مصطفى الرماصي
الإمام الرماصي من بين الأسماء العلمية اللاّمعة في القطر الجزائري فترة الحكم العثماني، الفقيه أبو الخيرات مصطفى بن عبد الله بن مؤمن الرماصي، المنحدر من بلدة رماصة، إحدى قرى ولاية معسكر بالغرب الجزائري.
مصطفى الرماصي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الحياة العملية | |
المهنة | شاعر |
من مواليد بالتقريب (1040 هـ المتوفي 1136 هـ).
سيرته
ومع أنه من الوجوه الذائعة الصيت منتصف القرن الثاني عشر، وأن شهرته فاقت حدود بلده شرقا وغربا، لشيوع ذكره بين علماء المذهب المالكي، فإن الوقوف على جوانب سيرته العلمية والاجتماعية يبقى بعيد المنال، لقلّة المراجع المتحدثة عنه. فكتب التراجم لم تعطنا تعريفا مفصلا عن هذه الشخصية البارزة في الفقه المالكي، وما نقلته بعض المراجع كشجرة النور الزكية، ومعجم أعلام الجزائر لا يزيد عن كونه من قرية رماصة، وأنه صاحب الحاشية الشهيرة على شرح التتائي، وهي تعتمد في النقل على ما ورد في تعريف الخلف للشيخ الحفناوي.
ومن المصادر القديمة التي أشارت إليه ما ذكره الشيخ عبد الرحمن الجامعي أثناء شرحه لأرجوزة الحلفاوي فقال في حقه: ((…العلامة الدرّاكة الفهامة الدراية الناقد، سراج التحقيق الوقاد منهل العلوم الأصفى..))، وتعرض للتعريف به باقتضاب الكتاني فقال: ((الشيخ مصطفى بن عبد الله بن موسى الرماصي القلعي المعسكري المتوفى سنة 1136 عن سن عالية جاوز التسعين))، وخصّه الشيخ الحفناوي الديسي في كتابه تعريف الخلف بترجمة من صفحتين، وهي أطول ما ذكر في التعريف به حسب علمنا، ومما قاله في شأنه: ((العلامة المتفنن والجهبذ الناقد المحقق، من أذعنت له في وقته الأقران ولم يختلف في فضله وسعة علمه اثنان…))، ووصف قدراته العلمية بقوله: ((..ممن اشتهر بالتحقيق والتحرير والمتانة في الدين))، أما مؤلفاته فذكر أنها ((بديعة عزيزة المنال لازال الأفاضل يقتنونها مستصغرين فيها نفائس الأموال)). ومع هذا العرض الممزوج بالإطراء الذي ساقه الشيخ الحفناوي، إلا أنه لم يشر إلى قائمة شيوخه الذين أخذ عنهم ولا مراحل تدرجه في التحصيل العملي، واكتفى بالإشارة إلى كتابين من مصنفاته، ومع أن هذا المأتى هو أطول ترجمة متوفرة بين أيدينا، إلا أنه لا يشف غليل الباحث، إذ يبقى الكثير من تفاصيل حياة الشيخ الرماصي في حاجة للكشف والتحليل.
نشأته وشيوخه
تلقى الشيخ الرماصي علومه على يد شيوخ زاوية مازونة الواقعة بالغرب الجزائري، وهي زاوية تصدرت لفترة طويلة نشر العلم بالغرب الجزائري، واشتهرت بتخريج العلماء والفقهاء، فكانت معهدا علميا يرتاده الطلبة من مختلف أنحاء المغرب العربي، ومن أهم وجوهها العلمية.
القاضي يحيى بن موسى المازونيالمغيلي (883هـ/1478م) صاحب كتاب الدرر المكنونة في نوازل مازونة، وهي عبارة عن فتاوى تقع في مجلدين جمع فيها فتاوى معاصريه من علماء تونس وبجاية والجزائر وتلمسان والمغرب الأقصى.
ومنهم والده الشيخ موسى بن يحي بن عيسى مؤلف كتاب (ديباجة الافتخار في مناقب أولياء الله الأخيار)، وكتاب (حلية المسافر وآدابه وشروط المسافر في ذهابه وإيابه)، وهو من المراجع الفقهية المفقودة. ومنهم الشيخ أبو طالب محمد بن عليّ المعروف بابن الشارف المازوني، والمؤرخ الفقيه الشيخ أبو رأس المازوني وغيرهم.
إنّ ندرة ما ورد في كتب التراجم حول هذه الشخصية لم يمكننا من الوقوف على قائمة شيوخه الذين أخذ عنهم بزاوية مازونة، ما عدا وقوفنا على اسم شيخه عمرو التراري بن أحمد المشرفي لكون الرماصي خصه بقصيدة رثائية. و هو في الحقيقة مبتدعة ضال
رحلته إلى مصر
سافر إلى القاهرة لاستكمال تحصيله العلمي، حيث تتلمذ على يد شيوخ المالكية، وخاصة تلامذة الشيخ نور الدين الأجهوري، وكان من بين أساتذته:
- الشيخ أبو محمد عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني (ت1099هـ/1687م)، صاحب شرح المختصر.
- الشيخ إبراهيم بن مرعي بن عطية الشبرخيتي (ت 1106هـ/1689م).
تلامذته
عاد الشيخ الرماصي إلى بلده واستقر في مدينة معسكر، فبدأ ممارسة نشاطه في نشر العلوم والمعارف، في رباط بناه بجهده الخاص، وقد تخرج على يديه جمع كثير من العلماء من بينهم: الشيخ محمد بن عبد الله بن أيوب المعروف بالمنور التلمساني دفين مصر، والشيخ محمد بن علي الشريف الجعدي، وروى عنه أيضا، أبو عبد الله بن عبد الرحمن الفاسي.
آثاره العلمية
ما تركه الشيخ الرماصي من مؤلفات يعد زهيدا مقارنة بمكانته العلمية التي تبوءها، وشهرته التي تجاوزت حدود بلده، ولعلّ قلّة مؤلفاته تعود إلى عامل ذاتي، كونه رحمه الله لا يميل إلى التأليف وإنما يهتم بالتدريس وتكوين العلماء كمعظم علماء الجزائر، إذ اشتهروا بالتبحر في شتى العلوم، مع عزوف عن الكتابة والتصنيف، واكتفاء بالتدريس ونقل المعارف، انعكس أثره على مخزون تراثنا الثقافي، فطالت لائحة أسمائهم في كتب التراجم، وقلّ إنتاجهم المكتوب مقارنة مع غيرهم.
وما نقلته كتب التراجم عن مؤلفات الرّماصي لا يزيد عن مؤلفين هامّين أحدهما في العقيدة والآخر في الفقه، إضافة إلى بعض الرسائل. وأهم آثاره التي تناقلتها كتب الفهارس تتمثل فيما يلي:
1: حاشيته على شرح التتائي لمختصر خليل. وهي أهم مؤلفاته وبها اشتهر شرقا وغربا.
2: كفاية المريد في شرح عقيدة التوحيد، فرغ منه سنة 1124هـ، شرح فيه متن السنوسي أم البراهين. منه نسخة مخطوطة بتونس أشار إليها بروكلمان في تاريخه 7/470. العقيدة الأشعرية 3: رسالة في العتاب بخصوص مسائل فقهية، أولها: (الحمد لله، هذا ما كتبه الشيخ المصطفى الرماصي لسيدي أحمد بن عامر..). تقع في ورقتين، وتاريخ نسخها يعود إلى سنة 1254هـ، منها نسخة مخطوطة بالمسجد الأعظم بتازة بالمغرب الأقصى رقم 371/3، ومنها نسخة بالخزانة العامة بالرباط نحت رقم ك 2499 ضمن مجموع.
4: أجوبة فقهية تقع في 21 ورقة، أولها (هذا ذكر ما وقع التشكيك فيه لبعض من قصر باعه وندر اطلاعه من كلام صاحب المختصر)، أجاب فيها عن أسئلة عالم تطوان الشيخ سيدي علي بركة، عن مسائل في مختصر الشيخ خليل. منها نسخة مخطوطة بمكتبة المسجد الأعظم بتازة تحت رقم 371/2، تاريخ نسخها يعود إلى سنة 1253 هـ.
5 : قصيدة رثائية قالها في شيخه عمرو التراري بن أحمد المشرفي تحتوي 150 بيتا.
6: تأليف في المنطق، نسبه إليه الشيخ أبو رأس في كتابه فتح الإله ومنته، ص 54.
- ملاحظات حول شرح التتائي المسمى الدرر في شرح ألفاظ المختصر.
استفاد الرماصي من فقهاء القاهرة من المالكية فقد تتلمذ على يد الأجاهرة، وهم تلامذة الشيخ علي بن زين العابدين الأجهوري (ت 1066هـ)، صاحب الشرح على مختصر خليل المسمى ((مواهب الجليل بحل ألفاظ خليل)). فوقف على منهجهم وأسلوبهم ومواردهم في شرح المختصر، وكان لعلماء المغرب مواقف وملاحظات على طريقة الأجاهرة في تناول المختصر. والشيخ الأجهوري رغم أنه قرّر في كتابه الكثير من المسائل الفقهية، وجمع فيه الكثير من النقول، وادّخر فيه الكثير من الفوائد، غير أنه وقع له خلط في بعض المسائل، كما أشار إلى ذلك الشيخ الهلالي في كتابه نور البصر، بسبب مزجه بين الأقوال المشهورة والراجحة والضعيفة. قال الهلالي:((وما قيل فيه يقال في شروح تلامذته وأتباعه من المشارقة، كالشيخ عبد الباقي، والشيخ إبراهيم الشبرخيتي، والخرشي؛ لأنهم ينقلون عنه غالبا)).
مراجع
موقع الألوكة: http://majles.alukah.net/t124948/
- بوابة أعلام
- بوابة الإسلام
- بوابة الجزائر
- بوابة التاريخ