سيمفونية

السِّيمْفُونِيَّة[1] (بالإنجليزية: Symphony)‏ هي مؤلَّف موسيقى يتكون من حركة واحدة على الأقل، ويكتب عادة من أجل الأوركسترا.[2][3][4] وقد نشأ هذا النوع من التأليف الموسيقي في القرن الثامن عشر، ثم تطور علي أيدي بعض أعلام الموسيقى الكلاسيكية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وأواسط القرن العشرين حتى استقرت على الشكل الحالي.

ومنذ القرن الثامن عشر فقد تبلور البناء العام للسيمفونية ليكون من شقين وهما:

معنى الكلمة

ترجع التسمية الإنجليزية "Symphony" إلي لفظان يونانيان وهما لفظة "Sym" وتعني Together أي «معا» بالعربية، ولفظة "phone" وتعني «صوت» بالعربية. لذلك يصبح اللفظ كاملا "Sounding Together"، وأقرب ترجمة له بالعربية هي «إنشاد جماعي». كما ترجع أيضا إلي لفظة لاتينية وهي "Symphonia".

استخدم هذا اللفظ من قبل اليونانين على ثلاثة مراحل؛ أولها كان لإدراك التناغم بين الأصوات المتتابعة وتلك المتزامنة، ثم استخدم ثانيا لوصف الحالات الخاصة من الأصوات المتتابعة (مثل الفترة الفاصلة بين الأوكتاف الرابع والخامس في الموسيقى الحديثة)، واستخدم ثالثا وأخيرا لوصف تناغم الأوكتاف. أما عند الرومان فقد استخدم بصفة أساسية لوصف توافق الأصوات والموسيقي وما زال يستخدم في الشعر.

أما في القرن السابع عشر، فقد ظهر اللفظ في أعمال كل من جوفاني غابرييلي (بالإيطالية: Giovanni Gabrieli) وهينريش شوتز (بالألمانية: Heinrich Schütz) وموسيقيون آخرون. ثم جاءت اللفظة الإيطالية Sinfonia لتظهر في أعمال آخري. وهكذا بدأ اللفظ في الانتشار منذ منتصف القرن السابع عشر وتطور السيمفونية في القرن الثامن عشر خلال الحقبة المعروفة باسم العصر الباروكي (أو الحقبة الباروكية) (بالإنجليزية: Baroque Era) والذي امتد لمدة قرن بين عامي 1650-1750 م.

نشأة وتطور السيمفونية

القرن الثامن عشر

ترجع البدايات الحقيقية للعمل السيمفوني لعصر الباروك، مع نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، حيث استخدمت السيمفونية كافتتاحية إيطالية للأوركسترا (بالإنجليزية: Italian overture) والتي عادة كما كانت تتكون من ثلاث حركات في أنماط راقصة. وقد ظهرت عادة في أعمال ألساندرو سكارلاتي (بالإيطالية: Alessandro Scarlatti) وآخرون. وفي ذلك الوقت لم تكن السيمفونيات تعتبر من الأعمال المشهورة، بل كانت تقتصر ثلاثة أنواع من الحفلات؛ أولها حفلات الأوبرا - وذلك في هيئة أوبرا (بالإنجليزية:opera) - وثانيها في الموشحات الدينية بالكنيسة - علي هيئة أوراتوريو (بالإنجليزية: oratorio) - كما ظهرت ثالثا في الحفلات التي تقام بدون تمثيل - علي هيئة كانتاتا (بالإنجليزية: cantata). ولم تكن مدة السيمفونية في أي من هذه الصور الثلاث طويلة، بل كانت تتراوح عادة بين 10-20 دقيقة كحد أقصي.

بالتوازي، يعتبر «ريبيينو كونشيرتو» (بالإيطالية: ripieno concerto) أحد أسلاف السيمفونيات، وهو عبارة عن كونشرتو للآلات الوترية بدون صولو. وأقدم مؤلفات هذا النمط قام بها جوزيبي توريلي (بالإيطالية: Giuseppe Torelli) عام 1698. أيضا قام أنطونيو فيفالدي (بالإيطالية: Antonio Vivaldi) بكتابة أعمال علي هذا النمط، غير أن أشهر أعمال هذا النمط كانت السيمفونية الثالثة من أعمال يوهان سباستيان باخ (بالإنجليزية: Johann Sebastian Bach).

وهكذا، ظلت الإفتاحية الإيطالية - بحركاتها الثلاث - هي أساس الأعمال السيمفونية في تلك الفترة، حيت كانت تتكون من حركة سريعة تسمي أليغرو (بالإيطالية: allegro)، تليها حركة بطيئة، وتختتم بحركة سريعة. وكانت أعمال موزارت الأولي تندرج تحت هذا الإطار. وظل الوضع علي هذا الحال حتي نهاية عصر الباروك في منتصف القرن الثامن عشر، حيث حدث تحولا كبيرا في السيمفونية من خلال أعمال كل من موزارت وهايدن حيث قاما بإدخال حركة رابعة راقصة مع تعديلات بالحركة الأولي الأصلية ليصبح شكل السيمفونية كالتالي:

وهكذا بدأت الملامح الأساسية للبناء السيمفوني في التشكل ليتم استخدامها في الأعمال الموسيقية للقرن الثامن عشر من قبل أعلام الموسيقى الكلاسيكية. وكانت أول مقطوعة تدخل نمط المينبوويت في إطار سيمفونية ذات حركات ثلاث هي من أعمال جورج ماتييس مون (بالألمانية: George Matthis Moon) في عام 1740، علي أن يوهان ستاميتز (بالألمانية: Johan Stamitz) يعتبر أول من استخدم هذا النمط في إطار سيمفونية ذات حركة رباعية.

يوهان سباستيان باخ

في هذا العصر، كان يوجد مركزان يعتبرا منارة إنتاج وكتابة الموسيقي الكلاسيكية؛ أولهما مدينة فيينا، حيث كانت تكتب فيها العديد الموسيقيين من قبل جورج كريستوف واجنسيل (بالألمانية: George Christoph Wagenseil)، فينزل ريموند بريك (بالألمانية: Wenzel Raimund Brick)، جورج ماتييس مون (بالألمانية: George Matthis Moon)؛ أما ثانيهما فهو مدينة مانهايم الألمانية، حيث شهدت نشأة ما يسمي بمدرسة مانهايم (بالإنجليزية: Mannheim school).

ولم تقتصر كتابة الأعمال السيمفونية علي هذين المركزين فقط، بل شهدت بعض أنحاء أوروبا كتابة السيمفونيات:

وفي أواخر هذا القرن، تميز بالعديد من المؤلفين الموسيقيين من فيينا وهم يوهان بابتيست فانهال (بالألمانية: Johann Baptist Vanhal)، كارل ديتيرس فون ديترسدورف (بالألمانية: Carl Ditters von Dittersdorf)، وليوبولد هوفمان (بالألمانية: Leopold Hoffmann)، غير أن هايدن (بالألمانية: Joseph Haydn) - الذي كتب 106 سيمفونية طوال 40 عاما - وموزارت (بالألمانية: Wolfgang Amadeus Mozart) يعتبرا من أهم أعلام هذا الموسيقي الكلاسيكية لهذا العصر بعد إدخالهما التطوير الذي ميز العمل السيمفونى.

القرن التاسع عشر

في أواخر القرن الثامن عشر، كانت الأصوات الموسيقية (بالإنجليزية: vocal music) هي المعول الأساسي الذي تقوم عليه الحفلات الموسيقية، سواء كانت أوبرالية أو موشحات دينية بالكنيسة. ومع تنامي الأوركسترا في أوروبا، بدأت السيمفونية تطرق مجال الحفلات الموسيقية بقوة. وامتدت فترة التحول هذه لمدة 30 عاما في الفترة 1790 إلي 1820. وكانت أعمال لودفيج فان بيتهوفن (بالألمانية: Ludwig van Beethoven) هي من قامت بثبيت أركان هذا البناء في أوائل القرن التاسع عشر.

لودفيج فان بيتهوفن

بدأت أعمال بيتهوفن - السيمفونية الأولى والثانية - متأثرة بأعمال هايدن، غير أنه ابتداء من السيمفونية الثالثة فقد استطاع بتهوفن أن يرسم لنفسه الشكل الخاص به، وقد بدأت أعماله منذ هذه السيمفونية في إعطاء أبعاد جديدة وتوسيع آفاق للعمل السيمفوني، مرورا بالسيمفونيات الآخرى ووصولا إلي السيمفونية التاسعة - التي ألفها وهو أصم - حيث أعطت مجالاً واسعاً أمام الكورس في الحركة الأخيرة - الرابعة - منا السيمفونية. وقد قام بيتهوفن بالإضافة إلي فرانز شوبرت (بالألمانية: Franz Schubert) بإدخال تغيير جديد علي نسق السيمفونية؛ حيث قاما بتطوير نمط المينبوويت (بالفرنسية: minuet) إلي نمط آخر وهو نمط شيرزو (بالإنجليزية: scherzo). ومنذ هذا القرن أصبحت أعمالهما - خصوصاً سمفونية بيتهوفن التاسعة - هي المبادئ الأساسية التي راعتها الأجيال التالية في مجال الموسيقى اللكلاسيكية.

قامت أجيال الموسيقيين التالية التي شهدها هذا القرن بدمج المفردات الموسيقية التي قام بتطويرها موسيقيون أمثال جون فيلد (بالإنجليزية: John Field)، لويس سبوهر (بالألمانية: Louis Spohr) وكارل ماريا فون ويبر (بالألمانية: Carl Maria von Weber) يالتغييرات البنائية التي أدخلها لودفيج فان بيتهوفن (بالألمانية: Ludwig van Beethoven) على العمل السيمفوني. وكان أبرز الأعمال التي عكست هذا الإتجاه أعمال كل من الموسيقيين الألمانيين روبرت شومان (بالألمانية: Robert Schumann) وفيليكس مندلسون (بالألمانية: Felix Mendelssohn). وبذلك نشأت فترة غنية في الموسيقي الكلاسيكية عرفت بالرومانسية، وهي تعبر أطول فترات العصور الموسيقية، فقد امتدت من أعمال بيتهوفن - في بدايات القرن التاسع عشر - حتي أعمال سيرجي رحمانينوف (بالإنجليزية: Sergei Rachmaninoff) في أواسط القرن العشرين.

وهكذا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأت السيمفونية في الانتشار أكثر وأكثر لتصبح من أساسيات الحفلات الأوركسترالية، كما إزدادت مدتها؛ فبعد أن كانت في بداياتها لا تزيد عن 20 دقيقة، وصلت إلي 60 دقيقة كما في سيمفونية بيتهوفين التاسعة. وقد أخذت أركان البناء السيمفوني في الرسوخ، وكانت أعمال يوهان برامز (بالألمانية: Johannes Brahms) هي خير ممثل لتلك الفترة، حيث ساهمت في تثبيت دعائم البناء من خلال مستوياتها البنائية العالية ومحتواها الفني الرفيع. في نفس الوقت كانت أعمال كل من أنطون باكنر (بالإنجليزية: Anton Bruckner)، أنطونين دفوراك (بالإنجليزية: Antonín Dvořák)، كاميلي سانت سينس (بالإنجليزية: Camille Saint-Saëns) وتشايكوفسكي (بالإنجليزية: Pyotr Ilyich Tchaikovsky) من أعلام تلك الفترة.

وفي أوخر هذا القرن، قام بعض عازفي الأرغن الفرنسيين بتصنيف أعمالهم ضمن السينفونيات التي تحمل طابع هذه الفترة - أي الطابع الرومانسي، ومن أشهرهم شارل ماري وندور (بالفرنسية: Charles-Marie Widor).

القرن العشرون

شهد القرن العشرين توسعا وتطويرا في العمل السيمفوني، وأصبح مرادفا للحفلات الموسيقية التي تؤديها الأوركسترا في دول مختلفة. وبينما استمر مؤلفون موسيقيون أمثال سيرجي رحمانينوف (بالإنجليزية: Sergei Rachmaninoff) وكارل نيلسن (بالإنجليزية: Carl Nielsen) في كتابة السيمفونية باستخدام حركاتها الأربعة، فقد قام مؤلفون آخرون بسلوك مسلكا مغايرا، حيث قام غوستاف ماهلر (بالإنجليزية: Gustav Mahler) بكتابة سيمفونياته الثانية والخامسة والسابعة باستخدام نسق يتكون من 5 حركات، بينما قام جون سيبيليس (بالإنجليزية: Jean Sibelius) بكتابة سيمفونيته السابعة باستخدام نسق يتكون من حركة واحدة فقط.

وبالرغم من هذه الاختلافات، فقد استمر التأليف السيمفوني وفق الأسس التي وضعت من قبل موتسارت وهايدن ودعمها بيتهوفن؛ أي علي نسق 4 حركات للسيمفونية. وشهد هذا القرن زيادة كبيرة في عدد السيمفونيات التي تم تأليفها، كما شهد زيادة في فرق الأوركسترا التي إنتشرت في العديد من دول العالم، سواء في أوروبا أو أمريكا أو إفريقيا أو غيرها. ويندر أن تجد اليوم أي أوركسترا لا تقوم بعزف أي من أعمال هؤلاء الأعلام الذين أثروا الموسيقي بسينفونياتهم الرائعة.

انظر أيضاً

مصادر ومراجع

  • موقع مكتبة ThinkQuest
  • موسوعة إنكارتا Encarta

وصلات خارجية

  • بوابة فنون
  • بوابة موسيقى
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.