السبئيون

السبئيون (المسند: 𐩪𐩨𐩱) هم سلالة حاكمة، وسكان مملكة سبأ، في جنوب الجزيرة العربية. تحدثوا اللغة السبئية، إحدى اللغات السامية الجنوبية.[1] أسسوا مملكة سبأ في اليمن،[2][3] مع امتداد في الحبشة أو مايعرف اليوم بـ (إثيوبيا-جيبوتي-إريتريا-الصومال).[4][5].[1] ويشير العلماء إلى وجود صلة بين السبئيين وأرض سبأ المذكورة في التوراة،[6][7][8] على أنها «أقدم وأهم ممالك جنوب الجزيرة العربية»،[9] ويستبعدون وجود أي صلة أو خلط بينهم وبين الصابئة.

مملكة سبأ في القرن الثالث بعد الميلاد.

ذُكر السبئيون عدة مرات في الكتاب المقدس العبري. وقد وصفهم القرآن[10] بأنهم إما سبأ[2][3] أو قَوْم تُبَّع.[11][12] كما ذكروا في العقيدة البهائية يشار إليها عادة بالسبئيبن ويعتبرون على الأرجح المساهمين الأوائل في علم المنطق.[13]

نسبهم

على عدة أقوال:

اللغة

نقش يُظهر الممارسة الدينية أثناء الحج

يتحدث السبئييون اللغة السبئية أو ما يعرف بلغة حمير، وهي أحد أربعة لغات متقاربة جدا وتكاد تكون لهجات للغة واحدة تشكل ماعرف باللغة السامية الجنوبية القديمة، وهذه اللغة واللغات الفرعية لها لغة حية يتحدثها الملايين وهي اللغة الرسمية في بلدان القرن الأفريقي ولغة وطنية يتحدث بها البعض محليًا في جمهورية اليمن[25] ولغة شبه وطنيه في سلطنة عمان[26] ولغة أقليات في الحدود الجنوبية للسعودية[27]، وهي لغة مستقلة تختلف عن اللغة العربية كليًا.[28]

التاريخ

نقش سبئي موجه إلى إله الشمس المقة، ينص على آلهة العرب الجنوبيين الخمسة، حمل اثنان منهم لقب الملك، واثنان آخران كانا من الحكام، القرن السابع قبل الميلاد

تاريخ تأسيس سبأ نقطة خلاف بين العلماء. يُرجع كينيث كيتشن تاريخ المملكة إلى ما بين 1200 قبل الميلاد إلى 275 بعد الميلاد، وعاصمتها في مأرب، اليمن.[29] مع ذلك تُظّهر بعض نقوش حضارة بلاد ما بين النهرين أنها بدأت منذ زمن قبل ذلك بكثير. فعلى سبيل المثال ذُكرت سبأ في نص سومري يعود إلى حوالي سنة 2500 ق.م، أي مُنذ مُنتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد.

"الرجل البرونزي" الذي عاش في البيضاء (نشقم القديمة، مملكة سبأ). في الفترة من القرن الخامس إلى القرن السادس قبل الميلاد. متحف اللوفر.

وطدت مملكة سبأ القديمة دعائم الحكم في بداية القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد. بدأ الضعف يدب أركان المملكة السبئية منذ القرن الأول قبل الميلاد، واستطاع السبئيين العودة إلى شكل من أشكال الإستقرار السياسي في أوائل القرن الثاني.[30] وفي نهاية المطاف سقطت كليًا على يد الحميريين وأعوانهم في مطلع القرن الرابع بعد الميلاد.[31][32]

وقعت المملكة على طول شريط الصحراء الذي أطلق عليه اسم صحراء صيهد عن طريق الجغرافيين العرب في القرون الوسطى ويعرف الآن باسم رملة السبعتين. كان السبئيون من شعوب جنوب الجزيرة. يجاورهم ممالك صغيرة إقليمية مثل مملكة معين الواقعة في شمال وادي الجوف، والسبئيون في الطرف الجنوبي الغربي، حيث تمتد من المرتفعات إلى البحر، والقتبانية في الناحية الشرقية منها وحضرموت في الناحية الشرقية منها. كان السبئيون، على غرار غيرهم من الممالك الجنوبية في هذه الفترة الزمنية، يشتغلون في تجارة التوابل، وبخاصة البخور وشجرة المر[33] وغيرها من المنتجات، كون إحدى أهم الطرق التجارية في العالم قديمة تمر بجنوب الجزيرة مُخترقة الجزيرة إلى منطقة الهلال الخصيب ومصر.

وقد خلّفوا وراءهم العديد من النقوش الأثرية بخط المسند، وكذلك العديد من الوثائق المخطوطة (الزبور).

في مخطوطات أفعال أغسطس الإلهية، أورد أغسطس (63 ق.م- 14 م) ما نصه:

«بأمري ورعايتي، سار جيشان في الوقت ذاته إلى إثيوبيا و"العربية السعيدة"، وقُتل قوات كثيرة من الأعداء من الجانبين في المعركة، واحتُلت مدنًا عديدة في اثيوبيا، واستمر الجيش بالتقدم حتى وصل إلى مدينة ناباتا القريبة من ميروي، أما في أرض العرب فقد واصل الجيش التقدم حتى وصل إلى أراضي السبئيين ومدينة ماريبا.»[34][35]

تمت الإشارة إلى السبئيين في سفر أيوب الأصحَاحُ الأَوَّلُ: 15؛ بأنهم يغيرون على ماشية أيوب.[36]

[37] سقطت المملكة بعد حرب أهلية طويلة ولكن متقطعة بين عدة سلالات يمنية تدعي الملكية؛[38][39] من هذا نشأت مملكة حمير. وقبيل العصر الإسلامي وبعد سقوط معظم الممالك السامية الجنوبية انحصر تواجد السبئيون في بلاد اليمن وسواحل عمان، كان السبئيون في تلك المناطق يتحدثون اللغات السبئية (الحميرية)[40]، بعد ظهور الإسلام وانتشاره تعربت ألسنتهم تدريجيًا حتى جاء القرن الثالث للهجرة ولا تزال تلك المناطق لم تستعرب كليًا يقول الهمداني المعروف بلسان اليمن:[41]

« أهل الشحر والأسعاء ليسوا بفصحاء، مهرة غتم يشاكلون العجم حضر موت ليسوا بفصحاء، وربما كان فيهم الفصيح وافصحهم كندة وهمدان وبعض الصّدف سرو مذحج ومأرب وبيحان وحريب فصحاء ورديّ اللغة منهم قليل سرو حمير وجعدة ليسوا بفصحاء وفي كلامهم شيء من التحمير ويجرون في كلامهم ويحذفون فيقولون يا بن معم في يا بن العم وسمع في أسمع لحج وأبين ودثينة افصح والعامريّون من كندة والأوديون أفصحهم عدن لغتهم مولدة رديّة وفي بعضهم نوك وحماقة إلا من تأدب بنو مجيد وبنو واقد والأشعر لا بأس بلغتهم سافلة المعافر غتم وعاليتها أمثل والسكاسك وسط بلد الكرع نجدية مثيل مع عسرة من اللسان الحميري سراتهم فيهم تعقد سخلان وجيشان ووراخ وحضر والصّهيب وبدر قريب من لغة سرو حمير، ويحصب ورعين أفصح من جبلان، وجبلان في لغتهم تعقد حقل قتاب فإلى ذمار الحميرية القحة المتعقدة سراة مذحج مثل ردمان وقران ونجدها مثل رداع، وإسبيل وكومان والحدا وقائفة دقرار فصحاء، خولان العالية قريب من ذلك، سحمّر وقرد والحبلة وملح ولحج وحمض وعتمة ووتيح وسمح وأنس وألهان وسط وإلى اللكنة أقرب، حراز والخروج وشمّ وماظخ والأحبوب والحجادب وشرف أقيان والطرف وواضح والمعلل خليطي من متوسط بين الفصاحة واللكنة وبينها ما هو أدخل في الحميرية المتعقدة لا سيما الحضورية من هذه القبائل بلد الأشعر وبلد عك وحكم بن سعد من بطن تهامة وحوازها لا بأس بلغتهم إلا من سكن منهم القرى، همدان من كان في سراتها من حاشد خليطي من فصيح مثل عذر وهنوم وحجور وغتم مثل بعض قدم وبعض الجبر، نجدي بلد وكان قد سكن هذه المواضع ونجعها ورعاها وسافر فيها وكان بها خبيراً.»

انظر أيضًا

ملاحظات

  1. Stuart Munro-Hay, Aksum: An African Civilization of Late Antiquity, 1991.
  2. سورة النمل-93 القرآن 27:6–93
  3. سورة سبأ القرآن 34:15–18
  4. برس, الضالع (الخميس، 22 يونيو 2017)، "الضالع برس: اكتشافات اثرية تؤكد ان الحبشة واليمن بلد واحد ."، الضالع برس، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 18 مارس 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  5. "علماء آثار ألمان يؤكدون العثور على قصر ملكة سبأ"، اليوم السابع، 08 مايو 2008، مؤرشف من الأصل في 18 مارس 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مارس 2020.
  6. Robert D. Burrowes (2010)، Historical Dictionary of Yemen، Rowman & Littlefield، ص. 319، ISBN 978-0810855281.
  7. St. John Simpson (2002)، Queen of Sheba: treasures from ancient Yemen، British Museum Press، ص. ISBN 0714111511.
  8. Kenneth Anderson Kitchen (2003)، On the Reliability of the Old Testament، Wm. B. Eerdmans Publishing، ص. 116، ISBN 0802849601، مؤرشف من الأصل في 20 مارس 2022.
  9. "The kingdoms of ancient South Arabia"، Britishmuseum.org، مؤرشف من الأصل في 4 مايو 2015، اطلع عليه بتاريخ 22 فبراير 2013.
  10. Brannon M. Wheeler (2002)، Prophets in the Quran: An Introduction to the Quran and Muslim Exegesis، Continuum International Publishing Group، ص. 166، ISBN 0-8264-4956-5، مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 2015.
  11. سورة الدخان القرآن 44:37 (ترجمة  يوسف علي)
  12. سورة ق القرآن 50:12–14
  13. "The Secret of Divine Civilization | Bahá'í Reference Library"، www.bahai.org، مؤرشف من الأصل في 2 فبراير 2022، اطلع عليه بتاريخ 31 يناير 2022.
  14. إدريس إبراهيم (2013)، الحباب، ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 18 مارس 2020.
  15. "oremus Bible Browser : Genesis 10:26–29"، bible.oremus.org، مؤرشف من الأصل في 13 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  16. "ص7 - كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام - العرب العاربة - المكتبة الشاملة الحديثة"، web.archive.org، 11 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  17. "معنى كلمة يقطان - اسماء الكتاب المقدس"، web.archive.org، 14 ديسمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  18. "الكامل في التاريخ مجلد أول 17*24 Al Kamel fi Tarikh V1 1C - dar el fikr, الجزري, islamicbooks - كتب Google"، web.archive.org، 11 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  19. عبد الله عبد، سفر أخبار الأيام الأول، ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  20. Joseph Dacre؛ Ford (1811)، The Holy Bible, containing the Old and New Testaments, in the Arabic language، Sarah Hodgson، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  21. وليم، السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر التكوين، ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  22. Ḥasan Ṣāliḥ (1981)، أضواء على تاريخ اليمن البحري، دار العودة،، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  23. Muḥammad ʻAlī؛ Bashmī (1994)، عقد اللآل في تاريخ أوال، مؤسسة الايام للصحافة والطباعة والنشر،، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  24. Muḥammad ʻIzzat (1959)، تاريخ الجنس العربي في مختلف الأطوار والأدوار والأقطار، al-Maktabah al-ʻAṣrīyah، مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  25. "أساس نظري لفهم وإحياء اللغة الحميرية"، الثورة نت، 23 سبتمبر 2013، مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020، اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2020.
  26. alwatan، "فلنحافظ على تراثنا اللغوي"، جريدة الوطن، مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2018، اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2020.
  27. نت, العربية (04 سبتمبر 2013)، "نحو 50 ألف سعودي يتحدثون لغة غير العربية"، العربية نت، مؤرشف من الأصل في 17 فبراير 2018، اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2020.
  28. نھر، (2002)، الأساس في فقه اللغة العربية و أرومتھا، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع،، مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020.
  29. Kenneth A. Kitchen The World of "Ancient Arabia" Series. Documentation for Ancient Arabia. Part I. Chronological Framework and Historical Sources p.110
  30. أندريه كاراطائف. Pre-Islamic Yemen. Wiesbaden: Harrassowitz Verlag, 1996. ISBN 3-447-03679-6.
  31. "ص78 - كتاب تاريخ العرب القديم - الدولة السبئية - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 2 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 ديسمبر 2021.
  32. "ص110 - كتاب تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة - الفصل العاشر دولة سبأ وذوربدانوسيطرة حمير - المكتبة الشاملة الحديثة"، web.archive.org، 12 يوليو 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 ديسمبر 2021.
  33. Yemen نسخة محفوظة 18 مايو 2013 على موقع واي باك مشين.
  34. "Res Gestae Divi Augusti ( English translation )"، droitromain.univ-grenoble-alpes.fr، مؤرشف من الأصل في 6 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 ديسمبر 2021.
  35. "Job 1:14-15 KJV - And there came a messenger unto Job, - Bible Gateway"، web.archive.org، 16 فبراير 2016، اطلع عليه بتاريخ 02 ديسمبر 2021.
  36. "الأصحاح الأول - سفر أيوب - نسخة تفاعلية تحوي التفاسير و معاني الكلمات مقسمة بالآيات"، مشروع الكنوز القبطية، مؤرشف من الأصل في 2 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 ديسمبر 2021.
  37. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد العلي، الجزء الاول الصفحة 927
  38. D. H. Muller (1893)، Himyarische Inschriften (باللغة الألمانية)، Mordtmann، ص. 53
  39. Javad Ali, The Articulate in the History of Arabs before Islam, Volume 2, p. 420
  40. زعبي، آمنة (2014)، فقه اللغة العربية، Dar Alketab Althaqafee for Publishing، ISBN 978-9957-550-95-0، مؤرشف من الأصل في 28 مارس 2020.
  41. "ص134 - كتاب صفة جزيرة العرب - لغات أهل هذه الجزيرة - المكتبة الشاملة الحديثة"، al-maktaba.org، مؤرشف من الأصل في 12 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 28 مارس 2020.

مراجع

وصلات خارجية

  • بوابة الشرق الأوسط القديم
  • بوابة العرب
  • بوابة المسيحية
  • بوابة اليمن
  • بوابة اليهودية
  • بوابة حضارات قديمة
  • بوابة علم الإنسان
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.