خطاب جيتيسبيرغ
خطاب جيتيسبيرغ هو خطاب ألقاه أبراهام لينكولن رئيس الولايات المتحدة، ويعد أحد أكثر الخطابات شهرة في التاريخ الأمريكي.[4] وقد ألقاها الرئيس لينكولن أثناء الحرب الأهلية الأمريكية، في ظهر يوم الثلاثاء، التاسع عشر من نوفمبر عام 1863، عند تدشين مقبرة الجنود الوطنية في مدينة جيتيسبيرغ، بولاية بنسلفانيا. وكان ذلك بعد مُضي أربعة شهور ونصف على هزيمة جيوش الكونفدرالية الأمريكية على أيدي جيوش الاتحاد في معركة جيتيسبيرغ.
وقد صاغ أبراهام لينكولن خطابه بحِرَفيّة جعلته يُعد أحد أكثر الخُطب شيوعًا في التاريخ الأمريكي، وقد كان هذا الخطاب تابعًالعروض أخرى قُدمت في ذلك اليوم.وخلال ما يزيد عن دقيقتين فقط، أعاد لينكولن تكرار مباديء المساواة الإنسانية التي تبناها إعلان الاستقلال الأمريكي[5] وأعلن هذه الحرب الأهلية بأنها كفاحًا لحفظ الاتحاد من الانشقاق بفعل أزمة الانفصال في الولايات المتحدة[6]، وذلك "بميلاد جديد للحرية"[7]، والتي قد تحقق مساواة حقيقية[8] لجميع مواطنيه.[8] وأعاد لينكولن أيضًا تعريف الحرب الأهلية بأنها ليست كفاحًا للإتحاد فقط بل كفاحًا لمبدأ المساواة بين البشر.[5]
بدءًا بالعبارة الأكثر إبداعًا وشهرة في الوقت الحاضر "منذ سبع وثمانون عامًا مضت"-إشارةً إلى إعلان الاستقلال الأمريكي الذي تم تدوينه في بداية الثورة الأمريكية في عام 1776- وعرض لينكولن القواعد التأسيسية للولايات المتحدة وذلك في إطار الحرب الأهلية وخلد ذكرى من ضحوا بأرواحهم في معركة جيتيسبرغ وأشاد بفضل الجماهير المنصتة (والأمة ككل) في ضمان بقاء ديموقراطية أمريكا التمثيلية، وأنه "حكم الشعب، وبيد الشعب، ومن أجله، ويجب أن يبقى كذلك ويُحفظ من الفناء." وعلى الرغم من منزلة الخطاب البارزة في التاريخ واتساع شهرته في الثقافة الأمريكية، تظل صياغته وموقع إلقائه الفعلي محل نزاع. ويتكون خطاب جيتيسبرغ من خمس نصوص معروفة وهي تختلف عن بعضها في عددٍ من التفاصيل وتختلف كذلك عن طبعات الصحف المعاصرة لهذا الخطاب. وتحدد دراسة حديثة منصة المتحدثيين على بُعد 40 ياردة (أو أكثر) من الموقع التقليدي داخل مقبرة الجنود الوطنية فتقع عند النُصب التذكاري القومي للجنود لتكون داخل مقبرة إيفيرجرين الخاصة القريبة منه.
خلفية عامة
في أتباع معركة جيتيسبيرغ الواقعة في 1-3 يوليو 1863، بدأ تدشين المقابر لإعادة دفن جنود الاتحاد نقلًا من ساحة معركة جيتيسبيرغ يوم 17 أكتوبر. وتوجهت اللجنة المنظمة لمراسم التاسع عشر من نوفمبر 'تكريس المقبرة الوطنية في جيتيسبيرغ' بدعوة إلى الرئيس لينكولن قائلةً: "من المرغوب فيه بعد إلقاءالخطاب الرسمي، أن يتقدم سيادتكم رسميًا وكرئيس تنفيذي للبلاد بتمييز هذه الأراضي وقيمتها السامية من خلال بضعة تعليقات ملائمة."[9] وقد جاءت كلمة الرئيس لينكولن عقب الخطاب الرسمي والذي ألقاه ادوارد إيفريت، وقد قام إيفريت بعد ذلك بإدراج نسخة من خطاب جيتيسبيرغ في كتابه الصادر عام 1864 عن هذا الحدث (خطاب إدوارد إيفريت التشريفي في تكريس المقبرة الوطنية في جيتيسبيرغ، في التاسع عشر من نوفمبر 1863، وكلمة الرئيس لينكولن التكريسية، بالإضافة إلى ملحقات أُخرى بالحدث؛ ومُرفق بتقرير عن أصل المشروع، والترتيب لأراضي المقبرة، وخريطة خاصة بساحة المعركة وتصميم المقبرة).
أثناء رحلة القطار في الثامن عشر من نوفمبر منتقلًا من العاصمة واشنطن إلى جيتسبيرغ، أشار الرئيس لينكولن إلى جون هاي أنه يشعر بالضعف. وفي صباح التاسع عشر من نوفمبر أخبر لينكولن جون نيكولاي أنه يشعر بالدوّار. وكان مصاحبًا للرئيس في رحلته بالقطار السكرتير جون نيكولاي، ومساعد السكرتير جون هاي، ورافقه ثلاثة من أعضاء حكومته هم ويليام سيوارد، وجون آشر، ومونتغمري بلير، وعدة ضباط أجانب وآخرين. ولاحظ هاي أن لينكولن أثناء إلقائه الخطاب كان وجهه ذو' لون شاحب مروّع' وكان يبدو 'حزينًا، رثائيًا، ومنهك في الغالب.'وبعد انتهاء الخطاب، كان لنكولن مريضًا بشدة ومصابًا بحُمى وصداع حاد عندما أصبح على متن القطار المتوجه للعاصمة واشنطن في السادسة والنصف مساءًا. وتبع ذلك فترة مرض مطوّلة والتي تضمنت طفح جلدي وشُخصت بأنها إصابة معتدلة بالجُدري، ولذلك من المرجح بصورة شبه مؤكدة أن لنكولن كان يعاني من أعراض الفترة الأولى للإصابة بالجُدري أثناء إلقائه خطاب جيتيسبيرغ.[10]
البرنامج و "خطاب جيتيسبيرغ الرسمي" لإيفريت
شَمَل البرنامج المنظَم لهذا اليوم من قٍبل ويلز ولجنته ما يَلي:
موسيقى، بواسطة فرقة بيرجفلد[11]("الإجلال للجنود الصامتين" لأدولف بيرجفلد)
صلاة، بواسطة القس توماس ستوكتن.
موسيقى، بواسطة فرقة المشاة البحرية ("المئة القديمة") من إخراج فرانسيز سكالا.
خطاب رسمي، بواسطة إدوارد إيفريت ("معارك جيتيسبيرغ").
موسيقى، نشيد وطني ("أنشودة التكريس") بواسطة ويلسون هورنر، وغناه نادي بالتيمور جليي.
كلمة تكريسية يلقيها رئيس الولايات المتحدة.
نشيد وطني، ("نعم، إنه الفخر أن نموت في سبيل أوطاننا" كلمات جيمس بيرسيفال، موسيقى ألفريد ديلاني)، مُغناه بواسطة
كورس تم اختياره لمُباركة الحدث من قِبل القِس لويس بافر.[9]
وعلى الرغم من أن كلمة لنكولن المُقتضبة قد أصبحت من أرقى الأمثلة في تاريخ فن الخطابة الإنجليزي العام، كان خطاب إيفريت الرسمي والذي دام لساعتيين هو "خطاب جيتيسبيرغ" المُقرر إلقائه في هذا اليوم. وقد بدأ خطابه الذي يصعُب قرائته الآن والمُكوَن من 13.607 كلمة بالآتي:
"واقفًا أسفل هذه السماء الهادئة، ناظرًا إلى هذه المساحات الفسيحة التي تستريح من جهود العام المنحسر، جبال الأليجينيز الشاهقة شامخة أمامنا بصمت، وقبور أخوتنا أسفل أقدامنا، وبترددٍ أرفع صوتي الواهن لشق صمت الرب والطبيعة البليغ. بلا شك يجب أن أُؤدي ما نُسب إليّ من واجب؛ أدعوكم أن تمنحوني تسامحكم وتعاطفكم."[12]
وانتهى بعد مرور ساعتين بما يلي:
"ولكنهم، وكلي يقين، أنهم سيوافقوننا القول أننا سنودّع رفات هؤلاء الشهداء الأبطال، والذي أينما وفي كل أرجاء العالم المُتَحضر ستُقرأ روايات هذه الحرب العظيمة، ووصولًا إلى أخر حقبة من تاريخنا المسجل، في الحوليات المجيدة لبلادنا المعروفة، ولن تكون هناك صفحات أكثر إشراقًا من تلك التي تخص معارك جيتيسبيرغ."[13]
وكانت الخطابات التكريسية المطوّلة كخطاب إيفريت شائعة في تدشين المقابر خلال تلك الفترة. وبدأ هذا العُرف عام 1831 حين ألقى القاض جوزيف ستوري الخطاب التكريسي في مقبرة ماونت أوبرن في كامبريدج بولاية ماساتشوستس. وكانت هذه الخطابات غالبًا ما تصل المقابر بمهمة الاتحاد.[13]
نص خطاب جيتيسبيرغ
بعد فترة قصيرة من إلقاء ايفريت خطابه والذي لاقى استحسانًا جيدًا، تحدث لينكولن لعدة دقائق قليلة.[14] من خلال "بعض التعليقات الملائمة"، تمكن لينكولن من تلخيص رؤيته عن الحرب في عشرة جمل فقط. وعلى الرغم من الأهمية التاريخية لخطاب لينكولن، فقد اختلف العلماء المعاصرين في صياغته الحرفية، وكذلك النُسخ المعاصرة التي تم نشرها في تقارير الصُحف عن الحَدَث، وحتى النُسخ المكتوبة بخط يد لينكولن نفسه تختلف عن بعضها في الصياغة، والترقيم، والبناء.[15][16] النسخة بليس هي واحدة من ما سبق ذكرهم دُونت بصيغة جيدة بعدالخطاب كمعروفٍ لصديق وتُعد من قبل الكثيرين النص النموذجي.[17] ومع ذلك يختلف نص هذه النسخة عن النُسخ المكتوبة التي أعدها لينكولن قبل وبعد خطابه.ولكنها النسخة الأخيرة التي كتبها لينكولن والأخيرة التي تحمل توقيعه.[17]
"منذ سبع وثمانون عامًا مضت جلب آباؤنا لهذه القارة أمة جديدة، أُنشئت في حرية، وكُرست لإفتراض أن كل البشر قد خُلقوا متساوون.
الآن لقد كنا في خضم حرب أهلية عظيمة، حرب تضع اختبار إذا ماكانت هذه الأمة أو أي أمة غاية في الإنشاء وغاية في التكريس تسطيع الصمود طويلًا.وتقابلنا في ساحة قتال ساحقة ضمن هذه الحرب،وقد جئنا لنخصص جزءًا من هذه الساحة لتصبح مأوى لهؤلاء الذي قدموا أرواحهم هنا لتكون حياة جديدة تحياها الأمة.وأنه من الملائم واللائق تمامًا كإحدى واجباتنا أن نقوم بذلك. وبحسٍ أوسع وبلا شك،إنه ليس في استطاعتنا تخصيص ،وليس في استطاعتنا تكريس وليس في استطاعتنا تقديس هذه الأرض.إن الرجال البواسل، أحياءً وأموات، بنضالهم هنا استطاعوا أن يبجلوها بقيمة أعلى كثيرًا مما قد نضيف أو ننتقص بقوتنا الواهنة. إن العالم قد يلاحظ قليلًا أو قد لا يتذكر طويلًا ما نقوله هنا ولكن لن يسعه أبدًا ينسى مافعلوه هم هنا. إنه حريٌ بنا نحن الأحياء أن نكرس جهودنا لهذا العمل غير المنتهي كهؤلاء الذين قاتلوا هنا محققين بهذا تقدُم غاية في النبل. إنه من الواجب علينا هنا أن نتفانى في إتمام المهمة العظيمة الباقية لنا، أن نستمد قدر أعلى من التفانِ من هؤلاء القتلى المُبجلين تجاه هذه المهمة التي قدموا في سبيلها أقصى درجات الإخلاص والتفان، وأن نعتزم هنا بقوة أن هؤلاء القتلى لم يضحوا بأرواحهم هباءًا، وأن هذه الأمة، تحت سلطة الرب سوف تنعم بنهضة جديدة للحرية وأنه حكم للشعب، و بيد الشعب، ومن أجله، ويجب أن يبقى كذلك ويُحفظ من الفناء."
مصادر لينكولن
في كتابه الرئيس لينكولن في جيتيسبيرغ، يشير غاري ويلز إلى التشابهات بين خطاب لينكولن وخطاب التأبين لبيركليس ذلك الأخير المُنعقد خلال الحرب البيلوبونيسية كما وصفها ثوسيديديس.(ويشير جيمس ماكفرسون إلى هذه الصلة في نقده لكتاب ويلز.[18] وكذلك غور فيدال الذي يلفت النظر إلى رابط التشابه في فيلم وثائقي خاص بال بي بي سي عن هذا الخطاب الرسمي.[19]) موازيًا لخطاب لينكولن، يبدأ خطاب بيركليس بإقرار للأسلاف الموقرين قائلًا: " ولي أن ابدأ بأجدادنا، حيث أنه من العدل والصواب أن يكون لهم شرف أول ذِكر في في مناسبة كالتي نحياها الآن "، ثم يُشيد بتفرُد الدولة في التزامها بالديمقراطية قائلًا: "إذا راجعنا القوانين، سنجد أنها تتكفل بالعدالة المتساوية للجميع مع اعتبار اختلافاتهم الشخصية"، ويُضيف تشريفًا لتضحية القتلى قائلًا: " باختيارهم الموت نضالًا على العيش خضوعًا، فقد فروا من الخزي لمجابهة الموت وجهًا لوجه "، وأخيرًا يحُض الأحياء الناجيين على مواصلة النِضال بقوله: " أنتم، من ضحوا لنجاتهم، لزامًا عليكم أن تتحلوا بإقدام لا يتزعزع في الميدان، ولكن لكم أيضًا أن تضرعوا أن تكون قضية أكثر حظًا"[18][20] وبالمقابل، يشير آدم جوبنيك في صحيفة النيويوركر إلى أن خطاب ايفريت الرسمي ينتمي إلى الحركة الكلاسيكية الحديثة بشكل واضح؛ والذي يشير مباشرة إلى معركة الماراثون وبريكليس، "إلا أن فصاحة لينكولن تُماثل الكتاب المقدس بتعمدٍ.(إنه من الصعب إيجاد أية إشارة كلاسيكية واضحة ضمن أيٍ من خطاباته.) فقد أجاد لينكولن صيغة كتاب الملك جيمس المقدس بشكل كامل وتام حتى أنه استطاع أن يعيد صياغة قضايا القانون الدستوري باستخدام مصطلحات خاصة بالكتاب المقدس، مقترحًا أن تكساس ونيوهامبشير يجب أن يُقيدا للأبد بمكتب بريد واحد ليبدو وكأنه ناتج من سفر التكوين مباشرةً. "[15]
لقد طوّر الباحثون المُختصين بدراسة لينكولن نظريات عدة لتفسير منشأ عبارته الشهيرة " حُكم الشعب، وبيد الشعب، ومن أجله، ويجب أن يبقى كذلك." فيتضمن التمهيد في الترجمة الإنجليزية الأولى للكتاب المقدس الخاصة بجون ويكليف، والتي ظهرت للمرة الأولى في عام 1384، هذه العبارة: إن غاية الكتاب المقدس هي لحُكم الشعب، ومن أجل الشعب، وبيدِه. وفي نقاشِ " الأصل الأكثر احتمالًا لعبارة لينكولن الشهيرة"[21] في النقد الأمريكي الشهري للاستعراضات ينسب ألبرت شو توافقًا بالإشارة إلى كتابات ويليام هيرندون، شريك لينكولن في القانون، والذي كتب في عمله أبراهام لينكولن عام 1888: القصة الحقيقية لحياة رائعة أنه قد جلب ل لينكولن مواعظ الكاهن الإبطالي ثيودر باركر في ماساتشوستس وان لينكولن قد تاثر بتناول باركر لهذه الفكرة: لقد أحضرت معي مواعظ ومحاضرات ثيودر باركر، الذي كان متحمسًا في توصيته ل لينكولن، إحدى هذه المحاضرات تحدثت عن 'أثر الاستعباد على الشعب الأمريكي' ...والذي اعطيته ل لينكولن وقد قرأه وأعاده. لقد استحسن وبخاصة التعبير التالي، والذي حدده بقلم رصاص، والذي استعان جوهريًا بمضمونه فيما بعد في خطابه في جيتيسبيرغ: 'الديموقراطية هي حُكم ذاتي مباشر، تشمل كل الشعب، ومن أجل كل الشعب، وبيد كل الشعب.'[22]
في كتابه "نقد البلاغة السياسية والنزاهة الانضباطية" أشار كريج سميث إلى أن رؤية لينكولن للحُكم كما تم التعبير عنه في خطاب جيتيسبيرغ قد تأثرت بالخطاب الشهير لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي بماساتشوستس، سيناتور دانيال وبستر. "مناظرة وبستر-هاين" التي دوّى فيها وبستر عبارته الشهيرة "الحرية والاتحاد، من الآن وللأبد، وحدة واحدة لاتنفصل!"[23] وبالتحديد في يوم 27 يناير في خطابه عام 1830 أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، وصف وبستر الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة بأنها "مُؤلَفة من أجل الشعب، وبيد الشعب، ومسئولة عن الشعب"، منذرةً لقول لينكولن "أنه حكم للشعب، وبيد الشعب، ومن أجل الشعب."[24] وأشار وبستر أيضًا قائلًا: "هذا الحُكم، سيدي، هو نتاج مستقل للإرادة الشعبية. وليست هي صنيعة المجالس التشريعية، لا، بل سردًا للحقيقة كاملة؛ إن الشعب هو من أوجده من العدم، وأسَسه، ودعمه حتى هذا اليوم، من أجل الغاية الأسمى بين أغراض أخرى فارضًا قيود صالحة على سيادات الدولة."[24] وهناك مصدر سابق لتلك المصادر الأخرى والذي كان بالتأكيد مألوفًا لدى لينكولن، وهو حكم رئيس القضاة مكولوتش ماريلاند (1819) في قضية مؤكدًا حق السلطة الفيدرالية في بناء بنك قومي وبدون دفع أي ضريبة تفرضها سلطة الدولة، وفي تأكيد لتفوق السلطة الفيدرالية على الولايات، صرح رئيس القضاة مكولوتش ماريلاند: " إن سلطة الاتحاد، ثم (أيا ما يكون له تأثير على هذه الحقيقة في هذه القضية)تكون وبشكل قاطع هي سلطة وحُكم الشعب. وأنه شكلًا وجوهرًا ينبثق منهم. وهم من يمنحوا الاتحاد سلطاته، لكي يتم ممارستها خلالهم مباشرةً ومن أجلهم." ولقد اشترك لينكولن كرجل قانون وكرئيس في الكفاح العظيم للفيدرالية، وكان لينكولن يحاكي بفصاحة شديدة القضية البارزة التي عززت سلطة الاتحاد لتفوق سلطة الولايات. ولاحظ ويلز استخدام لينكولن للميلاد والحياة والموت بإشارته في "أخرجت إليها" و "أُنشئت" وأنه لا يجب أن "تفنى."[25] آلين كارل جيلزو مدير دراسات فترة الحرب الأهلية في كلية جيتيسبيرغ في بنسلفانيا، ضمن آخريين،[26] اقترح أن صيغة ليكولن في "منذ سبع وثمانين عامًا" هي إشارة إلى سفر المزامير في ترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس، والتي يُحدد فيها عمر الأنسان كما يلي: " سبعون عامًا؛ وقد تطول لتحليه القوة فتصبح ثمانيين عامًا."[27][28]
المخطوطات الخمس
كل نسخة من المخطوطات الخمسة لخطاب جيتيسبيرغ تحمل اسم من استقبلها من الرئيس لينكولن. اعطى لينكولن نسخ لسكرتيريه الخاصيين جون نيكولاي وجون هاي.[29] كل من المسودتين تم كتابتهم في الفترة مقاربة لخطابه يوم 19 نوفمبر، بينما النسخ الأخرى من الخطاب لإيفريت وبانكروفت وبليس تم كتابتهالأغراض خيرية بعد التاسع عشر من نوفمبر.[30][31] وبسبب الجزأ المتعلق بالعنوان والتوقيع الذي أضافهما لينكولن لنسخة بليس أصبحت هي النص النموذجي لخطاب لينكولن في جيتيسبيرغ.[32]
وقد عُينا جون نيكولاي وجون هاي أُمناء على أوراق لينكولن من قبل ابنه روبرت تود لينكولن في عام 1874.[29] بعد ظهورها في مقال كتبه جون نيكولاي في عام 1894، كانت نسخة نيكولاي ضمن الأوراق التي انتقلت لهاي بواسطة ابنة نيكولاي قرب وفاتهفي عام 1901.وبدأ روبرت لينكولن البحث عن النسخة الأصلية في عام 1908، والذي نتج عنه اكتشاف نسخة مكتوبة بخط اليد ضمن الأوراق الخاصة بجون هاي وهي النسخة التي تعرف ب "نسخة هاي" أو "مسودة هاي."[29]
اختلفت مسودة هاي عن نسخة خطاب جيتيسبيرغ التي نشرها جون نيكولاي في عام 1894 في عدة أمور مميزة: لقد كتبت على نوع مختلف من الورق، وعدد مختلف من الكلمات في السطر الواحد وعدد مختلف من السطور، واحتوت على مراجعات تحريرية بخط يد لينكولن.[29]
توجد نسختا الخطاب لنيكولاي وهاي بداخل مكتبة الكونغرس مغلفة ومصونة في حاويات مصممة خصيصًا ومُتحكم في حرارتهاومغلقة وبداخلها غاز الأرجون لحمايتها من الأكسدة والتلف المستمر.[33]
نسخة نيكولاي
تُسمى نسخة نيكولاي[34] غالبًا ب "المسودة الأولى" لأنه يُعتقد انها أول نسخة تم كتابتها.[35][36] واختلف الباحثون حول إذا ما كانت نسخة نيكولاي هي النسخة التي حملها لينكولن في جيتيسبيرغ في 19 نوفمبر. في مقال عام1894 والذي حمل صورة من تلك النسخة، كتب نيكولاي والذي قد أصبح الأمين على أوراقه أن لينكولن قد أحضر معه في جيتيسبيرغ الجزأ الأول من خطابه مكتوب بحبر من المكتبة الخاصة بالقصر الرئاسي وأنه قام بكتابة الصفحة الثانية من الخطاب بالقلم الرصاص على ورقة مُسطرة قبل التكريس يوم 19 نوفمبر.[35] وتظل الطيات المتطابقة واضحة على الصفحتين مُرجحة أن هذه هي النسخة التي رآها شهود العيان بيد لينكولن يُخرجها من جيب سترته وقرأها في المراسم.[36][37] ويعتقد آخرون أن النسخة التي تم إلقاؤها قد فُقدت، حيث أن الكلمات والعبارت في نسخة نيكولاي لا تطابق التدوينات المعاصرة للخطاب الأصلي ل لينكولن.[38] فالكلمات "تحت سلطة الرب"، على سبيل المثال، ليست موجودة فالعبارة "أن هذه الأمة سوف تنعم بنهضة جديدة للحرية" في هذه النسخة. ولكي يُثبت أن نسخة نيكولاي هي النسخة المقروء منها فالأمر إما ان التدوينات المعاصرة غيرة دقيقة أو أن لينكولن كان يرتجل عن النص المكتوب في عدة مرات. ومن الواضح أن هذه النسخة من خطاب جيتيسبيرغ ظلت في حيازة جون نيكولاي حتى وفاته في عام 1901، ثم انتقلت إلى زميله وصديقه جون هاي.[29] ومن المعتاد عرضها ضمن معرض الكنوز الأمريكية في مكتبة الكونغرس الموجودة في العاصمة واشنطن.[39]
نسخة هاي
كان أول إعلان للعامة عن وجود نسخة هاي[40] في عام 1906، وكان ذلك بعد البحث عن "المخطوطة الأصلية" للخطاب ضمن أوراق جون هاي والذي أخرجها للوجود.[29] تختلف هذه النسخة بشكل كبير عن نص الخطاب الذي وصفه نيكولاي في مقاله، وتحتوي على العديد من المحذوفات والإدراجات بخط يد لينكولن نفسه، وما حُذف منها يُعد حاسمًا ومؤثرًا على المعنى الساسي للجملة وليست كلمات بسيطة يضيفها لينكولن لتقوية وتوضيح المعنى. وفي هذه النسخة، كنسخة نيكولاي ، لاتحتوي على الكلمات "تحت سلطة الرب".
وتوصف هذه النسخة ب "الأصعب تفسيرًا" كما يُشار إليها أحيانًا ب "المسودة الثانية".[36][41] وكُتبت نسخة هاي إما في صباح يوم إلقاء الخطاب أو بعد عودة لينكولن إلى واشنطن بمدة قصيرة. وهؤلاء الذين يعتقدوا أنه تم كتابتها في صباح يوم إلقاء الخطاب يشيروا إلى حقيقة أن هناك بعض العبارات التي لم توجد في المسودة الأولى ولكنها موجودة فالتقارير عن الخطاب الذي تم إلقاءه وملحقة بنسخ كُتبت بيد لينكولن.ويستنتجوا أنه من المُحتمل أنه كما ذكرت المذكرة التفسيرية المُصاحبة للنسخ الأصلية من المسودات الأولي والثانية الموجودة في مكتبة الكونغرس، أن لينكولن حمل هذه المسودة الثانية أثناء إلقاءه للخطاب.[42] وفي النهاية أعطى لينكولن هذه النسخة لسكيرتيره الشخصي الآخر جون هاي هذا الأخير الذي تبرع أحفاده بنسخته ونسخة نيكولاي لمكتبة الكونغرس في عام 1916.[43]
نسخة إيفريت
نسخة إيفريت[44]، وتسمى أيضًا "نسخة إيفريت-كييس" أرسلها لينكولن إلى ادوارد إيفريت في بداية عام 1864، بناءًا على طلب إيفريت.كان إيفريت يقوم بجمع خطابات التكريس بجيتيسبيرغ في مجلد واحد مجمع ليتم بيعه من أجل الجنود المُصابين في اللجنة الصحية الخاصة بالولايات المتحدة الموجودة في نيويورك.وكانت المسودة التي أرسلها لينكولن هي ثالث نسخة مُوقعة وهي الآن في حيازة المكتبة التاريخية لولاية إلينوي الواقعة في سبرينج فيلد (إلينوي)،[42] حيث تُعرض حاليًا في معرض الكنوز الخاص بالمتحف والمكتبة الرئاسية لأبراهام لينكولن.
نسخة بانكروفت
نسخة بانكروفت[45] لخطاب جيتيسبيرغ حُررت في فبراير 1864 على يد الرئيس لينكولن تلبية لطلب جورج بانكروفت المؤرخ المشهور والأمين العام السابق فالبحريةوالذي ذيع صيته فيما بعد كأبٍ للتاريخ الأمريكي بعد إصداره لتاريخ الولايات المتحدة مجلد في عشرة مجلدات.[46][47] وخطط بانكروفت لضمّ هذن النسخة إلى المخطوطات الأصلية لأوراق مؤلفي بلدنا والذي خطط لبيعه في معرض صحي للجنود والبحارة في بالتيمور. وكنسخة رابعة كُتبت على جانبي الورقة كانت غير مفيدة لهذا الغرض، وتم السماح لبانكروفت للاحتفاظ بها.وكانت هذه هي المخطوطة الوحيدة التي تم إرفاقها بخطابِ من قبل لينكولن الذي أرسله مع ظرف أصلي وقد صدّقه لينكولن بالعنوان والدمغة الخاصة به.[48] وظلت هذه النسخة بحيازة عائلة بانكروفت لسنين عدة، وتم بيعها لعدة تجار، واشتراها نيكولاس ومارغريت ليلي نويس،[49] وقد تبرعوا بها ل كورنيل في عام 1949. وهي محفوظة الآن ضم قسم مجموعة النوادر والمخطوطات الأصلية في مكتبة كارل كوتش ب جامعة كورنيل.[42] وهي المخطوطة الوحيدة ضمن الخمسة الأخريات التي تم حيازتها بصورة شخصية.[50]
نسخة بليس
باكتشافه أن نسخته الرابعة المكتوبة غير مفيدة، حرّر لينكولن مسودة خامسة والتي تم قبولها لتؤدي الغرض المطلوبة من أجله. نسخة بليس[51] والتي سُميت نسبةً إلى ألكسندر بليس ربيب بانكروفت والناشر لكتابه المخطوطات الأصلية هي النسخة الوحيدة التي حملت توقيع لينكولن. ولم يُذاع أن لينكولن قد حرر أية نسخ أخرى لخطاب جيتيسبيرغ. نظرًا إلى العناية الواضحة في إعدادها وكذلك إلى الجزا المتعلق بإرفاق لينكولن عنونًا وتوقيعًا وتأريخًا لهذه النسخة أصبحت النسخة الأكثر اعتمادًا للخطاب والمصدر الأكثر استخدامًا في أستنساخ نسخ أخرى مطابقة للأصلية من خطاب لينكولن في جيتيسبيرغ، وهي النسخة التي تم نقشها على الحائط الجنوبي من النُصب التذكاري ل لينكولن.[32]
وتُعرض النسخة الآن في غرفة الرئيس لينكولن في البيت الأبيض، كهدية من أوسكار بينجامين سينتاس، السفير الكوبي السابق بالولايات المتحدة.[42] سينتاس يُعد جامع غني مهتم بجمع القطع الفنية والمخطوطات، اشترى نسخة بليس في مزاد عام في 1949 مقابل مبلغ 54.000 دولار أمريكي (ما يعادل الآن في 2015 535.000 دولار أمريكي) والذي كان في ذلك الوقت أعلى مبلغ يُدفع للمرة الأولى مقابل وثيقة في مزاد عام.[52] ودُعت ممتلكات سينتاس لحيازتها ومصادرتها من قبل حكومة فيدل كاسترو بعد الثورة الكوبية في عام 1959، ولكن سينتاس الذي وافته المنية في 1957 كان قد أوصى أن يكون خطاب جيتيسبيرغ ملكًا للشعب الأمريكي، مضيفًا إلى أن يتم حفظها في البيت الأبيض حيث نقلت إلى هناك عام 1959.[53]
واستنتج غاري ويلز أن نسخة بليس " تُعد المفضلة عن الأخريات أسلوبيًا في جانب واحد ذو أهمية كبيرة؛ إن لينكولن قد حذف 'هنا' في 'هذه القضية التي ضحوا بأرواحهم من أجلها (هنا)' فالظرف "هنا" تكرر سبع مرات في النسخ الأخرى." وأشار ويلز إلى أن لينكولن " مازال يقوم بعمل تحسينات وتصليحات" موضحًا أن لينكولن كان مهتمًا بدرجة كبيرة لإنتاج نص مثالي بدلًا من نص "أصلي".[54]
منذ 21 نوفمبر عام 2008، إلى 1 يناير عام 2009، استضاف المعرض الصغير للوثائق الخاص ب ألبرت هنري في مؤسسة سميثسونيان التابع ل المتحف القومي للتاريخ الأمريكي عددًا محدودًا من العامة مستعرضًا نسخة بليس، بدعمٍ من لورا بوش. وقد أطلق المتحف أيضًا معرضًا إلكترونيًا وصالة عرض تفاعلية حتى تمكن الزوار من النظر عن كُثب للوشيقة.[55]
أخريات
تُعد أسوشيتد برس مصدر معاصر آخر للنص والتي تنسخ من الملاحظات المختزلة للمراسل الصحفي جوزيف غلبيرت، وهي تختلف أيضا عن النص المُحرر في عدة جوانب ثانوية.[56]
مصادر وردود أفعال معاصرة
تتنوع تقارير شهود العيان في رؤيتهم لأداء لينكولن. في عام 1931، حيث تقترح الذكريات المطبوعة الخاصة بالسيدة سارة كووك مايرز التي تبلغ من العُمر 87 عامًا والتي كانت تبلغ من العُمر 19 عاما عند حضورها للمراسم أن إلقاء لينكولن لخطابه تبعه صمت مُبجل. وتضيف قائلة: "لقد كنت قريبة من الرئيس وسمعت الخطاب بكامله، وقد بدا قصيرًا، ثم أطبق صمتًا مهيبًا كذلك الذي تتميز به جمعية الأصدقاء الدينية ولم يكن هناك تصفيق عندما أنهى خطابه."[58] طبقًا للمؤرخ شيلبي فوت، وبعد أداء لينكولن، تأجّل التصفيق، الذي بالكاد تناثر فالأرجاء بصورة مهذبة."[59] وفالمقابل صرح كورتين حاكم ولاية بنسلفانيا قائلًا: "لقد ألقى الخطاب في صوت مسموع لكل الحشد، ولقد تكتم الجمع في صمت احترامًا لوقوف الرئيس أمامهم، لقد كان مبهرًا للغاية! وقد أجمع كل من كنا هناك على نفس التعليق؛ ياله من خطاب! هكذا قالوا!"[60] واستمر إعادة دفن بقايا الجنود من قبور ساحة القتال في المقبرة والذي قد بدأ في غضون شهور من المعركة والذي لم يكن قد وصل لنصف مرحلة الاكتمال في يوم المراسم.[61] وفي أسطورة دائمة التكرار، يُقال أن لينكولن قد التفت إلى حارسه الشخصي وارد هيل لامون كمركبة قتالية "لم نتخلص بعد من آثار الحرب." طبقًا لغاري ويلز، فإن هذه العبارة لا يوجد لها أي أساس فالواقع، وأنها مبنية على ذكريات غير موثوق فيها ل لامون.[9] ومن وجهة نظر غاري ويلز: "فقد استطاع [لينكولن] أن يُتم ما أراد إتمامه [في جيتيسبيرغ]".
في خطابه إلى لينكولن في اليوم التالي، أشاد إيفريت بالرئيس لفصاحته وإيجازه في خطابه، قائلًا: "يجب أن أسعد لإستطاعتي بمدح أدائي الذي قدم القضية المركزية الخاصة بالمناسبة في ساعتين، كما أجملتها أنت في دقيقتين."[62] ورد لينكولن بقوله أنه سعيد بأن الخطاب لم يكن "فشلًا تامًا."[62] وفي رد فعل آخر عام للخطاب انقسم لعدة آراء موالية.[5] أشارت صحيفة شيكاغو تايمز المؤيدة للديموقراطية قائلة:" يجب أن يرتعد وجه كل أمريكي في خزي لدى قرائته للأقوال السخيفة السطحية الرديئة التي يتفوه بها الرجل الذي يُشار إليه من قبل الأجانب ذوي العقول الذكية كرئيس للولايات المتحدة."[63] بالمقابل، نشرت صحيفة نويورك تايمزنيويورك تايمز المؤيدة للجمهورية نسخة مطبوعة مجانية للخطاب.[57] وفي ماساتشوستس، طبعت أيضًا صحيفة سبرينغفيلد الجمهوريالخطاب بأكمله وأطلقت عليه "الجوهرة المثالية" التي كانت " عميقة فالمشاعر، وموجزة فالفكر والتعبير، جذابة وأنيقة في كل كلمة وفاصلة." وتنبأت صحيفة الجمهوري بأن ملاحظات لينكولن القصيرة قد تكون " ردًا لدراسة أعمق للنص النموذجي".[64] وفي الذكرى المائة والخمسين للخطاب، صحيفة الباتريوت نيوز في هاريسبورغ، بنسلفانيا، والمعروفة سابقًا بالباتريوت والاتحاد، تراجعت عن رد فعلها الأوَلي ("تعليقات سخيفة" تستحق "ساتر من النسيان") مُصرِحة بأن: " منذ ثمانين عام مضت، أتت هذه المؤسسة الإعلامية إلى هنا، إلى جمهورها، بحُكم مغالِط للغاية، ومُلوث بالعجرفة، مُنتقصًا في الرؤية التي قد يجلبها التاريخ، ولهذا لايجب أن يظل هكذا ضمن سجلاتنا دون معالجة، إن الباتريوت والاتحاد قد فشلت في التعرف على الأهمية الخطيرة [للخطاب]، البلاغة الخالدة، والقيمة الدائمة، وتندم الباتريوت نيوز على هذا الخطأ."[65][66]
وتنتقد صحف أجنبية أيضًا ملاحظات لينكولن، فتُعلق صحيفة لندن التايمز قائلة: "كانت المراسم [في جيتيسبيرغ] مُقدمة بصورة غريبة ومضحكة نتيجة لبعض الاندفاعات غير المُوفقة من قبل الرئيس لينكولن ضعيف المستوى."[67]
كان عضو مجلس النواب الأمريكي جوزيف غولدين حاضرًا ومُستمعًا للخطاب وكان مدرسًا بعُمر الثامنة عشر، وقد خدم غولدين في قوات مشاة بحرية الولايات المتحدة في الحرب. وقد نَعِم لاحقًا بحياة مهنية ناجحة في التأمين، في بنسلفانيا، وفي مدينة نيويورك قبل التحاقه بالكونجرس ك ديموقراطي. لاحقًا في حياته، سُئل غولدين عن الخطاب حيث أن مرور الزمن جعله واحدًا ضمن عدد مُتضاءل من الأفراد الذين حضروا الخطاب. وقد علّق على الحَدث وخطاب لينكولن بعدة مصطلحات مناسبة مُدعيًا أن خطاب لينكولن كان أحد الإلهامات التي دفعته للالتحاق بالخدمة العسكرية.وقد تضمنت مذكرات غولدين ملاحظات عن مجلس النواب في عام 1914.[68][69]
ذكريات صوتية
يُعد ويليام روديل راثفورن شاهد العيان الوحيد المعروف الذي شهد كلًا من وصول لينكولن إلى جيتيسبيرغ والخطاب نفسه وقد خلّف تسجيلًا صوتيًا بذكرياته.[70] وقبل وفاته في عام 1939، بعام واحد تم تسجيل ذكرياته في 12 فبراير 1938 في استديوهات بوسطن الخاصة بالمحطة الإذاعية، وتضمن قرائته للخطاب نفسه، لينتج تسجيل مضغوط ذو 78 لفة فالدقيقة.وكان عنوان هذا التسجيل "لقد سمعت لينكولن ذلك اليوم-ويليام روديل راثفورن تي أر للإنتاج"..ووصلت نسخة منه إلى الإذاعة الوطنية العامة (إن بي أر) خلال مشروع " البحث عن صوت" في عام 1999،[71] واستمرت ال (إن بي أر) في إذاعته في يوم ميلاد لينكولن.
مثل أغلب من حضر إلي جيتيسبيرغ، كانت عائلة راثفورن على علم بأن لينكولن سيُلقي بعض التصريحات. وذهبت العائلة لميدان البلدة الذي يمر به موكب الرئيس لينكولن ليصل إلى المقبرة التي لم تكتمل بعد. على رأس الموكب كان لينكولن ممتطيًا جوادًا رماديًا يسبقه فرققة عسكرية والتي كانت الأولى التي يراها الفتى الصغير في حياته. وصف راثفورن لينكولن بأنه طويل جدًا ذو أرجل طويلة تكاد تصل للأرض؛ وقد ذكر أيضًا الخطاب المُطوَل البليغ الذي ألقاه ادوارد إيفريت في ماساتشوستس والذي وصفه راثفورن بدقة "الخطيب الأكثر إتمامًا لليوم." ويكمل راثفورن وصفه عن كيفية تحرك لينكولن للأمام حاملًا "ملامح جامدة حزينة على الأغلب، مُلقيًا خطابه المُوجز."[72] أثناء إلقاء الخطاب، ومع عدة صبية آخرون، تحرك راثفورن الصغير للأمام وشق طريقه وسط الحشد متلويًا حتى أصبح على بُعد 15 قدم من السيد لينكولن ونظر إلى أعلى إلى ما أطلق عليه "الوجه الجاد". ويستدعي راثفورن بصراحة أنه على الرغم" استمع باهتمام إلى كل كلمة تفوه بها الرئيس، وتلقاها بوضوح" ويستطرد أنه "كباقي الصبية، لم يستطع ان يتذكر أيا ما سمعه بعد ذلك." ولكنه يفسر أنه إذا تلفظ أي شخص بأي شيء مُذم عن " آبي الصادق" فقد يؤدي هذا لاندلاع معركة لحديثي السن في جيتيسبيرغ. وفي التسجيل يتحد راثفورن عن خطاب لينكولن بالاستعارة قائلًا : "يتردد صداه عبر التلال."
صور فوتوغرافية
الصورة الوحيدة المعروفة والمؤكدة ل لينكولن في جيتيسبيرغ،[73] والتي التقطها المُصور ديفيد باتشراتش[74] والتي تم التعرف عليها ضمن مجموعة ماثيو برادي للوحات الصور الفوتوغرافية الموجودة في إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية في عام 1952. بينما كان خطاب لينكولن قصيرًا مما حال دون التقاط عدة صور وهو يتحدث، فقد جلس هو وكبار الشخصيات لساعات خلال بقية المراسم. باعتبار الوقت الذي استغرقه ادوارد إيفريت في إلقائه الخطاب ومدة الوقت التي يحتاجها المصورون في القرن التاسع عشر لإعداد العدة قبل التقاط الصورة، فإنه من المعقول أن المصوريين لم يكونوا على استعداد لتعليقات لينكولن المختصرة.
مراجع
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- a
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- b
- 41
- 42
- 43
- c
- d
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- e
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- بوابة الولايات المتحدة