إمارة الجزائر

إمارة الجزائر، (بالفرنسية: Émirat d'Alger)‏ هي إمارة أسسها الثعالبة بعد ضعف السلطة المركزية لدولة بني زيان، والتأثير السيء على أوضاع الجزائر التي انقسمت على نفسها إلى إمارات صغيرة مفككة، ك إمارة جبل كوكو ببلاد القبائل، وامارة الذواودة بالحضنة والزاب، وامارة بني جلاب بتقرت ووادي ريغ، وامارة بني بزناسن وفقيق بالحدود الغربية، وانتهت المملكة عن طريق التحول إلى الدولة العثمانية.[1][2]

إمارة الثعالبة
إمارة الجزائر

غير محددة  1515م
خريطة إمارة الجزائر (إمارة الثعالبة).

عاصمة الجزائر
نظام الحكم إمارة
اللغة اللهجة الجزائرية، اللغة الأمازيغية، العربية
لغات مشتركة اللهجة الجزائرية، اللغة الأمازيغية، العربية
الديانة الإسلام
الأمير
سليم التومي 20 سنة
التاريخ
الفترة التاريخية العصور الوسطى
التأسيس غير محددة
إغتيال سليم التومي 1515م
بيانات أخرى
العملة الدينار
اليوم جزء من  الجزائر

تاريخ

تعاقب على الجزائر الحالية عدة حضارات، إلى أن أصبحت ولاية عثمانيّة، والجدير بالذِّكر أنّه بعد أن سيطرَ العثمانيّون على طرابلس، وتونس، أصبحت الجزائر عاصمة لهذه الولايات العثمانيّة، وذلك بعد أن تعرَّضَت بعض سواحل بلاد المغرب للاحتلال من قِبَل الإسبان، حتى تمكَّن العثمانيّون من طَرْد الإسبان من الموانئ التي احتلّوها في تونس والجزائر باستثناء وهران، ومع ذلك لم يستسلم العثمانيّون، إذ طَرَدوا الإسبان نهائيّاً في عام 1708م، وأصبحت الجزائر عاصمة للمغرب الأوسط آنذاك.

في نهاية القرن 15، المسيحيون مبتهجون بإنهاء الوجود الإسلامي في الأندلس بسقوط آخر إماراتها غرناطة سنة 1492. الإصرار على إتمام المهمة حتى النهاية فرضت على المملكة الإيبيرية الموحدة يقيادة الملك "فرديناند " وزوجته "إيزابيلا" أن تواصل استئصال أي أثر للمسلمين. والأخطر مواصلة مطاردتهم عبر البحر المتوسط وحتى سواحل المغرب الإسلامي. على الضفة الأخرى للبحر كانت بلاد المغرب تعيش صراعات ومناوشات تحركها دوافع سلطوية بين المرينيين (المغرب الأقصى) والحفصيين (تونس) والزيانيين (الجزائر). بالنسبة للمغرب الأوسط كانت السلطة المركزية في تلمسان عاصمة الدولة الزيانية وقد بدأت في هذه الفترة تفقد الكثير من قوتها وتأثيرها وهو ما أدى لاستقلال الكثير من المدن عنها وتشكيل إمارات صغيرة يحكمها شيوخها في حين انفلت الأمن في كثير من المناطق وانتشرت أعمال قطع الطرق والإغارة ولم يبق من معالم الانسجام الاجتماعي إلا ما تمثله الطرق الصوفية العابرة للانتماءات القبلية أو العشائرية. بدأ التحرش الإسباني بالسواحل الجزائرية نتيجة طبيعية لهذه الأوضاع على الضفين لم تمض إلا سنوات قليلة حتى بدأت مرحلة السقوط في قبضة الإسبان، بداية من المرسى الكبير سنة 1505 ثم وهران سنة 1509 ثم بجاية سنة 1510 وتلمسان نفسها سنة 1511 في حين كانت جيجل تحت سطوة الجنويين (جنوة) قبل أن يطبق عليها الإسبان.

مدينة الجزائر العاصمة ومنطقة متيجة كانت تحكمها عائلة الثعالبة بقيادة الأمير سليم التومي، وما إن سقطت بجاية حتى أرسلت مدينة الجزائر رسالة الاستسلام لحاكمها الاسباني اشترط الإسبان لقبول الاستسلام أن يذهب شيخ الثعالبة بنفسه إلى العامل الاسباني لتهنئته وهو ما حصل فعلا بوفد محمل بكم كبير من بالهدايا والأموال. لم يكن التواجد الإسباني مقتصرا على سواحل المغرب الأوسط (الجزائر حالياً) فقد أوصت "إيزابيلا" قبل وفاتها من يأتي بعدها بأن يمدد النفوذ المسيحي على كل الشمال الإفريقي من مضيق جبل طارق غربا إلى طرابلس شرقا لهذا كان الإسبان قد احتلوا مدنا في كامل هذه المنطقة. أما البرتغال فقد تكفلت بالمدن المطلة على المحيط الأطلسي غربا إذا المخطط واضح هو تحويل كل الشمال الإفريقي إلى منطقة نفوذ مسيحية وهو ما تحمست له الكنيسة ودعمته بكل قوتها حتى أن "كاردينالا" يسمى (خمنيس) تبرع بماله الخاص وبمال الكنيسة لتجهيز الأسطول الذي سيقوم بالمهمة. ولعل ما سهل المهمة أن بلاد المغرب كانت تعيش صراعات واختلافات ومؤامرات دفعت ببعض الطامحين والطامعين من الأمراء والحكام إلى الارتماء سرا وعلنا في تحالفات مع العدو للبقاء في السلطة أو للوصول إليها أو للاستقواء على خصومهم. كان الثمن الذي دفعته مدينة الجزائر لقبول الإسبان باستسلامها هو دفع جزية سنوية، والسماح للقوات الإسبانية ببناء حصن قبالة المدينة في البحر سيعرف هذا الحصن ب (البانيون Penion) ويعرف أيضا بحصن الصخرة.

وقد شكل هذا الحصن سيفا مسلطا على سكان المدينة مع إرهاقهم بضرائب باهضة لكن القدر كان يخبئ أمرا آخر كان البحر المتوسط هو الممر الأول الذي تسلكه السفن باتجاه الأسواق الأسياوية قبل اكتشاف طريق الرجاء الصالح ولهذا كان عبر التاريخ منطقة تنافس وصراع تمركز فرسان القديس يوحنا بعد مغادرتهم لبلاد الشام إثر هزيمة الصليبيين في معركة حطين سنة 1187م في جزيرة رودوس، وسينتقلون لاحقا إلى جزيرة مالطا، ويسمون: "فرسان مالطا". ومن هناك كانوا يعترضون السفن التركية ويستولون عليها، وهو ما عرف بالقرصنة. كان من ضحاياهم شاب يسمى عروج أثناء ممارسته لنشاط تجاري عبر البحر وتعرض إلى معاملة سيئة أثناء أسره وسخر للعمل جدافا في إحدى سفنهم وبقي على هذا الحال لأكثر من سنتين إلى أن نجح في الفرار (وفي رواية أطلق سراحه بعد تسديد فدية) لتبدأ مرحلة جديدة في حياته كمجاهد بحري لمواجهة قراصنة فرسان مالطا وإنقاذ المسلمين الفارين من الأندلس عبر البحر وهو ما صنع له سمعة رفقة إخوته إسحاق، وخضر ”خير الدين”، وإلياس اشتهر بشجاعته، وذكائه، وسرعة حركته في سنة 1510 نجح عروج في الحصول على رخصة تتيح له الرسو بسفنه في مرفأ حلق الوادي في تونس الحفصية ومن هناك كان ينظم حملاته سواء في مواجهة السفن الأوروبية، أو في مساعدة مسلمي الأندلس، ليتلحق به خير الدين.

بعد استقرار عروج في تونس ركز أعماله على إنقاذ مسلمي الأندلس والقيام بحملات على السواحل الإسبانية رفقة شقيقه خير الدين في سنة 1512 تلقى عروج أول دعوة من سكان مدينة بجاية لتخليصهم من الإسبان ومما جاء في رسالتهم كما وردت في مذكرات خير الدين: ” …لقد صرنا لا نستطيع أداء الصلاة أو تعليم أطفالنا القرآن لما نلقاه من ظلم الإسبان، فها نحن نضع أمرنا بين أيديكم، جعلكم الله سببا في خلاصنا…فتفضلوا بتشريف بلدنا وعجلوا بتخليصنا من هؤلاء الكفار”. قاد عروج ثلاثة محاولات لتحرير بجاية 1512، 1514، 1515 انتهت كلها بالفشل، وفقد في أولها ذراعه بسبب قذيفة نارية حيث تم بترها تماما. لكنه نجح سنة 1514م في تحرير جيجل من الجنوين (جنوة) بعد تلقيه استنجادا من أهلها. كما تلقى عروج أيضا وهو في جيجل استنجادا من «الشيخ أحمد بن القاضي الزواوي» أمير «جبل كوكو» في جبال جرجرة قائلا له في رسالته “إن بلادنا بقيت لك أو لأخيك أو للذئب” كما شكل الأمير سليم التومي من مدينة الجزائر وفدا أرسله لجيجل لطلب الدعم وتخليص سكان المدينة من الإسبان. أمام هذه الدعوات تحرك عروج لتنفيذ مشروع التحرير وتخليص المنطقة كلها من النفوذ الإسباني المسيحي. كانت الخطة تقتضي أن يتقدم عروج نحو مدينة الجزائر برا قائدا لقوة قوامها مايقارب 4000 مجاهد معظمهم من منطقة القبائل، في حين يتحرك أخوه خير الدين بحرا ومعه ما يقارب 2000 مجاهد كان دخول هذه القوات حدثا تاريخيا واستقبل عروج وأخيه استقبال الأبطال بل إن سليم التومي أمير الثعالبة ملك الجزائر استقبله في قصره بعد عدة محاولات فشلت مهمة تدمير قلعة (البنيون) التي تحصن بها الإسبان بسبب شدة تحصينها ولسبب ما توترت العلاقة بين الأمير سليم التومي وبين عروج، وقد يكون السبب هو الفشل في طرد الإسبان وقد يكون شعور ابن التومي بأن منصبه قد أصبح مهددا بوجود عروج.

ليكتشف هذا الأخير وجود تواصل مع الإسبان من طرف سليم التومي وآخرين من وراء ظهره فأمر بقتل المتآمرين ونجح يحي أحد أبناء ابن سليم التومي في الفرار والتحق بوهران ومن هناك طلب من الإسبان دعمه لاسترجاع ملك والده وهو ما حدث فعلا بين هؤلاء وبين بعص القبائل في منطقة متيجة في حملة على مدينة الجزائر سنة 1516 لكن المحاولة باءت بالفشل وهزم الجيش الإسباني شر هزيمة وفي السنة الموالية وقعت محاولة أخرى قادها أمير تنس بالتحالف مع القبائل العربية في متيجة وكان مصيرها الفشل أيضا ودخل عروج تنس منتصرا بعد أن استخلف أخيه خير الدين على مدينة الجزائر وأثناء وجوده في هذه المدينة وفد إليه وفد من تلمسان يطلب منه التدخل لصالح «الأمير الزياني أبو زيان» بعد أن انقلب عليه عمه «أبو حمو» وأزاحه من على العرش.

في طريقه إلى تلمسان دخل عروج «قلعة بني راشد» وترك بها قوة عسكرية تحت إشراف أخيه «إسحاق» مهتمها تأمين ظهره وإشغال القوات الإسبانية المحتلة لوهران ومراقبتها في حال تحركها وما إن وصلت أخبار اقتراب قوات عروج حتى فر السلطان الانقلابي أبو حمو من تلمسان نحو وهران طالبا دعم الإسبان وبالاستعانة بقوة منهم حاصر أبو حمو قلعة بني راشد لمدة ستة أشهر وما إن حاول إسحاق والقوة التي معه الخروج قتلوا جميعا.

أما عروج فكان يحقق انتصارا ويدخل إلى تلمسان بعد أن هزم جيش أبو حمو ويجد من أهلها استقبالا حافلا ويعيد تثبيت السلطان الشرعي «أبوزيان» في مقامه لكن الأمور لم تستقر رغم مجهودات عروج من أجل استباب الأمن وبسط الاستقرار، فقد تنكر له أبو زيان نفسه وكثرت الفتن والمؤامرات خصوصا بعد أن عاد السلطان المعزول لحصار تلمسان مدعوما من الإسبان ونجح في اقتحامها واظطر عروج للخروج للساحل منظرا سفنا من أخيه خير الدين لكن وجد نفسه معزولا رفقة عدد قليل من جنوده، وفي معركة غير متكافئة مع كتيبة إسبانية قاتل حتى آخر رمق ليستشهد هو من معه قرب وادي المالح (نواحي عين تموشنت) سنة 1518 لقد كانت أخبار استشهاد إسحاق وعروج قاسية على خير الدين كما قدر أن القوات التي معه لن تكون كافية لمواجهة الإسبان إذا ما تقدموا نحو مدينة الجزائر خصوصا إذا ما تحالفت معهم قبيلة الثعالبة في متيجة التي كانت تتحين الفرصة للانتقام. فقرر أن يغادر الجزائر إلى البحر ليستجلب المدد أخبر بذلك أعيان المدينة وشيوخها، فألحوا عليه بالبقاء، بل وقرروا مبايعته أميرا ودعمه لمواجهة التحديات القادمة.

فاستجاب لإلحاحهم، واقترح تقديم طلب إلى سلطان الدولة العثمانية لإلحاق الجزائر كإيالة “ولاية” بالدولة، وبالتالي تحظى بالدعم السياسي والعسكري مما يعطي لها هيبة في مواجهة الأخطار الخارجية. فتشكل وفد من أعيان المدينة ومعهم ممثل عن خير الدين واتجه إلى إسطمبول لمقابلة السلطان سليم وتقديم طلب الإلحاق بعد الاستقبال وافق السلطان على الطلب وتم إصدار فرمان ”قرار” بتعيين خير الدين بيلرباي على مملكة الجزائر والترخيص له بتمثيل السلطان وسك العملة باسمه كما أمر بتقديم الدعم اللازم له بالجنود والسلاح نحن الآن في نهاية سنة 1518 وتلك هي بداية المرحلة العثمانية في تاريخ الجزائر إلى غاية سنة 1830 وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت أكثر من 300 سنة، لم يكن الحكم العثماني سيئا كله، ولا جيد كله لكن العثمانيين على الأقل ساهموا في تحقيق أمرين اثنين كبيرين:

ساهموا في إبعاد الأطماع الإسبانية خاصة والأوروبية عامة المحملة بالنزعة الصليبية الانتقامية عن الجزائر ولولا عروج وخير الدين لكان مصير الجزائر كمصير الأندلس.

ساهموا في صياغة المجال الجغرافي لجزائر اليوم، وفي تثبيت سلطتها المركزية خلال هذه القرون الثلاث، ما قدمته في هذه السلسة ليس تاريخا بالمعنى الدقيق للكلمة، هو عرض مختصر لخط أحداث بشكل “فلاشي” لعل ذلك يساعد في تشكيل رؤية متوازنة وموضوعية عن إلحاق الجزائر بالدولة العثمانية مع مطلع القرن 16.

انظر أيضا

المراجع

وصلات خارجية

  • رحلة العالم الألماني: ج.أو. هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس 1145هـ – 1732م
  • مبارك بن محمد الميلي، تاريخ الجزائر في القديم والحديث، الموسوعة الوطنية للكتاب، صفحة 65-70، جزء الأول.
  • بوابة الجزائر
  • بوابة الأمازيغ
  • بوابة دول
  • بوابة ملكية
  • بوابة التاريخ
  • بوابة الحرب
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.