حروب الأفيون

حروب الأفيون هي حربان، سميتا بحرب الأفيون، قامتا بين الصين الامبراطورية المحكومة انذاك من قبل سلالة تشينغ وبريطانيا.[1][2][3] وفي الثانية، انضمت فرنسا إلى جانب بريطانيا. وكان السبب هو محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، مما حدا ببريطانيا ان تقف في وجهها بسبب الأرباح الكبيرة التي كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون في الصين.قامت حرب الأفيون في عام 1839 م، وكان من نتائجها أن أصبحت هونغ كونغ مستعمرة بريطانية. ارتكبت في هذه الحروب مجازر وحشية من البريطانيين وحلفائهم، وخالفوا كل القيم الدينية والبشرية وعملوا على نشر تعاطي الأفيون بين الشعب الصيني، استمر هذا الداء مستشريًا في الصين حتى مطلع القرن العشرين حتى قضي على تعاطيه نهائيًا في عهد ماو تسي تونغ القيادي الصيني الشيوعي.

حروب الأفيون
معلومات عامة
التاريخ 1839–1842, 1856–1860
الموقع الصين 

الجذور التاريخية للتطلع البريطاني من اجل السيطرة على الصين

قامت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي بفتح أبواب الصين امام تجارتها العالمية فطلب الملك جورج الثالث من الامبراطور الصيني شيان لونج توسيع العلاقات التجارية بين البلدين.. إلا أن الإمبراطور أجابه: ان امبراطورية الصين السماوية لديها ماتحتاجه من السلع.. وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة.

فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف تصدير الا القليل جدا من سلعها إلى الصين، وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة.. مما تسبب في استنزاف مواردهم منها.. لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها..وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين الي زرع الافيون في المناطق الوسطي والشمالية من الهند وتصديره الي الصين كوسيلة لدفع قيمة واردتها للصين.

تم تصدير أول شحنة كبيرة من الافيون الي الصين في عام 1781..وقد لاقت تجارة الافيون رواجا كبيرا في الصين وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور.. إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الافيون.. وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الافيون. وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور يونغ تشينج (Yong Tcheng) في عام 1829 م بأصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات، غير أن شركة الهند الشرقية البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين.

الصين تحرق آلاف الأطنان من الافيون

تصاعدت حركة التهريب للأفيون إلى الصين بصورة تدريجية حيث لم يُهرَّب إليها في عام 1829 م سوى 200 صندوق تحوي 608 كيلوجراما من الأفيون قدرت تكلفتها بخمسة عشر مليون دولارا. ثم في عام 1892 م وصلت المهربات إلى 4000 صندوق حوت 272 طناً... انزعجت الصين لهذه الظاهرة.. وللخطر الذي يمثله تعاطي الافيون الواسع علي صحة المواطنين.. والذي يسبب تدمير المجتمع الصيني إذ كان الصيني يبيع كل ما يملك للحصول على الافيون.

لذلك اصدر الإمبراطور الصيني قرارا آخر بحظر استيراد الافيون إلى الامبراطورية الصينية..بل وذهبت الامبراطورية إلى ابعد من ذلك عندما ذهب ممثل الإمبراطور الي مركز تجارة الافيون واجبر التجار البريطانيين والأمريكيين علي تسليم مخدراتهم من الافيون الذي بلغ الف طن وقام باحراقه في احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر.

حرب الافيون الأولى 1840 - 1842 م

عندها قررت بريطانيا التي كانت في اوج قوتها العسكرية في ذلك الوقت اعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد امام تجارة الافيون للعودة من جديد. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب فاستخدموا مبدأ «تطبيق مبدأ حرية التجارة» وفي ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة علي منافسيها من الدول البحرية في حروب نابليون وقامت الثورة الصناعية فيها، وأصبحت الدولة الرأسمالية الاقوي في العالم فلجأت الي فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعاتها. وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدئين هما حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة. وارسلت بريطانيا في عام1840م سفنها وجنودها الي الصين لاجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة.

استمرت حرب الافيون الأولى عامين من عام1840 الي عام1842 واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة «دينغ هاي» في مقاطعة شين جيانج واقترب الاسطول البريطاني من البوابة البحرية لبكين. ودفع ذلك الإمبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية «نان جنج» في أغسطس 1842.

حرب الأفيون الثانية 1856 - 1860 م

لم تحقق معاهدة «فان جنج» ماكانت تصبوا اليه بريطانيا والقوي الغربية. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون. والحظر علي استيراد الافيون ما زال ساريا.. كما أن البلاط الامبراطوري يرفض التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التي رفضها الإمبراطور. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية في «جوانج شو» بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطاني واعتقال بحاريها وانزال العلم ومقتل مبشر فرنسي، لشن حرب جديدة علي الصين، استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء «جوانج شو».. والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين، مما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية (تيان جين) في عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها:

  1. فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
  2. حرية الملاحة على نهر اليانج تسي كيانج.
  3. السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.

ونصت اتفاقية تيان جن علي التصديق عليها خلال عام من توقيعها. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول «تيان جن» في ربيع عام1860 ثم تقدمت نحو بكين ودخلوها في أكتوبر 1860 وتوجهوا إلي القصر الصيفي للإمبراطور الذي يبعد بضعة آميال عن بكين وكان هذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوي على آثار تاريخية هامة وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام، وأضرموا فيه النار بعد ذلك. وعن هذه الحادثة كتب فكتور هوغو عن ذلك فقال «: دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا..أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق.. وأحد هذان المنتصران مليء جيوبه والثاني مليء صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين.. ان الحكومات تتحول أحيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك..»

اضطر الإمبراطور للرضوخ لمطالبهم ووقع اتفاقيات «تيان جن» مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر أهمها فتح المزيد من الموانيء امام تجارة هذه الدول والإقامة لرعاياهم في بكين.. والتعامل المباشر مع البلاط الامبراطوري وحرية تجول المبشرين في الصين، والتنازل عن كولون وهي منطقة واقعة في الصين والأكثر قربا. وارتفع عدد المدمنين في الصين من مليوني مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليوناً سنة 1878م، ولكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية 8 مايو 1911.

مراجع

  1. Kenneth Pletcher، "Chinese history: Opium Wars"، موسوعة بريتانيكا على الإنترنت ، مؤرشف من الأصل في 24 يونيو 2018.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: extra punctuation (link)
  2. HSBC : une banque au lourd passé et au présent sulfureux نسخة محفوظة 28 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
  3. Taylor Wallbank؛ Bailkey؛ Jewsbury؛ Lewis؛ Hackett (1992)، "A Short History of the Opium Wars (from: Civilizations Past And Present, Chapter 29: South And East Asia, 1815–1914)"، مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2017.

وصلات خارجية

أشرف صالح، الصين والغرب في النصف الأول من القرن التاسع عشر، الحوار المتمدن، الحوار المتمدن،2011

  • بوابة الصين
  • بوابة الحرب
  • بوابة القرن 19
  • بوابة الإمبراطورية البريطانية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.