بكر صوباشي

بكر صوباشي من أشهر الولاة العثمانين، حكيت عنه القصص الشعبية الكثيرة وألفت حوله الأساطير لما كان له من صيت وسمعة بين العراقيين.

بكر صوباشي
معلومات شخصية

سيرته

بكر صوباشي أحد قادة الدولة العثمانية الذين حكموا بغداد، وكانت نهاية الحكم العثماني في عهده الأول على يد هذا الرجل. وصوباشي: أصلها سباشي تعني قائد الشرطة في تعبيرنا المعاصر، أو قائد الجيش. احتل السلطان سليمان القانوني بغداد في جمادى الأولى عام 1534 م/ 941 هــ بدون قتال بعد أن قام الصدر الأعظم العثماني إبراهيم باشا باحتلال تبريز عاصمة الصفويين آنذاك، ثم عطف على بغداد فاحتلها بدون قتال ليستخلصها من الحكم الصفوي الذي دام 34 سنة، من سنة (914 هـ-1508م) حتى سنة (941 هـ-1534 م). وقد استمرت هذه الحقبة من العهد العثماني حدود 87 سنة (سنة 1033 هـ. 1626 م) بثورة بكر صوباشي على حكومته العثمانية، وهي حادثة ظلت ماثلة في الأذهان مدة طويلة من الزمن، والقصة نفسها يجب أن يحجز لها مكان بارز في قاموس الخيانة من جهة والكذب والتزوير للتاريخ من جهة أخرى. كان بكر صوباشي من جنود فرقة المشاة العسكرية المعروفة بالانكشارية، وأصلها (ينكجري) أي الجيش الجديد، وكانت هذه الفرقة منظمة تنظيما خاصاً، لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذاً. ثم أوصله الترفيع حتى وصل إلى درجة صوباشي يعني ملازم في الجيشثم آمرا للسرية ثم أصبح آغا الانكشارية أي قائد قوة الانكشارية، وصار 12000 ألاف جندي رهن إشارته. أصبح الصوباشي ملك بغداد غير المتوج فتفوقت سلطته على سلطة الحاكم يوسف باشا، وكان جبارا عنيدا يمارس الظلم والقهر، ويفتك بالمعارضين له، فدان له الكثير من الناس خوفا وطمعا. وفي سنة 1621 م انحدر الصوباشي بمجموعة كبيرة من الجند إلى أسفل الفرات –مناطق السماوة والناصرية- لمقاتلة العشائر العراقية الثائرة هناك. فاستغل خصوم صوباشي لا سيما خصمه اللدود محمد قنبر قادة قوة العزاب (وهم 4000 آلاف مقاتل كانوا من غير المتزوجين، لذا سموا بالعزاب) فاستغل عدم وجود بكر في بغداد فدعوا إلى مؤتمر اجتمع فيه القادة والضباط وأعيان بغداد، وقرر المؤتمر تقديم شكوى للوالي يوسف باشا بعزله. وأبلغ المؤتمرون الكهية عمر –والكهية أعلى موظف إداري في بلاط الحكومة- لإبلاغ خبر اجتماع الأعيان إلى الوالي، لكن الكهية نفسه كان أحد أذرعة بكر صوباشي، فاجتمع حزب الصوباشي بقيادة الكهية عمر وابنه محمد وأغلقوا الشوارع وحاصروا الحاميات التي كان يتحصن فيها جنود الوالي يوسف باشا، وانتهت معركة الشوارع بانتصار كبير للثائرين. فكتب محمد قنبر على نحو عاجل رسالة إلى ابنه الذي كان ضمن جيش الصوباشي يطلب فيها من ولده قتل بكر صوباشي، لكن لسوء حظه أن وقعت الرسالة بيد الصوباشي فارتحل إلى بغداد مسرعا وعبر دجلة تحت وابل شديد من نيران القلعة التي يتحصن فيها الوالي. ومن حسن حظه أن جاءت رصاصة طائشة قضت على حياة الوالي، فافتتح الصوباشي القلعة وقتل من شاء قتله من جنود الوالي، وفر قسم منهم إلى البوادي، وألقي القبض على محمد قنبر وثمانية آخرين من الأعيان، وقتلوا أبشع قتله حيث وضعهم في زورق مملوء بالقار والكبريت ثم أشعل فيه النهار، وكان من جملة القتلى مفتي بغداد والكثير من الوجهاء والأعيان، وأعيدت إلى ذاكرة العراقيين ضحايا هولاكو وتيمور لنك. جرى كل ذلك في بغداد والحكومة العثمانية في إسطنبول غارقة في مشاكلها الخاصة. ثم رأى الصوباشي أن يكاتب عاصمته بما جرى في بغداد فأرسل كتابا إلى السلطان العثماني مراد يخبره بأنه أنقذ بغداد من الفتنة والعنف وقتل الخائن يوسف باشا، وطلب منه تعيينه واليا على بغداد. وساهمت الظروف الطبيعية في تضييق الخناق على الصوباشي فقد حلَّ في تلك السنة قحط شديد، ولم تهطل الأمطار، فجاءت موجة نزوح كبيرة من قبائل نجد إلى العراق، فغلت الأسعار، وأصبحت المواد الغذائية شحيحة جدا، فهجم الناس على مخازن الأعذية، وبعد عدة أسابيع انفرجت الأزمة حين مدت إيران البلاد بكميات كبيرة من الطعام، وجاءت الأكلاك من الموصل فأنفذت أهل بغداد والجنوب من المجاعة. لم يستجب السلطان لطلب الصوباشي بتعيينه واليا على بغداد، بل عيَّن رجلا يدعى سليمان باشا، وأرسل الفور أحد القادة وهو علي آغا ليتسلم بغداد من الصوباشي حتى وصول الوالي سليمان. لكن الصوباشي لم يتورع عن قتل مبعوث السلطان علي آغا فتأزمت علاقته بالسلطات بشكل كبير. فأمر السلطان والي ديار بكر حافظ أحمد ووالي شهرزور ومرعش وغيرها من المناطق المتاخمة للعراق لإعداد قوة لغزو بغداد لتخليصها من الصوباشي. فاجتمع عسكر كبير من عشرين ألف مقاتل إضافة إلى قطعات من المقاتلين الأكراد وتجمعت هذه الجيوش في الموصل، وهي تنتظر المدد من الولايات الأخرى. ثم بدأ التحرك باتجاه بغداد ووصلت طلائع الجيش العثماني إلى أسوار بغداد الشمالية، فأغلق الصوباشي سور المدينة وتحصن فيها، لكن الجنود العثمانيين أخذوا يغيرون على القرى خارج بغداد، فباغتهم الصوباشي تلك بالإغارة عليهم ليلا فقتل منهم من قتل، وفرَّ آخرون واضطروا إلى التراجع إلى ديالى. ثم عادت القوة العثمانية بعد أكثر من سنة لمحاصرة بغداد بقيادة حافظ أحمد باشا أمير أمراء ديار بكر، واستدرج الصوباشي للخروج من جيشه إلى خارج السور، فدارت وقعة بين الطرفين، استمرت يوما وليلة اضطر الصوباشي على أثرها الانسحاب والعودة إلى داخل السور، بعد أن ترك ثلاثة آلاف وسبعمائة قتيل من اتباعه في أرض المعركة. وأسر منه ألفان وخمسمائة مقاتل، قتلهم حافظ باشا بأجمعهم. وضاق الحصار على بغداد بأهلها وخلت الأسواق من الطعام، فلم يجد الصوباشي حلا سوى مكاتبة الشاه عباس الصفوي يدعوه بالحضور إلى بغداد بجيشه لاستلام مفاتيح المدينة. فأرسل الشاه عباس أوامر مستعجلة إلى والي همدان صفي قلي خان، وأمره بتسيير جيش كثيف لدخول بغداد واستلامها من الصوباشي. وحاول الصوباشي اللعب على الطرفين فأرسل إلى قادة الجيش العثماني يعلمهم بتقدم الشاه عباس تجاه بغداد، وأبدى استعداده للدفاع عن المدينة مع الجيش العثماني، إن وافقت الحكومة العثمانية على تنصيبه واليا على بغداد. لكن الأوامر جاءت بتعيينه واليا على الرقة، فثار ثورة شديدة وكاد يقتل الرسل، فلم يجد قادة الجيش العثماني من حل غير إسناد باشوية بغداد للصوباشي. فلما اطمئن الصوباشي بحصل مراده انقلب على الشاه الصفوي وأرسل رسالة شديدة اللهجة، مليئة بالاحتقار والتهكم للقائد الإيراني صفي قلي خان. وصلت الرسالة إلى الشاه عباس فقرر الذهاب بنفسه إلى الحدود، وجمع الجيوش من كل مكان، فرأى قادة الجيش العثماني أن لا طاقة لهم بجنود الشاه، فانسحبوا إلى الموصل تاركين الصوباشي يواجه مصيره، ويأكل طبق السم الذي أعده بيده. وصلت جيوش الشاه إلى مشارف بغداد فاستقبلتهم رسل الصوباشي بمقترح أن يتحمل الصوباشي كل النفقات المالية للحملة، مقابل رجوع تلك الجيوش من حيث أتت. وصل الشاه بنفسه قرب أسوار بغداد وطلب من الصوباشي الاستسلام لكن الصوباشي أبى الأستسلام، وبعث برسائل كثيرة إلى حكومته يطلب النجدة ولكن لا من مجيب. وبدأ أتباع الصوباشي يهربون إلى معسكر الشاه طلبا للنجاة بأنفسهم، وكان من جملة الفارين أقاربه، وقام ابنه محمد بمراسلة الشاة سرا وكان قائد الحامية العسكرية، ووعد الشاه بفتح أبواب القلعة مقابل توليته منصبا كبيرا في بغداد. وفي ليلة الثامن والعشرين من تشرين الثاني سنة 1623م، فتح ابن الصوباشي أبواب القلعة فدخل المقاتلون الأيرانيون وما أن حلَّ الصباح حتى دقت الطبول بانتصار الشاه ودخوله المدينة دون أي مقاومة. وأحضر الصوباشي مكبلا أمام الشاه، فدهش عندما رأى ابنه محمد جالسا متكأ إلى جانب الشاه، ثم أمر به فأعدم. ثم زار الشاه العتبات المقدسة وعاد إلى بلاده، بعد أن نصب صفي قلي خان واليا على بغداد، واستمر الحكم الصفوي في هذه المرة سبعة عشر سنة فقط، حيث سقطت بغداد على يد السلطان العثماني مراد الرابع مرة أخرى.[1]

معارك المحلات

في عهد المماليك جرت العادة إنه حين ينشب نزاع ما بين فريقين منهم على الحكم تنتقل عدوى النزاع إلى سكان بغداد.[2] فكل فريق من المماليك كان يستنجد عند حصول النزاع بحلفائه من رؤساء المحلات البغدادية.ويرجع سبب انتقال حمى النزاع ما بين المماليك إلى محلات بغداد واصطفاف كل محلة خلف أحد الفريقين المتصارعين إلى أن المماليك انفسهم نشأوا منذ طفولتهم في محلات بغداد.[3] وبذلك كانوا يختلفون عمن سبقهم من الولاة العثمانيين إن المماليك كانوا يعتبرون أنفسهم من سكان بغداد بحكم نشأتهم فيها.[4]

أسماء حكام المماليك في العراق

الاسم فترة حكمه
سليمان باشا (أبو ليلة) 1762-1749
علي باشا (علي الأول) 1764-1762
عمر باشا 1776-1764
مصطفى باشا الإسبيناخجي 1776-1776
عبد الله باشا 1777-1776
حسن باشا الكركوكلي 1779-1778
سليمان الكبير 1802-1780
علي باشا الكهية (علي الثاني) 1807-1802
سليمان الصغير 1810-1807
عبد الله آغا التوتونجي 1813-1810
سعيد باشا 1817-1813
داود باشا 1831-1817

المراجع

  1. تاريخ العراق العثماني ، عماد عبد السلام رؤوف
  2. كتاب لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج1 - الدكتور علي الوردي - ص155،.
  3. كتاب لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج1 - الدكتور علي الوردي - ص156،.
  4. ستيفن همسلي لونكريك(أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) - ترجمة جعفر الخياط - بغداد سنة 1962م - ص223،.
  • بوابة أعلام
  • بوابة العراق
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.