الوزارة في الإسلام
الوزارة في الإسلام
الوزارة ونشأتها: الوزارة كلمة مشتقة من: - الوزر، أي الثقل لان الوزير يحمل أعباء الحكومة عن الملك. - الأزر، الظهر لان الملك يقوى بوزيره كقوة البدن بظهره. - الوزر، الملجأ والمعتصم لان الملك يلجأ إلى رأيه ومعونته. ويرى البعض أن كلمة وزير مشتقة من الأصل الفارسي قيشر والوزارة فارسية الأصل من حيث نشوؤها وتنظيمها.
نشأة الوزارة منذ عهد الرسول وحتى العصر العباسي الثاني: ما قبل الإسلام: ليست الوزارة من مستحدثات الإسلام، فقد عرفها بنو إسرائيل والفرس، والمقصود المساعدة والمعاونة والاستشارة. فقد عرفت لدى معظم الدول المنظمة، فان ملوك ما قبل الإسلام في اليمن والحيرة والشام كانوا يسمون من يؤازرهم أعباء الملك: - الراهن لأنه مرتهن بالتدبير. - والزعيم لأنه زعيم بصواب الرأي. - والكافي لأنه يكفي الملك مهمات الأمور. - والكامل لأنه المفروض فيه انه كامل الفضائل.
في صدر الإسلام:
الحقيقة أن الآراء حول نشوئها قد تعددت كثيرا فمن المؤرخين من يقول أنها نشأت في عهد الرسول ومنهم من قال أنها نشأت في العهد الراشدي. كان الرسول يشاور أصحابه في الأمور العامة والخاصة ويخص أبا بكر ببعض الأمور حتى ان العرب الذين اختلطوا مع الروم والفرس قبل الإسلام عرفوا الاسم عنهم وكانوا يسمو أبا بكر وزير النبي. زمن الخلفاء الراشدين: وكذلك كان الحال مع أبي بكر، فقد كان عمر يقوم بالقضاء وتوزيع الزكاة. عمر بن خطاب: وكذلك كان شأن عثمان وعلي مع عمر فكان يستعين بهم ويستنير ارائهم. يعهد إليهما القيام بكثير من شؤون الدولة فقد كان علي يقوم بكتابة الرسائل والقضاء بين الناس والنظر في أمور الأسرى وفداء أسرى المسلمين. زمن الخلفاء الأمويين: اما في العصر الأموي: نلاحظ بان الخلافة الاسلاميه تحولت إلى خلافه شبيهه بالانظمة الملكية الوراثية فالعصر الاموي هو عصر تصارع الأحزاب السياسية المتنافسة والمطالبة بالسلطة فالحلفاء الأمويين كانوا بحاجه إلى أشخاص بارزين (مثل دهاة العرب في عهد معاوية كعمر بن العاص).هؤلاء كان عليهم إيجاد الحيل السياسية لتثبيت حكم الخليفة، هؤلاء الأشخاص كانوا ذوي رأس سياسي. وقاموا بالمهام والثقل الملقى على عاتقهم ولكن لم يحظوا بمنصب رسمي كوزير. ولم يرغب الامويين ان يخاطبوا عامله لهم باسم وزير لانها مشتقة المؤازرة. وقالوا ان الخليفة أجل من ان يحتاج إلى المؤازرة. تلخيص: لم يتم الاعتراف بمنصب الوزير في العهد الأموي. يمكن القول أن العرب لم يعرف الوزارة من حيث نشوؤها وتنظيمها وقد ظهرت بشكل رسمي فقط في العصر العباسي إذ انه لم يعلن عن وظيفة رسمية لوزير في عصر الرسول ولا في العصريين الراشدي والأموي.
الوزارة في العصر العباسي الأول: أصبحت الوزارة زمن العباسيين ظاهرة ثابتة المعالم. وهذا يظهر في قول ابن الطقطقي «الوزارة لم تستمد قواعدها وتقرر قوانينها إلا في دولة بني العباس». وأول وزير في هذا العصر كان أبو سلمة الخلال الذي حصل على لقب وزير.
فان الوزارة لم تتمهد قواعدها وتقرر قوانينها إلا في الدولة العباسية وأصبحت كوظيفة رسمية في الدولة العباسية فأصبحت واضحة القواعد واستشارة أصحاب الآراء الصائبة، ولهذا لما ملك العباسيين تقررت الوزارة وسمي الوزير وزيرا وكان قبل ذلك يسمى كاتبا أو مشيرا. وكان أول وزير زمن السفاح أبو سلمى الخلال وفوض الأمور إليه وسلم إليه الدواوين. ثم استوزر أبا الجهم وخالد بن برمك وسلالته من بعده الذين عظم شأنهم واشتدت سطوتهم أيام هارون الرشيد.
الأمثلة: 1. بلغ نفوذ الوزير في عهد الرشيد غايته، فقد أخذ يحيى بن خالد البرمكي وزيرا له وقال له: - سلمتك أمر الرعية. - اعزل وعين من أردت. - أعطاه خاتمه الخاص. - بيدك الحل والعقد في إدارة الدولة. 2. أ) ثم خلف يحيى جعفر في الوزارة ففي عهده: - قبض البراكمة على ازمة الحكم وسيطروا على الدخل والخرج وبيت المال. - وشاركوا الخليفة في الحكم وغلبوه. - كان هارون الرشيد يطلب البسيط من المال فلا يصل إليه الا عن طريق البراكمة. ب) الحادثة الثانية تدل على مدى نفوذ جعفر هي ان رجلا من اقرباء الرشيد طلب من جعفر ثلاث حوائج: - ان يسد عنه مبلغ من المال. - أن يزوج ابنه من ابنة الخليفة. - وتعيين ابنه والي على إحدى الولايات وقد نفذ جعفر هذه الأمور في الحال دون استشارة الرشيد واعلمه في اليوم التالي بمى جرى.
الوزارة في العصر العباسي الثاني: تتناسب سلطة الوزير في هذا العصر تناسبا عكسيا مع النفوذ العسكريين فكلما زادت سيطرة القادة العسكريين واتسع نفوذهم في الإدارة كلما نقصت سلطة الوزير وتقلص نفوذهم، كما ارتبطت سلطة الوزير بمدى قوة وضعف الخليفة. 1. مما زاد ضعف الوزارة في العصر ظهور وظيفة أمير الأمراء التي استحدثها الخليفة الراضي إذ عين أميرا في منصب جديد وفوض إليه تدبير المملكة وبذلك علت مكانتة على حساب مكانة ومرتبة الوزير. 2. كانت سنة 946 أهم سنة في تاريخ الوزارة ففي هذا الوقت دخل بنو بويه بغداد وتحكم أمراؤهم بالسلطة وصاروا يعينون الوزراء وغيرهم من العمال، فصارت الوزارة من جهتهم والأعمال إليهم، وقد أحدث البويهيون تعديلا في نظام الوزارة فاتخذ أحد أمرائهم وزيرين في أن واحد. مما يدل على سقوط هيبة الوزارة في عهدهم هو ضربهم لوزرائهم.
وقد عانت الوزارة من سياسيتين:
أ. التضمينات: بسبب عجز خزينة الدولة اضطر معه الوزراء إلى تعين شخص ما في منصب أو إقليم على أن يضمن للخزينة مبلغ من المال. وبمرور الزمن أصبحت التضمينات تستغل للحصول على المناصب الحكومية ووصل الأمر إلى أن كان هنالك أشخاصا عرضوا أموالهم مقابل شراء منصب الوزير. ب) المصادرات: أي الاستيلاء على أموال الوزراء وكتابهم بعد إقصاء الوزيرعن منصبه، حتى أن الوزير كان يفهم تسلمه لمنصب انه ستصادر أمواله عند عزله عن منصبه. ويعود سبب هذه السياسة إلى: - فراغ بيت المال لعدم تدفق الواردات من الولايات. - الحاجة إلى إخماد الثورات. - أو حتى بهدف الانتقام الشخصي من الوزراء. - لإسراف الطبقة العسكرية والبلاط. 3. وظلت سلطة ونفوذ الوزير على ما هي من الضعف حتى زمن السلاجقة حين ظهرت وظيفة السلطان التي حازها طغرل بيك السلجوقي التي قضت على ما للوزارة من نفوذ متبق.
تلخيص العوامل التي أثرت على الوزير في هذا العصر: 1. مدى ارتباط الوزير بالمحاور والتكتلات في الدولة. 2. قوة الخليفة وضعفه. 3. نوعية العلاقة بينه وبين الحاشية والحريم في البلاط. 4. الأزمات المالية والإدارية التي كان عليه أن يواجهها في فترة استيزاره. 5.موقف قادة الجيش من الوزير. 6. الاضطرابات والفتن السياسية التي شهدها عهده وطبيعة معالجته لها.
أنواع الوزارة: انقسمت الوزارة في عهد العباسيين إلى قسمين:
1. وزارة التفويض: وهي ان يعهد الخليفة بالوزارة إلى رجل يفوض إليه النظر في أمور الدولة والتصرف في شؤونها دون الرجوع إليه. ولكن يطلعه على ما قد يقرره فيما بعد ولم يبقى للخليفة بعد ذلك الا: - ولاية العهد. - وسلطة عزل من يوليهم آل- برمك. ومثالا على وزارة التفويض هي وزارة آل- برمك.
2.وزارة التنفيذ: وهي التي تكون فيها مهمة الوزير تنفيذ اوامر الخليفة وعدم التصرف بشؤون الدولة من تلقاء نفسه بل كان يعرض أمور الدولة على الخليفة ويتلقى اوامره فيها. صلاحيات وزير التنفيذ: ولم يكن بهذا سوى واسطة بين الخليفة والولاة ورعيته في شؤون الدولة. ينفذ ما يأمره به الخليفة وينقل ما استمع إليه من الناس والولاة في شؤون الدولة.
شروط الوزارة المطلوبه بمنصب وزارة التفويض وغير مطلوبة بمنصب وزارة التنفيذ:
1. الحرية: ان يعمل من منطلق حر وان لا يكون عبدا. 2. الإسلام: ان يكون مسلما فلم يحق لغيرالمسلمين تقلد هذا المنصب مثل أهل ذمه. 3. العلم بالاحكام الشرعية والدين الإسلامي: عالم بالدين الإسلامي: السنة القران وهذا منطلق ان المسلم عليه التقيد بالشرعيه الإسلامية. 4. المعرفة بامرى الحرب والخراج: أي المعرفة بجبي الأموال وله خبرة بادارة بيت المال من مصروفات ومدخولات بيت المال وتسيير الجيوش ويجهزها للحرب ومحنك سياسي ومدبر للجيش.
صلاحيات وزاره التفويض: 1. مباشرة الحكم في المظالم يعطي قرارته وينهي فيها القضايا فهو إذا القاضي للنظر في تظلمات الرعية والشكاوي. 2. الانفراد بتفويض الولاه أي يولي الموظفين ويعزلهم دون الرجوع للخليفة ويعين الولاة وكبار رجال الدولة والموظفين. 3. تسير الجيوش وتدبير الحروب يتولى مسألة الجهاد والتحضير له ويقود الجيوش بنفسه ويجهزها. 4. التصرف بامور بيت المال يقبض ما يستحق له ويدفع ما يجب فيه، أي يعرف بشؤون بيت المال. كل هذه الصلاحيات ليست موجودة في وزارة التنفيذ. تلخيص: وزيرالتفويض في سلطاته كالخليفة يوجه سياسة الدولة ويولي الموظفين ويعزلهم ويجبي الأموال وينفقها يسير الجيوش ويجهزها، ويجلس للمظالم ويفصل فيها متى يشاء.
لكن على الوزير أن يطلع الخليفة على جميع أعماله ومنها: 1) أن يطلع الخليفة على جميع أعماله من تدبير وتقليد حتى لا يكون في استبداده بها كانه خليفة. 2) للخليفة عزل الوزير وأبطال أعماله متى شاء. 3) ليس له أن يعزل من قلده الخليفة وللخليفة أن يعزل من قلده الوزير. 4) للخليفه وحده الحق في ان يستعفي من الخلافة وان يعهد إلى من يريد بالخلافة من بعده وليس للوزير شيء بذلك.
- بوابة الإسلام