نقد الشيعة الاثني عشرية

يعود تاريخ انتقادات الشيعة الاثني عشرية إلى الخلاف الأولي بين الطائفتين الرئيستين في الإسلام، السنة والشيعة. إن مسألة خلافة الرسول محمد، وطبيعة الإمامة، ووضع الإمام الشيعي الثاني عشر، وغيرها من المجالات التي يختلف فيها المذهب الشيعي عن المذهب السني، انتقدها العلماء السنة، رغم عدم وجود خلاف بينهما على مرجعية القرآن ومحمد، والعديد من المسائل الفقهية واللاهوتية والطقوس.[1] انتقد المفسرون الشيعة مثل موسى الموسوي وعلي شريعتي أنفسهم، وذلك في محاولة منهم لإصلاح العقيدة، حول الممارسات والمعتقدات التي أصبحت سائدة في المجتمع الشيعي.[2]

تبجيل الصورة

تصويرات شائعة لبعض الأئمة

ينتقد السنة بصورة خاصة «حب الصور المرئية الواضح في التعبّدية الشيعية الشعبية»، ويستشهدون بانتظام بهذه السمة (يشار إليها غالبًا باسم «الأيقونية الشيعية»)[3][4] باعتبارها دليلًا على الانحراف الشيعي أو البدعة.[5]

أصدر السيستاني للنجف في العراق فتوى يعلن فيها تصوير الأنبياء والشخصيات المقدسة الأخرى جائزًا إن تم ذلك بأقصى درجات الاحترام.[6]

الغيبة

وفقًا للإسلام الشيعي الاثني عشري، غاب محمد المهدي الإمام الثاني عشر الأخير في عام 873، الذي يُعتبر أيضًا بالنسبة للشيعة الاثني عشرية مُخلّص الإسلام الموعود والمعروف باسم المهدي، ولكن هذا الاعتقاد موضع انتقاد لعلماء السنة منذ فترة طويلة الذين «كثيرًا ما يتكهنون بأن الإمام الثاني عشر لم يكن موجودًا قط، وبأنه كان أسطورة تهدف إلى إبقاء القضية الشيعية على قيد الحياة».[7] في الوقت نفسه، شكك العلماء الغربيون أيضًا في وجود الإمام المستتر. وفقًا لروبرت غليف، فإن غيبة الإمام الثاني عشر «أصبحت مذهبًا حنيفًا لاحقًا» بعد أن فشلت جميع النظريات المتنافسة التي سعت إلى شرح الخلافة بعد الإمام الحادي عشر الذي لم يملك أطفالًا في أن «تبدو مقنعة».[8] وفقًا لبرنارد لويس، فإن غيبته وعودته اللاحقة أصبحت سمة مميزة للعقيدة الشيعية بعد «قمع العديد من الانتفاضات واختفاء قادتهم»؛ إذ يختفي القائد و«يقول أتباعه إنه لم يمت؛ لقد غاب». مع كل زعيم جديد «اختفى ولم يعد»، «دُعم» هذا الاعتقاد وأصبح أكثر تفصيلًا و«جوهريةً» باعتباره «سمة من سمات المذهب الشيعي».[9]

يعتقد بعض علماء أهل السنة أن محمد بن الحسن العسكري مات وهو صغير.[10]

لكن وفقًا لما ذكره ولفرد مادلنج في دائرة المعارف الإسلامية، فإن عقيدة الغياب كانت موثقة جيدًا من قبل تقاليد الأئمة قبل غيبة الإمام الثاني عشر الذي اعتبرته غالبية الإمامية المهدي بعد وفاة الإمام الحادي عشر. ومثالًا على ذلك، يذكر أن «النمط كان قد بدأ بالفعل في ما يتعلق بمحمد بن الحنفية، الذي رفضت فرقة الكيسانية وفاته. اعتقدوا أنه كان مختبئًا في جبال رضوى وسيعود ليحكم العالم. نشأت معتقدات مماثلة حول ابن محمد بن الحنفية أبو هاشم». بالإضافة إلى ذلك، يذكر مادلنج أسماء العديد من العلماء السنة الذين لديهم معتقدات مماثلة.[11] في الحديث الذي يتفق عليه الشيعة والسنة في صحته، قال الرسول محمد: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلًا من عترتي من أهل بيتي، اسمه من اسمي، فيملأ به الأرض قسطًا وعدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا».[12][13][13] ولكن، لا يعتقد أهل السنة محمد بن الحسن العسكري هو المهدي الموعود. يدعي الشيعة أن المناسبة الوحيدة الممكنة التي يقال إن ابن الإمام الحادي عشر قد ظهر فيها علنًا كانت وقت وفاته، ولم يُشاهَد بعد ذلك الحين طفلًا مرةً أخرى. يقول الشيعة إن ولادته، مثل حالة النبي موسى، كانت مخفية بسبب صعوبات العصر، وبسبب الاعتقاد أنه كان المهدي الموعود، فإن الخلفاء في ذلك الوقت قرروا بالتأكيد وضع حد للإمامة عند الشيعة نهائيًا.[14]

الأصولية مقابل الإخبارية

ناقش فرعا الاثني عشرية الإخبارية والأصولية على مدى قرون تفسير النصوص الدينية ومسؤوليات علماء الاثني عشرية في غياب الإمام الثاني عشر. بلغ الخلاف الذروة خلال النصف الأخير من القرن الثامن عشر بالقمع العنيف للإخبارية، وخاصةً تحت توجيهات الباحث الأصولي محمد باقر البهبهاني.[15][16]

من ناحية، ترفض المدرسة الإخبارية (أقلية صغيرة في الوقت الحاضر) استخدام المنطق في استنباط القوانين والأحكام الدينية. يعتقدون أن القرآن والسنة (تقاليد الرسول محمد والأئمة) توفر جميع القوانين اللازمة لأتباعهم، وهذا الاستخدام للمنطق معرض للأخطاء بسبب العلماء غير المعصومين عن الخطأ في غياب الإمام معصوم. ينتقدون أيضًا ما يرون أنه تجاوزات لعلماء الاثني عشرية، وذلك في إعطاء أنفسهم تدريجيًا سلطات الإمام المختفي ومسؤولياته. ذكر بعض أتباع الإخبارية اعتقادهم أن تفسيرهم لهذا، من بين التفسيرات أخرى، كان نتيجة للجشع من علماء الأصولية في السلطة والثروة على عامة الشعب.[17]

من ناحية أخرى، ينتقد الأصوليون قسوة أتباع الإخبارية، وتعصبهم، وتفسيرهم للنصوص الدينية، وتولي الكثير من أدوار الإمام الثاني عشر وفقًا لمتطلبات المجتمع الاثني عشري المتطورة بصورة طبيعية.

نكاح المتعة

نكاح المتعة (زواج المتعة) هو زواج محدد المدة ممارس في المذهب الشيعي الاثني عشري. تُحدد مدة هذا النوع من الزواج في بدايته، ثم يُبطل تلقائيًا عند انتهاء فترته المحددة. لهذا السبب، انتُقد نكاح المتعة على نطاق واسع باعتباره غطاء ديني وتشريعًا للدعارة.[18][19][20] انتقد المبشر المسيحي توماس باتريك هيوز نكاح المتعة لأنه سمح باستمرار «إحدى الممارسات البغيضة في شبه الجزيرة العربية القديمة». وصفه غالبية العلماء السنة والكتاب الغربيين بالدعارة. كتب جولي بارشل، وزينو باران، وإيلينا أندريفا، أن هذا النوع من الزواج دعارة. وفقًا لشهلا حائري، فإن الطبقة الوسطى نفسها في إيران تعتبرها دعارة مُنحت الغطاء الديني من قبل السلطات الأصولية.[21]

كان نكاح المتعة يُمارس في عهد الرسول محمد وأبي بكر، ولكن حظره عمر بن الخطاب. لذلك، يُحظر ممارسته بين السنة، لكن الشيعة يعتبرون حجة عمر غير صالحة من الناحية القانونية والدينية، لشرعيته في القرآن. اعترض الشيعة بصورة منهجية على النقد بأنه غطاء للدعارة، وهم يجادلون بأن مبرراتهم في ما يتعلق بالتفرد القانوني للزواج المؤقت، الأمر الذي يميز نكاح المتعة عقائديًا عن الدعارة. يُعتبر الأطفال المولودين من زيجات مؤقتة شرعيين، ويتمتعون قانونيًا بنفس حقوق إخوتهم من مواليد الزيجات الدائمة، ويرثون من كلا الوالدين. يجب على المرأة مراقبة فترة الامتناع عن الزواج (العدة) للسماح بتحديد هوية والد الطفل الشرعي، ولا يمكن أن تتزوج المرأة إلا شخصًا واحدًا في كل مرة، سواء كانت الزيجة مؤقتة أو دائمة. ينظر بعض العلماء الشيعة أيضًا إلى نكاح المتعة على أنه وسيلة للقضاء على الدعارة في المجتمع.[22]

المراجع

  1. Momen 1985، صفحة xiii
  2. Brunner, Rainer؛ Ende, Werner, المحررون (2001)، The Twelver Shia in Modern Times: Religious Culture and Political History، BRILL، ص. 178، ISBN 9789004118034، The intellectual history of Twelver Shia Islam in the 20th century has witnessed quite a few attempts by religious scholars and lay intellectuals at religious reform, which nearly inevitably meant criticism of existing practices. The reformers have concentrated on various aspects of Shia popular religion with a high symbolic value which determine the outward appearance of Shia Islam and its relation to mainstream Sunni Islam. Not least because of that strong symbolism they have deemed these practices to be against the true spirit of Shia Islam, even against the spirit of Islam itself.
  3. David Gardner (18 ديسمبر 2011)، Last Chance: The Middle East in the Balance (ط. revised)، I.B.Tauris، ISBN 9780857730336، ...is profoundly repellent to the orthodox Sunni. So too are the rituals associated with the Imam Hussein - comparable to the central event of the crucifixion in Christianity - and indeed the whole Shia iconography, which for the Sunni strays into idol-worship.
  4. Ingvild Flaskerud (02 ديسمبر 2010)، Visualizing Belief and Piety in Iranian Shiism (ط. illustrated)، A&C Black، ص. 234، ISBN 9781441149077.
  5. Vali Nasr (17 أبريل 2007)، The Shia Revival: How Conflicts within Islam Will Shape the Future، W. W. Norton & Company، ص. 44، ISBN 9780393066401.
  6. Grand Ayatollah Uzma Sistani, Fiqh & Beliefs: Istifa answers, personal website. (accessed 17 February 2006) باللغة العربية[وصلة مكسورة], "Archived copy"، مؤرشف من الأصل في 23 مايو 2009، اطلع عليه بتاريخ 29 أبريل 2009.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: الأرشيف كعنوان (link)
  7. The Routledge Handbook of Religion and Security, by Chris Seiple, Dennis R. Hoover, Pauletta Otis, 2012, page 60
  8. A Companion To The History Of The Middle East, edited by Youssef M. Choueiri, page 93
  9. Islam and the West, by Bernard Lewis, 1993, page 163
  10. "إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - الطبقة الرابعة عشر - الرمادي- الجزء رقم12"، islamweb.net، مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 12 ديسمبر 2020.
  11. ، Testimony in support of the Mahdīship of the Twelfth Imām by these Sunnī authors, as also of later ones like the Mālikī scholar Ibn al-Ṣabbāg̲h̲ al-Isfāḳusī al-Makkī (d. 855/1451), a المغرب العربي resident in Mecca, and, more recently, the Ḥanafī نقشبندية S̲h̲ayk̲h̲ Sulaymān b. Ibrāhīm al-Ḳundūzī al-Balk̲h̲ī (d. 1294/1877 in Istanbul), was regularly noted by Imāmī apologists. The works of al-Gand̲j̲i and Kamāl al-Dīn Ibn Ṭalḥa were extensively quoted already by ʿAlī b. ʿĪsā al-Irbilī (d. 692/1293) in his Kas̲h̲f al-g̲h̲umma fī maʿrifat al-aʾimmah, which in turn won positive comment from Sunnī authors because of its extensive reliance on Sunnī sources. Further support for the Mahdīship of the Twelfth Imām came from Ṣūfī circles. Already أبو بكر البيهقي (d. 458/1066) had noted that some Ṣūfī غنوصية (d̲j̲amāʿa min ahl al-kas̲h̲f) agreed with the Imāmī doctrine about the identity of the Mahdī and his g̲h̲ayba. The Persian Ṣūfī Ṣadr al-Dīn Ibrāhīm al-Ḥammūyī (late 7th/13th century) supported Imāmī doctrine on the Mahdī in his Farāʾid al-simṭayn. The Egyptian Ṣūfī al-S̲h̲aʿrānī, while generally showing no sympathy for S̲h̲īʿism, affirmed in his al-Yawāḳīt wa ’l-d̲j̲awāhir (written in 958/1551) that the Mahdī was a son of Imām al-Ḥasan al-ʿAskarī born in the year 255/869 and would remain alive until his meeting with Jesus. His advent could be expected after the year 1030/1621. He based his assertion on the testimony of the Ṣūfī S̲h̲ayk̲h̲ Ḥasan al-ʿIrāḳī, who claimed to have met the Mahdī, and on a spurious quotation from محيي الدين بن عربي al-Futūḥāt al-Makkiyya identifying the Expected Mahdī with the Twelfth Imām. This quotation of Ibn al-ʿArabī was noted and accepted by both Imāmī and Sunnī scholars. The Egyptian S̲h̲ayk̲h̲ al-Ṣabbān (d. 1206/1792), in his Isʿāf al-rāg̲h̲ibīn fī sīrat al-Muṣṭafā wa-faḍāʾil ahl baytih al-ṭāhirīn, censured Ibn al-ʿArabī for supporting such a view against the clear evidence of the traditions accepted by Sunnī scholars.[بحاجة لمصدر] {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |title= غير موجود أو فارغ (مساعدة)
  12. Tabatabai, Sayyid Muhammad Hossein (1975)، Shi'ite Islam (PDF) (ط. First)، State University of New York Press، ص. 210–211 (185–186 in the ebook)، ISBN 0-87395-272-3، مؤرشف من الأصل (PDF) في 04 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2015.
  13. Ibn Masud, Abdallah، al Fusul al Muhimmah، ص. 271.
  14. Donaldson, Dwight M. (1933)، The Shi'ite Religion: A History of Islam in Persia and Irak، BURLEIGH PRESS، ص. 190–197, 217–222.
  15. Philosophers and Religious Leaders, edited by Christian D. Von Dehsen & Scott L. Harris, page 29
  16. Cole, J. R. I. Roots of North Indian Shi'ism in Iran and Iraq: Religion and State in Awadh, 1722-1859. Berkeley: University of California Press, pages 33 & 164
  17. J. R. I. Cole (1989)، "3.6"، Roots of North Indian Shi'ism in Iran and Iraq: Religion and State in Awadh، Berkeley: University of California Press، ص. 165–166، ISBN 978-0520056411.
  18. Iran talks up temporary marriages, by Frances Harrison, BBC News, Last Updated: 2 June 2007. نسخة محفوظة 2 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  19. Temporary 'Enjoyment Marriages' In Vogue Again With Some Iraqis, by Nancy Trejos, The Washington Post, 20 January 2007. نسخة محفوظة 5 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  20. Law of desire: temporary marriage in Shi'i Iran, by Shahla Haeri, pg.6.
  21. Haeri, Shahla (1989). Law of desire: temporary marriage in Shi'i Iran. Contemporary issues in the Middle East. Syracuse University Press. p. x. (ردمك 0815624832). "Outside of the religious establishment and the ongoing disputes between Shi'i and Sunni scholars, the attitude toward temporary marriage has been primarily one of ambivalence and disdain. Before the revolution of 1979, the secular Iranian middle classes dismissed temporary marriage as a form of prostitution that had been legitimized by the religious establishment, who, to use a popular Persian expression, 'put a religious hat on it.'"
  22. Said Amir Arjomand (1984), From nationalism to revolutionary Islam, page 171
  • بوابة الإسلام
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.