بروجستوجين (دواء)
البروجستوجين (بالإنجليزية: progestogen)، يُشار إليه أيضًا باسم «بروجستاجين» أو «جستاجين» أو «جستوجين»، نمط دوائي يمنح تأثيرات مشابهةً للتأثيرات الطبيعية الناجمة عن الهرمون الجنسي الأنثوي «البروجستيرون» على الجسم، ويُعد هذا الدواء بروجستيرونًا صنعيًا. تُستخدم البروجستوجينات عادةً في تحديد النسل هرمونيًا وضمن نظام العلاج الهرموني في فترة الضهي. يمكن استخدامها لعلاج الاضطرابات النسائية وتحسين الخصوبة ودعم الحمل وخفض مستوى الهرمونات الجنسية لأهداف عديدة علاوةً على استطبابات أخرى.[1]
تُستخدم البروجستوجينات لوحدها أو بالتشارك مع الإستروجينات، وتتوافر بتراكيب صيدلانية متنوعة، ويمكن إعطاؤها بطرق مختلفة.[2] من الأمثلة عليها البروجستيرون الهرموني الحيوي المطابق والبروجستينات مثل أسيتات ميدروكسي بروجستيرون والنوريثيستيرون.[3]
تشمل التأثيرات الجانبية للبروجستوجينات عدم انتظام الحيض والصداع والغثيان وإيلام الصدر وتبدلات المزاج والعُد وزيادة نمو الأشعار وتغير إنتاج البروتينات في الكبد وغيرها. قد تشمل التأثيرات الجانبية الأخرى ارتفاع خطورة سرطان الثدي والأمراض القلبية الوعائية والجلطات الدموية. قد تسبب هذه الأدوية في جرعاتها العالية انخفاض مستوى الهرمونات الجنسية، وتترافق مع اعتلال الوظيفة الجنسية وزيادة خطورة الكسور العظمية.[4][5]
تُعد البروجستوجينات ناهضات لمستقبلات البروجستيرون، وتسبب تأثيرات بروجستوجينية، ولها تأثيرات مهمة على جهاز التكاثر الأنثوي (الرحم وعنق الرحم والمهبل) والثديين والدماغ. تملك العديد من البروجستوجينات الأخرى تأثيرات هرمونيةً مغايرةً قد تشمل التأثيرات الأندروجينية والمضادة للأندروجين والإستروجينية والقشرية السكرية والمضادة للفعالية القشرية المعدنية، إضافةً إلى مناهضة موجهة الغدد التناسلية في الجرعات العالية التي تثبط بقوة إنتاج الهرمونات الجنسية.[6][7][8]
تحدث التأثيرات المضادة للحمل للأدوية البروجستوجينية عبر تثبيط الإباضة وتسمك مخاطية عنق الرحم وبالتالي منع الإخصاب. تملك هذه المركبات تأثيرات مضادة للإستروجين في بعض الأنسجة مثل بطانة الرحم، وهذا يمثل أساس استخدامها في العلاج الهرموني خلال سن الضهي.[9]
دخل البروجستيرون الاستخدام الطبي للمرة الأولى عام 1934، وكان الإيثيستيرون أول البروجستينات المستخدمة طبيًا عام 1939. أمكن لاحقًا تطوير بروجستينات أكثر فعاليةً مثل النوريثيستيرون الذي استخدم في تحديد النسل في خمسينيات القرن العشرين. انتشر ما يقارب 60 بروجستينًا في الأسواق الطبية للاستخدام السريري على البشر أو في الطب البيطري. يمكن تصنيف هذه المركبات إلى فئات وأجيال مختلفة. تتوافر البروجستوجينات على نطاق واسع حول العالم، وتُستخدم بجميع أشكالها لتحديد النسل وفي أنظمة المعالجة الهرمونية لسن الضهي.[10][11][12]
الاستخدامات السريرية
الأشكال المتاحة
تتوافر البروجستوجينات بأشكال متعددة، ويمكن إعطاؤها بطرق متنوعة. تشمل الأشكال الدوائية كلًا من الأقراص والكبسولات الفموية أو الزيوت والمحاليل المائية والمعلقات المعدة للحقن ضمن العضلات أو تحت الجلد إضافةً إلى الأشكال الأخرى (مثل اللصاقات الجلدية والحلقات المهبلية واللوالب الرحمية والغرسات تحت الجلد). دخلت أعداد كبيرة من البروجستوجينات المختلفة السوق الدوائية للاستخدام السريري و/أو البيطري.
تحديد النسل
تُستخدم البروجستوجينات بأشكالها المختلفة لتحديد النسل هرمونيًا عند النساء، وهذا يشمل:
- المركبات الحاوية على خليط من الإستروجين والبروجستيرون: مثل حبوب منع الحمل المركبة ولصاقات منع الحمل المركبة وحلقات منع الحمل المهبلية المركبة وأدوية منع الحمل المركبة القابلة للحقن.[13][14]
- المركبات الحاوية على البروجستوجين فقط: مثل حبوب منع الحمل البروجستوجينية (الحبوب المصغرة) وحبوب منع الحمل الإسعافية الحاوية فقط على البروجستوجين («حبوب اليوم التالي للجماع») وغرسات منع الحمل البروجستوجينية واللوالب البروجستوجينية وحلقات منع الحمل المهبلية البروجستوجينية ومانعات الحمل البروجستوجينية القابلة للحقن.[15]
- تحدث تأثيرات البروجستوجينات المضادة للحمل بآليات متعددة تشمل منع الإباضة عبر التأثيرات المناهضة لموجهة الغدد التناسلية وزيادة سماكة مخاطية عنق الرحم التي تصعب كثيرًا من مرور النطاف عبره، إضافةً إلى خفض القدرة التلقيحية للنطاف بسبب تبدلات سائل العنق، وبالتالي تعجز النطاف عن النفوذ نحو المبيض، وتحدث تبدلات ضمورية في البطانة الرحمية تجعل هذه البطانة غير ملائمة لانغراس الجنين. يمكن لهذه الأدوية أن تنقص حركية أنبوب فالوب وعمل الأهداب المبطنة له.[16]
سن الضهي وقصور الغدد التناسلية
تُستخدم البروجستوجينات بالتشارك مع الإستروجينات في العلاج الهرموني المعيض خلال فترة الضهي عند النساء. يمكن استخدامها أيضًا مع الإستروجينات في العلاج الهرموني لقصور الغدد التناسلية وتأخر البلوغ عند الفتيات والنساء، وللوقاية من فرط تنسج البطانة الرحمية وخفض التعرض لسرطان البطانة الرحمية الذي يزيد مع العلاج بالإستروجين غير المعاكس.
العلاج الهرموني للمتحولين جنسيًا
تُستخدم البروجستوجينات ضمن العلاج الهرموني للنساء والرجال المتحولين جنسيًا. تُستخدم هذه الأدوية بالتشارك مع الإستروجينات لدى النساء المتحولات للمساعدة على تثبيط التستوستيرون وحصر فعاليته. قد تملك هذه الأدوية تأثيرات مفيدةً أيضًا على النساء المتحولات، لكنها لم تحظ بالدعم الكافي وما زالت موضع جدل حتى الآن. من الأمثلة على البروجستوجينات المستخدمة في العلاج الهرموني في هذا السياق: سيبروتيرون أسيتات وأسيتات ميدروكسي بروجستيرون والبروجستيرون. تُستخدم البروجستوجينات الأخرى مثل ميدروكسي بروجستيرون ولاينيسترينول لدى الرجال المتحولين جنسيًا للمساعدة على تثبيط الدورات الطمثية. تُستخدم هذه الأدوية أيضًا لتأخير البلوغ لدى الفتيان والفتيات المتحولين جنسيًا.
استخدامات أخرى
استخدمت بعض البروجستوجينات مثل الميجيستيرول أسيتات وأسيتات ميدروكسي بروجستيرون بجرعات عالية لإنقاص حدوث هبات الحرارة لدى الرجال الخاضعين للعلاج بالحرمان من الأندروجين كما في حالات العلاج من سرطان البروستات.
اضطرابات الدورة الطمثية
يُستخدم البروجستوجين لعلاج اضطرابات الدورة الطمثية مثل انقطاع الحيض الثانوي والنزف الرحمي الشاذ. تحرض المستويات المتناقصة من البروجستيرون حدوث الطمث خلال الدورة الطمثية الطبيعية. قد تُستخدم البروجستوجينات مثل النوريثيستيرون أسيتات والميدروكسي بروجستيرون أسيتات لتحريض طمث صنعي مرافق للبروجستيرون في منتصف الدورة الطمثية.
يُستخدم اختبار التحدي بالبروجستوجين أو اختبار سحب البروجستوجين لتشخيص انقطاع الطمث. يندر حاليًا استخدام هذه الاختبارات بسبب توافر الأدوات اللازمة لقياس مستويات الإستروجين.
الاضطرابات الرحمية
تُستخدم البروجستوجينات للوقاية من الاضطرابات الرحمية وعلاجها. تشمل هذه الاضطرابات فرط تنسج البطانة الرحمية والانتباذ البطاني الرحمي والورم الليفي الرحمي ونقص تنسج الرحم.
اضطرابات الثدي
تُستخدم البروجستوجينات لعلاج اضطرابات الثدي الحميدة، إذ تنقص ألم الثدي وتكاثر خلاياه وتخفض حجم غدده وتزيل العقد النسيجية. تشمل البروجستوجينات المستخدمة لهذه الأغراض كلًا من البروجستيرون الموضعي والديدروجستيرون والبروميجستون ولاينسترينول وأسيتات ميدروكسي بروجستيرون ودينوجيست وميدروجستون.[17][17]
تُستخدم البروجستوجينات في علاج نقص تنسج الثدي ونقص خزون الحليب لأنها تحرض تطور الحويصلات والفصيصات في الثديين وهذا ضروري لإنتاج الحليب والإرضاع الطبيعي.[18]
تضخم غدة البروستات
يُستخدم البروجستوجين بجرعات عالية لعلاج فرط تنسج البروستات الحميد، إذ يعمل على تثبيط إنتاج التستوستيرون التناسلي وبالتالي يخفض مستوياته الجائلة في الدوران. تحرض الأندروجينات مثل التستوستيرون نمو غدة البروستات.[14]
سرطان بطانة الرحم
أظهرت الدراسات عام 1959 أن البروجستوجينات فعالة في علاج فرط تصنع بطانة الرحم وسرطاناتها عند استخدامها بجرعات عالية، وبالتالي حظيت الجرعات المرتفعة من الجستونورون كابرويت والهيدروكسي بروجستيرون كابرويت والميدروكسي بروجستيرون أسيتات والميجيستيرول أسيتات بموافقة الاستخدام لعلاج سرطان بطانة الرحم.[13]
سرطان الثدي
تُعد البروجستوجينات مثل الميجيستيرول أسيتات والميدروكسي بروجستيرون أسيتات فعالةً في جرعاتها المرتفعة في علاج سرطان الثدي المتقدم التالي لسن الضهي، وشاع تصنيفها ضمن علاجات الخط الثاني لهذه الحالات. نتج عن استخدام هذه الأدوية تأثيرات جانبية متعددة مثل ضيق النفس واكتساب الوزن والنزف المهبلي والغثيان واحتباس السوائل وفرط الضغط الدموي والتهاب الوريد الخثاري والاختلاطات الخثارية الصمية. وُجد أيضًا أن الميجيستيرول أسيتات أقل فعاليةً بكثير من مثبطات الأروماتاز في علاج سرطان الثدي، لذا انتقلت البروجستوجينات إلى الخط الأدنى في التسلسل العلاجي لهذا المرض.[19]
يمثل الميجيستيرول أسيتات البروجستوجين الوحيد المرخص من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج سرطان الثدي. ما تزال آلية عمل البروجستوجينات في علاج هذا السرطان مجهولةً، لكنها قد ترتبط بتأثيراتها المضادة للإستروجين و/أو المضادة لموجهة الغدد التناسلية.[20]
سرطان البروستات
استخدمت بعض البروجستوجينات بجرعات عالية لعلاج سرطان البروستات، خاصةً تلك الحاملة لخصائص مضادة للأندروجين. تشمل هذه الأدوية كلًا من سيبروتيرون أسيتات وكلورمادينون أسيتات وميجيستيرول أسيتات. خضعت البروجستوجينات الأخرى مثل ميدروكسي بروجستيرون أسيتات وهيدروكسي بروجستيرون كابرويت وجستونورون كابرويت للدراسة، لكنها لم تظهر فعاليةً كافيةً. تعمل هذه الأدوية على تثبيط إنتاج التستوستيرون من الغدد التناسلية وبالتالي تخفض مستواه الجائل في الدوران الدموي. تحرض الأندروجينات مثل التستوستيرون نمو أورام البروستات.[20]
المراجع
- "Pharmacology of estrogens and progestogens: influence of different routes of administration" (PDF)، Climacteric، 8 Suppl 1: 3–63، 2005، doi:10.1080/13697130500148875، PMID 16112947، S2CID 24616324، مؤرشف من الأصل (PDF) في 18 يوليو 2022.
- "Progestogen therapies: differences in clinical effects?"، Trends Endocrinol. Metab.، 15 (6): 277–85، أغسطس 2004، doi:10.1016/j.tem.2004.06.006، PMID 15358281، S2CID 35891204.
- "The World Federation of Societies of Biological Psychiatry (WFSBP) guidelines for the biological treatment of paraphilias"، World J. Biol. Psychiatry، 11 (4): 604–55، 2010، doi:10.3109/15622971003671628، PMID 20459370، S2CID 14949511.
- Glasier, Anna (20 مارس 2015)، "Chapter 134. Contraception"، في Jameson, J. Larry؛ De Groot, Leslie J.؛ de Krester, David؛ Giudice, Linda C.؛ Grossman, Ashley؛ Melmed, Shlomo؛ Potts, John T., Jr.؛ Weir, Gordon C. (المحررون)، Endocrinology: Adult and Pediatric (ط. 7th)، Philadelphia: Saunders Elsevier، ص. 2306، ISBN 978-0-323-18907-1.
- Pattman, Richard؛ Sankar, K. Nathan؛ Elewad, Babiker؛ Handy, Pauline؛ Price, David Ashley, المحررون (19 نوفمبر 2010)، "Chapter 33. Contraception including contraception in HIV infection and infection reduction"، Oxford Handbook of Genitourinary Medicine, HIV, and Sexual Health (ط. 2nd)، Oxford: Oxford University Press، ص. 360، ISBN 978-0-19-957166-6،
Ovulation may be suppressed in 15–40% of cycles by POPs containing levonorgestrel, norethisterone, or etynodiol diacetate, but in 97–99% by those containing desogestrel.
- "IBM Watson Health Products: Please Login"، مؤرشف من الأصل في 8 فبراير 2022.
- Sweetman, Sean C., المحرر (2009)، "Sex hormones and their modulators"، Martindale: The Complete Drug Reference (ط. 36th)، London: Pharmaceutical Press، ISBN 978-0-85369-840-1.
- "List of Progestins"، مؤرشف من الأصل في 9 يونيو 2022.
- Index Nominum 2000: International Drug Directory، Taylor & Francis، يناير 2000، ISBN 978-3-88763-075-1، مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2022.
- J. Elks (14 نوفمبر 2014)، The Dictionary of Drugs: Chemical Data: Chemical Data, Structures and Bibliographies، Springer، ISBN 978-1-4757-2085-3، مؤرشف من الأصل في 17 يناير 2022.
- John David Gordon؛ Jan Rydfors؛ Maurice Druzin؛ Yasser El-Sayed؛ Yona Tadir (2007)، Obstetrics, Gynecology & Infertility: Handbook for Clinicians، Scrub Hill Press, Inc.، ص. 229–، ISBN 978-0-9645467-7-6.
- Ronald S. Gibbs (2008)، Danforth's Obstetrics and Gynecology، Lippincott Williams & Wilkins، ص. 568–، ISBN 978-0-7817-6937-2، مؤرشف من الأصل في 16 أبريل 2022.
- Michelle A. Clark؛ Richard A. Harvey؛ Richard Finkel؛ Jose A. Rey؛ Karen Whalen (15 ديسمبر 2011)، Pharmacology، Lippincott Williams & Wilkins، ص. 322، ISBN 978-1-4511-1314-3.
- Bhattacharya (01 يناير 2003)، Pharmacology, 2/e، Elsevier India، ص. 378، ISBN 978-81-8147-009-6.
- J. Larry Jameson؛ Leslie J. De Groot (25 فبراير 2015)، Endocrinology: Adult and Pediatric E-Book، Elsevier Health Sciences، ص. 2304–، ISBN 978-0-323-32195-2.
- "Role of progestins in contraception"، Acta Obstet Gynecol Scand، 84 (3): 207–16، مارس 2005، doi:10.1111/j.0001-6349.2005.00759.x، PMID 15715527، S2CID 6887415.
- "Estrogenic side effects of androgen deprivation therapy"، Rev Urol، 9 (4): 163–80، 2007، PMC 2213888، PMID 18231613.
- "Chlormadinone acetate is effective for hot flush during androgen deprivation therapy"، Prostate Int، 1 (3): 113–6، 2013، doi:10.12954/PI.12010، PMC 3814123، PMID 24223412.
- "Dydrogesterone and other progestins in benign breast disease: an overview"، Arch. Gynecol. Obstet.، 283 (2): 369–71، فبراير 2011، doi:10.1007/s00404-010-1456-7، PMID 20383772، S2CID 9125889.
- "Cyclic progestin therapy for the management of mastopathy and mastodynia"، Gynecol. Endocrinol.، 15 Suppl 6: 37–43، ديسمبر 2001، doi:10.1080/gye.15.s6.37.43، PMID 12227885، S2CID 27589741.
- بوابة طب
- بوابة صيدلة
- بوابة الكيمياء