بيئة العمل اليابانية
يتشارك العديد من الناس من داخل اليابان وخارجها صورة لبيئة العمل اليابانية التي تقوم على كلاً من توظيف الخريجين الجدد في آن واحد (شينسوتسو إيكاتسو سايو新卒一括採用) والتوظيف لمدى الحياة (شوشين كويو終身雇用) ويعتبر هذين المفهومين نماذج مستخدمة من قبل الشركات الكبيرة وأيضاً يعتبران صيتاً لساعات العمل الطويلة والتفاني الكبير للموظف تجاه الشركة أو المؤسسة التي يعمل فيها، ويقال أن بيئة العمل هذه تعكس الظروف الاقتصادية التي بدأت في عشرينيات القرن الماضي عندما بدأت كبرى الشركات التنافسية في الاسواق العالمية بامتلاك نفس النفوذ والذي يشار به عادة إلى عهد (الداي ميو ) وهم الزعماء الذين حكموا اليابان الإقطاعية أو ما كان يعرف بالخدمة الحكومية في فترة إصلاح ميجي. وعلاوة على ذلك تقوم الشركات المرموقة بتوظيف أفضل العمال والاحتفاظ بهم عن طريق تقديم مميزات وفوائد عمل أفضل وتوفير ما يعرف بالأمن الوظيفي لمدى الحياة. وبحلول الستينيات أصبح العمل في إحدى الشركات الكبيرة والمرموقة هدفاً لأبناء الطبقة الوسطى الجديدة ويتطلب السعي نحو هذا الهدف تعبئة الموارد الأسرية والمثابرة الفردية الكبيرة من أجل تحقيق النجاح في نظام التعليم الذي يتسم بالتنافس الشديد.
ويتوقع من الموظفين العمل بجد وإظهار الولاء للشركة التي يعملون فيها وذلك مقابل الحصول على قدر من الأمن الوظيفي وبعض المزايا مثل إعانات الإسكان والتأمين الجيد واستخدام مرافق الترفيه والحصول على المكافآت واستحقاق المعاشات التقاعدية. في بداية أي عمل تكون الأجور منخفضة ولكن الموظفين القدامى يحصلون على المكافآات وعليه فإنه يتم اعتماد الترقيات بناءً على مزيج من الأقدمية والكفاءة في أداء العمل. ولا تعتمد القيادة على الحزم واتخاذ القرارات بشكل سريع بل انها تعتمد على القدرة على خلق توافق بين الآراء مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات المرؤوسين، وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت للعديد من الموظفين إلى استمرار تفضيل أرباب العمل كثيري المطالب ولكنهم يبدون اهتماماً بحياة الموظفين الشخصية على أولئك الذين هم اقل تطلباً ولكن اهتمامهم الوحيد هو جودة أداء العمل. ويكافئ هذا النظام الموظفين الذين يعملون بروح الفريق والمشار الية بترتيل الاغنية الخاصة بالشركة والتي تتضمن اهداف الشركة وتعزز من قيمها وأيضا عدم التمتع بجميع أيام الاجازات المسموحة التي يمتلكها الموظف وكذلك العمل على مشاركة النجاح مع افراد الفريق من اجل الوصول إلى الإنجازات المنشودة مع فريق العمل، ويعبر عن الفخر في العمل عن طريق التنافس مع الأقسام المماثلة في الشركة نفسها أو مع تلك الموجودة في شركات أخرى في مجال العمل التجاري ذاته. وهكذا يتم دفع الأفراد ضمن الشركة الواحدة للحفاظ على ما يعرف ب (وا) أي (الانسجام) وكذلك المشاركة في الأنشطة الاجتماعية ليس خلال ساعات العمل وحسب بل وفي ساعات الاختلاط الاجتماعي أيضا وتعرف هذه الساعات في اليابان ب (نوميكاي) غير أن صورة الولاء الجماعي قد تكون مسالة أيدولوجية أكثر من مفهوم يتم ممارسته على أرض الواقع وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يصلون إلى مناصب أو مكانات عالية.
الشركات الصغرى
لا يتمتع جميع الموظفين بمزايا ممارسات التوظيف تلك وبيئات العمل. وقد اتضح أن 64% من الأسر في عام 1985 تعتمد على الأجور أو الرواتب في أغلب دخلها، وأغلب هؤلاء العمال يعملون في الشركات الصغيرة أو المتوسطة التي لا تمنح مميزات العمل المتواجدة في الشركات الكبيرة أو حتى تصل إلى مستوى نجاحها بالرغم من أهداف أصحابها الجيدة. وحتى في الشركات الكبيرة فإن التمييز بين الموظف الدائم والموظف المؤقت قد جعل العديد من الموظفين ومعظمهم النساء غير مؤهلين للحصول على المزايا والترقيات، وهؤلاء العمال كانوا الأكثر عرضة للفصل بسبب الظروف الاقتصادية المتردية. وقد قام العالم الياباني دروني كي كوندو(Dorinne K. Kondo) بمقارنة بين وضع الموظفين المؤقتين والموظفين الدائمين وفقا لفروق باشنكز بين كل من الاعضاء الدائمين والمؤقتين (انظر العائلات اليابانية) مع إيجاد درجات مختلفة للظروف الخارجية والداخلية ضمن شركة ما. واستمرت تقاليد الأعمال الحرة والإرث الياباني بما يخص وسائل العيش بين التجار والحرفيين والمزارعين والصيادين الذين شكلوا ما يقارب 20% من القوى العاملة في عام 1985. وهؤلاء العمال تنازلوا عن الأمن الوظيفي من أجل الاستقلال الذاتي، وبإمكانهم زيادة دخلهم بالأجور عند الضرورة. وكما هو متعارف عليه فإن مثل هذه الأعمال التجارية تستخدم عمالة الأسر غير المدفوعة ولكن الزوجات أو حتى الأزواج من المرجح ان يذهبوا الي العمل في المصانع أو المكاتب ويتركوا الأزواج أو الاباء المتقاعدين للعمل في المزارع ومراقبة المتاجر. فمن ناحية، تقوم السياسات اللامركزية بتوفير وظائف بدوام جزئي في المصانع للأسر التي تعمل في الفلاحة، ومن ناحية أخرى نشأت البطالة بسبب التراجع الصناعي والذي يؤثر على عمال الريف تماماً مثل عمال الحضر. في حين أن نسبه البطالة في اليابان منخفضه بالمقارنة مع غيرها من الدول الصناعية الأخرى (بلغت نسبتها اقل من3% خلال أواخر سنه 1980) وما يقارب 400,000 عامل باليومية لا يتشاركون اياً من الأمن أو الثراء مع الموظفين الذين يتمتعون بفوائد التوظيف لمدى الحياة.
بلغت نسبة نمو القوى العاملة في اليابان أقل من 1% سنويا في السبعينيات والثمانينيات، وفي عام 1991 وصلت هذه النسبة إلى 2,4% من مجموع السكان الذين هم فوق سن الخامسة عشر وهذا المعدل لم يتغير الا قليلاً منذ عام 1970. وقد اختلفت مشاركة القوى العاملة من حيث الفئات العمرية والجنسية المختلفة حيث كانت مشابهة لتلك الموجودة في الدول الصناعية الأخرى في توزيعها النسبي بين الصناعات الأولية والثانوية والثالثية، كما انخفضت نسبة العاملين في قطاع الصناعات الأولية (الزراعة والحراجة وصيد الأسماك) من 17,4% في عام 1970 إلى 7,2% في عام 1990 وكان من المتوقع انخفاضها إلى 4,9% بحلول عام 2000، وبلغت نسبة القوى العاملة اليابانية التي تعمل في قطاع الصناعات الثقيلة 33,7% في عام 1970 ثم انخفضت إلى 33,1% في عام 1987 وكان من المتوقع أن تصل إلى 27,7% في عام 2000، في حين وصلت نسبة القوى العاملة في قطاع الصناعات الخفيفة إلى 47% في عام 1970 ثم ارتفعت إلى 58% في عام 1987 وكان من المتوقع أن يتم تشغيل 62% من القوى العاملة في هذا القطاع بحلول عام 2000. وقد ضمت القوى العاملة خلال السبعينات والثمانينات أكثر من 95% من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 عاما و45 عاما غير أن هذه النسبة انخفضت بشكل حاد بعد سن التقاعد المتعارف عليه والمحدد ب 55 عاماً (ارتفع سن التقاعد لمعظم الرجال إلى 60 عاماً بحلول عام 1990)، وتراوحت أعمار النساء اللواتي شاركن بأكبر نشاط في سوق العمل بين أوائل العشرينات وسن 35 و54 عاماً (انظر النساء العاملات في اليابان). كما بلغ معدل البطالة 2,2% في عام 1992. ويعد هذا المعدل أقل بكثير مما كان عليه الحال في الدول الصناعية الأخرى ولكنه تضاعف تقريباً منذ انهيار تضخم أسعار الأصول في اليابان، وفي الوقت الحالي أصبحت بطالة الشباب تشكل مشكلة كبيرة في كثير من المناطق.
تختلف الأجور بحسب اختلاف الصناعة ونوع العمالة، فالذين يحصلون على أعلى الأجور هم العمال الدائمون في الشركات التي تضم أكثر من ثلاثين موظفاً مثل العاملين في مجالات التمويل والعقارات والخدمة العامة والنفط والنشر والصناعات الناشئة ذات التكنولوجيا العالية أما بالنسبة للعاملين في مجال الصناعات النسيجية والألبسة والأثاث والصناعات الجلدية فيحصلون على أقل الأجور، ويعتبر متوسط أجور المزارعين هو الأسوء ولكن قد يستفيد الفلاح من ممتلكات أراضيه الزراعية فضلا عن الاستفادة من العلاقات السياسية القوية التي يمتلكها قطاع الزراعة مع الحزب الديموقراطي الليبرالي.
وقد ارتفعت الأجور بشكل سريع جداً خلال فترة النمو الاقتصادي المتزايد من عام 1960 م إلى 1973 م. حيث ارتفع معدل الأجور الرمزية إلى 13% سنويا بينما ارتفع معدل الأجور الحقيقية إلى 7% لكل عام. كما انخفضت مستويات الأجور تزامناً مع انخفاض النمو الاقتصادي بين عامي1973م و1987م حيث انخفضت الأجور السنوية الرمزية والحقيقية من 8% إلى 2% على التوالي. وبدأ تزايد الأجور في عام 1987م نتيجةً لارتفاع قيمة عملة الين في ذلك الوقت. وفي عام 1989م استلم الموظفين اجوراً أعلى مما كانت عليه في السنة الماضية حيث كان معدل الدفع لموظفي الصحف (6.7%)، يليهم تجار الجملة والتجزئة (6%)، ومن ثم موظفي الفنادق (5.7%). كما بلغ معدل الدفع لعمال المصانع الذين يعملون في مصانع المعادن (2,5%)، بخلاف اولئك الذين يعملون كمصممي السفن (4.2%) ويعد هؤلاء الأقل أجوراً على الإطلاق حيث ان رواتب الموظفين الإداريين والتقنيين كانت أعلى بما يعادل 20% من الموظفين الذين يعملون في الإنتاج. وفي نهاية الثمانينات كانت الأجور في الشركات المصنعة التي تمتلك 500 عامل أو أكثر تصنف ضمن فئة 100، بينما الشركات التي يبلغ عدد موظفيها من 100 إلى 499 تصنف ضمن فئة 79، أما الشركات التي يكون عدد موظفيها من 30 إلى 99 تصنف ضمن فئة 64، بالإضافة إلى تلك الشركات التي يبلغ عدد موظفيها من 5 إلى 29 يتم تصنيفها ضمن فئة 56.6.فكانت الفجوة بين معدل الأجور المدفوعة لخريجي الكليات والمدراس الثانوية طفيفة ولكنها تزداد كلما تقدم الموظفون في السن حيث أن معدل الأجورالأعلى يكون في سن الخامسة والخمسون وبذلك تستلم الفئة المذكورة أولاً من 60 إلى 80 % فقط من معدل أجر الفئة الثانية.
وفي النموذج القياسي يستلم العمال مكافأتين كبيرتين إلى حد ما بالإضافة إلى الراتب حيث يتم استلام المكافئة الأولى في نصف العام والأخرى في نهايته. وبحلول عام 1988 كان العمال في الشركات الكبرى يستلمون مكافآت مساوية الدفع لـ 1.9 شهراً بينما الذين يعملون في الشركات الصغرى يستلمون مكافآت تعادل الدفع لـ 1.2 شهراً. وبالإضافة إلى هذه المكافآت يستلم العمال في اليابان فوائد إضافية مثل المبالغ المدفوعة كبدل معيشة والحوافز ومكافآت حالات العمل الخاص ومكافآت حسن الحضور والالتزام وتكاليف تغطية المعيشة.
ظروف العمل
تختلف ظروف العمل من شركة إلى أخرى ففي عام 1987م عمل الموظفين حوالي 46 ساعة أسبوعياً كمعدل متوسط كما أن أغلبية الموظفين في الشركات الكبرى كانوا يعملون خمسة أيام في الأسبوع بالإضافة إلى يومي سبت من كل شهر. بينما عمل الموظفون في الشركات الصغرى بما يعادل ستة أيام في كل أسبوع. وبحلول عام 1989م من شهر يناير بدأت المؤسسات الحكومية بإغلاق أبوابها في يوم سبت من كل شهر وذلك لمواجهة الانتقادات العالمية حول الافراط في العمل لساعات طويلة في اليابان. كما قامت النقابات العمالية بتخفيض ساعات العمل واعتبرت ذلك جزء مهم من متطلباتهم، واستجابت العديد من الشركات الكبرى لذلك بشكل ايجابي. و قد انخفضت ساعات العمل في اليابان بشكل تدريجي.[1][2] ففي عام 1986م كان معدل ساعات عمل الموظفين في اليابان يقدر بحوالي 2.097 ساعة مقارنة مع ساعات العمل في الولايات المتحدة والتي تقدر بـ 1.828 ساعة وكذلك 1.702 ساعة في فرنسا. كما انخفض معدل ساعات العمل السنوي في اليابان في عام 1995م إلى ما يعادل 1.884ساعة وبحلول عام 2009م انخفضت ساعات العمل إلى 1.714 ساعة.[3] ومعدل أيام الإجازة لأي عامل ياباني هو خمسة عشر يوما كإجازة مدفوعة في كل سنة ولكن في العادة يتم أخذ سبعة أيام فقط من هذه الإجازة.[4][تحقق من المصدر]
وفي السنوات الاخيرة، أصبحت العقود المؤقتة أكثر شهرة بين الشركات الرائدة وتعرف هذه العقود في اللغة اليابانية بـ (haken) وهو مصطلح ياباني يشير إلى الموظفين المؤقتين الذين يتم إرسالهم إلى الشركات من قبل وكالات التوظيف. وبسبب انخفاض حجم القوى العاملة اليابانية، فقد ارتفع معدل ساعات العمل الأسبوعي في العديد من الشركات المتوسطة وكذلك الشركات الكبرى. وعلى الرغم من ادعاءات العقود بتحديد ثمان ساعات عمل لليوم الواحد فإنه لازال من الشائع للعديد من الموظفين العمل لـ 12 ساعة أو أكثر في اليوم الواحد في مصانع معينة في طوكيو. وفي العديد من الشركات يوجد عقد مكتوب للعمل لساعات اضافية من كل شهر. وغالباً ما تكون ساعات العمل الإضافية التي تتراوح من 20 إلى 40 ساعة هي الخدمة الإضافية وبناء على ذلك لا يتم الدفع لتلك الساعات من العمل.[تحقق من المصدر]
الأمن الوظيفي
يعتبر نظام الحماية الوظيفية في اليابان نظاماً فريد من نوعه وفعالاً مقارنة بالدول الأخرى [5] حيث يعد إخلاص المرء للشركة التي يعمل فيها سمة أساسية ومهمة في الثقافة اليابانية.[6] وتهتم العديد من الشركات اليابانية بتعزيز محيطها الداخلي وحسب ونتيجة لذلك فإن العديد من الأشخاص يستمرون بالعمل مع الشركة نفسها طوال حياتهم. ويسعى الموظفون في اليابان لإستثمار وتطوير الشركة التي يعملون فيها في حين تحاول الشركات الحفاظ على الجو العائلي ورعاية موظفيها.[7] كما يعتبر تثبيط زملاء العمل وادعاء المرض والتصرف بشكل سيئ في العمل من الأمور غير المقبولة في الشركة. وتسعى الشركات في اليابان جاهدة لأجل ضمان أمن الموظفين ومنع استقالتهم حيث قد تحاول الشركات التفاوض على اتفاقيات أفضل مع الموردين والمطالبة بدعم حكومي وإلغاء ساعات العمل الإضافية في سبيل الحيلولة دون تفكير الموظفين في الاستقالة. وتقوم العلاقة بين رب العمل والموظف برفع وتعزيز أمن التوظيف وأخلاقيات المهنة وكذلك الرغبة في العمل لساعات أطول.[8]
التأثير على رعاية دولة اليابان لمواطنيها
اجتمع الليبراليين والفلاسفة المحافظين وذلك لتشكيل رعاية الدولة اليابانية [9] حيث ترتبط ظروف العمل ورعاية الدولة لمواطنيها ببعضها البعض، ونتيجة لانخفاض عدد ساعات العمل على مر السنين فقد انخفض كذلك الضغط على الرعاية المقدمة من قبل الدولة ففي عام 2012م كان معدل زيارة المواطن الياباني للمرافق الطبية اثنتا عشر مرة وهذا يعني بأنها أكثر بثلاث مرات من معدل الزيارات التي يقوم بها المواطن في الولايات المتحدة. [10] ويرجع سبب ذلك إلى حد ما إلى انخفاض النفقات الطبية كما قد يكون السبب هو ارتفاع معدل ضغط ظروف العمل.[11] كما يؤثر الضغط بشكل سلبي كبير على العوامل العقلية والفسيولوجية للأفراد.[12] وتختلف ساعات العمل وفقاً لأنواع الشركات وأحجامها حيث تزداد ساعات العمل في الشركات المتوسطة إلى الكبرى ويعد الضغط الذي يسببه العمل لأكثر من 12 ساعة في اليوم عاملاً مساهماً في الزيارات الطبية المتكررة للمواطنين اليابانيين. وتعد أغلب المستشفيات في اليابان ذات ملكية خاصة ويأتي ذلك نتيجة للتأثير المحافظ في حين تفرض الحكومة قوانين صارمة لتحديد أسعار الرعاية الطبية ويأتي ذلك في إشارة الهيئة الليبرالية لرعاية دولتهم.[13] فكلما زاد الضغط على الموظفين زاد الحمل على رعاية البلاد لهم.
كاروشي (كاروشي)
كاروشي هو مصطلح معناه الموت بسبب العمل الشاق في أماكن العمل اليابانية. ويحدث بسبب الضغط الكبير الناتج عن العمل لما يصل إلى 60 ساعة أو أكثر في الأسبوع (kumarshiro 1993:9 كومارشيرو).
قضية انتحار ماتسوري تاكاهاشي (2016)
في عام 2016 أقدمت امرأة شابه على الانتحار بسبب العمل الزائد مما أثار الشك حول بيئة العمل اليابانية مرة أخرى. ولقد انتحرت ماتسوري تاكاهاشي في يوم الكريسماس من عام 2015 عن عمر ناهز24 عاما وذلك بعد العمل المرهق في شركة دينتسو (Dentsu) المحدودة وهي إحدى كبرى الشركات اليابانية للدعاية والإعلان.[14] ؛ وحدث الانتحار بعد ثمانية أشهر فقط من حصولها على أول وظيفة بدوام كامل في شركة دينتسو وذلك بعد انهائها التعليم الجامعي مباشرة. ومن خلال مشاركاتها ببعض المنشورات في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي عرف الناس أنها كانت تنام فقط لأقل من ساعتين يومياً قبل أن تقدم على الانتحار وكما صرح مكتب ميتا لرقابة معايير العمالة في طوكيو بأن موتها كان له صلة بالعمل والمعروف باسم (karoshi) في اللغة اليابانية ووفقا لما جاء في التقارير الأولية من قبل مكتب الرقابة أن ماتسوري تاكاهاشي كانت تعمل لأكثر من 105 ساعة من العمل الإضافي شهرياً بينما يجب ألا تتعدى ساعات العمل المسموح بها 8ساعات في اليوم و40 ساعة في الأسبوع وفقاً لقانون العمل الياباني.[15] وفي الواقع يجب على الشركات اليابانية أولا إبرام معاهدات خاصه للحصول على موافقة الحكومة إذا ما رغبت في تمديد ساعات عمل موظفيها وذلك وفقا لقانون معايير العمل رقم36 3[16] وفي إطار القيود التي تفرضها المعاهدة يمكن تحديد ساعات العمل بين الموظفين وأصحاب العمل والنقابات العمالية. ومع ذلك فإن النقابات العمالية في اليابان عادة ما تتفق مع القرارات التي تدلي بها الشركة.[17]
وقد تم التركيز على هذه القضية بشكل خاص من قبل العامة وجذبت هذه القضية انتباه الرأي العام مرة أخرى، وبعد الجلسة العامة وكاستجابة لهذه القضية فقد قام مكتب رقابة معايير العمالة والتفتيش بتفتيش الزامي لشركة دينتسو وكشف المكتب أنه تم التعاون مع الشركة للتأكد من أن الموظفين يسجلون أوقات عمل أقل عند دخولهم أو خروجهم من المكتب.[18] وكانت النتيجة صادمة حيث أن ماتسوري تاكاهاشي لم تكن أول موظفة شابة تنتحر في شركه دينتسو.حيث أقدم موظف في شركة دينتسو على الانتحار لنفس السبب في عام 1991 . [19] وبعد هذه الحادثة أصدرت المحكمة العليا في عام 2000 أمراً لشركة دينتسو بتحسين ظروف العمل لديها.[20] غير أن حادثة ماتسوري تاكاهاشي أثبتت أن بيئة العمل في شركة دينتسو لم تتغير منذ وفاة موظفها في عام 1991. ألقت شركة دينتسو اللوم بشكل جزئي في قضية ماتسوري تاكاهاشي على النقص الكبير في القوى العاملة في الشركة بالإضافة إلى تزايد الأقسام كخدمة تقديم المشورة عبر الإنترنت. وقد صرح الرئيس التنفيذي للشركة للعامة قائلا " ينبغي علينا السيطرة على الوضع عن طريق زيادة عدد الموظفين في هذه الأقسام.".[21] ما يزال عمر الموظف في اليابان أمراً مهماً في عدد من الشركات وبالتالي فإنه من الصعب توظيف الأشخاص اعتماداً على احتياجات الشركة.[22] وهذا اقتباس للمدير التنفيذي والذي أشار فيه إلى أن البنية التحتية الاجتماعية اليابانية مستقرة ولكن تدني نسبة التنقل بين الاقسام المختلفة في الشركة من شأنه أن يسبب ضغط للموظفين.
بعد قضية انتحار ماتسوري، قامت إدارة رئيس الوزراء الياباني، آبي، بعقد مؤتمر لتحسين ظروف العمل في اليابان،[23] وقد عقد الاجتماع الأول في سبتمبر من عام 2016. وإضافة إلى ذلك أعلنت الحكومة اليابانية عن تقريرها الأول الذي تحدث عن الإفراط في العمل الذي يؤدي إلى الموت، ووفقاً لهذا الإعلان الرسمي فإن 23% من الشركات الكبرى في اليابان لديها إمكانية وجود ضغط غير قانوني في العمل.[24] وقد أكد وزير الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية ومسؤول مكتب تفتيش العمالة ياسوهيسا شيوزاكي (Yasuhisa Shiozaki) على أهمية تعزيز هذه القطاعات.[25] ويعاني مكتب تفتيش العمالة القياسية الآن من نقص في القوى العاملة بالمقارنة مع عدد الشركات التي يحتاجون إلى التحقيق معها.[26] وبعد مواجهة الانتقادات من العامة، يواجه الآن قانون معايير العمل رقم 36 إمكانية التعديل لثبوت عدم أهليته. وعلى الرغم من المطالبة بتعديل العديد من قوانين العمل، إلا أن القاعدة الاجتماعية لليابان، بما في ذلك الشركات القوية، تمنع هذه القوانين من أن تكون أكثر من مجرد التزام ذاتي ومراقبة للجهد المبذول في العمل.
المستقبل
هناك تحول متزايد في ظروف العمل اليابانية بسبب كلا من: 1. تدخل الحكومة نتيجة لانخفاض معدلات المواليد ومعدلات انتاجية العمل. 2. التنافس المستمر للشركات على العمال والذين تتزايد ندرتهم بشكل مستمر نتيجة لانخفاض عدد السكان في سن العمل ويأتي هذا الأخير كنتيجة لانخفاض معدلات المواليد. وتقوم العديد من الشركات اليابانية بتقليل ساعات العمل مع تحسين ظروف العمل نفسه بما في ذلك توفير وسائل الراحة مثل المرافق والصالات الرياضية، وتضغط الحكومة اليابانية على تثبيت مشروع قانون من شأنه ان يجبر الموظفين على أخذ إجازة لا تقل عن خمسة أيام وأيضا ضمان دفع أجور الموظفين ذوي الدخل المرتفع في قطاعات معينة مثل التمويل وفقاً لكفاءة الأداء في العمل وليس وفقاً لساعات العمل. .[27]
انظر ايضاً
- Simultaneous recruiting of new graduates
- Japanese employment law
- Japanese management culture
- Salaryman
المراجع
- Japanese men working shorter hours: survey | Lifestyle | The Independent نسخة محفوظة 16 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Sayonara, salaryman | The Economist نسخة محفوظة 22 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- Average annual hours actually worked per worker نسخة محفوظة 13 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.
- Rochelle Kopp (2012) OVER WORKED AND UNDERPAID JAPANESE EMPLOYEES FEEL THE BURDEN OF SABISU ZANGYO Japan Intercultural Consulting نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- "Job Security in Japan: Is Lifetime Employment on the Way Out? | Brookings Institution"، Brookings (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 09 يناير 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "Five things that keep Japanese people chained to their jobs"، RocketNews24، 26 أغسطس 2013، مؤرشف من الأصل في 09 يناير 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Tabuchi, Hiroko (19 مايو 2009)، "Japan Pays a Price for Its Lifetime Jobs"، The New York Times، ISSN 0362-4331، مؤرشف من الأصل في 25 مايو 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Harden, Blaine (13 يوليو 2008)، "Japan's Killer Work Ethic"، The Washington Post (باللغة الإنجليزية)، ISSN 0190-8286، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Schwartz, Frank (2003)، The State of Civil Society in Japan، Cambridge University Press Cambridge، ISBN 978-0521534628.
- Squires, David؛ Anderson, Chloe، "U.S. Health Care from a Global Perspective"، مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 2018.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: Cite journal requires|journal=
(مساعدة) - "LP - Karoshi"، 14 فبراير 2009، مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 2009، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.CS1 maint: BOT: original-url status unknown (link)
- Kawakami, Norito؛ Araki, Shunichi؛ Kawashima, Mieko؛ Masumoto, Takeshi؛ Hayashi, Takeshi (01 يناير 1997)، "Effects of work-related stress reduction on depressive symptoms among Japanese blue-collar workers"، Scandinavian Journal of Work, Environment & Health، 23 (1): 54–59، مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 2019.
- Arnquist, Sarah، "Health Care Abroad: Japan"، Prescriptions Blog، مؤرشف من الأصل في 29 يوليو 2017، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Wakatsuki, Emiko Jozuka and Yoko (30 نوفمبر 2016)، "Death by overwork: Pressure mounts on Japan to act"، CNNMoney، مؤرشف من الأصل في 23 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Ministry of Labor, Health and Welfare (أبريل 2016)، "Labor Law in Japan" (PDF)، Ministry of Labor, Health and Welfare، Ministry of Labor, Health and Welfare، مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 مايو 2017.
- "労働基準法"، law.e-gov.go.jp، مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2006، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- 脇田, 滋 (2007)، 労働法を考える، 日本: 新日本出版社، ص. 46, 112.
- INC., SANKEI DIGITAL، "【電通に強制捜査】異例の捜査、悪質性にメス 「働き方改革」背景に"، 産経ニュース (باللغة اليابانية)، مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "社説:電通を強制捜査 企業風土への一罰百戒 - 毎日新聞"، 毎日新聞 (باللغة اليابانية)، مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "裁判所 | 裁判例情報:検索結果詳細画面"، www.courts.go.jp، مؤرشف من الأصل في 13 أغسطس 2017، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "Suicide of young Dentsu employee recognized as due to overwork:The Asahi Shimbun"، The Asahi Shimbun (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 10 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- 日本経営学会 (2006)، 日本型経営の動向と課題:経営学論集第76集، 日本: 千倉書房، ص. 136.
- "アングル:電通社員の過労死問題、残業規制を改革の俎上に - ロイターニュース - 経済:朝日新聞デジタル"، 朝日新聞デジタル (باللغة اليابانية)، مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "平成28年版過労死等防止対策白書(本文) |厚生労働省"، www.mhlw.go.jp، مؤرشف من الأصل في 05 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- INC., SANKEI DIGITAL، "【電通女性社員自殺】電通子会社も立ち入り 塩崎恭久厚労相「過去にも自殺者。極めて遺憾なケース」"، 産経ニュース (باللغة اليابانية)، مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- "労働基準監督官 実情と課題…雇用環境、厳しくチェック : yomiDr. / ヨミドクター(読売新聞)"، yomiDr. / ヨミドクター(読売新聞) (باللغة اليابانية)، مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2016.
- Japan Inc says sayonara to culture of long working hours - FT.com نسخة محفوظة 16 يوليو 2016 على موقع واي باك مشين.
روابط خارجية
- بوابة الاقتصاد
- بوابة اليابان