الهولندي الطائر

الهولندي الطائر (بالهولندية: De Vliegende Hollander) (بالإنجليزية: the Flying Dutchman)‏. هي سفينة أشباح أسطورية لا يمكنها أبداً أن ترسو في ميناء، ومحكوم عليها الإبحار في المحيطات إلى الأبد. ومن المرجح أن تكون هذه الأسطورة قد نشأت من الفولكلور البحري في العصر الذهبي للقرن السابع عشر لشركة الهند الشرقية الهولندية (VOC)، وأقدم نسخة موجودة يعود تاريخها إلى أواخر القرن 18. وتبين المشاهدات التي حصلت في القرنين 19 و20 أن السفينة كانت متوهجة كضوء شبحي. عند اقتراب سفينة أخرى منها ومحاولة إيصال أي رسالة من الهولندي الطائر إلى اليابسة أو إلى البشر، يتبين أن طاقمها ماتوا منذ زمن بعيد. وفي عالم المحيط، يعتبر ظهورها علامة شؤم للبحارة ونذيرا بكارثة وشيكة.

الهولندي الطائر
الهولندي الطائر لألبيرت رايدر
رسم تخيلي للهولندي الطائر.

أصل الأسطورة

شبح للهولندي الطائر
منظر خليج تابل (تطل عليها كيبستد، ومستعمرة كيب الهولندية) مع سفن شركة الهند الشرقية الهولندية ، تقريبا 1683. في العقد 1600، على الأرجح تجاوز حجم الأسطول التجاري الهولندي أساطيل إنجلترا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا مجتمعة.
نسخة طبق الأصل لشرق الهند من شركة الهند الشرقية الهولندية/شركة جزر الهند الشرقية المتحدة (VOC). ومن المحتمل أن تكون أسطورة الهولندي الطائر قد نشأت من العصر الذهبي للـ VOC في القرن السابع عشر.

أول مرجع مطبوع لظهور السفينة كتبه جون ماكدونالد في أسفار في أجزاء مختلف من أوروبا، آسيا وإفريقيا خلال سلسلة من ثلاثين عاماً فما فوق (1790) يقول:

«عندما كان الطقس عاصفا قال البحارة أنهم رأوا الهولندي الطائر. والقصة الشائعة تقول أن الهولندي الطائر جاءت إلى رأس الرجاء الصالح في اسغاثة بسبب الطقس السيء، وأرادت أن ترسو في الميناء ولكن لم تتمكن من الحصول على إرشادات للقيام بذلك وضاعت، ومنذ ذلك الحين لا تظهر إلا في الأحول الجوية السيئة.[1]»

المرجع الأدبي التالي لظهور الهولندي كان في الفصل السادس من الرحلة إلى خليج بوتاني (1795) (المعروف أيضا باسم رحلة إلى نيو ساوث ويلز)، ونسبت إلى جورج بارينغتون (1755-1804):[nb 1]

«كثيرا ما سمعت عن خرافات البحارة المتعلقة بالأشباح والموت، ولكن لم أعطها الكثير من الاهتمام في التقرير؛ ويبدو أنه خلال بضع سنوات منذ أن فقدت السفينة الحربية الهولندية قبالة رأس الرجاء الصالح، ولقيت كل روح عليها حتفها. وتجنبت أقرانها العاصفة، وصلت بعد فترة وجيزة إلى رأس الرجاء الصالح. وبعد أن أصلحت وعادت إلى أوروبا، هاجمتهم عاصفة عنيفة في نفس خط العرض تقريباً. في ليلة المراقبة شاهد بعض الناس، أو تهيأ لهم أنهم رأوا مركباً يقف وراء الأشرعة، كأنه سيتجاوزهم: وتبين لهم أنها السفينة التي تعثرت في العاصفة السابقة، وأنها هي السفينة المعنية أو شبح السفينة. لكنها اختفت وراء سحابة كثيفة مظلمة. ولا شيء يمكنه إزالة فكرة هذه الظاهرة من عقول البحارة؛ أو ما يتعلق بها عند الوصول إلى الميناء، وانتشرت القصة كانتشار النار في الهشيم، والمفترض أن هذا الشبح هو الهولندي الطائر.[2]»

المرجع الأدبي التالي يقدم موضوع العقاب بسبب الجريمة، في مشاهد من النشء (أدنبرة، 1803) التي كتبها جون ليدن (1775-1811):

«خرافة شائعة من البحارة تقول أنه في أعالي خطوط العرض الجنوبية على ساحل إفريقيا، كثيرا ما تبدأ الأعاصير عند ظهور شبح لسفينة، تدعى الهولندي الطائر ... ومن المفترض أن طاقم هذه السفينة قد ثبت ارتكابهم لبعض الجرائم المروعة في مرحلة نشوء الملاحة. وكانت مصابة بالوباء... وتحتم عليهم اجتياز المحيط الذي لقوا حتفهم فيه، حتى تنتهي فترة التكفير عن جرمهم.[nb 2]»

يضع الكاتب توماس مور (1779-1852) السفينة في شمال الأطلسي في قصيدته التي كتبت على جزيرة الرجل الميت في خليج سانت لورانس، في وقت متأخر من المساء في سبتمبر 1804:[3] «انزلاق سريع على طول لحاء قاتم / أشرعتها ممتلئة، على الرغم من أن الرياح ساكنة،/ وهناك ضربات لا تتنفّس لها الأشرعة لتحركها». ويضيف الحاشية: «اقترحت الأسطر في الأعلى من قبل خرافة شائعة جدا بين البحارة، الذين يطلقون على هذه بالسفينة الشبح، أعتقد أنها، 'الرجل الهولندي الطائر'.»

السير والتر سكوت (1771-1832)، صديق جون ليدن، كان أول من ذكر أن السفينة كانت للقراصنة، كتب في قصائد روكبي. (نشرت لأول مرة في ديسمبر 1812) تقول أن السفينة «كانت محملة بالسبائك الذهبية وارتكبت جريمة قتل عليها فأصاب الوباء الطاقم، مما أغلق كل الموانئ على السفينة.»

ووفقا لبعض المصادر، فإن القبطان الهولندي «برنارد فوكي» في القرن السابع عشر يعتبر نموذج لقبطان سفينة الأشباح.[4] اشتهر القبطان فوكي بسرعة رحلاته من هولندا إلى جاوة وكان يعتقد أن له ارتباط مع الشيطان. طُبعت النسخة الأولى من الأسطورة كقصة في مجلة أدنبرة بلاكوود في مايو 1821،[5] التي اعتبرت المشهد في رأس الرجاء الصالح. تقدم القصة اسم القبطان «هندريك فان دير ديكن» للقائد والمواضيع (التي أعدها كتاب لاحقون) من الرسائل الموجهة إلى أشخاص قد لقوا حتفهم منذ فترة طويلة وعرضوا على سفن أخرى للتوصيل، لكنها إذا قبلت فإنها ستجلب لهم سوء الحظ؛ فظل تحت لعنة بأن يدور هو وسفينته وبحارته الأموات إلى يوم القيامة.

«كانت سفينة أمستردام وقد أبحرت من الميناء منذ سبعين عاما. كان اسم قائدها فان دير ديكن. كان بحارًا قويا، وسيكون له طريقته الخاصة بالرغم من الشيطان. ولكل ذلك، لم يكن لدى بحارته سبب للشكوى؛ بالرغم من عدم معرفتهم كيف كان على متنها معهم. القصة هي: عند الالتفاف حول رأس الرجاء كانوا مبحرين خلال يوماً طويلاً إلى خليج تابل. ومع ذلك، كانت الرياح تقودهم، وتصبح ضدهم أكثر فأكثر، وكان "فان دير ديكن" يسير على سطح السفينة، وهو يشتم الريح. بعد غروب الشمس، تحدثت إليه السفينة، وتسأله عما إذا كان لا يريد الذهاب إلى الخليج في تلك الليلة.أجاب "فان دير ديكن": "قد أكون ملعونًا للأبد إذا فعلت، رغم أنني يجب أن أكافح هنا حتى يوم القيامة". وللتأكد، لم يذهب أبدا إلى ذلك الخليج، لأنه يعتقد أنه لا يزال يكافح هذه البحار، وسوف يستغرق وقتا طويلا بما فيه الكفاية. لم يتم مشاهدة هذه السفينة أبدا، لكن الطقس العاصف كان معها.[6]»

تقارير عن مشاهدات

هناك عدة قصص تدور حول أسطورة الهولندي الطائر، فالبعض يدعي أنها هولندية، وآخرون يعتقدون أن أصلها إنجليزي. هناك الكثيرون من زعموا أنهم شاهدوا السفينة، منذ عام 1835، وكانت آخر مرة شوهدت فيها هي عام 1942 عند سواحل كيب تاون.

تفسيرات الوهم البصري

كتاب عرض يوضح سراب عالي لقاربين

التفسير الأكثر مصداقية لمشاهدات السفينة المذكورة هو حدوث ظاهرة بصرية يتوهمها الناس على أنها سفينة للأشباح، تلك الظاهرة تتمثل بالسراب القوي أو ظاهرة فاتا مورغانا التي تشاهد عادة في البحر. وهي مجرد انعكاسات بصرية «مشوهة» لأشكال السفن العابرة من بعيد ولا تحدث إلا تحت ظروف معينة ولفترات قصيرة، وهذا ما يفسر اختفاء وظهور المشاهدات المزعومة. تشاهد تلك الظاهرة عادةً في الصباح بعد ليلة باردة مما ينتج عنه إشعاع حراري في الجو في ذلك الشكل من السراب تبدو الأجسام في الأفق أو حتى ما خلف الأفق ممدودة أو ممطوطة كأنها قلاع من وحي القصص الشعبية الخيالية، ولكنها في الواقع جزر، جروف صخرية أو سفن أو قطع ثلجية ضخمة عائمة. عند حدوث سراب قوي (فاتا مورغانا) لسفينة عابرة، فمن الممكن أن يكون لها عدة أشكال، حتى أن الزورق يبدو أحياناً كأنه يطير بمشهد شبحي أو غير عادي مع تغيير شكله، كما يمكن أن تبدو السفينة طافية داخل الأمواج. وفي أحيان أخرى تبدو صورة السفينة المعكوسة «فوق» صورة السفينة الأصلية. وفي بعض الأحيان يكون من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي أو وهمي. ومن المثير أنه عندما تكون السفينة خلف الأفق فإن ظاهرة فاتا مورغانا ستنقلها للأمام حيث تظهر في الأفق ولكنها مشوهة.

أثر الهولندي الطائر

أما هذا الاسم فقد أصبح مؤثراً حتى أطلق هذا اللقب على لاعب الكرة يوهان كرويف ومن بعده العديد من لاعبي الكرة الهولنديين. وقد استخدمت فكرة الهولندي الطائر في العديد من الأعمال الأدبية والموسيقية؛ فقد اعتمد الشاعر الإنجليزي صمويل تايلور كولريدج قصيدته الملاح القديم 1798، على هذه الأسطورة. وحوّر المؤلف الموسيقي الألماني ريتشارد فاجنر القصة في روايته التمثيلية الموسيقية أوبرا الهولندي الطائر (1843م).

وشبح الهولندي الطائر هو أحد شخصيات مسلسل نيكلوديون الكرتوني سبونجبوب، كما أن السفينة ظهرت كسفينة ديفي جونز في فيلم قراصنة الكاريبي: صندوق الرجل الميت، وكما أن إييتشيرو أودا مؤلف مانجا ون بيس قد أظهر هذه الأسطورة في مانجاته الشهيرة ون بيس في الفصل رقم 606.

انظر أيضاً

ملاحظات

  1. George Barrington (originally Waldron) was tried at the Old Bailey in لندن in September 1790 for picking pockets and sentenced to نقل for seven years. He embarked on the convict transport Active which sailed from بورتسموث on 27 March 1791 and arrived at ميناء جاكسون (Sydney), just to the north of Botany Bay, on 26 September, having anchored briefly at Table Bay in very late June. The various accounts of his voyage and activities in نيوساوث ويلز appear to be literary forgeries by publishers capitalizing both on his notoriety and in public interest for the new colony, combining turns of phrase from his trial speeches with plagiarized genuine accounts of other writers concerning Botany Bay. See George Barrington's Voyage to Botany Bay edited by Suzanne Rickard (Leicester University Press, 2001). A Voyage to Botany Bay and A Voyage to New South Wales, both issued in 1795, were revamped versions of An Impartial and Circumstantial Narrative of the Present State of Botany Bay, which had appeared in 1793–94, but which did not include the Flying Dutchman reference.
  2. Leyden says that Chaucer, echoing Dante's Inferno Second Circle of Hell, alludes to a punishment of a similar kind in his poem The Parlement of Foules: "And breakers of the laws, sooth to sain, / And lecherous folk, after that they been dead, / Shall whirl about the world alway in pain, / Till many a world be passed out of dread.

مراجع

  1. MacDonald, John (1790)، Forbes, London (المحرر)، Travels in various part of Europe, Asia and Africa during a series of thirty years and upward، ص. 276، مؤرشف من الأصل في 21 أغسطس 2018.
  2. Barrington 2004، صفحة 30
  3. Published in Epistles, Odes, and other poems (London, 1806)
  4. Eyers, Jonathan (2011). Don't Shoot the Albatross!: Nautical Myths and Superstitions. A&C Black, London, UK. (ردمك 978-1-4081-3131-2).
  5. The author has been identified as John Howison (fl. 1821–59) of the East India Company. See Alan Lang Strout: A Bibliography of Articles in Blackwood's Magazine 1817–1825 (1959, p. 78).
  6. Music with Ease (2008)، "Source of the Legend of The Flying Dutchman"، Music with Ease، مؤرشف من الأصل في 2 سبتمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 23 فبراير 2008.

فهرس

  • Barrington, George (2004) [1795]، Voyage to Botany Bay، Sydney University Press، ISBN 1-920897-20-8
  • Meyer-Arendt, Jurgen (1995) [1972]، Introduction to Modern and Classical Optics، Prentice-Hall, Inc.، ISBN 0-13-124356-X

وصلات خارجية

  • بوابة خوارق
  • بوابة ملاحة
  • بوابة الأديان
  • بوابة الأساطير
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.