شعبوية يسارية

تُعد الشعبوية اليسارية، وتُدعى أيضًا بالشعبوية الاجتماعية، أيديولوجية سياسية تجمع بين اليسارية السياسية وخطاب الشعبوية ومحاورها الفكرية. غالبًا ما يتمثل خطابها في معاداة النخبوية ومعارضة المنظومة الحاكمة والتحدث باسم «عامة الشعب».[1] من المحاور الشعبوية اليسارية المتكررة: الديمقراطية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتشكيك في العولمة. تلعب النظرية الاشتراكية دورًا أقل مما تلعبه الأيديولوجيات اليسارية التقليدية.[2][3]

يرتبط انتقاد الرأسمالية والعولمة بمعاداة النزعة العسكرية، والتي ازدادت في الحركات الشعبوية اليسارية نتيجة لعمليات الولايات المتحدة العسكرية المنبوذة، ولا سيما تلك التي في الشرق الأوسط.[4] من المعتقد أن اليسار الشعبوي لا يستبعد الآخرين حسب حالتهم الاجتماعية ويعتمد على مبادئ المساواة. يشير بعض الباحثين إلى الحركات الشعبوية اليسارية القومية أيضًا، على أنها خاصية قدمها الفكر الكمالي (الكمالية) في تركيا مثلًا أو الثورة البوليفارية في فنزويلا.[5] على عكس الشعبوية الإقصائية أو اليمينية، تميل الأحزاب الشعبوية اليسارية إلى أن تكون داعمة لحقوق الأقليات[6] وإلى تصورٍ عن المواطنة غير محدد بخصوصية ثقافية أو اثنية.[7]

مع ظهور ائتلاف اليسار الراديكالي (سيريزا) اليوناني وبوديموس الإسباني، وبدرجة ما، حركة النجوم الخمسة الإيطالية خلال أزمة الديون الأوروبية، كان هناك نقاش متزايد حول الشعبوية اليسارية الجديدة في أوروبا.[8][9]

حسب البلد

ائتلافات متعددة الجنسية

تنتمي العديد من الأحزاب السياسية اليسارية والشعبوية في أوروبا إلى اليسار المتحد الأوروبي/اليسار الأخضر النوردي.

ألمانيا

جرى تناول حزب الاشتراكية الديمقراطية تحت ظل الشعبوية اليسارية بشكل صريح، وخاصة من قِبل الأكاديميين الألمان.[10] شُكل الحزب بعد إعادة توحيد ألمانيا وكان مشابهًا لأحزاب الشعبوية اليمينية من ناحية أنه اعتمد على معاداة النخبوية ومن ناحية الاهتمام الإعلامي الذي أولته قيادة كاريزمية. تنافس الحزب، إلى حد ما، على نفس قاعدة الناخبين مع أحزاب الشعبوية اليمينية، إلا أنه اعتمد برنامجًا انتخابيًا أكثر جدية في ألمانيا الشرقية. كان هذا البرنامج محاطٌ بحسٍ مناهض للهجرة فضله بعض الناخبين، إلا أنه جرى تجاوز الحدود من قِبل أوسكار لافونتين، الذي استخدم مصطلحًا ارتبط سابقًا بالحزب النازي، فريمداربيتير («العمال الأجانب»)، في حملته الانتخابية عام 2005.[11] أُدمج حزب الاشتراكية الديمقراطية (بّي دي إس) في حزب اليسار في عام 2007.[12]

اليونان

وُصف حزب سيريزا، الذي أصبح أكبر حزب منذ انتخابات يناير 2015، بأنه حزب شعبوي يساري بعد أن ضم برنامجه الانتخابي معظم مطالب الحركات الشعبية في اليونان خلال أزمة الدين الحكومي. تشمل الخصائص الشعبوية في برنامج سيريزا الأهمية المتزايدة «للشعب» في خطابهم والعدوانية في إدارة الحملات من خلال مفهوم «نحن (الشعب) ضدهم (المنظومة الحاكمة)». فيما يتعلق بالهجرة وحقوق المثليين، فإن سيريزا حزبٌ شمولي. لا يقبل سيريزا في حد ذاته تسمية «الشعبوية».[13][14]

إيطاليا

غالبًا ما توصف حركة النجوم الخمسة الإيطالية (إم 5 إس)، التي أصبحت أكبر حزب في الانتخابات العامة لعام 2018، بأنها حزبُ خيمة شعبية كبيرة،[15][16] ولكنها توصف أيضًا في بعض الأحيان كحركة شعبوية يسارية؛[17] في الواقع، تُشير عبارة «النجوم الخمس» إلى خمس قضايا رئيسية للحزب، وهي نظام المياه العامة والنقل المستدام والتنمية المستدامة والحق في الوصول إلى الإنترنت وحماية البيئة، وتُعد مقترحات نموذجية للأحزاب الشعبوية اليسارية.[18] على أي حال، رغم خلفيتها في السياسات اليسارية، فقد عبرت حركة إم 5 إس في كثير من الأحيان عن وجهات نظر الجناح اليميني بشأن الهجرة.[19]

في سبتمبر 2019، شكلت حركة إم 5 إس حكومة مع الحزب الديمقراطي وسط اليسار والحزب اليساري الحرية والمساواة، برئاسة جوزيبي كونتي.[20][21] أُشير إلى هذه الحكومة في بعض الأحيان باسم مجلس الوزارء الشعبوي اليساري.[22]

المراجع

  1. Albertazzi and McDonnell, p. 123.
  2. Zaslove, Andrej (يونيو 2008)، "Here to Stay? Populism as a New Party Type"، European Review، 16 (3): 319–336، doi:10.1017/S1062798708000288.
  3. Roth, Silke (17 أبريل 2018)، "Introduction: Contemporary Counter-Movements in the Age of Brexit and Trump"، Sociological Research Online، doi:10.1177/1360780418768828، مؤرشف من الأصل في 24 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 12 فبراير 2021.
  4. Hartleb, Florian (2004)، Rechts- und Linkspopulismus. Eine Fallstudie anhand von Schill-Partei und PDS [Right and left populism. A case study based on Schill Party and PDS] (باللغة الألمانية)، Wiesbaden، ص. 162.
  5. Ozel, Soli (أبريل 2003)، "After the tsunami"، Journal of Democracy، 14 (2): 80–94، doi:10.1353/jod.2003.0043، S2CID 154832434.
  6. Mudde, C.؛ Rovira Kaltwasser, C. (2013)، "Exclusionary vs. inclusionary populism: comparing contemporary Europe and Latin America"، Government and Opposition، 48 (2): 147–174، doi:10.1017/gov.2012.11.
  7. Custodi J (2020)، "Nationalism and populism on the left: The case of Podemos"، Nations and Nationalism: 1–16، doi:10.1111/nana.12663، مؤرشف من الأصل في 16 أكتوبر 2020.
  8. Zabala, Santiago (02 ديسمبر 2014)، "In Europe, not all populist parties are the same"، AlJazeera، مؤرشف من الأصل في 23 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 22 يونيو 2015.
  9. Mudde, Cas (17 فبراير 2015)، "The problem with populism"، The Guardian، مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 2021، اطلع عليه بتاريخ 22 يونيو 2015.
  10. De Lange, Sarah (ديسمبر 2005)، "Political extremism in Europe"، European Political Science، 4 (4): 476–488، doi:10.1057/palgrave.eps.2210056، S2CID 154045990.
  11. Albertazzi and McDonnell, p. 132.
  12. Albertazzi and McDonnell, p. 133.
  13. Stavrakaki, Yannis؛ Katsambekis, Giorgos (يونيو 2014)، "Left-wing populism in the European periphery: the case of SYRIZA"، Journal of Political Ideologies، 19 (2): 119–142، doi:10.1080/13569317.2014.909266، S2CID 143735344.
  14. Katsourides, Yiannos (2016)، Radical Left Parties in Government: The Cases of SYRIZA and AKEL، Palgrave Macmillan، ص. 103ff.
  15. Donatella M. Viola (2015)، "Italy"، في Donatella M. Viola (المحرر)، Routledge Handbook of European Elections، Routledge، ص. 113، ISBN 978-1-317-50363-7.
  16. Italy’s Left-Wing Populists Won’t Stop the Far-Right. They’ll Strengthen It, Foreign Policy نسخة محفوظة 2021-03-10 على موقع واي باك مشين.
  17. Paolo Gerbaudo (2014)، "Populism 2.0: Social media activism, the generic Internet user and interactive direct democracy"، في Daniel Trottier؛ Christian Fuchs (المحررون)، Social Media, Politics and the State: Protests, Revolutions, Riots, Crime and Policing in the Age of Facebook, Twitter and YouTube، Routledge، ص. 76–77، ISBN 978-1-317-65548-0.
  18. Quando Luigi Di Maio disse che le Ong sono taxi del mare. La polemica con Saviano, Huffington Post نسخة محفوظة 18 يونيو 2021 على موقع واي باك مشين.
  19. Antonucci, Maria Cristina (21 سبتمبر 2019)، "Da sinistra a destra, Conte fa (bene) il presidentissimo. Analisi di Antonucci"، Formiche.net، مؤرشف من الأصل في 04 فبراير 2021.
  20. "Conte? Campione di trasformismo"، www.iltempo.it، مؤرشف من الأصل في 05 فبراير 2021.
  21. Last ditch effort: Italy's Conte pushes for populist-left wing alliance, EuroNews نسخة محفوظة 2020-10-25 على موقع واي باك مشين.
  • بوابة السياسة
  • بوابة فلسفة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.