حميضة البارقي

• هو: حميضة بن النعمان بن حميضة بن الحارث بن عوف بن عمرو بن سعد بن ثعلبةَ بن كنانة البارقي بن بارق بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.

ولد حميضة في بيت شرف ونسب، فكان والده النعمان بن حميضة من أعلام العرب،[16] والذي بحكمته ترنمت الأجيال من الجاهلية حتى الإسلام.[17][18] وهكذا ترعرع في بيت شرف وسيادة، فعد صاحب العقد الفريد والده من أشراف العرب كافة.[19] ونشأ حميضة، فكان من كبراء الأزد، وذوي الرأي، والفصاحة، والشجاعة، والدهاء.

لم تذكر التراجم أي خبر عن وفادة حميضة إلى رسول الله، لكن من المؤكد أنه كان من ضمن وفد بارق سنة 9 هـ، حيث وفد جماعة من قبيلة بارق، فأخذوا أماكنهم في حضرة الرسول وتشرفوا بصحبته، وقد كتب رسول الله كتابًا لقبيلة بارق عند قدوم وفدهم.[20]

ولقد ذكر الحافظ ابن حجر أن حميضة من الصحابة، واستدل على ذلك بأنه كان من الأمراء في خلافة عمر بن الخطاب.[21] فقال العسقلاني في ترجمته بكتاب الإصابة في تمييز الصحابة: «حُميضة بن النُّعمان بن حُميضة البارِقي: ذُكر أن عمر أَمَّرَه على السراة ..وقد تقدّم أنهم كانوا لا يؤمّرون إلا الصّحابة».[21]

بعد وفاة الرسول، رفض حميضة ومن معه دفع الزكاة إلى المدينة المنورة،[22] فكانت ردتهم حركة سياسية، لا دينية، ولم ينكروا استمرارية فريضة الزكاة، وإنما أنكروا وجوب دفعها إلى الخليفة،[23] فكان حميضة بن النعمان سيد الأزد وخثعم وبجيلة، فاجتمعوا تحت إمرته،[24] فبعث عامل الطائف عثمان بن أبي العاص بعثاً التقى بهم في شنوءة، فشتت جموعهم وفرَّقهم عن حُميضة، وأعادهم إلى سلطان الخليفة.[25] وقال عثمان بن ربيعة:[26]

ويتبيّن من طاعة القبائل له باختلاف أنسابها ومواطنها،[28] أنه إمّا كان والياً للسراة في عهد رسول الله ﷺ، أو قد تكون سيادة وراثية عن آبائه على تلك القبائل. ويشهد على ذلك أنه لما اباح عمر بن الخطاب لمن سبق ارتداده أن ينضم إلى الجيوش الإسلامية،[29] وفد حميضة إلى عمر على رأس قبائل أزد اليمن باختلاف مواطنها،[30] ويظهر جلياً من انضواءهم تحت لوائه بأنه ذا رياسة وسيادة تعترف تلك القبائل له بها.[31]

رسم فارسي لمعركة القادسيَّة التي كانت فُتحت على أثرها أبواب العراق.

قبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص من حميضة القيام بغارة تموينية لاستنزاف العدو وذلك فور وصولهم إلى أرض العدو وتمركزهم فيها، فقد بعث سعد بن أبي وقاص قادة الطلائع سواد بن مالك وحميضة بن النعمان البارقي بعثهما في مائة ومائة لكي يقوموا بغارة تموينية؛ فأغروا على النهرين.[44][45] وكان سعد قد نهاهما إذ بعثهما أن يمعنا ويبتعدا كثيراً.[46]

وأسرعت عيون رستم تنقل إليه أخبارهم فأرسل إليهم خيلاً. وبالمثل بلغ سعداً أن خيله أوغلت وبعدت إلى قرب النجف،[47] فدعا عاصم بن عمرو التميمي وأرسله في أثر حميضة وسواد يقتصهم فسلك نفس طريقهم. فلقيهم عاصم بين النهرين وقد أحاطت بهم خيل رستم تريد استخلاص ما بين أيديهم من غنيمة.[48]

قال سواد لحميضة: «اختر إما أن تقيم لهم وأستاق الغنيمة، أو أقيم لهم وتستاق الغنيمة».[49] قال حميضة: «أقم أنت لهم وشاغلهم عني وأنا أبلغ الغنيمة».[50] فأقام لهم سواد وعاد حميضة بالغنائم. فلقيه عاصم بن عمرو في الطريق، فظن حميضة حين رآه على بُعد أنها خيل أخرى من خيول الفرس فانحرف عن طريقها، ولكنهما ما لبثا أن تعارفا، فساق حميضة غنيمته نحو القادسية ومضى عاصم إلى سواد.[51]

وصنعت غارت حميضة وسواد هزة نفسية للفرس، وكان له أثر عظيم عليهم، حيث وهم على بُعد حوالي أربعين كيلو مترًا من القادسية ما زالوا يقيمون الغارات التموينية على جيش فارس.

في الهرير ليلة يوم القادسية آخر أيام المعركة: كان تجاه المسلمون كتيبة من كتائب العجم عليهم السلاح التام ودروع الحديد فزحف المسلمون إليهم، والتحموا بهم،[52] فرأوا أن السيوف غير مؤثرة ولا تعمل في الحديد، فارتدعوا عنهم.[53] قال حميضة بن النعمان: «مالكم»؟ فقالوا : «لا يجوز فيهم السلاح».[54] فقال حميضة: «كما أنتم حتى أريكم»،[55] وحمل على رجل منهم فداوره حتى دق ظهره بالرمح ثم التفت إلى أصحابه يبشرهم ويشجعهم ويقول: «ما أراهم إلا يموتون دونكم».[56] فلما رأى الآخرون صنيع حميضة تجرأوا وحاربوا ببسالة حتى قضوا على الكتيبة كلها.[57]

• بوابة العرب
• بوابة أعلام
• بوابة الإسلام
• بوابة محمد
• بوابة التاريخ الإسلامي
• بوابة شبه الجزيرة العربية
• بوابة صحابة