نباتية مسيحية
النباتية المسيحية هي الممارسة التي تستدعي اتباع أسلوب حياةٍ نباتية لأسبابٍ مرتبطة أو مستمدّة من الدين المسيحي. الأسباب الثلاثة الرئيسية تتعلّق باعتباراتٍ روحية وغذائية وأخلاقية. قد تشمل الأسباب الأخلاقية اعتبارًا يرتبط بخلق الله أو برعاية الحيوان (أو كلا الاعتبارين). وبالمثل، فإن النباتية المسيحية هي الامتناع عن استخدام جميع المنتجات الحيوانية لأسباب مرتبطة بالدين المسيحي أو مستمدّة من تعاليمه.[1][2]
انتشرت النباتية في الكنيسة خلال مراحلها المبكرة، بين صفوف رجال الدين وعامّة الناس.[3]
تلتزم بعض الطوائف الدينية لمختلف الكنائس المسيحية نباتية مسيحية صارمة، ومن ضمنها: الفرنسيسكانية، والرهبان الصامتون والرهبان القرطوسيون والسيترسيون. أوصى العديد من رؤساء الكنائس بالنباتية، ومن ضمنهم جون ويسلي (مؤسّس الكنيسة الميثودية)، وويليام وكاثرين بوث (مؤسّسي جيش الخلاص)، وويليام كاوهرد من الكنيسة المسيحية للكتاب المقدس وإيلين غوولد وايت من السبتيين. ساعد كاوهرد، الذي أسّس كنيسة الكتاب المقدّس المسيحية في عام 1809، في تأسيس أوّل جمعيةٍ نباتية في العالم في عام 1847.[4][5][6][7][8][9]
تعمل منظمات مثل الرابطة المسيحية النباتية بنشاط على الترويج لهذا المفهوم.[10]
بالإضافة إلى ذلك، قد يختار العديد من المسيحيين اتباع النباتية كذبيحة الصوم المقدّس خلال موسم الصوم الكبير.[11]
إسناد الكتاب المقدس
في حين أن النباتية المسيحية لم تكن الخيار الغذائي السائد طوال تاريخ الكنيسة، إلا أنه «هنالك تقليدٌ قديم من النباتية راسخ في التاريخ المسيحي». الشكلان الأبرز هما النباتية القائمة على الروحانية (إذ يُعتمد على النباتية كواحدة من الممارسات الزاهدة، أو كوسيلة للتبرّء من خطيئة الشراهة، أملًا بتقرّب المرء إلى الله) والنباتية القائمة على أساسٍ أخلاقي (إذ يجري تبنيها لأسباب أخلاقية؛ على سبيل المثال، تلك الأسباب المتعلّقة بمعاملة الحيوانات غير البشرية). عادةً ما تحمل النباتية الأخلاقية المسيحية (أو الخضرية) التزامًا بالادعاء المعياري بأن المسيحيين (على الأقل بعضهم) يجب أن يكونوا نباتيين. لهذا السبب، غالبًا ما يقدّم النباتيون الأخلاقيون المسيحيون تبريرات تستند إلى الكتاب المقدّس لموقفهم. في حين أن هناك نصوصٌ إنجيلية تدعم النباتية الأخلاقية، هناك أيضًا نصوصٌ أخرى يبدو أنها تُضمر بشرعية تناول لحوم الحيوانات أخلاقيًا.[12]
العهد القديم
أحد أبرز الآيات التي يستند إليها النباتيون المسيحيون هي رواية الخلق الأوّل في سفر التكوين. بعد خلق البشر، يخاطبهم الرب في الفصل 1، الآيات 29-30 على النحو التالي:
29 وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. 30وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ.
في هذه الآية، يصف الله اتباع نظام غذائيٍ نباتي ليس للبشر وحسب، بل لسائر الحيوانات البرية غير البشرية. يشير النباتيون والخضريون المسيحيون إلى أن هذا قد كان قائمًا عند الخلق -إذ تغذّت حينها جميع المخلوقات على النباتات- فقال الله «حَسَنٌ جِدًّا» في الآية 31. علاوة على ذلك، فإن الخلق الأوّلي لله كان خلقًا نباتيًا يوحي بأن هذه هي الطريقة التي أراد الله لجميع المخلوقات أن تتبعها. إن هذه الفكرة التي تتجلي في أن الله أراد لجميع مخلوقاته أن تأكل النباتات تُدعم أحيانًا من خلال الإشارة إلى أن رؤية «المملكة المسالمة» لدى إشعياء تشير إلى أن الله سيعيد الخلق يومًا ما إلى مثل هذه الحالة. يقول سفر إشعياء، إصحاح 11: 6-9:
6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ. 9وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ.
قال بعض النباتيين المسيحيين أن وجهة النظر الأخروية هذه تُبدي أسبابًا لتبنّي نظامٍ غذائي نباتي أو خضري هنا والآن. علاوةً على ذلك، كثيرًا ما أُشير إلى أن الهيمنة التي وُهبت للبشر على الحيوانات غير البشرية في سفر التكوين 1: 26-28 يجب أن تُفهم في ضوء سفر التكوين 1: 29-30 الذي يفرض حمية نباتية لجميع المخلوقات. غالبًا ما استُخدم سفر التكوين 1: 26-28، ويعترف بذلك النباتيون المسيحيون، لتبرير أكل لحوم الحيوانات. لكن هذا استخدام خاطئ، كما يقترحون. بمجرد الاعتراف بأن الله وهب البشر الهيمنة على الخلق، وأنه في الآية التالية فورًا، يصفُ للبشر حميةً نباتية، يصبح من الواضح أنه يجب فهم الهيمنة من خلال الطاعة: أي يُطلب من البشر أن يحكموا الخلق بمعنى الاهتمام به والسعي لتحقيق ازدهاره، تمامًا مثل الملك/ة الصالح/ة الذي/التي يسعى/تسعى إلى ازدهار عالمه/ا. في دراسة استقصائية لمؤلّفات الفقهاء حول المصطلحات العبرية ذات الصلة، أدرجت كارول جيه. آدامز قائمةً بكلمات مثل: يدير، ويحكم، ويرعى، ويعتني، ويربّي، ويقود كسُبلٍ محتملة لفهم الهيمنة، وتلاحظ أن السّمة المشتركة لهذه المفاهيم «هي رحمتها».[13][14][15]
المراجع
- Christian Ecology Link، "Vegetarianism"، مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 2019.
- Christian Vegetarian Association UK، "Why a Vegetarian Diet?" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 11 سبتمبر 2011.
- Walters, Kerry S.؛ Portmess, Lisa، Religious Vegetarianism: From Hesiod to the Dalai Lama (باللغة الإنجليزية)، SUNY Press، ص. 124، ISBN 9780791490679.
- "History of Vegetarianism - Early Ideas"، The Vegetarian Society، مؤرشف من الأصل في 16 يوليو 2012، اطلع عليه بتاريخ 08 يوليو 2008.; Gregory, James (2007) Of Victorians and Vegetarians. London: I. B. Tauris pp. 30–35.
- Karen Iacobbo؛ Michael Iacobbo (2004)، Vegetarian America: A History، Greenwood Publishing Group، ص. 97، ISBN 9780275975197، مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020.
- "The Bible Christian Church"، International Vegetarian Union، مؤرشف من الأصل في 03 أبريل 2019.
- "Famous Christian Vegetarians"، The Christian Vegetarian Association، مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2019، اطلع عليه بتاريخ 25 يناير 2019،
It is a great delusion to suppose that flesh-meat of any kind is essential to health.
- Null, Gary (15 مايو 1996)، The Vegetarian Handbook: Eating Right for Total Health (باللغة الإنجليزية)، St. Martin's Press، ص. 13، ISBN 9780312144418،
Also, John Wesley, the founder of Methodism, who promoted the idea that vegetarianism was a more healthful way to live.
- Stagnaro, Angelo (10 مايو 2016)، "Being Vegetarian for the Lord" (باللغة الإنجليزية)، National Catholic Register، مؤرشف من الأصل في 19 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 17 مارس 2019،
However, most people, Catholic and otherwise, don't realize that many Catholic monastic orders such as the Franciscan nuns, Trappists, Trappistines, Carthusians and Cistercians are strictly vegetarian. Carmelites and other communities that follow the Rule of St. Albert similarly restrict themselves to a vegetarian diet except in the case of elderly and infirmed members. Eastern Catholic monks and nuns also completely abstain from meat—some even abstain from dairy and seafood also—for the sake of mortification, prayer and asceticism. (Rom 8:17, Php 1:29, 2Th 1:5, 2Ti 1:8, 2Ti 2:3, 2Ti 4:5, Heb 2:10, Heb 12:7)
- "Christian Vegetarian Association (CVA) | Engaged Projects | Christianity | Religion | Yale Forum on Religion and Ecology" (باللغة الإنجليزية)، جامعة ييل، 1999، مؤرشف من الأصل في 10 أغسطس 2019، اطلع عليه بتاريخ 17 مارس 2019.
- Parker-Pope, Tara (11 مارس 2011)، "Going Vegan for Lent"، نيويورك تايمز (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 29 يوليو 2018، اطلع عليه بتاريخ 17 مارس 2019.
- Calvert, Samantha Jane (2008)، "'Ours is the food that Eden Knew': Themes in the Theology and Practice of Modern Christian Vegetarians"، في Grummet, David؛ Muers, Rachel (المحررون)، Eating and Believing، London: T&T Clark، ص. 123.
- Adams, Carol J. (2012)، "1. What about Dominion in Genesis?"، في York, Tripp؛ Alexis-Baker, Andy (المحررون)، A Faith Embracing All Creatures، ص. 3.
- Withrow-King, Sarah (2016)، Animals Are Not Ours: An Evangelical Animal Liberation Theology، Wipf and Stock، ص. 18.
- Barad, Judith (2012)، "2. What about the Covenant with Noah?"، في York, Tripp؛ Alexis-Baker, Andy (المحررون)، A Faith Embracing All Creatures، ص. 13.
- بوابة المسيحية