حروب بورغندية
مثلت الحروب البورغندية (بين عامي 1474 و1477) النزاع بين دولة بورغونيا والاتحاد السويسري القديم وحلفائه. اندلعت الحرب المفتوحة في عام 1474، وهُزم دوق بورغندي شارل الجريء، في ثلاث معارك في سنوات الحرب اللاحقة، ليُقتل في نهاية المطاف في معركة نانسي في عام 1477. أصبحت دوقية بورغندي مع العديد من الأراضي البورغندية الأخرى جزءًا من فرنسا، وورثت ماري دوقة بورغونيا ابنة شارل الأراضي المنخفضة البورغندية وفرانش كونته، لكن هذه المناطق انتقلت في نهاية المطاف إلى عائلة هابسبورغ بعد وفاة ماري بسبب زواجها من ماكسيمليان الأول، الإمبراطور الروماني المقدس.
حروب بورغندية | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
| |||||||
خلفية
نجح دوقات بورغندي (عائلة فالوا) -على مدار مئة عام تقريبًا- في ترسيخ حكمهم كقوة فاعلة على الرغم من وجود الإمبراطورية الرومانية المقدسة وفرنسا. شملت ممتلكاتهم المناطق الاقتصادية القوية في فلاندرز وبرابانت وكذلك لوكسمبورغ، بالإضافة إلى أراضيهم الأصلية في فرانش كونته ودوقية بورغونيا.
اتبع دوقات بورغندي بشكل عام سياسةً توسعيةً عدوانيةً –بشكل خاص في ألزاس ولورين- بهدف توحيد ممتلكاتهم الشمالية والجنوبية جغرافياً. انحازت بورغونيا إلى الإنجليز في حرب المائة عام نظرًا لكونها بالفعل في صراع مع الملك الفرنسي، ولكنها مالت بعد ذلك إلى أسرة يورك في حرب الوردتين، عندما وقف هنري السادس ملك إنجلترا إلى جانب فرنسا. أدى تقدم شارل على طول نهر الراين إلى نشوب صراع مع عائلة هابسبورغ، وخاصة الإمبراطور فريدريك الثالث.
الصراع
رهن دوق هابسبورغ سيغيسموند من النمسا ممتلكاته في ألزاس في عام 1469 لتكون إقطاعية لدوق بورغندي حسب معاهدة سانت أومير، وذلك من أجل الحصول على قرض مالي أو مبلغ قدره خمسين ألف فلورين، بالإضافة إلى التحالف مع شارل الجريء، لحمايتهم بشكل أفضل من حملات الكونفيدرالية (أو الاتحاد السويسري القديم) التوسعية. لم تكن مشاركة شارل غرب نهر الراين سببًا لمهاجمة الاتحاد -كما أراد سيغيسموند- ولكن دفعت سياسة الحظر التي فرضها على مدن بازل وستراسبورغ وميلوز -التي يديرها الرييف بيتر فون هاغنباخ- الاتحاد إلى اللجوء إلى برن من أجل الحصول على المساعدة. عانت إستراتيجية شارل التوسعية من نكستها السياسية الأولى عندما فشل هجومه على أبرشية الروم الكاثوليك في كولونيا بعد فشل حصار نويس بين عامي 1474و1475.
سعى سيغيسموند لاحقًا إلى التوصل إلى اتفاق سلام مع الحلفاء السويسريين، والذي أُبرم في نهاية المطاف في كونستانس في عام 1474 (أطلق عليه لاحقًا إيفيغي ريشتونغ أو الاتفاق الدائم). أراد سيغيسموند إعادة شراء ممتلكاته في ألزاس من شارل، ولكن رفض الأخير ذلك. قُبض على فون هاغنباخ وأُعدم بقطع الرأس في ألزاس بعد ذلك بوقت قصير، وغزا السويسريون -المتحدين مع مدن ألزاس وسيغيسموند من هابسبورغ ضد البورغنديين- جزءًا من جورا البورغندية (فرانش كونته) بعد انتصارهم في معركة هيريكورت في نوفمبر من عام 1474. انضم لويس الحادي عشر ملك فرنسا إلى التحالف بموجب معاهدة أندرناخ في ديسمبر.[1] غزت قوات برن كانتون فود –الذي ينتمي إلى دوقية سافوي المتحالفة مع شارل الجريء - ودمرتها في العام التالي. طردت جمهوريات سيبن زيندن المستقلة في فاليز -بمساعدة البرنيين والقوات المتحالفة الأخرى- أتباع دوقية سافوي من كانتون فاليز بعد الانتصار في معركة بلانتا في نوفمبر من عام 1475. انتقم شارل. في عام 1476، إذ سار باتجاه غراندسون -التي حكمها بيير دي رومونت من سافوي قبل أن يحتلها السويسريون- وشنق الحامية (أو أغرقهم في البحيرة) على الرغم من استسلامهم. هُزم شارل في معركة غراندسون بعد وصول قوات الاتحاد السويسري بعد بضعة أيام، الأمر الذي اضطره إلى الفرار من ساحة المعركة، تاركًا وراءه مدفعيته والعديد من المؤن والأشياء الثمينة. وجه الاتحاد ضربةً مدمرةً لشارل بعد أن حشد جيشه في معركة مورات. أنشأ شارل الجريء جيشًا جديدًا، لكنه هُزم مرةً أُخرى في معركة نانسي في عام 1477، إذ قاتل السويسريون في هذه المعركة جنبًا إلى جنب مع جيش رينيه الثاني، دوق لورين.
تداعيات الحرب
لم يعد هناك دوقات لبورغندي من سلالة فالوا بعد وفاة شارل الجريء. أصبحت الأراضي الشمالية (الأراضي المنخفضة البورغندية) لدوقات بورغندي في حوزة عائلة هابسبورغ بعد زواج أرشيدوق النمسا ماكسيميليان -الذي أصبح فيما بعد إمبراطورًا رومانيًا مقدسًا- ابنة شارل الوحيدة، ماري دوقة بورغونيا. عادت الدوقية إلى تاج فرنسا في عهد الملك لويس الحادي عشر. أصبح فرانش كونته في بادئ الأمر فرنسيًا أيضًا، ولكن تنازل شارل الثامن عنه لصالح فيليب الأول ملك قشتالة ابن ماكسيميليان في عام 1493 في معاهدة سينليس، في محاولة منه لرشوة الإمبراطور ليظل محايدًا أثناء غزو شارل المخطط له لإيطاليا.
اكتسبت انتصارات الكونفيدرالية (الاتحاد السويسري) باعتباره أحد أفضل القوات العسكرية في أوروبا سمعةً بأنها تكاد لا تُقهر، وكانت الحروب البورغندية بمثابة بداية صعود المرتزقة السويسريين إلى ساحات القتال الأوروبية. أدت نتيجة الحرب إلى صراع داخلي في الاتحاد السويسري. أصرت كانتونات المدينة على الحصول على النصيب الأكبر من الغنائم، نظرًا إلى أنها قد زودت معظم القوات باحتياجاتها. استاءت كانتونات البلاد من ذلك، وكادت نزاعات درايتسين أورتي أن تؤدي إلى نشوب الحرب. حلت معاهدة ستانسر فيركومنيس المشاكل في عام 1481.
المراجع
- Beck, Sanderson، "France in the Renaissance 1453-1517"، san.beck.org، مؤرشف من الأصل في 23 أغسطس 2020.
- بوابة التاريخ
- بوابة الحرب
- بوابة سويسرا