تل رميدة

تل رميدة (آو تل الرميدة، أو رميده، بضم الراء وفتح الميم، وقد تنطق أرميدة) ويعرف أيضا بجبل رميدة أو الرميدة، أحد مرتفعات مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة. يقع تل الرميدة إلى الغرب من البلدة القديمة في الخليل ويفصله عنها عشارع الشهداء، ويعدّ واحدا من أحياء المدينة. والحي مأهول بالسكان الفلسطينيين، وقد أقيمت فيه عام 1986 مستوطنة رمات يشاي الإسرائيلية، وفيه تواجد عسكري لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. يضم الحي مدرسة قرطبة الابتدائية، وعددا من المشاهد القديمة والآثار التاريخية، مثل مشهد الأربعين، والمقبرة.[1]

تل رميدة
الإحداثيات 31°31′30″N 35°06′08″E  
تقسيم إداري
 البلد دولة فلسطين 
التقسيم الأعلى الخليل 

الموقع

يتراوح ارتفاع تلال مدينة الخليل الواقعة في منتصف محافظة الخليل بين 700-1000 م فوق سطح البحر، ويتميز تل الرميدة -كغيره من تلال الخليل- بكونه مكسوا بالكروم وأشجار الزيتون والتين، وغيرها من الأشجار الكثيفة، كما ورد في مؤلفات كثير من الرحالة العرب القدامى. ويعود ذلك إلى غزارة مياه الأمطار التي تتساقط عليه في فصل الشتاء.

أهم المعالم التاريخية والأثرية

يضم حي تل رميدة عددا من المعالم والمشاهد والآثار منها:

موقع حصن أثري

حفريات في تل الرميدة

أظهرت الحفريات التي قامت بها البعثات الغربية في ستينيات القرن الماضي وجود حصن فوق تل رميدة تعود بقاياه إلى العصر النحاسي، وهو ما اعتبر دليلا على قيام مدينة كنعانية فوق هذا التل كانت نواة قديمة لـ مدينة الخليل القديمة، قبل أن تنتقل إلى الموقع الحالي للبلدة القديمة حول المسجد الإبراهيمي. ونقل مصطفى الدباغ عن كارل بدكر (بالإنجليزية: Karl Baedeker)‏ - مؤلف كتاب "فلسطين وسورية (بالإنجليزية: Palestine and Syria)‏ المنشور في ليبزيج عام 1912، قوله:

"إن الخليل القديمة كانت تقوم في القرب من المدينة الحالية، على "تلة الرميدة" المغطاة بأشجار الزيتون وترى على هذه التلة بقايا جدران ضخمة"[2]

مقام أو مشهد الأربعين

هو مزار إسلامي قديم في مدينة الخليل، يعتبر من بين الزوايا الدينية التي اتخذت أماكن للتعبد والتعليم خلال العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية. وصفه مجير الدين الحنبلي العليمي (ت 860م/ 927هـ) في كتابه: "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل" بعد أن تحدث عن بلد الخليل فذكر الحارات المشهورة به، ثم تناول ما فيه من المدارس والزوايا والمشاهد، وخص مشهد الأربعين بالذكر. فقال:

"وبظاهر البلد من جهة الغرب على رأس جبل هناك مسجد يسمى مشهد الأربعين يقال: أن به أربعين شهيدا، ولم أطلع على نقل في ذلك، والناس يقصدونه للزيارة، وهو موضع مأنوس."[3]

والملاحظ أن مجير الدين لم يذكر اسم الجبل الذي يقع فوقه هذا المشهد، ربما لعدم شهرته بذلك الاسم آنذاك. ولكن مصطفى الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين" قال:

"ويعرف موقعه اليوم باسم "الرميدة""[4]

المقبرة

مقبرة قديمة كائنة فوق تل الرميدة -لا تزال تستخدم - لدفن الموتى من المسلمين في بلد الخليل. وأطلق عليها مجير الدين العليمي في كتابه سالف الذكر اسم المقبرة السفلى، وذكر أنها أهم مقابر الخليل. وقال:

"وبظاهر البلد من المقابر المعدة لدفن أموات المسلمين المقبرة السفلى، وهي قديمة وهي غربي البلد مما يلي حارة الدارية بالقرب من مشهد الأربعين."[5]

تعتبر مقبرة تل رميده جزءا من وقف تميم الداري، وقد أقيم على جزء منها منذ القديم مقبرة لليهود بموجب نظام "التحكير" وهو أحد أنظمة تأجير العقارات والذي كان شائعاً في العهد العثماني، وقد هُجِرت المقبرة فعليا عام 1929،[6] (في هذا العام وقعت أحداث ثورة البراق في فلسطين ضد الاحتلال البريطاني والتي شارك فيها أهل الخليل بقوة، وتعرضوا لعقوبات شديدة من جانب سلطات الاحتلال البريطاني).

وإزاء تزايد الاستيطان الإسرائيلي، يؤكد الفلسطينيون أن الجزء اليهودي من المقبرة إنما يخص الطائفة اليهودية التي كانت تسكن الخليل قبل الهجمة الاستيطانية الحالية، وليس من حق دولة الاحتلال -مهما كانت قوميتها - أن تستبيحها وتطلق يد المستوطنين فيها من حيث توسعتها وإعادة استخدامها وإقامة مدافن جديدة فيها خاصة وأن عشرات البيوت الفلسطينية المأهولة تحيط بالمقبرة حاليا.

عين حبرى

عين حبرى، عين ماء في مدينة الخليل، وحبرى هو أحد أسماء مدينة الخليل القديمة. وقد أورد مجیر الدين العليمي هذه العين ضمن مصادر المياه في مدينة الخليل، وقال:

"ظهرت قريبا من نحو عشر سنين عند المقبرة السفلى، ومنبعها من تحت الجبل الذي على رأسه مشهد الأربعين"[7]

وقد نقل الدباغ في "بلادنا فلسطين" نص مجير الدين -أعلاه- عن "عين حبرى" وأضاف بعد عبارة "مشهد الأربعين" كلمة "الرميده" بين القوسين ().[8]

انتهاكات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين

نظرا لخلفية المكان التاريخية وارتفاعه، استهدف مبكرا بالاستيطان الديني والعسكري الإسرائيلي، مثل غيره أحياء وتلال البلدة القديمة في الخليل. ففي عام 1968م، أقيمت فوق تل الرميدة مستوطنة إسرائيلية غير قانونيةٍ بموجب القانون الدولي الذي يعتبر المنطقة أرضا محتلة.[9][10]

المستوطنة الإسرائيلية المقامة فوق تل رميده تعرف باسم "رامات يشاي". وهذه المستوطنة إحدى 5 مستوطنات إسرائيلية أقيمت في قلب البلدة القديمة في الخليل ومحيطها القريب في نفس العام، منها مستوطنة "كريات أربع" المقامة خارج حدود البلدة القديمة إلى الشرق، ومستوطنة الحي اليهودي، ومستوطنة بيت هداسا (الدبويا)، وبيت رومانو (مدرسة أسامة بن منقذ)، ومستوطنة أبراهام أفينيو (في حي الحسبة/سوق الخضار).[11]

بعد تقسيم مدينة الخليل بموجب بروتوكول الخليل الذي وقعته السلطة الوطنية الفلسطينية، ودولة إسرائيل، في عام 1997، تم ضم البلدة القديمة بالخليل بما فيها المسجد الإبراهيمي، وما يحيط بهما من مستوطنات إسرائيلية من جهتي الشرق والغرب، ومن ضمنها مستوطنة تل الرميدة، إلى ما عرف بمنطقة الخليل 2 (منطقة خ 2) والتي وضعت تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة[3].

يتعرض سكان حي تل الرميدة الفلسطينيون لانتهاكات عنيفة، وصفت بالحرب الشرسة تشمل الاستيلاء على بعض المنازل والأراضي المملوكة للفلسطينيين لصالح المستوطنين. ومن أشكال المعاناة:[12]

  1. انعدام الأمن: تشهد المنطقة (خ 2) الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية تراجعا في عدد السكان نتيجة انعدام الأمن لصالح المستوطنين وفرض تقييدات شديدة على التطوير والتنمية والبناء فيها، إلى جانب وضع العوائق والقيود على حركة المواطنين الفلسطينيين وتنقلاتهم، مما اضطر بعض السكان إلى هجر ديارهم واللجوء إلى مناطق أكثر أمنا، وغالبا ما تكون في المنطقة (خ1).
  2. إرهاب أطفال المدارس: وفقا لدراسة نشرها مركز الأبحاث " المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية " بعنوان: " اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين - منطقة اتش 2 في مدينة الخليل نموذجا " وجدت تخوفات وهواجس أخرى يعاني منها المواطنون في المنطقة، فالأهالي مثلا في حي تل الرميدة يخشون على صغارهم لدى الخروج من منازلهم خاصة أثناء الذهاب إلى المدارس لتعدد اعتداءات المستوطنين وارهابهم للأطفال بشكل متعمد.
  3. الحصار والإغلاق: ووفقا لنفس الدراسة، يعاني المواطنون الفلسطينيون القاطنون في محيط الحرم الابراهيمي والبلدة القديمة وتل الرميدة ووادي الحصين ومناطق أخرى في مدينة الخليل من صعوبة الحركة والتنقل. فمثلا المواطنون القاطنون في تل الرميدة يعيشون حياة اشبه بالسجن حيث لا يستطيعون الدخول والخروج من وإلى الحي إلا من خلال البوابات العسكرية ونقاط التفتيش التي تؤخرهم عن الوصول لاماكن عملهم وسكنهم أحيانا لساعات، كما يمنع أي شخص لا يسكن هذا الحي دخوله.وهم ممنوعون من استخدام الطُرق المعبدة، مع أمرٍ عسكريٍ إسرائيلي بعدم فتح نوافذ البيوت ولا الجلوس في ساحة البيت أو الصعود إلى سطحه.[13][14]
  4. سياسة الفصل الجغرافي العنصري: يشير تقرير للجنة اعمار الخليل، حول "اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على بلدة الخليل القديمة"، نشر على موقع اللجنة بتاريخ: 24 مايو 2021م إلى أن " سلطات الاحتلال بدأت خلال العقد الأخير بتنفيذ سياسة الفصل الجغرافي العنصري لمنطقة المركز التاريخي للبلدة القديمة والذي يضم الحسبة القديمة وشارع الشهداء ومحطة الباصات القديمة والسهلة وتل الرميدة وحارات جابر والسلايمة، والعمل على عزلها عن بقية أحياء المدينة، محولةً إياها لـ"كانتون" إداريٍاً منفصلاً، ومجبرين سكانها على العيش في "غيتو" منعزلاً اجتماعياً لا يُسمح بدخول المركبات الفلسطينية إليه أو المرور منه، بعد أن قام جيش الاحتلال بإغلاق الطرق الفرعية والممرات ما بين البيوت الموصلة بين أحياء المدينة ومركزها التاريخي (المنطقة المعزولة) لمنع دخول المواطنين إليها أو الخروج منها إلّا عبر بوابات ومعابر يسيطر عليها جنود الاحتلال."[15]
  5. اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الوقف الإسلامي: ومنها محاولات الاستيلاء على مقبرة اليهود التي هي أرض وقف إسلامي، ومحاولات توسيعها على حساب البيوت الفلسطينية المجاورة، رغم كونها تابعة للطائفة اليهودية التي كانت تسكن الخليل قبل 1929م، وليس من حق دولة الاحتلال أن تستبيحها وتطلق يد المستوطنين المجلوبين من أقطار الأرض فيها من حيث توسعتها وإعادة استخدامها وإقامة مدافن جديدة فيها.

انظر أيضًا

المراجع

  1. مصطفى الدباغ؛ الدباغ، بلادنا فلسطين، ج 5 -القسم الثاني الخليل، ص 133، الهامش وفي نهايته ذكر المصدر: الوقائع الفلسطينية 1606 عبر مكتبة المصطفى الاكترونية.
  2. مصطفى الدباغ, مصطفى؛ الدباغ، بلادنا فلسطين، ج 5 - القسم الثاني الخليل، ص 133 عبر مصطفى المصطفى الإلكترونية.
  3. مجير الدين الحنبلي, مجير الدين؛ الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، ج 2، ص 143، فلسطين: مكتبة دنديس.
  4. مصطفى الدباغ, مصطفى؛ الدباغ، بلادنا فلسطين، ج5-القسم الثاني الخليل، ص 111 عبر مكتبة المصطفى الإلكترونية.
  5. مجير الدين الحنبلي العليمي, مجير الدين؛ الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، ج 2، ص 144، فلسطين: مكتبة دنديس.
  6. "موقع لجنة إعمار الخليل على الإنترنت"، مؤرشف من الأصل في 6 أبريل 2014.
  7. مجير الدين الحنبلي العليمي, مجير الدين؛ الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، ج 2، ص ص 143-144، فلسطين: مكتبة دنديس.
  8. مصطفى الدباغ, مصطفى؛ الدباغ، بلادنا فلسطين، ج5-القسم الثاني الخليل، ص 112 عبر مكتبة المصطفى الإلكترونية.
  9. Aggestam, Karin (2005)، "4. TIPH: Preventing Conflict Escalation in Hebron?"، في Clive Jones؛ Ami Pedahzur (المحررون)، Between Terrorism and Civil War: The Al-Aqsa Intifada، Routledge، ص. 52، ISBN 0415348242، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2020.
  10. "The Geneva Convention"، BBC News، 10 ديسمبر 2009، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 نوفمبر 2010.
  11. د. محمد عبد الرحمن, محمد؛ عبد الرحمن، قصة مدينة الخليل، ص 93، دائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية.
  12. "بيان للتداول العام" (PDF)، منظمة العفو الدولية، 2016، اطلع عليه بتاريخ 09 ديسمبر 2021.
  13. "تل رميدة.. قصص البقاء"، وكالة الأنباء الفلسطينية، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2020.
  14. "يجب على السلطات اإلسرائيلية أن توقف العقاب الجماعي الذي تمارسه بحق الفلسطينيين في الخليل" (PDF)، منظمة العفو الدولية، 2015، مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 مارس 2020، اطلع عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2020.
  15. "سياسة الفصل العنصري في الخليل القديمة"، https://www.hebronrc.ps/index.php/ar/news/2611-2611، مؤرشف من الأصل في 20 يونيو 2021. {{استشهاد ويب}}: روابط خارجية في |موقع= (مساعدة)
    • بوابة فلسطين
    • بوابة إسرائيل
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.