فريق افتراضي

الفريق الافتراضي (بالإنجليزية: virtual team)‏ أو فريق العمل الإفتراضي أو الفريق المتفرق جغرافياً أو الفريق الموزع هو فريق عمل يتعاون عبر الزمان والمكان عبر تقنيات المعلومات والاتصال عن بعد وخصوصاً الإنترنت من أجل تناقل أفكار مشتركة أو تقديم خدمة بشكل مشترك أو تحقيق مصالح أو أهداف مشتركة، مما يسمح للشركات والمنظمات التي ينتمي اليها أعضاء الفريق بالمرونة في بناء الفرق والمحافظة عليها.[1] [2]

يتفاعل أعضاء الفريق الافتراضي بشكل أساسي من خلال الاتصال الإلكتروني.[3][4]

ربما لا يلتقي أعضاء هذا الفريق وجهاً لوجه على أرض الواقع أبدًا، ولكن مثل ذلك الفريق الافتراضي يحتاج إلى الاجتماع عن بعد أحيانًا.[5][6]

يتميز مفهوم الفريق الافتراضي عن مفهوم العمل عن بعد، الذين يشير بشكل رئيسي إلى الأشخاص الذين يعملون من منازلهم أو الأماكن التي يختارونها، إذ على الرغم من أن مفهوم الفريق الافتراضي يسمح للأعضاء بالعمل من المنزل، إلا أن معظم الشركات التي لديها فرق افتراضية تتوقع أن يتمكن أعضاء الفريق الافتراضي من العمل والتفاعل في مكاتب أو معامل أو مواقع إنشائية في مناطق مختلفة في أوقات معينة.[7][8]

تاريخياً

الإعتماد المدني (تجارياً وصناعياً) على نظام فرق العمل الافتراضية المتفرقة جغرافياً واجه عوائق تقنية وإجتماعية وقانونية لم يتم تجاوز أكبرها إلا حديثاً. قانونياً لا تزال هنالك العديد من العقبات القانونية أمام توظيف أشخاص من أماكن مختلفة جغرافياً لأسباب أمنية وريعية، رغم أن كثيراً من تلك العقبات كانت قد خففت بعد طغيان العولمة الإقتصادية منذ أواخر القرن العشرين. لذلك يمكن القول أنه تاريخياً أخذت تنشأ فرق العمل الإفتراضية وتتطور وتسهل إدارتها مع العولمة الإقتصادية وتطور وسائل الاتصالات الألكترونية تدريجياً ولكنها نمت بشكل ثوري منذ أواخر القرن العشرين.[9][10][11]

تقنياً التراسل عرف منذ اختراع الكتابة، وقد عرف منذ زمن الإمبراطورية الأكدية، وهي أقدم إمبراطورية في التاريخ، أن الإمبراطور كان يتبادل الرسائل مع الحكام المحليين للأقاليم التي كان يحكمها، لكن ذلك لم يكن يعني أن ولاة الأقاليم المختلفة أو قادة الجيوش المختلفة التابعة لنفس صاحب السلطة أو السفراء أو جباة الضرائب كان يشكل كل منهم فريقاً بالضرورة، بل أن النظام كان هرمياً والتراسل بين النظراء كان معظمه زوجياً، مثلاً بين واليين متجاورين أو بين الوالي والملك. حتى أنظمة المصارف والشركات والمراسلين الصحفيين والجواسيس التي كانت موزعة جغرافياً منذ قديم الزمان لم يكن ينطبق عليها تعريف الفريق الإفتراضي لأن العمليات والفرق المختلفة هي التي كانت موزعة جغرافياً، وليس الفريق نفسه. مع ذلك من الممكن أن ينظر إليها على أنها من بين محاولات التنسيق عن بعد داخل الفريق الواحد في الماضي.[12][13]

العمليات العسكرية المنسقة عن بعد يعود تاريخها إلى حصار المدن المحصنة بقلاع براً، إلا أنه حتى عندما يكون الفريق الذي يقوم بفرض الحصار موزعاً جغرافياً ويستخدم المراسلة لتنسيق الهجوم، لا ينطبق عليه تعريف الفريق الإفتراضي لأن الفريق الواحد يلتقي جغرافياً في المنطقة المتنازع عليها ويتلقى أوامره عمودياً من قيادة هرمية. أما الأساطيل البحرية التي كانت تشارك في القتال كفريق واحد منفصل كل في سفينته، فهي أول من ينطبق عليها تعرف الفريق الموزع جغرافياً. هذه الأساطيل منذ القدم كان لديها طرق للإتصال الفوري عن بعد، تطورت مع تطور وسائل الاتصالات من الطرق البدائية كالأعلام والأضواء والأجراس، وحتى استخدام التراسل اللاسلكي.[14][15][16]

منذ اختراع العربات المصفحة والطائرات في مطلع القرن العشرين واستخدامها في القتال، كان على أعضاء السرب الواحد أن يقاتل كل في دبابته أو في طائرته، فأعاد المهندسون تطبيق بعض طرق الإتصال التي كانت مستخدمة سابقاً في البحرية بما يلائم الاستخدام الجديد وطوروها لاحقاً لتكون أكثر مواءمة لتلك الإستخدامات العسكرية الجديدة[17][18][19] إلى الحد الذي أدى تدريجياً إلى نجاح تعاون فريق من وكالة الفضاء الأمريكية لإيصال بعض أفراد فريقهم إلى سطح القمر لأول مرة عام 1969.[20][21]

في عقد 1980 حدثت ثورة كبيرة في مكان العمل حيث شاع استخدام الهاتف والفاكس للتخاطب حتى بين أعضاء الفريق الواحد وأيضاً انتقل الكمبيوتر من غرفة الكمبيوتر إلى سطح المكتب.

في عقد 1990 أحدثت الثورة الرقمية ثورة في مكان العمل عندما دخلت طرق جديدة للعمل استجابة لإدراك أن تقنية المعلومات تعمل على تحويل العمليات الثقافية والاجتماعية والتقنية والإنشائية. في ذلك الوقت، قلل العالم الافتراضي والأدوات الرقمية من الحاجة إلى اتصال متزامن وجها لوجه لموظفي المكاتب لأغراض تنفيذ مهام محددة. كانت هذه الثورة الرقمية هي التقارب بين تقنيات الاتصالات والحوسبة التي تتيح الآن للأفراد والمؤسسات الاتصال بطرق وعلى نطاقات لم يكن من الممكن تصورها في السابق

منذ مطلع القرن الحادي والعشرين تميز الاقتصاد الجديد بزيادة المحاكاة الافتراضية للمنتجات والعمليات والمنظمات والعلاقات. لم يعد إنتاج الاقتصاد الجديد يتطلب من الأشخاص العمل معًا في نفس المساحة المادية للوصول إلى الأدوات والموارد التي يحتاجونها لإنتاج أعمالهم مما طور الفكرة من مجرد التوزيع الجغرافي لفرق مختلفة إلى فكرة أن الفريق الواحد يعمل بغض النظر عن التقارب الجغرافي[22]

بعد غزو العراق عام 2003 أجبر الوضع الأمني المتردي الفريق الواحد الذي يعمل على مشروع هندسي أو إنساني أو عسكري في العراق على إبتكار وسائل لتسيير العمل على الأرض بشرط عدم تواجد معظم أعضاء الفريق في موقع العمل. مثال على ذلك قيام المهندسين العراقيين بإنشاء وتوسيع شبكات الهاتف المحمول والإنترنيت، مستغلين البنية التحتية لنفس تقنية الاتصالات التي كانوا يطورونها لتجنب التعرض إلى أعمال العنف. على سبيل المثال منذ ذلك الوقت كان فريق من المهندسين يقوم بالتعاون في برمجة نفس المحطة الخلوية عن بعد في نفس الوقت، ولكن كل من موقعه[23][24][25]

منذ عام 2020 أجبرت الأوبئة الجائحة مثل جائحة كورونا المؤسسات المختلفة على تبني نظام فرق العمل الافتراضية لأنه كان في وقت من الأوقات الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام الفريق الواحد للعمل معاً مع الحفاظ على الإبعاد الإجتماعي والإغلاق الذي أقرته قوانين الطوارئ التي فرضت في معظم أنحاء العالم[26][27][28][29][30]

انظر أيضاً

مراجع

  1. منصور (01 يناير 2013)، Talal Abu-Ghazaleh ICT Dictionary = معجم طلال أبو غزالة لتقنية المعلومات و الإتصالات، Al Manhal، ISBN 9796500081762، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  2. د طارق (06 يناير 2019)، الإدارة بالعمليات: من الإستراتيجية الى الخطط التنفيذية، PMEC، ISBN 978-977-337-692-5، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  3. الإستشارات الإدارية: دليل المهنة، Al Manhal، 01 يناير 2015، ISBN 9796500171890، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  4. برنارد أ (01 يناير 2015)، الأداء الجماعي، Al Manhal، ISBN 9796500169668، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  5. Mark A. (18 أكتوبر 2011)، إصدارات موهبة : الإبداع: نظرياته وموضوعاته: Creativity: Theories and Themes: Research, Development, and Practice، العبيكان للنشر، ISBN 978-603-503-108-0، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  6. Harvard Business School (14 يوليو 2015)، كتاب الجيب : قيادة الفرق الافتراضية : حلول من الخبراء لتحديات يومية: Leading Virtual Teams، العبيكان للنشر، ISBN 978-603-503-643-6، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  7. A Guide to the Project Management Body of Knowledge (PMBOK® Guide)–Sixth Edition (ARABIC)، Project Management Institute، 01 مارس 2018، ISBN 978-1-62825-424-2، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  8. Harvard Business School (14 أكتوبر 2014)، كتاب الجيب : إدارة الفرق : حلول من الخبراء لتحديات يومية: Managing Teams (Pocket Mentor)، العبيكان للنشر، ISBN 978-603-503-628-3، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  9. Maggi؛ Wilkie, Kay (28 سبتمبر 2011)، التعلم المرتكز على حل المشكلات عبر شبكة الإنترنت: Problem-based Learning Online، العبيكان للنشر، ISBN 978-9960-54-761-9، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  10. Harvard Business؛ Drucker, Peter Ferdinand؛ Christensen, Clayton M.؛ Porter, Michael E.؛ Goleman, Daniel (19 أبريل 2016)، عن الضروريات: إن لم تقرأ أي شيء عن الضروريات، فيكفيك قراءة هذا الكتاب: HBR'S 10 Must Reads: The Essentials، العبيكان للنشر، ISBN 978-603-503-783-9، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  11. Markaz Dirāsāt al-Waḥdah al-ʻArabīyah (Beirut (2002)، العرب ... إلى أين ؟، مركز دراسات الوحدة العربية،، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  12. Hugo (16 سبتمبر 2005)، Early Babylonian History: Down to the End of the Fourth Dynasty of Ur (باللغة الإنجليزية)، Wipf and Stock Publishers، ISBN 978-1-59752-381-3، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  13. The Sumerians، 1938، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  14. Field, Alexander J. (1994)، "French Optical Telegraphy, 1793-1855: Hardware, Software, Administration"، Technology and Culture، 35 (2): 315–347، doi:10.2307/3106304، ISSN 0040-165X، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  15. Russell W. (2004)، Communications: An International History of the Formative Years (باللغة الإنجليزية)، IET، ISBN 978-0-86341-327-8، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  16. Jonathan (2003)، Groundbreaking Scientific Experiments, Inventions, and Discoveries of the 18th Century (باللغة الإنجليزية)، Greenwood Press، ISBN 978-0-313-32015-6، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  17. "Signal Corps | United States Army"، Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2019، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  18. "Radio on the Frontlines: WWI and WWII"، Digital Public Library of America، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  19. "Military communication - From World War I to 1940"، Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  20. Orrin Elmer (1970)، Communications in Space: From Marconi to Man on the Moon (باللغة الإنجليزية)، Harper & Row، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  21. Courtney G.؛ Grimwood, James M.؛ Swenson, Loyd S.؛ Dickson, Paul (26 مارس 2009)، Chariots for Apollo: The NASA History of Manned Lunar Spacecraft to 1969 (باللغة الإنجليزية)، Courier Corporation، ISBN 978-0-486-46756-6، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  22. Harrison, Andrew; Wheeler, Paul; Whitehead, Carolyn (2003). Distributed Workplace Sustainable Work Environments. London: Spon Press. ISBN 020361657X.
  23. Shapiro, Jacob N.؛ Weidmann, Nils B. (2015/ed)، "Is the Phone Mightier Than the Sword? Cellphones and Insurgent Violence in Iraq"، International Organization (باللغة الإنجليزية)، 69 (2): 247–274، doi:10.1017/S0020818314000423، ISSN 0020-8183، مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  24. "Iraq's Humanitarian Crisis"، www.globalpolicy.org، مؤرشف من الأصل في 29 أغسطس 2018، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  25. Online, By Rhys Blakely, Times، "Terrorists 'threaten' Iraq mobile operators" (باللغة الإنجليزية)، ISSN 0140-0460، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  26. Service, Canada School of Public (19 مارس 2020)، "COVID-19: Working Virtually"، www.csps-efpc.gc.ca، مؤرشف من الأصل في 6 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  27. Service, Canada School of Public (24 مارس 2020)، "COVID-19: Working Remotely – Tips for Team Leaders"، www.csps-efpc.gc.ca، مؤرشف من الأصل في 11 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  28. "Leading virtual teams| Deloitte Global"، Deloitte (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  29. "Going the distance: 5 ways to build a virtual team"، www.edc.ca (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 16 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  30. West, Prof June A.؛ Ltd, People Matters Pte (03 أبريل 2020)، "COVID-19: Communicating with virtual teams during times of crisis"، People Matters (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مايو 2020.
  • بوابة شركات
  • بوابة إنترنت
  • بوابة اتصال عن بعد
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.