إمارة لنجة العربية والجزر الثلاث
إمارة لنجة العربية والجزر الثلاث كان حكام بندر لنجة عرباً وكانت بندر لنجة كبقية الساحل الشرقي عربية ثم آل الحكم فيها إلى شيوخ القواسم منذ أواخر القرن الثامن عشر فقد كان يحكمها الشيخ خليفه بن سعيد بن قضيب القاسمي في عام 1847 م، وكان قد عين حاكماً على بندر لنجة وتوابعها منذ عام 1820 م، وهو ابن أخت الشيخ سلطان بن صقر القاسمي زعيم القواسم آنذاك.[1][2][3][4][5]
وبوفاة الشخ خليفه تولى ابنه على بن خليفه بن سعيد الحكم ولم يتمكن من مزاولة الحكم بالكيفية التي كان عليها والده لصغر سنة ولوصاية يوسف بن محمد عليه، فوجدت حكومة إيران في ذلك ذريعة للتدخل في شؤون بندر لنجة وفرضت ضرائب باهضة على التجار والمزارعين والبحارة.
ولمواجهة هذا التعدي الفارسي اضطر الشيخ سلطان بن صقر شيخ رأس الخيمة إلى التدخل لإنقاذ حكم أسرته من السقوط النهائي فسافر إلى بندر لنجة وقام بتدبير شؤونها بنفسه ومكث فيها فترة من الزمن.[6] [7]
لقد زاد اهتمام البريطانيين بميناء بندر لنجة بسبب ازدهار التجارة فيها، وبمواقة حاكمها العربي فقد أقام البريطانيون عام 1856 م، وكالة لهم هناك تحت إشراف المقيم البريطاني في بوشهر، انحصرت مهمة الوكيل في الإشراف على مصالح الرعايا البريطانيين الذين استقروا في المدينة وأكثرهم من ألبانيان الذين كانوا يتمتعون بالحماية البريطانية ويلعبون دوراً بارزاً في تجارة اللؤلؤ.[5] [8]
علاقات إيران مع إمارة لنجة العربية
وكانت العلاقات بين إيران وبندر لنجة العربية علاقات طبيعية في بداية حكم الشيخ سعيد بن خليفة القاسمي، إلا أن هذه العلاقات أخذت تسوء نظراً لنمو ميناء لنجة وازدهار الإمارة مما حرّك الأطماع الإيرانية للسيطرة على الميناء والإمارة.[5][8]
كما أن المقيم البريطاني تدخل في الشؤون الداخلية للإمارة لتدعيم تجارة بريطانيا طالباً مساعدة الحكومة الإيرانية مما اعتبره الإيرانيون حجة في ادعاء سيطرتهم على بندر لنجة وملحقاتها.[9]
بعد أن نجحت الحكومة البريطانية في بسط نفوذها على بندر عباس وتوابعه بدأ الشاه ناصر الدين القاجاري يفكر جدياً في إنهاء الوجود العربي في لنجة، وهي الإمارة العربية التي كانت تتمتع باستقلال شبه ذاتي على الساحل الجنوبي الشرقي من الخليج العربي، وقد ساعد على ذلك عدة عوامل منها المنازعات العربية التي دعمتها بريطانيا والإيرانيون لزيادة شقة الخلافات وإضعاف العرب حتى تتمكن إيران من تحقيق أهدافها وأحلامها التوسعية في الخليج العربي، فاستغلت وفاة حاكم بندر لنجة الشيخ خليفة بن سعيد القاسمي عام 1874 م، وتولّي ابنه علي، الذي لم يكن قد بلغ بعد سن الرشد، الحكم تحت وصاية يوسف بن محمد (من مستخدمي القواسم) كما أسلفنا، والذي تقبل تعيين الحكومة الإيرانية مديراً للجمارك في ميناء لنجة.[5][6][9][10][11][12]
وكان هذا بدء التدخل في شؤون بندر لنجة وفرض ضرائب على الأهالي والتجار مما أدى إلى نزوح عدد منهم إلى الجزر العربية القريبة مثل طنب الكبرى وجزيرة أبو موسى، وإلى الساحل الغربي إلى رأس الخيمة والشارقة ودبي، إذ أنهم لم يكن بإمكانهم مقاومة الحكومة الإيرانية كما أنهم لم يكونوا رجال حرب.[5]
وحاول الشيخ على تدارك الموقف فطرد يوسف بن محمد الذي استغل كونه وصياً على الحاكم الشاب فحاول الاستئثار بالحكم لنفسه والتخلص من الحاكم الشرعي، لكن يوسف بن محمد تمكن من قتل الشيخ علي، عندما كان الأخير يتفقد ممتلكاته في قرية مهركان في عام 1878 م، واستأثر بالحكم لنفسه بمساعدة الإيرانيين، وهو الذي خاطب الحكومة الإيرانية في خمس رسائل اتخذتها إيران حجة للإدعاء بتبعية لنجة والجزر في الخليج إلى سلطانها.[10] [11]
وفي 19 أبريل 1885 م، تمكن الشيخ قضيب بن راشد القاسمي من قتل يوسف بن محمد وأعلن نفسه حاكماً على بندر لنجة، وحاول الاستقلال بها عن الحكومة المركزية الإيرانية بدعم من حكام رأس الخيمة والشارقة. إلا أن المقيم البريطاني حذّر شيوخ القواسم على الساحل الغربي للخليج من الاشتراك في النزاع بين قواسم لنجة وإيران، ذلك النزاع الذي سوي بشكل مؤقت بموجب اتفاقية اعترفت فيها إيران بحكم الشيخ قضيب مقابل ضريبة سنوية قدرها 190 ألف قران إيراني. ورغم تلك الإتاوة لم ينه ذلك الاتفاق حالة التوتر في العلاقات بين الجانبين.[13][14][15][16][17]
فقد كلفت حكومة الشاه ناصر الدين القاجاري قائداً إيرانياً هو (أحمد خان دریابگي)، في 11/9/1887 م، بحكم موائئ الخليج العربي، فاتخذ هذا الحاكم من مدينة بوشهر مقراً له، ومن هناك أرسل حملة عسكرية إلى ميناء لنجة تمكنت من الحاق الهزيمة بالشيخ قضيب القاسمي، الذي أسر وتم إرساله إلى طهران ليوضع في السجن وظل في السجن حتى وفاته.[18]
وعينت الحكومة الفارسية ميرزا هدايت خان نائباً للحاكم وأيدته بحامية عسكرية مكونة من 200 جندي نظامي.[18]
لم تتوقف محاولات القواسم من أجل استرداد بندر لنجة، فقد قام الشيخ محمد بن خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي الشقيق الأصغر للشيخ على، بغارة ناجحة استعاد خلالها لنجة في النصف الثاني من عام 1889 م، وسط ترحيب الأهالي العرب.[19] [20]
إلا أن حملة إيرانية معاكسة ما لبث أن توجهت إلى مدينة لنجة أرسلها (أحمد خان دریابگی) مكونة من الجنود الإيرانيين النظاميين وعدد من السفن، وبعد مقامة عنيفة بذلها الشيخ محمد بن خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي ورجاله، بشجاعة بالغة، استشهد فيها عدد من أتباعه، استولى الإيرانيون مرة أخرى على قلعة لنجة العربية وبذلك سقطت آخر الإمارات العربية في جنوب الساحل الشرقي للخليج.[21][22]
دریابگی في لنجة
كان (أحمد خان دریابگي) أو (حاجى احمد خان كبابي)، (تعدیل واجب: احمدخان دریابگی وحاجی أحمد کبابی شخصان)ظالماً قاسياً، ونشر ظلمه مع أول يوم دخل لنجة منتصراً، إذ ما أن سقطت قلعة القواسم الأماجد في يده بمعونة الإنجليز حتى أتاح لجنوده السلب والنهب، فكانوا ينهبون كل بيت لم يكتب أهله على جداره (يا علي)، وأتو من صنوف الجهالة أموراً فظيعة، حتى أنهم نهبوا بيت الشيخ أحمد بن إسماعيل، عن بكرة أبيه، فخرج مع أهله وأبنائه الصغار يلتحفون لحافاً واحداً لا يجدون غيره، فآواهم الحاج عبد الله الخاجة، وأكرمهم حتى هدأ روعهم وأنزلهم في بيت آخر بعد مدة، وكان الجنود إذا رأوا مرآة مطلية بالذهب في أحد الدور قالوا: العرب جعلوا على بيوتهم الذهب، فيكسرونها لتخليص الذهب لهم.[23]
وأما الضرائب فقد أرهق الناس بجزية فوق طاقتهم، وأعطى جنوده الحرية الكاملة في تحصيلها من غير مراقبة، وكان القواسم قبل ذلك يدفعون اتاوة سنوية إلى مقر حاكم بوشهر أو مقر حاكم منطقة بستك، ليوصلاها إلى الحكومة المركزية، فما كانوا يجورون على الناس ولا يأخذون منهم الا بمقدار ما تتدبر به هذه الجزية السنوية.[18]
ومع ان دریابگی كان ظالماً الا انه كان سياسياً ذكياً، ومن سياسته انه رآى تسليم حكم لنجة إلى أحد الأعيان العرب، لتسكين الخواطر، فأرسل إلى حاكم مقام (لنجة)، الشيخ حسن بن عبد الله الحمادي، واتفق معه بعد مداولة على أن يحكم لنجة، ليتفرغ هو لحكم بوشهر، ونوى الرحيل، لكن عالم الشيعة في لنجة (الشيخ محمد البحراني) زاره عصر نفس اليوم لتوديعه، فعلم منه بتولية الشيخ حسن، فاعترض اعتراضاً شديداً، وخوفه من سعة عدد عشيرته وجماعة الشيخ حسن، وأنه أقوى من الشيخ محمد بن خليفة، إن أراد العصيان وأكثر مالاً وأعز نفراً، وما زال به يثنيه ويلقي في قلبه الوساوس والهواجس حتى خلع دریابگی (الشيخ حسن) بعد ساعات من توليته إياه.[19][20]
وقد شهدت سنة 1317 للهجرة، توتراً في العلاقات بين الحكومة الإيرانية وشيوخ القواسم في رأس الخيمة والشارقة، بعد هجرة الشيخ محمد بن خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي إليهم، إذ كانت قلقة أشد القلق وتظن أنه يعد العدة بمعونتهم للانتقام واسترجاع لنجة من يدها، وقدمت الحكومة الإيرانية التماساً إلى الحكومة البريطانية بمنع ذلك.[19]
وقامت السلطات البريطانية في الخليج يتوجيه أكثر من إنذار لشيوخ الإمارات المتصالحة سنة 1318 للهجرة، وأعلمتهم بأن الإسطول البريطاني سيمنع الشيخ محمد بن خليفة من مهاجمة لنجة، لكنها سلكت مسلك التطمين للحكومة الإيرانية، ونصحتها بعدم المجازفة بعمل ضد رأس الخيمة، لما في ذلك من احتمال فقدانها لسفينتها الحربية الوحيدة المسماة (برسبوليس)، وزادت في التطمين بإرسالها إحدى سفن صاحب الجلالة السماة (ميلوبومين) إلى رأس الخيمة مباشرة، وتأكد من أن الشيخ محمد ليس له قصد ولا خطة لاسترجاع لنجة، فهدأت الحال.[23][24]
إلا أن قلق الحكومة الإيرانية هذا قد ترك طابعاً من عدم الاستقرار في الحياة اليومية في لنجة، كسدت معه السوق، مما جعل تجار لنجة يتحولون إلى دبي خاصة وغيرها من مدن الساحل العربي، وطالبوا شركة الملاحة التجارية البريطانية بأن تجعل من (جزيرة أبوموسى) ميناء حراً ترسو فيه بواخرها، وكان يحكم هذه الجزيرة حاكم من القواسم، الذين كانوا في لنجة، ومن ثم آلت إلى شيوخ الشارقة.[23][24]
الإنجليز يهرعون لنجدة الإيرانيين
الشيخ محمد بن خليفه بن سعيد بن قضيب القاسمي وهو آخر حاكم من آل القواسم الذي حكم مدينة لنجة ما بين عامي (1315 _ 1316) للهجرة.[23]
لما وصل خبر سقوط بندر لنجة إلى الحكومة المركزية أصدرت أوامرها إلى حاكم العسكري لمدينة بوشهر الجنرال أحمد خان دريابگى، بالتحرك لاسترجاعها، فجاء في بارجة المسمى (مَنـوَر)، وتأهب الشيخ محمد بن خليفه للقتال وأعد المدينة للدفاع، ولكن جنرال دريابگي مال إلى الحيلة والمناورة، بذكاء، إذ نزل من سفينة إلى رصيف الميناء نزولاً سلمياً، وأظهر أنه مفاوض لا محارب، واجتمع بالشيخ والتجار والأعيان، وأبدى ارتياحه من الحالة، وترحيبه بحكم الشيخ محمد القاسمي، وتناول الشاي لديهم، ثم رجع إلى بارجته قافلاً إلى مدينة بوشهر، ولم يلبث طويلاً حتى عاد بسفينته الحربية إلى لنجة مدعياً موافقة الحكومة المركزية على تولّي الشيخ محمد الحكم، وألبس الشيخ محمد خلعةً رمزاً لأنعام الدولة عليه ومباركتها له بالحكم، واقترح عليه تشغيل سكرتير لديه من موظفي جنرال دريابگى، فوافق الشيخ حياء، أو غفلة، وبذلك أصبحت أسرار الشيخ محمد كلها تحت اطلاع هذا السكرتير الجاسوس الذي كان يكتب إلى بوشهر أولاً بأول بها، وكانت تقاريره تذكر الجنرال، قلة رجال الشيخ وضعف مدده، وأغرت دريابگى بوجوب سرعة أغتنام الفرصة، وبدأ يجمع جيشه مُورَياً ومخادعاً، مُظهراً عزمه على تأديب بعض القبائل البلوش العاصية المتمردة، وفرض على رؤساء القبائل النازلة في أنحاء بوشهر مده بالرجال والميرة.[18][19][20] [21][22][23][24][25][26]
دريابگى يغزو لنجة
خرج الجنرال دريابگى حتى وصل مدينة لنجة عن طريق البحر في صورة سلمية، فانخدع الشيخ محمد، كذلك وأمده بالذبائح والرز والسمن والسكر وأنواع الميرة، وتحرك جنرال دريابگى مع غروب الشمس بطراده الحربي شرقاً مبتعداً عن لنجة، حتى إذا غاب عن الأعين، وأظلم الليل رجع إلى قرية جشة الواقعة غربي لنجة على مسافة ثلاثة كيلومترات فقط، واحتل بعض الأماكن في الصحراء خلف جشة، واستتر بصخور هنالك، لكن أهلها علموا بنزوله وقصده فأخبروا الشيخ محمد بذلك، فتحرك الشيخ سريعاً وجمع جموعه وأتى إلى قرية جشة، وتبادل مع الغزاة الرصاص، إلا أنه عجز عن مقاومتهم فرجع إلى لنجة ليحتمي بها، وإذا به تفاجئه طلقات ورمي كثيف من مئذنة حسينية ابن عباس من قبل الشيعة، في فريق (اللنگية) أي (المحلة اللنگية وهو حي في لنجة قاطنيها من الشيعة)، وكانوا ضده جميعاً، فرجع إلى القلعة وتحصن بها.[5][27][28]
تدخل الإنجليز
ودخل جيش جنرال دريابگى مدينة لنجة، ولكن الشيخ محمد استبسل في الدفاع ولم تفتر مقاومته حتى بعد ثلاثة أيام من القتال، مما جعل الإنجليز يتدخلون تدخلاً مباشراً في المعركة عن طريق إمداد دريابگي بالبارجة المسماة (سفنكس) التي دخلت الميناء وسلطت كشافاتها الضوئية على القلعة لإعانة جنود دريابگي في التقدم، وتمييز أماكن المدافعين، وأطلقت مدافعها الضخمة، وما هي إلا ثلاث طلقات حتى حدثت ثلمة كبيرة في جدار القلعة، واقتنع الشيخ محمد بأن العداء المستقر في السياسة الإنجليزية للقواسم سوف لن يتركه، فانسحب ومن معه إلى الجبال، وسقطت مدينة لنجة بيد الحكومة المركزية نهائياً، ووقعت تحت النفوذ الإنجليز من الباطن، وانتهى حكم القواسم بعد أن لبثو 94 سنة يديرون أمرها بالعدل والإنصاف، وكان في الثامن من الشوال سنة 1316 للهجرة، ولله الحكمة البالغة، أي أن مدة حكم الشيخ محمد القاسمي كانت سنة واحدة وتسعة أشهر، إذ أن الاستيلاء على لنجة كان في 14 صفر 1315 للهجرة.[29][30][31][32]
استيلاء على قافلة تجار لار
كانت قافلة من تجار مدينة لار التابعة لمدينة شيراز تمر خلال الجبال التي انسحب إليها رجال الشيخ محمد، ولار مدينة شيعية مما جعل أحاسيس الثأر تظهر لدى بعض المتهورين من رجال الشيخ محمد بتعاون شيعة لنجة مع الجنرال دريابگى والإنجليز وتسليم لنجة لهم، لذلك بعض رجال الشيخ محمد اعترضوا القافلة ونهبوها وقتلوا سبعة عشرة رجلاً منها عمداً، مما جعل الحكومة المركزية تنتقم بتسيير قوة ضاربة إلى المنطقة فعاثت فساداً، والقت القبض جزافاً على سبعة عشرة بريئاً، لم تكن لهم يد فيما حدث، وأعدمتهم ظلماً وعدواناً، وقد صدق الله إذ يقول:(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة). وقد بقي الشيخ محمد هائماً على وجهه في الجبال بعد إذ لم يصغ إلى كلام الناصحين.[23][24]
وأشار عليه السيد يوسف بن جعفر الهاشمي، بمغادرة المنطقة، فاستقل سفينة شراعية متوكلاً على الله، ونزل رأس الخيمة ضيفاً على أبناء عمه، فأكرموه غاية الإكرام، ثم انتقل إلى الشارقة واستوطنها، ورزقه الله ولداً اسمه خليفه، مات ولم يعقب، وبنتان ما زالتا على قيد الحياة. ولكن هناك رواية أخرى تقول أن شيخ المرازيق هو الذي ساعد الشيخ محمد القاسمي في الخروج من لنجة إلى بر العرب، أقرأ مايلي: (الشيح أحمد المرزوقي وكان رجلاً صالحاً مشهوراً بالزهد والتقوى محبوباً لدى جميع الناس، وكان صديقاً حميماً للشيخ محمد بن خليفه القاسمي حاكم منطقة بندر لنجة، حيث كان يمضي أكثر أوقاته معه، أما في مدينة بندر لنجة أو في مغوه. وقدم في أيام حكمه المدعو ميرزا أحمد دريابگى بالسفينة الحربية الإيرانية المسماة (پرسپوليس) من مدينة بوشهر واعتدى على مدينة لنجة وحاكمها الشيخ محمد بن خليفه القاسمي، وضرب المدينة بالمدفعية بواسطة القطعة البحرية البريطانية المرابطة في جزيرة هنجام أو (هنيام)، فهب الشيخ أحمد المرزوقي وابنه سلطان برجالهما لمساعدة الشيخ محمد بن خليفه القاسمي، والدفاع عن مدينة لنجة، وبعد احتلال دريابكى لمدينة لنجة، جهز الشيخ أحمد المرزوقي عدة سفن ونقل الشيخ محمد بن خليفة القاسمي وعائلته وصديقه السيد يوسف المهركاني إلى إمارة الشارقة، وذلك في سنة 1317 للهجرة. وعندما علم دريابكي بمساعدة الشيخ أحمد المرزوقي للشيخ محمد بن خليفه حاكم لنجة أراد القبض عليه، لكن الشيخ أحمد بن راشد المرزوقي وابنه سلطان، عندما علما بذلك، تحصنا في جبال قريبة من قرية (جناح) الفاصلة بين منطقة برفارس والجنوب. وبعد مضي شهور من إقامتهم في تلك الجبال وبواسطة خان بستك رجعا إلى المنطقة وحكمها. واستمر الشيخ أحمد بن راشد المرزوقي في حكمه إلى سنة 1348 للهجرة).[19][27]
و ضاقت الدنيا بالسيد يوسف بن جعفر الهاشمي، أيضاً وبإخوته السيد رضا والسيد يعقوب والسيد محمد، إلا أن قناعته لم تلن وواجه المحنة بجلادة وصبر، إذ كان بطلاً من الأبطال وشجاعاً لا يهاب الموت أبداً، وله بأس شديد، وبعد مدة من التنقل وعدم الاستقرار بنى له قلعة في قرية (پل غار) وقاوم الحكومة مقاومة عنيفة، مما جعلها تعزم على إخضاعه مهما كان الأمر، وضاعفت عدد القوة التي كلفتها بهذه المهمة، لكن السيد واخوانه تملصوا قبل وصولها، وذهبوا إلى بندر معلم متنكرين، واستأجروا سفينة من هناك لتنقلهم إلى لنجة في الظاهر، حتى إذا توسطوا البحر طلبوا من الربان (النوخذه)، أن يسير بهم إلى بر العرب، فأبى، فاستخرجوا أسلحتهم التي كانوا يخفونها ضمن متاعهم، وهددوه، فرضخ، وأوصلهم إلى رأس الخيمة، ونجوا، فأكرموه وأنعموه عليه، وعاشوا بقية أيامهم آمنين.[33][34]
الأطماع الفارسية ليس لها حدود
لم يكتف الشاه ناصر الدين القاجاري بما استولى عليه من بلاد على الساحل الشرقية للخيلج، بل تجاوزت تطلعاته هذه الحدود إلى جزر الخليج العربي التي كانت دائماً عربية تابعة للقواسم وسكانها من العرب الذين ينتمون إلى قبائل عربية أصيلة فكانت تطلعاته لاحتلال جزر أبو موسى، وصري، والطنبين وجزر بني فارور، بل والبحرين أيضاً.[5][28]
وشجعت بريطانيا تلك الأطماع بما اتخذته من إجراءات تقسيم لمياه الخليج العربي بخطوط للملاحة تمتد من خارج الخليج إلى أعلاه ومنعت السفن العربية على الساحل الغربي من اجتياز تلك الخطوط إلى السواحل الشرقية ووضعت شروطاً قاسية للملاحة في الخليج متذرعة بدعوى محاربة القرصنة.[13]
ورفض العرب القواسم كل هذه الإدعاءات وذلك من خلال رسالة بعث بها الشخ سلطان بن صقر القاسمي زعيم القواسم إلى الكولونيل لويس بيلي في ديسمبر 1864 م، أوضح فيها عروبة هذه الجزر وتبعية جزر صري وصير بونعير وطنبت الكبرى وطنب الضغرى وجزيرة أبوموسى، للقواسم، وجزيرة هنجام لسلطنة عمان أما جزيرة فارور فيه للعرب المرازيق.[23]
وقد ورد في النشرة التي كان يصدرها المقيم البريطاني في بوشهر باسم (مرشد الخليج) أن جزر صري وأبو موسى وطنب ونابيو (طنب الصغرى) وجزيرة الشيع شعيب، هي من ممتلكات أسرة القواسم التي مركز زعامتها في رأس الخيمة والشارقة والتي تتبعها إمارة لنجة.[19][20][23] [24]
مراجع
- مدينة بندر لنجة حاضرة حكم القواسم على الضفة الشرقية للخليج العربي
- الألماني كارستن نيبور الذي عاش ما بين 1733 - 1815 على هذه القبائل ومناطقهم : ( إمارات عرب الهولة).
- الترمدي، جلال، احمد (الجزر العربية الثلاث، دراسة وثائقية) دار القلم: کویت، عام 1981 للميلاد
- دليل الخليج ـ لوريمر ج 5 ص 2971
- الوثائق البريطانية في حماية الخليج من أطماع الفارسية.
- الفارسي، سالم، بن محمد، (القلاع والحصون فی الإمارات).
- لفتنانت کونیل، سیر آرنولد ویلسون،، «(تاریخ عمان والخلیج)» ،. انتشار عام 1988 للميلاد.
- دکتر: المجد، کمال، أحمد، (دولة الإمارات العربیة المتحدة، دراسة مسحیة شاملة).، الشركة المصریة للطباعة والنشر: القاهرة، عام 1978 للميلاد.
- العصیمي، محمد بن دخیل، عرب فارس، ومناطق نفوذهم على الساحل الشرقي للخليج العربي
- دکتر:عبد الله، مرسی، محمد (الإمارات العربیة وجیرانها) دار القلم: کویت، عام 1981 للميلاد.
- محمد صدیق، عبد الرزاق، «صهوة الفارس فی تاریخ عرب فارس».
- کاملة، القاسمي، بنت شیخ عبد الله، (تاریخ لنجة)
- FO 371/13721، FROM BRITESH RESIDENCY TO THE FOREIGN SECRETARY – NEW DELHI
- FO، TO g.e. MiLLARD، TEHRAN، 2 NOV 1961.
- FO 371/114640/FO TO THE SECRETARY OF THE ADMIRALTY، 31 JAN 1955
- FO 1089/13 BRITISH RESIDENCY، BAHRAIN، 10 NOV 1954.
- POLITICL AGENCY، BAHRAIN NO CR 231 – 13 NOV 1948 TO THE RESIDENCY.
- عمان شاهده في الخليج العربي والجزيرة العربية عام 1772 م.
- رحلات في الجزيرة العربية وبلدان أخرى في الشرق، كارستن نيبور، (138، 167).
- مدارات في حركة الزمن العربي، للمؤلف: أحمد جلال التدمري. مطابع ألف باء، للأديب، دمشق 1994.
- نشرة وكالة الصحافة الفرنسية
- جريدة الاتحاد، أبوظبي
- مدينة بندر لنجة حاضرة حكم القواسم على الضفة الشرقية للخليج العربي..
- الوثيقة رقم 161 S/PV. المؤرخة في 9/12/1971، أرشيف مجلس الأمن الدولي..
- النشرة الإخبارية لإمارة رأس الخيمة الصادرة عن مكتب الإعلام (رأس لخيمة).
- جريدة الخليج الإماراتية، الشارقة.
- لفتنانت کونیل، سیر آرنولد ویلسون،، .
- دکتر: المجد، کمال، احمد، (دولة القاهرة، عام 1978 للميلاد.
- البعد التاريخي والقانوني للخلاف بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران حول الجزر الثلاث
- بحث للدكتور: محمد عبد الله الركن، جامعة الإمارات
- الجامعة العربية وقضايا التحرر العربية، محمد على رفاعي
- بدالوها بعبدول، إصدار مركز الدراسات والوثائق، رأس الخيمة..
- کامله، القاسمی، بنت شیخ
- الوثائق البريطانية في حماية
- بوابة الإمارات العربية المتحدة