حي الأزبكية
حي الأزبكية أحد أعرق المناطق بمصر حيث أرتبط بتاريخ مصر وشهد العديد من الأحداث الهامة في مراحل تاريخها المختلفة. ومن معالمها حديقة الأزبكية
حي الأزبكية | |
---|---|
تقسيم إداري | |
البلد | مصر |
التقسيم الأعلى | محافظة القاهرة المنطقة الغربية |
إحداثيات | 30°03′22″N 31°14′49″E |
السكان | |
التعداد السكاني | 34674 (11 نوفمبر 2006)[1] |
تاريخ الأزبكية
تعود تسمية هذا المكان إلى أواخر القرن الرابع عشر إبان حكم دولة المماليك، عندما أهدى السلطان قايتباي مكافأة قائد جيوشه الأتابك سيف الدين بن أزبك قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة وكانت حينئذ أرض جرداء ليس بها سوى ضريحين: ضريح سيدي عنتر وضريح سيدي وزير، فأوصل إليها المياه من القناة الناصرية وشيّد على طولها رصيف من الحجارة ليتخذه الناس ممشى، وأقام أيضًا منتزهًا رائعًا حول البركة حمل اسمه، وأنشأ الجامع الكبير ثم أنشأ حول الجامع البناء والربوع والحمامات وما يحتاج إليه من الطواحين والأفران، وحدد لها في كل سنة عيدًا أسماه «احتفال فتح البركة»، فحينما يرتفع النيل يتم فتح السد المقام عند مدخل البركة على الخليج الناصري فتندفع المياه إليها؛ وبحلول عام 1495 كانت الأزبكية قد تحولت إلى حي كبير يتوسط القاهرة.
الأزبكية في العهد العثماني
بعد دخول العثمانيين مصر عام 1517م شيّد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرًا كبيرًا على حافة بركة الأزبكية الشرقية، وأسماه «العتبة الزرقاء» لأن بوابته التي كانت تؤدي لشارع الأزهر كانت زرقاء اللون، بالإضافة إلى وجود بلاطات زرقاء فوق عتبته.
الحملة الفرنسية
شهد ميدان الأزبكية فترة دخول نابليون بونابرت مصر عام 1798م، حيث لما أراد كسب ود الشعب المصري، بدأ في تعلم مبادئ الدين الإسلامي فكان يتردد على دارة الخليل البكري في ميدان الأزبكية ليدرس على يديه القرآن الكريم ويتلقى دروساً في آداب الإسلام وشرائعه، ثم اتخذ لنفسه دارًا فيها.
في عهد محمد علي
ومن ميدان الأزبكية خرجت جماهير القاهرة في عصر يوم 13 مايو عام 1805م تنادي بمبايعة محمد علي أميرًا على مصر، بدلا من الحكم العثماني الذي عانى منه الشعب المصري.
وبعد تولي محمد علي حكم مصر اختار ميدان الأزبكية ليكون قلب العاصمة الجديدة، وأقام فيها في بداية حكمه، إلى أن تعرض لمحاولة اغتيال على يد الجنود الأرناؤود، مما دفعه بعد ذلك ليصعد إلى قصره في قلعة الجبل، لكن ظلت الأزبكية مَسكنًا للطبقة العليا، مما أكسبها أهمية متزايدة مع مرور الوقت حيث أصبحت مركزًا للطبقة الحَاكمة ومكانا يمتلئ بالفنَادق والمتنزهات، وقد ميّزها محمد علي بوجود (ديوان المدارس) أو وزارة المعارف في ذلك العهد الذي تولي أمره في البداية مصطفي مختار بك، ثم أدهم بك، وكان ديوان المدارس هذا يحتل قصر الدفتردار في الأزبكية بالاشتراك مع مدرسة الألسن التي أنشئت في التاريخ نفسه وعيّن رفاعة الطهطاوي ناظرًا لها.
في عهد الخديوى إسماعيل
يعتبر الخديوي إسماعيل المؤسس الحديث للأزبكية وذلك عندما عاد سنة 1867م من زيارته لمعرض باريس، فبهره العمران الحديث في باريس، فأقدم علي الأزبكية لتكون علي شاكلتها، وأعاد تخطيط ميدان الأزبكية.
وقد أطلق اسم قصر«العتبة الزرقاء» الذي بناه «رضوان كتخدا» على نصف الميدان، وسمي النصف الآخر باسم ميدان «أزبك»، ولكن هذا القصر لم يبق على حاله، ففي عهد الخديوي عباس الأول، تم هدم القصر وأعيد بناؤه مرة أخرى باسم «العتبة الخضراء» تبركا باللون الأخضر لمدخله، حيث أن الخديوي كان يتشاءم من اللون الأزرق.
حديقة الأزبكية
في عام 1864م تم ردم البركة التي كانت تتوسط الميدان، وأنشئ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي «باريل ديشان بك»، على مساحة 18 فدانا أحيطت بسور من البناء والحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع.
وأقام الخديوي إسماعيل في طرف الأزبكية الجنوبي مسرحين هما المسرح الكوميدي الفرنسي الذي إنشئ في 2 نوفمبر 1867م وافتتح في 4 يناير 1868م تحت إدارة الخواجة منسي، ودار الأوبرا الخديوية، وبعد الأنتهاء من تشجير الحديقة وتزيينها وإنارتها عين الخديو مسيو «باريليه» الفرنسي ناظرًا لها ولجميع المتنزهات الأخرى، وكانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين، ففي يونيو 1887م تم الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، واحتفال الجالية الفرنسية بعيد 14 يوليو، أما الاحتفالات المصرية في الحديقة فكان أبرزها الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني واحتفال الجمعيات الخيرية والمحافل الماسونية، وكانت الموسيقي العسكرية تعزف في الاحتفال الأول، إلي جانب إقامة السرادقات في احتفالات الجمعيات وحفلات المطربين، وأشهرهم الشيخ يوسف المنيلاوي وعبده الحامولي، ومحمد عثمان.
أما في عهد وزارة «نوبار باشا»، فقد تم استخدام قصر العتبة الخضراء كمقر للمحكمة المختلطة، ثم تحول إلى دار القضاء العالي المعروف حاليا في المنطقة التي أطلق عليها ميدان الإسعاف. وفي منتصف القرن التاسع عشر تم إنشاء مستشفى أهلي بميدان الأزبكية، هذا إلى جانب أنه في منطقة الأزبكية كان مشيدا عدد من الفنادق منها «شبرد» و«الكونتيننتال» بالإضافة إلى «وندسور وإيدن بالاس».
وبعد حريق القاهرة الذي حدث في 26 يناير عام 1952م، طرأت على ميدان الأزبكية تغيرات كثيرة فقد تم نقل مكاتب شركات الطيران التي كانت موجودة بفندق شبرد الذي تم تدميره تماما في الحريق إلى ميدان التحرير، وتم تقسيم ميدان الأزبكية نفسه بمساحته الهائلة إلى أربعة أماكن تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد، ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين تابعين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي، أما حديقة الأزبكية فقد قسمت هي الأخرى، وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها إلى قسمين.
مسرح (الأزبكية)
رغم الشهرة الكبيرة لمسرح حديقة الأزبكية فإنه يعتبر لغز الألغاز في تاريخ المسرح المصري، لأننا لا نجد له أي إشارة تتحدث عنه بصورة صحيحة، أو لنقل صريحة، فلا أحد يعرف مكانه علي وجه التحديد، ولا نعلم عن أموره الإدارية أي شيء علي الإطلاق، بل لا نعلم تاريخ بنائه أو افتتاحه، وكل ما نعلمه بعض الإشارات اليسيرة من خلال أخبار الفرق المسرحية، التي عرضت أعمالها علي خشبة مسرحه، أو الجمعيات التي أقامت به احتفالاتها الخيرية، بسبب التعتيم علي هذا المسرح وقع الكثير منا في خطأ الخلط بين المسرح الكوميدي الفرنسي، الذي ورد في كتابات كثيرة علي أنه مسرح حديقة الأزبكية، فماذا عن هذا المسرح؟
البداية جاءت عندما أنشأت الحملة الفرنسية علي مصر مسرحاً سمته مسرح الجمهورية والفنون، الذي بني في الأزبكية أثناء وجودها في مصر، ثم عرفنا أنه هدم أثناء ثورة القاهرة، ولم تصلنا عنه أي أخبار بعد ذلك، فلما أراد الخديو إسماعيل إحياء منطقة الأزبكية علي الطابع الأوروبي، حيث المتنزهات والمسارح والملاهي، فكر في إعادة بناء مسرح حديقة الأزبكية، ضمن المنشآت الترفيهية التي تحدثنا عنها، وعهد إلي المهندس الفرنسي «فرانس» بذلك، وهو المهندس الذي بني السيرك والأبيودروم، فقام هذا المهندس باختيار نفس مكان مسرح الجمهورية والفنون،
ومن المؤكد أن هذا المسرح كان قائماً في ذلك الوقت علي شكل أنقاض أو أطلال تدل علي مكانه، فأراد الخديو إحياءه من جديد، وهناك دليل علي ذلك ممثل في محفوظة بدار الوثائق القومية، تحمل أمراً من الخديو إسماعيل في ٦ مايو سنة ١٨٦٩م بتنفيذ هذا المشروع، ويقول هذا الأمر الخديوي: «أمر كريم منطوقه هذه المقايسة الفرنساوي تتعلق بالأشغال المقتضي إجراؤها بمحل التياترو القديم بالأزبكية بمعرفة فرانس بك بمبلغ تسعة وخمسين ألف فرنك وخمسمائة وخمسة وخمسين فرنك».. وفي أول مايو ١٨٧٣م افتتح مسرح حديقة الأزبكية تحت إدارة أنريكو سانتيني.
وتؤكد الوثائق أيضاً أن هذا المسرح كان نشاطه أقل بكثير بالمقارنة بعروض المسرح الكوميدي الأوبرا، ومن الأعمال التي قدمت علي هذا المسرح «عجائب البخت» في ٥/٥/١٨٨٧م، و«هند بنت النعمان» في ٥/١٠/١٨٨٨م، و«أنا في انتظار العروسة» في ٩/٧/١٨٨٧م وفي ٣١/١٠/١٨٩٨م مثلت فرقة إسكندر فرح علي هذا المسرح مسرحية «أنس الجليس» بطولة سلامة حجازي وملكة سرور.
مصادر
- جريدة أخبار الأدب
- تاريخ الأزبكية ومسارحها
- الأهرام
- بوابة جغرافيا
- بوابة مصر
- بوابة تجمعات سكانية
- بوابة القاهرة