كلثوم عودة
كلثوم عودة (1892-1965)، كاتبة ومترجمة وباحثة فلسطينية عاشت في الاتحاد السوفييتي وكان لها مكانة بارزة بين مؤسسي مدرسة الاستعراب الروسية.[1] انتقلت من فلسطين إلى روسيا بعد زواجها من طبيب روسي عام 1913، وعاشت هناك فترة الحرب العالمية الأولى والثورة البلشفية، وسجنت عام 1948 لبعض عقب رسالة وجهتها إلى ستالين تحتج فيها على اعترافه بالدولة الصهيونية.
كلثوم عودة | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1892 الناصرة |
تاريخ الوفاة | 1965 |
الميلاد
- ولدت كلثوم في عائلة معروفة في الناصرة في 2 أبريل 1892 في دار نصر عودة في حارة الروم.
- تقول في مذكراتها "لقد استقبل ظهوري في هذا العالم بالدموع والكل يعلم كيف تستقبل ولادة البنت عندنا نحن العرب وخصوصا إذا كانت هذه التعسه خامسة اخواتها، وفي عائله لم يرزقها الله صبيا وهذه الكراهية رافقتني منذ صغري فلم اذكر ان والدي عطفا علي يوما، وزاد في كراهيتهما لي زعمهما اني قبيحة الصورة فنشات قليلة الكلام كتومه اتجنب الناس ولا هم لي سوى التعليم، ولم اذكر احدا في بيتنا دعاني في صغري سوى "يا ست سكوت" أو يا "سلوله" وانكبابي علي التعليم في بادئ الامر نشا من كثرة ما كنت اسمعه من امي "مين ياخذك يا سلوله بتبقي كل عمرك عند امراة اخوك خدامه".
التعليم
نتيجة لما عانته كلثوم من سوء معاملة من والديها وزعمهما انها قبيحة فلم يكن لها هم لي سوى التعليم، ووجدت كلثوم ان تستغل فرصة ما كانت تقوله لها امها محاوله اقناعها ان تذهب إلى المدرسة وتقول "العجيب في الامر ان البنات اللواتي يذهبن إلى المدرسة للتعلم كن اما ذوات عاهات جسديه أو قبيحات وبكلمات مختصره ممن لم يتقدم أحد للزواج منهن" وبعد انهاء المدرسة الابتدائية توجهت انظار كلثوم إلى المدارس الروسية في الناصره حيث تقول في مذكراتها "كنت اسمع من امي "مين ياخذك يا سلوله بتبقي كل عمرك عند امراة اخوك خدامه" فهال عقلي الصغير هذا الأمر، وصرت أفكر كيف أتخلص من هذا المستقبل التعس، ولم ار بابا للفرح الا بالعلم ولم يكن سوى مهنه للتعليم في ذلك الوقت تباح للمراه … وقد كانت العادة قبل الحرب ان من يكون أول تلميذ في المدارس الروسية الابتدائية يتعلم في القسم الداخلي مجانا وبعدها يحصل على رتبي معلم فعكفت على العمل وبلغت مرادي. والفضل في هذا لوالدي إذ ان والدتي المرحومه قاومت بكل ما لديها من الوسائل دخولي المدرسة" التحقت بالمدرسة الروسية (السمنار) في بيت جالا، وبعد التخرج منها عادت إلى مدينة الناصرة حيث عملت معلمة في مدارس الجمعية الروسية (المسكوبية) في المدينة.
البداية
مارست نشاطا ادبيا بنشر مقالات في مجلات عديدة منها "النفتائس العصرية" في حيفا و"الهلال" في القاهرة و"الحسناء" في بيروت". والتقت كلثوم في الناصرة آنذاك لأول مرة المستشرق الروسي الكبير اغناطيوس كراتشكوفسكي الذي زار فلسطين في فترة (1908 – 1910) ولعب دورا كبيرا في مسيرة حياتها لاحقا.وقد اشار كراتشكوفسكي في كتابه "المخطوطات العربية" إلى لقائه معها، بينما كتبت عقيلته فيرا كراتشكوفسكايا تقول عن زيارة زوجها إلى الناصرة إلى انه تعرف هناك إلى معلمتين فلسطينيتين شاركتا في جولات كراتشكوفسكاي في المنطقة واحداهما كلثوم عودة.
الزواج
تزوجت عام 1913 من الطبيب الروسي ايفان فاسيلييف الذي كان يعمل في مستشفى الجمعية الروسية في الناصرة. علما ان والد كلثوم عارض هذا الزواج لولا تدخل عمها نجيب عودة الذي ذهب معها والدكتور ايفان إلى القدس حيث تم تسجيل عقد قرانهما في الكنيسة الروسية في مسكوبية القدس.
كلثوم عودة في روسيا
سافرت كلثوم وزوجها إلى روسيا الذي عمل في فترة الحرب العالمية الأولى في الجبهة وتطوعت كلثوم نفسها كممرضة، وعندما قامت ثورة أكتوبر التحق زوجها بالجيش الأحمر وفي عام 1919 اصيب بالتيفوئد وتوفي تاركا زوجته مع ثلاث بنات صغار بعد خمسة اعوام من الزواج. فعملت كلثوم فلاحة في أوكرانيا من اجل اعالتهم. وبعد هذه الفترة بدأت بتدريس اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية في جامعة سانت بطرس بورغ وحصلت على شهادة الدكتوراه في عام 1928 عن رسالتها حول اللهجات العربية.وقدم كراتشكوفسكي مساعدة كبيرة لها في مسيرتها العلمية لاحقا. ومارست كلثوم في هذه الفترة الترجمة من الروسية إلى العربية وبالعكس.. زارت كلثوم الناصرة في عام 1928 للقاء أهلها وجابت فلسطين والتقت في القدس المفتي امين الحسيني، ولدى عودتها إلى موسكو مارست كلثوم التدريس في معهد الاستشراق، ثم انتقلت فيما بعد للعمل في معهد العلاقات الدولية وفي المدرسة الدبلوماسية العليا. وقد منحت كلثوم عودة الوسام السوفيتي "وسام الصداقة بين الشعوب".
القضية الفلسطينية وكلثوم عودة
عانت كلثوم كثيرا لدى اقامة دولة إسرائيل وتوجيهها رسالة إلى ستالين تحتج فيها على اعتراف الاتحاد السوفيتي بالدولة العبرية. وزج بها في السجن ولم ينقذها سوى تدخل كراتشكوفسكي وكبار العلماء الروس للدفاع عنها.
منحتها منظمة التحرير الفلسطينية "وسام القدس للثقافة والفنون والآداب" تقديرا لدورها الثقافي والسياسي في روسيا.[2]
مساهمتها الأدبية
- ترجمة رواية الكاتب العراقي ذوالنون أيوب " الأرض واليد والماء" إلى الروسية
- ترجمة كتاب كراتشكوفسكي عن عياد الطنطاوي إلى العربية
تقول عن نفسها
"هل كنت سعيدة في حياتي؟ نعم. إني وجدت في نفسي خُصلتين هما من أهم العوامل في هناء عيشي: الإقدام على العمل مع الثبات فيه، والمحبة، محبة كل شيء، الناس والطبيعة والعمل. هذه الخصلة الثانية هي التي تساعدني دائما في أحرج مواقف حياتي. إن تذليل المصاعب لبلوغ المراد هو أكبر عوامل السعادة. فإذا اقترنت هذه بسعادة من يحيط بنا أيضا، فهناك هناء العيش حقا. قضيت خمس سنوات بين أولئك البنات اللواتي كنت أعلمهن. وقد أحببتهن حبا ساعدني على أن أعيش مع كل واحدة منهن بعيشتها الصغيرة، وأن أساعدهن على قدر طاقتي. وقد قابلنني بالمثل، فكنت دائما أرى وجوها باسمة ضاحكة وكن يرافقنني في كثير من نزهاتي. وأذكر أني زرت مرَّة إحدى صديقاتي وكانت ابنتها تتعلم عندي ولها اثنتا عشرة سنة من العمر. ووجدت صديقتي في الفراش. فأخبرتني في أثناء الحديث بأنها غضبت أمس على ابنتها إذ قالت لأبيها: إذا ماتت أمي فتزوج معلمتي، فهي تكون لي أما... شعرت بسعادة لم أشعر بمثلها من قبل ملأت قلبي، إذ إن أولئك الصغيرات يحببنني كما أحبهن. وفي وقت فراغي كنت أزور أطراف المدينة، حيث يعيش الفلاحون، وأتفقد أطفالهم الصغار المهملين وقت الحصاد، وكان قلبي يتقطع ألما عندما أرى تلك العيون الملتهبة بالرمد، فأغسلها بمحلول حامض البوريك، وبعد تنظيفها أنقط محلول الزنك عليها. أظن أن بعض الأطباء الذين لم يجعلهم الزمن آلهة بل ظلَّوا بشرا، يدركون تلك السعادة التي كنت أشعر بها. عندما كنت أرى بعد أيام تلك العيون سليمة صافية، وتلك الأيدي الصغيرة تطوق عنقي. هذا الشعور كثيرا ما كان ينسيني تعبي، عندما كنت في ساحة الحرب في البلقان وفي روسيا. ألم أكن سعيدة لتعافي كل جندي، أو لتخفيف آلامه! ألم يرقص قلبي طربا عندما كنت أزور المريض وأراه متجها إلى الصحة، وأرى عائلته سعيدة لشفائه؟ بلى إني كنت أحب الجميع فأتألم لآلام كل فرد وأفرح لفرحه، ولهذا لم تشعر نفسي أنها غريبة، مع أن لي مدة طويلة في الغربة. والأمر الثاني، وأهميته لا تقل عن الأول وهو حسباني أن كل عمل شريفا، فلست أخجل من أي عمل كان، ما دام غير ماسِّ بشرفي ولا بشرف غيري. ولا أذكر من قال من الروسيين: ينبوع الحياة في داخلنا. فيا لها من حكمة بالغة. نعم، إن ينبوع الحياة فينا، فإذا قدرنا أن نروي جميع مظاهر حياتنا به، صارت حياتنا وردة زاهرة تتغلب برائحتها العطرة وجمالها على الأشواك التي هي كثيرة جدا في طريقنا. فلا تؤلمنا هذه الأشواك كما لو كانت وحدها. ومن لا يرتوي لا بُدَّ له من أن يقف كالعطشان فتجف حياته وتصير صحراء، والسعادة كالسراب فيها يركض وراءه فلا يصل إليه ولو كانت لديه الملايين. تعلمت أن أجد الجمال في كل ما يحيط بي، طبيعيا كان أو من صنع البشر، فجمال الطبيعة كان دائما يسَكِّن اضطراب نفسي، لأنه رمز الخلود، وأما صنع البشر فإنه كان يجدد قواي ويكسبني إعجابا بعقل الإنسان، فأنكب على العمل كالنملة. فأنا، ولا مبالغة، كنت في جميع أطوار حياتي سعيدة أشتغل راغبة لا مُلزَمَة".
قيل عنها
- كتبت المستشرقة ناتاليا لوتسكايا إحدى تلميذاتها عنها تقول: "لقد علمتنا كلثوم عوده الكثير والكثير فقد غرست في قلوبنا حب الشرق وحب فلسطين. لقد غرست في قلوبنا محبة شعبكم الذي ناضل وما زال يناضل من اجل حريته واستقلاله. لقد تعلمنا الكثير من كلثوم التي كنت ترى دوما في عينيها الشوق والحنين إلى الوطن".
- وكتب الشاعر توفيق زياد عنها بعد زيارته الأتحاد السوفيتي يقول: "انها تواصل تدريس اللغة العربية وتعمل في جامعة لينينغراد. ان اسم كلثوم عودة معروف على اوسع نطاق في الأوساط السوفيتية ذات الصلة بالاستعراب والعمل الدبلواماسي والادب العربي والبلاد العربية عموما. ان اعدادا كبيرة من المستعربين قد درست اللغة العربية جيلا بعد جيل على يديها".
- كتب السياسي المخضرم الروسي يفجيني بريماكوف عن دورها في تعليمه اللغة العربية ومساعدتها له في الحصول على زمالة الدراسات العليا بالرغم من وجود مصاعب لديه في تعلم اللغة العربية.
مصادر
- "معلومات عن كلثوم عودة على موقع viaf.org"، viaf.org، مؤرشف من الأصل في 7 أبريل 2020.
- الرحلات الفلسطينية | كلثوم عودة نسخة محفوظة 2020-08-11 على موقع واي باك مشين.
- 1.مقدمة ترجمة كتاب كراتشكوفسكي (عياد الطنطاوي)
- 2.كلثوم عودة - فاسيلفا بروفسيرة الناصرة
- 3.بروفسير كلثوم عودة من الناصرة الي سانت بطرسبورج