النزاعات بين اليابان وكوريا

توجد نزاعات بين اليابان وكوريا (الشمالية والجنوبية معًا) على قضايا متعددة على مر السنين.

خضعت كوريا لاحتلال حكم إمبراطورية اليابان بدءًا من من المعاهدة اليابانية الكورية لعام 1910 حتى صك الاستسلام الياباني في عام 1945 الذي انتهى بالحرب العالمية الثانية. رفضت كوريا الجنوبية التجارة مع اليابان أو فتح علاقات دبلوماسية معها حتى عام 1956، إذ توسعت بعدها الروابط التجارية كثيرًا. حاليًا، تتشارك اليابان وكوريا الجنوبية تجاريا بشكل كبير، ويسافر العديد من الطلاب والسياح والمرُفهِّين، ورجال الأعمال بين الدورلتين، في حين لم تتطور العلاقات الاقتصادية أو السياسية لكوريا الشمالية مع اليابان.

القضايا التاريخية

خضوع كوريا للاحتلال الياباني

عند معاهدة اليابان مع جوسون في عام 1876، قررت اليابان توسيع مستوطناتها، وتوسعة السوق، واستحوذت على منطقة معزولة في بوسان. في الحرب اليابانية الصينة الأولى لعام 1894-95، هزمت اليابان سلالة تشينغ الحاكمة، ونجحت في تحرير كوريا من النظام التابع لتشينغ الصين بالتوصل إلى توقيع معاهدة شيمونوسيكي، التي أجبرت تشينغ على الاعتراف بكوريا التابعة لسلالة إي باعتبارها دولة مستقلة. شجعت اليابان على تحضير كوريا. وعلى أي حال، أخذت أسرة مِن، متضمنةً الملكة مِن، احتياطاتها ضد اليابان، التي كانت تزداد قوة سيطرتها على كوريا أكثر. في عام 1895، اغتال اليابانيون الملكة مِن بعد دعمها النفوذ الروسي ومعارضتها الإصلاح.[1] في عام 1897، اُعيد تسمية جوسون بالإمبراطورية الكورية (1897-1910)، مع التأكيد على استقلالها، إلا أنها تقرّبت من روسيا كثيرًا، مع حكم الملك من السفارة الروسية، واستعانته بحراس روسيين عند عودته إلى القصر. أعلنت اليابان الحرب على روسيا  لطرد النفوذ الروسي، وانتهت الحرب من خلال معاهدة ضم اليابان لكوريا (معاهدة أولسا) في عام 1905. أصبحت كوريا محميةً لليابان في مقدمةٍ لضمها.[2] أصبح إيتو هيروبومي -الذي كان أول رئيس وزراء لليابان وأحد أقدم السياسيين- المقيمَ العام لكوريا، وقد عارض الضم العسكري لكوريا.[3] على أي حال، ازدهر توازن القوة في اليابان المحلية بفضل الضم العسكري، ويعزى ذلك جزئيًا إلى اغتيال أيتو في عام 1909 على يد جونغ جون. في 22 أغسطس عام 1910، انضمت كوريا من خلال توقيع المعاهدة اليابانية الكورية.

قاد كيم إل سونغ حركة الاستقلال الكورية، التي كانت نشيطةً في المناطق الحدودية للصين وروسيا، وخاصةً في المناطق ذات عدد السكان الضخم من الكوريين العرقيين. أسس كيم كوريا الشمالية، ولم توقّع ذريته بعد ذلك أي معاهدة سلام مع اليابان. انتقلت حكومة جمهورية كوريا المؤقتة من شنغهاي إلى تشونغتشينغ، التي سيرها لاحقًا أول رئيس لكوريا الشمالية إي سنغ مان.[4] مارس لي ضغطًا في الولايات المتحدة واعترف دوغلاس ماكارثر به حاكمًا لكوريا الجنوبية. انتهى تحكم اليابان بكوريا في 9 سبتمبر عام 1945، عندما وقع حاكم كوريا العام وثيقة استسلام الولايات المتحدة في سول.

المعاهدة اليابانية الكورية

في عام 1910، ضمت اليابان كوريا عسكريًا. تعَد شرعية الضم العسكري والخمسة والثلاثون سنة التالية من احتلال اليابان لشبه الجزيرة الكورية أمرًا مثيرًا للجدل. انتُقد كلا الأمرين بسبب عدم الشرعية بالاعتماد على حقيقة أن المعاهدة الكورية اليابانية لعام 1905 وُقّعت تحت الإكراه، ولم يوافق عليها أبدًا غوانغمو إمبراطور كوريا.[5][6]

كوريا الجنوبية

على الرغم من إنشاء علاقات دبلوماسية عن طريق معاهدة في عام 1965، استمرت كوريا الجنوبية في طلب اعتذار وتعويض عن احتلال اليابان لكوريا. اعتذرت الحكومة اليابانية رسميًا في عدة مناسبات. في عام 2012، صرحت الحكومة الكورية الجنوبية بوجوب اعتذار إمبراطور أكيهيتو عن الحكم الاستعماري الياباني لشبه الجزيرة الكورية. أصدر معظم رؤساء الوزراء اعتذارات، بمن فيهم رئيس الوزاء كيزو أوبوتشي في البيان الرسمي المشترك بين اليابان وكوريا الجنوبية في عام 1998. وبينما رحّب الكوريون الاعتذارات وقبلوها في ذلك الوقت، افترض العديد من الكوريين الجنوبيين عدم صدق التصريحات؛ بسبب سوء الفهم بين الدولتين.[7] تعود أحد الأمثلة لعام 2005، عندما زار 47 عضوًا من البرلمان ضريح ياسوكوني لإحياء ذكراه، في حين لم يشارك مجلس وزراء كويزومي، وذلك في نفس الوقت تمامًا الذي كان يصدر فيه رئيس الوزراء كويزومي اعتذارًا. صوّر إعلام كوريا الجنوبية هذا الأمر على أنه تناقض تسبّب في شك العديد من الكوريين الجنوبيين ورفضهم التصريحات اليابانية حول الاعتذار.[8]

كوريا الشمالية

قال رئيس الوزراء جونيتشيرو كويزومي، في تصريح بيونغ ينغ جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية واليابان: «أعبر مجددًا عن مشاعري  من تأنيب الضمير العميق وأقدم اعتذارًا من القلب، وأعبر أيضًا عن مشاعر الحداد على كل الضحايا، سواء الذين وقعوا في المنزل أو في الخارج، أثناء الحرب».[9]

تصاريح السياسيين اليابانيين حول الحكم الاستعماري

منذ خمسينيات القرن العشرين، صرّح العديد من الموظفين والسياسيين البارزين في اليابان حول الحكم الاستعماري الياباني في كوريا، الذي تسبّب بالغضب وأدى إلى فضيحة دبلوماسية في العلاقات الكورية اليابانية. أدت التصاريح إلى معاداة اليابانيين بين الكوريين، وتكوّن وعي موسع حول هذه الاعتذارات عن الحكم الاستعماري الياباني على أنها غير صادقة ومرفوضة نتيجة هذه التصاريح.[10][11][12]

أثناء المحادثات بين كوريا واليابان في عام 1953، صرح كانيشيرو كوبوتا، أحد النواب اليابانيين: «كان الحكم الاستعماري الياباني مفيدًا لكوريا...بكل الأحوال، استُعمرت كوريا على يد دول أخرى أدت إلى سلطات أقسى من السلطات اليابانية». يعتبرالعديد من الكوريين هذا الكلام على أنه أول تصريح متهور صدر عن سياسي ياباني حول الحكم الاستعماري في كوريا.[13]

في عام 1997، صرح شينزو آبي، الذي كان حينها عضوًا في مجلس النواب الياباني وحاليًا رئيس الوزراء الياباني: «كان الضم العسكري ليابان وكوريا خيار الكوريين… الأشخاص الذين يجب لومهم هم أسلاف الكوريين».[14]

في عام 2007، صرّح هاكوبون شيمومورا، الذي كان حينها نائب رئيس مجلس النواب: «نظام نساء المتعة موجود، ولكنني أعتقد السبب وراء هذا بيع الآباء الكوريين لبناتهم في ذلك الوقت».[15]

في مئوية معاهدة الضم اليابانية الكورية في 27 مارس عام 2010، صرّح يوكيو إيدانو، الذي كان حينها وزير الدولة الياباني لتجديد الحكومة: «كان غزو الصين وكوريا واستعمارهما أمرًا حتميًا...منذ عدم قدرتهما على تطوير أنفسهما».

تعويض اليابانيين لكوريا عن هيمنة اليابان

بعد عشرين عامًا من الحرب العالمية الثانية، أعادت كوريا الجنوبية واليابان تأسيس علاقات دبلوماسية عند توقيعهم معاهدة العلاقات الأساسية في عام 1965. في عام 2005، كشفت كوريا الجنوبية الوثائق الدبلوماسية المفصلة لمجريات المعاهدة. أبقتها كوريا الجنوبية سرًا لأربعين عامًا، أظهرت الوثائق تزويد اليابان قرضًا ميسرًا بقيمة خمسمئة مليون دولارًا ومنحةً بقيمة ثلاثمئة مليون تعويضًا عن هيمنة اليابان. وافقت كوريا على عدم طلب أي تعويض بعد المعاهدة، سواء على مستوى حكومة لحكومة أو على مستوى فرد لحكومة. وكشفت أيضًا تولي حكومة كوريا الجنوبية مسؤولية تعويض الأفراد على شكل دفعة مقطوعة بينما رفضوا اقتراح اليابان بدفع تعويض مباشر.[16]

على أي حال، استخدمت حكومة كوريا الجنوبية معظم القروض في التطوير الاقتصادي، وفشلت في تزويد تعويضات كافية للضحايا، إذ دفعوا فقط 300.000 وون كوري جنوبي عن كل حالة موت، مع مجموعٍ كلي يُقدّر بنحو 2.750 وون لأقرباء 8.552 ضحيةً من الذين فارقوا الحياة في السُّخرة. ونتيجةً لذلك، كان الضحايا الكوريون يستعدون لرفع دعوى تعويض ضد حكومة كوريا الجنوبية بحلول عام 2005. لم تستبعد المعاهدة الدعاوى الفردية ضد الأفراد أو الشركات اليابانية إلا أنه غالبًا ما تُقيد مثل هذه الدعاوى بموجب قانون التقادم. أصدرت محاكمة جرائم الحرب الدولية حول الاستعباد الجنسي العسكري لليابانيين، وهي محاكمة وهمية نظتمها منظماتٌ يابانيةٌ غير حكومية ودعمتها، الحُكم التالي: «لا تستطيع الدول الموافقة على معاهدة تنازل عن مسؤولية دول أخرى حول جرائم ضد الإنسانية».[17]

في يوليو عام 2013، اتهم رئيس وزراء اليابان شينزو آبي حكومة كوريا الجنوبية لعدم قيامها بـ«ردٍ مناسبٍ لخرقها» المعاهدة. في ردة فعل، نصحت الناطقة بلسان البيت الأزرق كو مين جونغ حكومة الدولتين بـ«عدم تخطي حدودهما وبذل قصارى جهدهما من أجل تحقيق تعاونٍ مستقبليٍّ بين الدولتين وشعوبهما». فيما بعد، دعى رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن لـ«إبداع تكنولوجي» من أجل تقليل الاعتماد على اليابان.[17]

عودة جثث الكوريين

خلال الاحتلال الياباني لكوريا (خاصةً خلال الحرب العالمية الثانية)، حشدت اليابان 700.000 عامل كوري للمحافظة على إنتاجها الصناعي، خاصةً في صناعة التعدين. عاد بعضهم في النهاية إلى كوريا بعد الحرب، مع موت بعضهم في اليابان أثناء القصف الذري على هيروشيما، أو الغارات الجوية الأخرى على اليابان. قد يعود عدد الوفيات المرتفعة لأسباب أخرى في الحالات القاسية من الحرب. صرحت شركاتٌ، أمثال ميتسوبيشي، وميتسوي، وغيرها أن اللوم يجب أن يقع على الحكومة لا على الشركات الخاصة. إذ قسمت الحكومة الأموال على الشركات بهدف ترحيل العاملين إلى وطنهم. أعطت الشركات اليابانية عند انتهاء الحرب مبالغ لقواد العمل الصينيين بقصد عودة العمال الصينيين إلى موطنهم، إلا أن المال اختفى بعد توزيعه على العمال الصينيين. وفي وقتٍ لاحقٍ طلبت جمهورية الصين الشعبية وكوريا الجنوبية المساعدة في إيجاد جثث العمال الصينيين واليابانيين المختطفين من أجل دفن لائقٍ بهم. أعاق الوضع الصين وكوريا من تنسيق ملائم لجهودهما، وحددوا هوية فقط بضع مئات من الجثث. بالإضافة إلى ذلك، بدأ العمال الكوريون بالمطالبة بأجورهم غير المدفوعة فورًا بعد استسلام اليابان، ويستمرون في هذا حتى اليوم. تبقى هذه القضية بارزةً في كوريا الجنوبية.[18]

المراجع

  1. Bruce Cumings, Korea's Place in the Sun (1997) p 123.
  2. Tatiana M. Simbirtseva, "Queen Min of Korea: Coming to Power". Transactions of the Royal Asiatic Society–Korea Branch 71 (1996): 41–54. online نسخة محفوظة 6 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  3. "asahi.com:伊藤博文の韓国統治 日韓両国の研究者が再評価 - 文化一般 - 文化・芸能"، مؤرشف من الأصل في 8 أكتوبر 2016.
  4. "대한민국임시정부 大韓民國臨時政府" [Provisional Government of the Republic of Korea]، Nate / Encyclopedia of Korean Culture، مؤرشف من الأصل في يونيو 10, 2011، 전민족운동이었던 3·1운동에 의해 수립된 임시정부...대내적으로는 독립운동의 통할기구로서의 구실을 가지고 탄생...상해에 있던 시기(1919∼1932)에는 국내외동포사회에 통할조직을 확대하면서 외교활동이나 독립전쟁 등을 지도, 통할하는 데 주력하였다. 초기의 독립전쟁은 만주와 연해주(沿海州)의 독립군단체에 일임...이 시기에 가장 주목할 성과는 광복군(光復軍)을 창설.. (trans. It was a provisional government established by the March 1st Movement that excised the whole nation..It was founded with the purpose as the united organ to excise the Korean liberation movement both outside and inside of Korea ... During the period based in Shanghai (1919–1932), it expanded the supervising organization to the Korean society inside and aboard, it focused on leading and supervising diplomatic activities and liberation movement. The earlier liberation war was entrusted to independence groups in Manchuria and Primorsky Krai..The most notable achievement in the period was to establish the Independence Army...
  5. Pak, Chʻi-yŏng (2000)، Korea and the United Nations، Martinus Nijhoff Publishers، ص. 6–7، ISBN 90-411-1382-7، مؤرشف من الأصل في 2 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 04 يناير 2016.
  6. "Treaty of Annexation"، USC-UCLA Joint East Asian Studies Center، مؤرشف من الأصل في 11 سبتمبر 2015، اطلع عليه بتاريخ 19 فبراير 2007.
  7. "Japanese Emperor must apologize for colonial rule: S. Korean president"، The Japan Times، مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 2 يناير 2016.
  8. Yun Kyung-min (15 أغسطس 2005)، "Japanese apologize statement... However, politicians made a tributary visit" (باللغة الكورية)، YTN، مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019.
  9. "MOFA: Japan-DPRK Pyongyang Declaration"، مؤرشف من الأصل في 3 يونيو 2019، اطلع عليه بتاريخ 2 يناير 2016.
  10. "<연합시론> 일본, 언제까지 망언 되풀이할 것인가"، مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 2 يناير 2016.
  11. "[서울신문] [사설] 되풀이되는 日 고위직 망언 구제불능인가"، 서울신문، مؤرشف من الأصل في 13 فبراير 2017، اطلع عليه بتاريخ 2 يناير 2016.
  12. "'은혜론'부터 '다케시마'까지…일본 '망언' 끝이 없다"، hankyung.com، مؤرشف من الأصل في 13 فبراير 2017، اطلع عليه بتاريخ 2 يناير 2016.
  13. 일본 '구보타 망언' 전략에 말려든 한국 - 오마이뉴스 نسخة محفوظة 12 يوليو 2019 على موقع واي باك مشين.
  14. "한국아이닷컴!"، مؤرشف من الأصل في 5 مارس 2012.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  15. "3조원대 징용 미불 임금, 아직 일본에 있다" - 오마이뉴스 نسخة محفوظة 18 سبتمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  16. The Washington Times. S. Korea discloses sensitive documents نسخة محفوظة 1 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  17. The Chosun Ilbo. Compensation for Colonial Victims Is Not Just a Legal Problem https://web.archive.org/web/20151018011652/http://english.chosun.com/w21data/html/news/200501/200501170043.html نسخة محفوظة 8 أكتوبر 2008 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  18. "ZNet |Japan | Mitsubishi, Historical Revisionism and Japanese Corporate Resistance to Chinese Forced Labor Redress"، Zmag.org، مؤرشف من الأصل في 25 فبراير 2007، اطلع عليه بتاريخ 19 أبريل 2012.
  • بوابة علاقات دولية
  • بوابة اليابان
  • بوابة كوريا الجنوبية
  • بوابة كوريا الشمالية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.