المحمل المصري
المحمل هو الموكب الذي كان يخرج من مصر كل عام حاملاً كسوة الكعبة، وظل هذا المحمل يخرج منها منذ عهد شجرة الدر والمماليك حتى بداية منتصف الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي.
بداية كِسوة الكعبة
قد يعتقد البعض أن نبي الله إسماعيل نجل أبي الأنبياء إبراهيم «عليهما السلام» هو أول من كسا الكعبة ولكن هذه المعلومة تعوزها الدقة؛ لأنه ليس من الثابت تاريخيا من الأساس ما إذا كان إسماعيل عليه السلام كساها جزئياً أم لم يكسها، على اعتبار أنه لم يؤمر بذلك. ولكن من الثابت تاريخياً أن الملك اليمني اسعد تبع أبي كرب ملك حمير، هو أول من كسا الكعبة المشرفة بشكل كامل في العام 220 قبل هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
ثم أخذت قريش فيما بعد تتولى هذه المهمة وكانت أموال كِسوة الكعبة تتحملها بطون قريش الكبري باعتبار أن الكعبة رمز ديني يجلب لهم الحجيج من جميع أنحاء الجزيرة ويُنشط حركة التجارة ويحفظ لقريش مكانتها الدينية. وكان ذلك يتم في يوم عاشوراء. وبعد فتح مكة وفي أول عام يحج فيه المسلمون وهو العام التاسع من الهجرة، أصبحت كِسوة الكعبة مهمه بيت المال في المدينة المنورة.
ومن الخطأ الاعتقاد بأن دور مصر في كِسوة الكعبة بدأ فقط مع الخلافة الفاطمية التي اتخذت القاهرة عاصمة لها، بل بدأ قبل ذلك بقرون في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان يوصي بكِسوة الكعبة بالقماش المصري المعروف بالقباطي الذي اشتهرت الفيوم بتصنيعه. والقباطي نسبة إلى قبط مصر. وكان المصريون ماهرين في نسج أفضل وأفخر أنواع الثياب والأقمشة.
خروج المحمل
كان المحمل يطوف الشوارع قبل الخروج إلى الحجاز. وكان يصاحب طوافه العديد من الاحتفاليات ، كتزيين المحلات التجارية والرقص بالخيول. وكان والي المنطقة التي يخرج منها المحمل أو نائب عنه يحضر هذا الحدث بنفسه أو يرسل من ينوب عنه.
موكب المحمل عبارة عن جمل يحمل هودجا جميلا وموضوع فيه كسوة جديدة للكعبة. يمر المحمل في شوارع القاهرة وتتبعه الجمال التي تحمل المياه وأمتعة الحجاج ويصاحبها ناس كثيرون فرحين مستبشرين. وكانت هنالك جند مصريون مكلفون بحراسة الموكب حتى الحجاز ، وخلفهم رجال الطرق الصوفية الذين يدقون الطبل ويرفعون الرايات.
المحمل نفسه هو عبارة عن هودج فارغ يُقال أنه كان هودج شجرة الدر أما الكِسوة نفسها فكانت تُوضع في صناديق مغلقة وتحملها الجمال.
عودة المحمل
وبعد الحج، يعود المحمل بالكسوة القديمة للكعبة بعد إبدالها بالكسوة الجديدة. تُقطع الكسوة القديمة إلى قِطع وتُوزع على النبلاء والأُمراء؛ وما زالت هذه القطع موجودة في متحف كسوة الكعبة وبعضها في قبور العائلة الملكية في مصر، حيث زينوا بها أضرحتهم كنوع من التبرك.
المصدر
- رحلة ابن بطوطة ووصفه للمحمل
- رحلة ناصر الدين خسرو ووصفه لخروج المحمل