علم أمراض الثقافة الشعبية

علم أمراض الثقافة الشعبية (أو علم الأمراض الثقافية الشعبية) هي الدراسة التفصيلية لـ الثقافة الشعبية في مجالات مثل الشهرة،[1] والموسيقى والموضة والطعام والرغبة الجمالية والتلفاز، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المغمورة والمحفزات. ويعد علم أمراض الثقافة الشعبية فرعًا مغمورًا لكل من النظرية النقدية والدراسات الثقافية.

نشأ علم أمراض الثقافة الشعبية في الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة مع بداية الألفية، فهذا العلم هو محاولة منهجية لتحليل الاتجاهات الثقافية حتى يتسنى دراسة العلاقات التي تربط بين الفرد والعالم من حوله دراسة متعمقة. وتضم الدراسات تجارب تتعلق بتجارب الجماليات التي يتشاركها الناس عمومًا، وذلك بهدف كشف الغطاء عن الاتجاه الأصلي الذي سمح بوجود ظاهرة الاتجاهات العرضية. ومن الفلاسفة المؤسسين لهذا العلم ميشيل فوكو وفلسفة التفكيكية التي كان جاك دريدا رائدًا فيها.

تجربة بوتو

إن أشهر طريقة لاختبار النظريات في علم أمراض الثقافة الشعبية هي محاولة حث مواقف تتميز بالجهل الثقافي التام. فمثلاً، أُجري اختبار عام 2005 في جامعة كاليفورنيا ببيركيلي تحت اسم «تجربة بوتو». حيث أُعطي طالب شاب اسمه «نيكولاس بوتو» إسطوانة سي دي يوم طرحها في السوق فلم تكن قد أذيعت في محطات الراديو ولم يتعرض هو لها من قبل. فاستمع بوتو إلى هذا الألبوم فقط على مدار شهرين ثم سمح له بالتعامل مع المجتمع. ولقد أُخبر بوتو بأن يعود بعد مرور عام جالبًا معه 5 ألبومات استمتع بها في ضوء الألبوم الذي قدم له. كان الألبوم الذي استخدم في التجربة هو في طائرة فوق البحر لفريق موسيقى الإندي روك نيوترال ميلك هوتيل. وكان نمط الموسيقى يعرف باسم «منخفضة الجودة» الذي لم يكن معروفًا في ذلك الوقت. وبعد مرور عام عاد بوتو ومعه خمس ألبومات مشابهة. وكانت اختياراته تنبئ بجيل من الموسيقى من نوع «منخفضة الجودة»، وبهذا فتح الباب أمام علم أمراض الثقافة الشعبية لتكون موضوعًا شرعيًا.

مضامين علم أمراض الثقافة الشعبية

لا يزال العلماء والفلاسفة يعترفون بمضامين ما بعد الحداثة لهذا النوع من العلم التجريبي. فعند تعيين معنى لعنصر ثقافي معين يتعامل مع الشخص فإن التجربة هي ما سيحدد ما سيكون ذا قيمة إجمالاً في غضون العام التالي لهذا الموضوع. فمن المسلم أن هذا النوع من التأثير يفرض حلولاً للاتجاهات الثقافية الحالية التي تعد «لا أخلاقية.» فإذا جعلنا الشيء الأجود هو الشيء الأكثر عصرية من الناحية المجتمعية، فمن المحتمل أن تنحل مشكلات العالم في المستقبل.

إخفاقات علم أمراض الثقافة الشعبية

من المؤسف أن «تجربة بوتو» قد خلفت نتائج عكسية يتعذر علاجها. فالازدهار الثقافي الذي توقعته التجربة أحاط بالحالة وفرض نهاية للمرحلة التالية من التجربة. ثانيًا، كان من المفترض أن يتم إعطاء الحالة الألبوم نفسه في المرة الثانية وأن يخبروه بأن يعود جالبًا معه خمسة ألبومات إضافية. وكان من المفترض أن تبين المرحلة الثانية عدم استقرار المجتمع الحديث واستحالة إكراه الفرد على السير في عكس اتجاه المجتمع. ولقد تم إثبات هذا خطأً فالحالة عادة بنفس الألبومات الخمسة مثلما فعلت من قبل، وبهذا تحطمت الدراسة تحطمًا أكيدًا.

المشروعات الكلية في علم أمراض الثقافة الشعبية

تم إجراء هذا النوع من التجارب على مختلف الأصعدة وبمختلف الطرق. فعلى سبيل المثال، قام مشروع الجينوم الموسيقي بإنشاء خدمة تعرف باسم راديو باندورا يسمح بالاتصال بمختلف أنواع الموسيقى وفقًا لمعايير أولية محددة تحديدًا صارمًا. ويوجد أيضًا هذا النوع من التوصيف في أحدث حلول أبل في أي تيونز. فميزة "Genius" الجديدة تتيح للمستخدم استكشاف الموسيقى التي تتفق مع ميوله الثقافية الحالية، مما يعدل النتائج الخاطئة لتجربة «بوتو» المثيرة للحيرة والتي درست دراسة مستفيضة.

ماذا بعد ذلك؟

لا زال الأكاديميون ينتظرون بشغف الظهور التالي لعلم أمراض الثقافة الشعبية. فقد أدت حالة الترقب إلى تشكل وجهتي نظر تجاه الحالة. فتوقع أحدهم أن العلم هو من سيخوض المحاولة التالية في عملية الإصلاح الأخلاقي، ولقد ظهرت هذه الفكرة لأول مرة في الولايات المتحدة. ولكن أحاطت المخاوف بوجهة النظر الشائعة هذه ولكن الأكثر من ذلك أن هناك حالة من الشك في أن هذا الشعور قد وضع لصالح تأثير تجربة أخرى في المجال نفسه. وفي ظل الطبيعة الساخرة لهذه الدراسة، فيبدو أنه من المحتمل أن يكون الظهور التالي علي يد الفيلسوف القادم الذي سيمتلك الجرأة الكافية لجعله يكرر تجربة «بوتو» مع التركيز على مجال علم أمراض الثقافة الشعبية بدلاً من التركيز على الثقافة الشعبية نفسها.

برز التوقع الثاني في أوروبا وهو أكثر علمانية. فيرى الفلاسفة أن علم أمراض الثقافة الشعبية هو نهاية المحور الأخلاقي في «العالم الجديد». واستخدم مصطلح «العالم الجديد» هنا للفت الانتباه إلى حقيقة أن الأمريكيتين سبقتا أوروبا كالعادة من الناحية التقنية، ولكنهما تتخلفان عنها فكريًا. ففكرة أن الفضيلة تواجه حتفها أتت عمومًا، ومرة أخرى، من الفلسفة الأوروبية فيما بعد الحداثة (انظر نيتشه، باودريلارد، هايدغر) متوقعين إدارك أن المعنى يعين من خلال المؤسسة وليس الفرد. وهذا يعود بالمجال إلى ميشيل فوكو ومسألة الفرد. بيد أن وجهة النظر هذه تلقي بتساؤلات حول الطبيعة الدورية للدراسة. وفي النهاية، سيخبرنا الزمان بمستقبل مجال الدراسة الجديد هذا المثير للفضول.

المراجع

  1. Gans, J.H. (1999). Popular Culture and High Culture: an analysis and evaluation of taste. New York: Basic Books.
  • بوابة ثقافة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.