسيوس. ادعى البابا جيلاسيوس الأول (494-96) أن «الرعاع الحقراء» فقط هم من شاركوا في المهرجان[14] وسعى لإلغائه بالقوة. احتج مجلس الشيوخ على أن اللوبيركاليا كان ضروريًا لسلامة روما ورفاهيتها. أثار هذا الاقتراح جيلاسيوس فسخر منه قائلاً بأنه «إذا تم تأكيد أن هذه الطقوس لها قوة مفيدة، فاحتفلوا بها بأنفسكم على غرار أسلافكم؛ اركضوا عراة لكي تكونوا محط سخرية بشكل صحيح».[15]

لم تحظر اللوبيركاليا إلا في العام 494 ميلادي من قبل البابا جيلاسيوس الذي استبدلها باحتفال على شرف التطهير الطقسي للعذراء [الإنجليزية].[8][15] لا يوجد دليل معاصر يدعم المفاهيم الشعبية القائلة بأن جيلاسيوس ألغى لوبركاليا، أو أنه هو أو أي أسقف آخر استبدلها بعيد تطهير السيدة العذراء مريم.[16] وتعود العلاقة الأدبية بين اللوبيركاليا والعناصر الرومانسية لعيد القديس فالنتاين إلى تشوسر والتقاليد الشعرية للحب نبيل.[17][18][19]

المراجع

  1. أمين سلامة (الطبعة الثانية 1988)، معجم الأعلام في الأساطير اليونانية والرومانية، ص 275: مؤسسة العروبة. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)صيانة CS1: location (link)
  2. اللوبركاليا؛ مهرجان الخصب - موسوعة المورد، منير البعلبكي، 1991 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  3.  واحدة أو أكثر من الجمل السابقة تتضمن نصاً من منشور أصبح الآن في الملكية العامة: تشيشولم, هيو, المحرر (1911)، "Lupercaliaموسوعة بريتانيكا (باللغة الإنجليزية) (ط. الحادية عشر)، مطبعة جامعة كامبريدج، ج. 17، ص. 126.
  4. "8 Facts About Lupercalia—the Ancient Festival Full of Whippings and Ritual Sacrifice"، www.mentalfloss.com (باللغة الإنجليزية)، 30 يناير 2019، مؤرشف من الأصل في 08 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 24 يناير 2021.
  5. فرنسين، صوت في الريح، ص 24: ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2021.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: location (link)
  6. إمام عبد الفتاح إمام، معجم ديانات وأساطير العالم، ص 348، ج. المجلد الثاني.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: location (link)
  7. حنا عبود، موسوعة الأساطير العالمية، ص 517: دار الحوار.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: location (link)
  8. فراس السواح (2017)، موسوعة تاريخ الأديان: اليونان وأوروبا قبل المسيحية (ط. الطبعة الرابعة)، ص 277: تكوين، ج. الثالث.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: location (link)
  9. "Lupercalia | ancient Roman festival"، Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 24 يناير 2021.
  10. فاضل؛ أنصاري، العبودية الرق والمرأة بين الإسلام الرسولي والإسلام التاريخي، ص 161: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، 2001.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: location (link)
  11. محمد علي، حضارة الرومان.
  12. Roller, Duane W. (2010). Cleopatra: a biography. Oxford: Oxford University Press. (ردمك 9780195365535), p. 72. نسخة محفوظة 2020-10-29 على موقع واي باك مشين.
  13. Christian Meier (trans. David McLintock), Caesar, Basic Books, New York, 1995, p.477.
  14. ad viles trivialesque personas, abiectos et infimos. (Gelasius)
  15. Gelasius, Epistle to Andromachus, quoted in Green (1931), p. 65.
  16. Green, William W., "The Lupercalia in the Fifth Century", Classical Philology, Vol. 26, No. 1 (Jan., 1931), pp. 60-69, published by The University of Chicago Press, available at جايستور (subscription required), Stable URL: https://www.jstor.org/stable/264682 نسخة محفوظة 2021-01-25 على موقع واي باك مشين.
  17. Henry Ansgar Kelly (1986), in "Chaucer and the Cult of Saint Valentine" (Leiden: Brill), pp. 58-63
  18. Michael Matthew Kaylor (2006)، Secreted Desires: The Major Uranians: Hopkins, Pater and Wilde (ط. electronic)، جامعة ماساريك (re-published in electronic format)، ص. footnote 2 in page 235، ISBN 978-80-210-4126-4، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2021
  19. Jack B. Oruch, "St. Valentine, Chaucer, and Spring in February" Speculum 56.3 (July 1981:534–565)
  • بوابة مناسبات
  • بوابة روما القديمة
  • بوابة الأساطير
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.