عصب تحت اللسان

عَصَب تحتَ اللِّسان (باللاتينية: nervus hypoglossus) هوَ العَصَبُ القِحفي الثاني عشر[2]، حيثُ يُعَصِّب جَميع عَضلات اللسان الداخلية مِنها والخارِجية باستثناء العَضلة الحَنكية اللسانية التي تُعصب بواسطة العصب المُبهَم، كما أنَّ العَصب تحت اللسان يُعتبر عَصبا ذا وظيفة حركية فَقط. يَنشأ العصب تحتَ اللسان على شكل مجموعة من الجذور الصَغيرة الناشئة مِن نواة العَصب تحت اللسان الموجودة في جذع الدماغ، ثُم يَمر العصب عبرَ النفق تحت اللسان(4) وفي أسفل الرَقبة، وفي النِهاية يَمر مرة أُخرى فوقَ عضلات اللسان. يُوجد في الجسم عَصبان تحت لسانيين؛ عصب أيمن وآخر أيسر.

عصب تحت اللسان
Hypoglossal nerve
الاسم العلمي
nervus hypoglossus
العصب تحتَ اللِسان وَالضفيرة العُنقية وتفرعاتها.

ينشأ العَصب تحت اللسان على شكل مجموعة من الجذور الصغيرة، والتي تنشأ من جذع الدماغ الذَنبي، والذي يظهر في الصُورة من الأسفل.
ينشأ العَصب تحت اللسان على شكل مجموعة من الجذور الصغيرة، والتي تنشأ من جذع الدماغ الذَنبي، والذي يظهر في الصُورة من الأسفل.

تفاصيل
التزويد العصبي العضلة الذَقنية اللسانية والعضلة الذقنية اللامية والعَضلة اللامية اللسانية والعضلة الإبرية اللسانية والعضلة الدرقية اللامية وَعضلات اللسان الداخِلية
يتفرع إلى العُروَة الرَقَبيَّة
نوع من أعصاب قحفية[1] 
جزء من جهاز عصبي 
معرفات
غرايز ص.914
ترمينولوجيا أناتوميكا 14.2.01.191  
FMA 50871 
UBERON ID 0001650 
ن.ف.م.ط. A08.800.800.120.330 
ن.ف.م.ط. D007002 

يُشارك العصب تحت اللسان في التَحكم في حَركات اللسان الضَرورية للتَكلم وَالبَلع، كما يُشارك في إخراج اللسان وتحريكه من جنبٍ إلى آخر. حدوث الضَرر في العَصب نفسه أو في مساره قد يؤثر على مظهر اللسان وَالقُدرة على تحريكه، وتُعتبر الصَدمات وَالعمليات الجراحية في مناطق تواجد العَصب وَاعتلال العُصبون الحركيّ من أكثر مصادر الضَرر بالعصب شيوعاً. تم وَصف العصب تحت اللسان للمرة الأولى على يد هيروفيلوس في القرن الثالث قبل الميلاد.

التسمية

عَصَب تحتَ اللِّسان[3][4][5][6] أو العَصب تحت اللِّساني[6] (باللاتينية: nervus hypoglossus)،1 وتَرجع تَسميته إلى الحَقيقة المعروفة أنَّ هذا العصب يَمر أسفل اللسان، كما أنَّ اسم العَصب باللغة الإغريقية هوَ hypoglossus حيثُ أنَّ hypo- هي بادئة تعني أسفل أو تحت، وَ-glossa هي لاحقة تَعني اللسان.

الهيكلية

ينشأ العَصب تحت اللسان على شَكل مجموعة من الجُذور الصغيرة، حيثُ ينشأ من الجُزء الأمامي للنخاع المُستطيل وَالجُزء السُفلي من جذع الدماغ،[7][8] في الثلم قبل الزيتوني والذي يَفصل بينَ الجِسم الزيتوني وَالهرم اللُبِّي.[9] يمر العصب عبرَ الحيز تحت العنكبوتية، كما يَثقُب الأم الجافية بالقُرب من النفق تحت اللسان (هيَ فُتحة في العظم القذالي في الجُمجمة).[8][10]

بعد خُروج العَصب من القَناة تحت اللسان، يُعطي العَصب فرعاً سِحائياً ويأخذ فرعاً مِن الفرع الأمامي للفقرة العُنقية الأولى، وبعدَ ذلك يَنتقل العَصب بالقُرب من العصب المبهم وَالجُزء النُخاعي للعصب الإضافي،[8] حيثُ يسير العصب بشكل لولبي إلى الجُزء الخلفي السُفلي للعصب المُبهم، ثُم يَعبر بينَ الشريان السباتي الغائِر وَالوريد الوداجي الغائِر بَحيث يتكئ العَصب على الغمد السباتي.[10]

عندَ النقطة على مُستوى زاوية الفَك السُفلي يَظهر العصب مِن خلف البَطن الخَلفي للعَضلة ذات البطنين،[10] ثُم يلتف حولَ أحد فروع الشريان القذالي وينتقل إلى الأمام نحو المنطقة أسفل الفك السُفلي.[10] يَنتقل العَصب إلى الأمام تحت العصب اللساني وَالعضلة اللامية اللسانية وَالعضلة الإبرية اللامية،[11] ثُم يستمر أسفل العضلة الذقنية اللسانية، ويستمر إلى الأمام نحوَ قِمة اللسان، ويقوم العصب تحت اللسان أثناء مساره بِمنح فُروع تُزود العضلات اللسانية الداخلية والخارجية بالأوامر الحَركية، كما يُزود عددا من العضلات الأخُرى (العضلة اللامية اللسانية وَالعضلة الذقنية اللسانية وَالعضلة الإبرية اللامية).[11]

تَنشأ جُذيرات العَصب تحت اللسان مِن نواة العصب تحت اللسان الموجودة بالقُرب من الجُزء السُفلي لجذع الدماغ،[7] حيثُ تتلقى النواة المُدخلات مِن القِشرتين الحَركيتين وَلكنَّ الجانب المقابل هوَ المُهيمن، لِذلك يُعتبر الجانب الوَحشي هوَ المُعصِب الأساسي للسان.[12] تَنتقل الإشارات من المغازل العَضلية في اللسان من خلال العصب تحت اللسان إلى العَصب اللساني، والذي بدورهِ يتشابك مع نواة السبيل الدماغي المتوسط للعصب ثلاثي التوائم.[8]

الفروع

يَخرج من عصب تحت اللسان عَدد من الفُروع المُختلفة، والتي تعمل على تزويد عضلات اللسان بالأوامر الحركية، وبالتالي هو المسؤول عن التحكُم بشكل وحَركة اللسان، ومن أهم هذه الفُروع:[13]

النماء

يأتي العصب تحت اللِسان مِن الزَوج الأول للجسيدات القَذالِية، وهيَ عبارة عن تجمعات من الأديم المُتوسط التي تتشكل بجانب مَحور الجنين الرئيسي أثناء عملية التَطور.[14] تتطور العَضلات التي يتم تعصيبها بواسطة العصب تحت اللسان على شَكل حبل تحت اللسان، حيثُ تنشأ العضلات من البضعات العَضلية الخاصة بالأربع أزواج الأولى للجسيدات القَذالية.[15][16] في الأسبوع الرابع من التَطور، يَظهر العَصب تحت اللسان على شكل مجموعة من الجُذور، وفي الأسبوع الخامس تُكَوِن هذه الجُذور عُصب واحد مُرتبط باللسان.[14][17]

تأتي نواة العصب تحت اللسان مِن الصفيحة القاعدية الخاصة بالنخاع المُستطيل الجنيني.[18][19]

الوظيفة

مُخطط يُظهر العصب تحت اللسان والمناطق التي يقوم بتعصيبها.

العصب تحت اللسان هوَ العصب المسؤول عن تزويد عضلات اللسان الخارِجية (العضلة الذَقنية اللسانية والعَضلة اللامية اللسانية والعضلة الإبرية اللسانية) والداخِلية بالأوامر الحَركية،[8] ولكن يُستثنى من هذه العَضلات العضلة الحنكية اللسانية والتي تُعصَب بواسطة العصب المُبهم،[8] ويُعتبر العصب تحت اللسان مِن الألياف الصادرة الجسدية العامة والتي تُدعى اختصاراً (GSE: General Somatic Efferent fibers).[8]

تلعب العَضلات التي يُزودها العصب تحت اللسان بالأوامر الحركية دوراً مُهماً في حركة اللسان،[8] حيثُ أنَّ العضلة الذقنية اللسانية مسؤولة بشكلٍ خاص عن بُروز اللسان، كما أنَّ العضلات المرتبطة بالجزء السُفلي لِقمة اللسان والجزء الخَلفي له، مسؤولةٌ عن بروز وحَرف اللسان نحو الجانب الآخر.[20] العَصب تحت اللسان مسؤول أيضاً عن الحَركات التي تتضمن تنظيف الفم مِن اللعاب وَغيرها من الوظائف والحركات اللاإرادية. يحدثُ ما يُشبه التفاعل بين نواة العَصب تحت اللسان وَالتشكل الشَبكي، حيثُ يؤدي هذا التفاعل إلى التَحكم في العديد من الأفعال الإنعكاسية أو الحركات التلقائية، كما أنهُ تنشأ من قشرة النواة العديد من الألياف المسؤولة عن التَعصيب المُساعد في الحركات اللاشعورية المُرتبطة بالكَلام والتَمفصل التعبيري.[8]

الأهمية السريرية

الضرر

ضُمور بجانب واحد في اللسان نتيجةً لشلل العصب تحت اللسان الأيسر، والمريض لا يستطيع تحريك لسانه نحوَ الجانب الأيسر.

التقارير الواردة حول ضرر العصب تحت اللسان نادرة،[21] ومن أكثر أسباب أذيته شيوعًا هو الضغط إما بسبب حدوث ورمٍ ما أو الإصابة بطلقٍ ناريّ،[22] كما أنَّ هناك عدد من الأسباب الأخرى الّتي تؤدّي لأذيّة العصب وإلحاق الضَرر به، مِثل الأذيّة الجراحيّة والسكتة الدماغية النخاعية والتصلّب المتعدّد ومتلازمة غيلان باريه والإنتان والساركويد والوعاء التوسُّعيّ في النّفق تحت اللِّسانيّ.[22][23][24] يمكن للضرر أن يكون في إحدى أو كِلا الجهتين وهذا يؤثّر على الأعراض الظّاهرة،[8] ومن النادر حدوث ضَرر في العصب تحت اللسان بشكل مُنفرد، فغالباً ما تكون مُصاحبة بضرر في أحد التراكيب القريبة من العصب (الأعصاب الأخرى، الشرايين، الأوردة)، ويُعود السبب في ذلك إلى قُرب العصب مِن هذه التراكيب،[23] وعلى سبيل المثال، قد يترافق الضرر في الأعصاب تحت اللسان؛ اليُمنى واليسرى، مع ضرر بالعصبين الوجهيّ وثُلاثيّ التَّوائِم كنتيجة لأذيّة بسبب جُلْطَة تالية لتصلب شرياني في الشِّريان الفِقْرِيٌّ القاعِدِيّ، وتؤدّي هذه السكتة إلى انقباض مُحكَم في عضلات الفم وصعوبة في التكلُّم والأكل والمضغ.[8]

الشلل البَصَلي المُتَرَقي هو شكلٌ من أشكال اعتلال العُصبُون الحَرَكيّ، حيثُ يترافق مع آفات مُشتَركة في نواة العصب تحت اللّسان والنَّواة المُلتَبِسَة مع حدوث ضُمُور في الأعصاب المُحركة في الجِسْر والنخاع المستطيل، مِمَّا قد يُسَبِّب صعوبة في حركة اللّسان والتكلُّم والمضغ والبَلع، ناجمة عن خلل في وظيفة أنوية العديد من الأعصاب القِحفيّة،[8] ويُعدّ اعتلال العصبون الحركيّ من أكثر الأمراض شيوعاً والتي تصيب العصب تحت اللّسان.[25]

قد يحدث شلل للعصب تحت اللّسان بعد القيام بتنبيب الرُّغامى، وبرؤية العديد من هذه الحالات، وجد أنّ التّعافي التام وعودة وظيفة العصب تحت اللّسان تستلزم ستّة أشهر.[26]

الفحص

تُسَبِّب إصابة عصب تحت اللّسان ضمورًا للسان ولن يكون قادرًا على أن يُمَدَّ خارِجًا باستقامة. حدثت الإصابة هنا بسبب جراحة كيسة الفلح الخيشومي.[27]

يُفحص العصب تحت اللّسان عن طريق فحص اللّسان وحركاته. في الوقت الطبيعي، إذا أُصيب العصب تحت اللسان فإن اللّسان سيظهر على شكل «كيس من الديدان» (ارتجافات حزمية(2)) أو يحدث ضُمور فيه، ويفحص اللسان عندها بمدّه للخارج، فإذا كان هناك ضرر في العصب أو مَساراته فإنَّ اللسان سينحرف -عادةً وليس دائمًا- إلى جهةٍ واحدة.[12][28] عند تضرر العصب سيُشعَر أنّ اللّسان «ثَخين» أو «ثَقيل» أو «غير عَمليّ»، ويؤدّي ضعف عضلات اللّسان إلى حدوث تداخل في الكَلاَم (إدغام)، مؤثّرًا على الأصوات التي تخرج من اللسان (خصوصاً تلك التي تخرج من قمة اللسان؛ وهيَ السين والصاد والزاي)،[25] ويُمكن فحص قوّة اللّسان بوكز اللّسان بجوف الخدّ، حيثُ يقوم المُعايِن بإحساس الضّغط النّاتج.[12]

يحمل العصب تحت اللّسان العُصبونات المحرِّكة السفليّة والتي تتشابَك مع العصبونات المحرِّكة العُلويّة عند نواة العصب تحت اللسان، كما أنَّ الأعراض المتعلّقة بالضرر الذي يُصيب العصب تعتمد على موقع الضرر في المَسار، فإذا أصاب الضرر العصب نفسه (آفة العصبون الحركي السفلي)، عندها سينحني اللّسان باتجاه جهة الضرر؛ وذلك بسبب ضعف العضلة الذَّقنيّة اللِّسانيّة للجانب المُتأثِّر.[28] أمّا إذا كان الضرر في مَسار العصب (آفة العصبون الحركي العلوي) فسينحني اللّسان باتّجاهٍ مُعاكِس لجهة الضرر نتيجةً لفعل العضلة الذَّقنيّة اللِّسانيّة المُتأثِّرة، وسيحدث الانحناء بدون ارتجاف حزميّ أو ضمور،[28] ويحدث في نفس الوقت صعوبات واضحة في الكلام،[12] وسيؤدّي الضرر في نواة العصب تحت اللسان إلى ضمور عضلات اللّسان وحدوث الانحراف باتجاه الجانب المُتأثِّر عند مَدّ اللّسان للخارج، وهذا بسبب ضعف العضلة الذَّقنيّة اللِّسانيّة.[8]

الاستخدام في الإصلاح العصبي

قد يُربَط (يُفَاغَر) العصب تحت اللّسان مع العصب الوجهيّ، وذلك بهدف إعادة وظيفة العصب الوجهيّ عند حدوث ضَرر به، كما أنَّ مُحاولات الإصلاح بالربط الكلّي أو الجزئيّ للألياف العصبيّة من العصب تحت اللّسان إلى العصب الوجهيّ قد تُستَخدم عند وجود ضرر بُؤْرِيّ للعصب الوجهيّ (بسبب رَضْح أو سرطان مثلاً).[29][30]

التاريخ

أوّل وصف مسجّل للعصب تحت اللسان كان من قبل الجراح وعالم التشريح اليوناني هيروفيلوس (335–280 ق.م.)، ولكن لم يتم تسميته في ذاك الوقت. وأول استخدام لاسم عصب تحت اللسان (باللاتينية: nervi hypoglossi externa) كان من قبل عالم التشريح وينسلو في عام 1733، وبعد ذلك تبعهُ العديد من الأسماء مثل العصب غير المُحدد أو غير المعروف (باللاتينية: nervi indeterminati) وَالعصب زوج اللسان (باللاتينية: par lingual) وَالعصب زَوج التذوق (باللاتينية: par gustatorium) وَالعصب الكبير تحت اللسان (باللاتينية: great sub-lingual)، وقد وُضعت هذه الأسماء من قبل عدة أشخاص، أما اسم العصب اللساني وَالعصب التذوقي فقط وُضعت من قبل وينسلو أيضاً، وفي عام 1778 سُمي العصب باسم العصب العظيم تحت اللسان من قبل عالم التشريح صموئيل سوميرينغ، وفي عام 1800 سُمي بالعصب الكَبير تحت اللسان (great hypoglossal nerve) من قبل جورج كوفييه، والذي اختارَ هذا الاسم كترجمة لِتسمية وينسلو. في عام 1832 سُمي العصب باللغة الإنجليزية بواسطة عالم التشريح روبرت نوكس.[31]

في الحيوانات

العصب تحت اللّسان هو واحد من اثني عشر عصبًا قِحفيًّا موجودًا في السلويات، والتي تتضمن الزواحف والثدييات والطيور.[32] وكما هوَ عندَ الإنسان، فإنَّ حدوث ضرر للعصب أو سَبيله يؤدي إلى صعوبة في تحريك اللّسان أو ارتشاف الماء، ويؤدي أيضاً إلى نقص في قوّة اللّسان، وعُمومًا يحدث انحراف للسان عن الجانب المُتأثِّر وَثُمَّ يتطوَّر لتَقَفُّع(3) في الجانب المُتأثِّر.[33] لقد اكتُشِفَ المَنشأ التطوُّريّ للعصب عبر دراسات للعصب أجريت على القوارِض والزّواحِف،[34] حيثُ اعتُبِرَ العصب نمطًا تطوُّريًّا عاليًا من أعصاب الشوكة العنقيّة،[8] بحيث اندمج ليصبِح عصبًا مُنفصلًا خلال دورة التطوُّر.[34]

افتُرِضَ أنّ حجم العصب تحت اللّسان -الذي تم قياسه بقياس حجم النفق تحت اللّسان- قد ترافق مع تطوُّر الرئيسيات، واستُنْتِجَ أنَّ الأعصاب الأكبر قد تكون ترافقت مع تحسُن في الكلام أثناء التغيُّرات التطوُّريّة، ولكن فيما بعد تمّ دحض هذه الفرضيّة.[35]

حالة سريرية

من الأمثلة على الحالات السَريرية الخاصة بالعصب تحت اللسان:

رجل عمره 32 عامًا، يعاني من رُتَة (عُسر التَّلفُّظ) وصعوبة في تحريك لسانه وبلع الطعام، وسَبَقَ ذلك انزعاج مُتفاقم أثناء البلع وشعور عام بالتوعُّك، وفي تاريخه المَرضيّ، لم يُعاني سابقًا من أي رَضح عُنقي أو تداول أو تمرين شديد، وليس لديه تاريخ طبّي مُثير للاهتمام وكانت نتيجة الفحص الفيزيائيّ لديه عاديّة؛ فقد أظهر إحساسًا بُلْعومِيًّا طبيعيًّا ونشاطًا في المنعكس البلعومي ثُنَائيّ الجانِب.[36]

ومن العلامات الظاهرة عليه أيضاً أنَّ لسانه ينحرف نحو اليسار عند إبرازه، كما أظهر الفحص العصبيّ وجود شلل في العصب تحت اللّسان الأيسر وضمور بنفس الجانب بدون أعراض لشلل في الأعصاب القِحفيّة الأخرى أو أعراض هَرَمِية أو مُتلازمة هورنَر (أعراض عينية في إصابة الضفيرة الودية الرقبية).[36]

كما كانت الوظيفة المُخَيخِيّة طبيعيّة ولا وجود لأعراض انْضِغاط جِذْع الدِّماغ أو زيادة في الضّغط داخل القِحفيّ، وقد تضمّنت الفُحوص المَخبريّة الواصِمات الالتهابيّة ودراسة السّائل المُخّي النُّخاعيّ، وألغت الفحوص التالية احتماليّة أن يكون السّبب إنتانيًّا وهي تَعداد الدّم الشامل وسرعة ترسب الدم والبْروتين المُتفاعل C، وقد أكّد الفحص الفيروسي السلبيّ للمَصل هذه النتائج، كما استَثنَت الفحوص المناعيّة العامّة وفحص المناعة الذاتيّة أن يكون السّبب مناعيًّا ذاتيًّا، وبيّنت فحوص وظيفة الكلية ووظيفة الكبد وغلوكوز الدم العَشوائيّ أنّها جميعًا طبيعيّة، ونفت زراعة وتحليل السّائل المُخّي النُّخاعي الإمراضيّة داخِل القِحفيّة، وعَلاوةً على ذلك، ظهر التصوير المَقطعيّ المُحَوسَب للدماغ وقاعدة الجمجمة عاديًّا، لكن أظهر المسح بالتَّصْويرُ بالرنين المغناطيسي أن الشريان الفِقْريّ الأيسر أكثر بُروزًا من الشريان الفقريّ الأيمن وأقرب إلى الجانِب الوَحشيّ للنُخاع المُستطيل، ولم يكن هناك أي دليل على احتشاء جذع الدماغ أو آفة تأخذ حيّزًا من المكان، كما يُرَجَّح أنَّ الشريان الفقريّ مسؤول عن شلل العصب الثاني عشر ولذلك أُجري استكشافٌ جِراحيٌّ، فأُجري حَجّ القِحْف خَلْفَ الخُشَّاء في الموقع الوَحشيّ بمَأْتَى جِراحيّ وحشيّ بعيد، متعرّضِين للشريان الفقريّ داخِلَ الجافِيَة الأيسر والعصب الثاني عشر، وقد أُثبِتَ أنَّ الشّريان الفِقْريّ طبيعيّ وشوهِد أنَّ العصب الثاني عشر مشدود ومضغوط حول الشريان الفقريّ، وكان جِذْع العصب تحت اللّسان مشدودًا ورفيعًا للغاية.[36]

في نهاية الأمر، أُدخِلَ لَبَّاد تِفلون (بالإنجليزية: Teflon felt)‏ بين العصب تحت اللّسان والشريان الفقريّ الأيسر، ولوحِظ بعد ثلاثة أشهر تَحسّن في حركة اللّسان.[36]

خُلاصة

هذه الحالة تَدعَم فكرة أنَّه في أيّ حالة غير مُفَسَّرة من شلل العصب تحت اللّسان المُنعزل، يجب وضع شَدّ وانضغاط العصب من قِبَل الشريان الفقريّ النابِض طبيعيًّا بالحسبان. يُمكن لتقييمٍ حذر لدراسات التصوير وتَخْفيف الضَّغْط الوعائيّ المِجهريّ للعصب داخِل القِحفيّ أن يُبيِّن الشلل المُنعزل غير المُفَسِّر للعصب تحت اللّسان.[36]

المراجع

  1. مُعرِّف النموذج التأسيسي في التشريح: 50871 — تاريخ الاطلاع: 1 أغسطس 2019
  2. "ترجمات أُخرى لمصطلح (Hypoglossal nerve)"، مكتبة لبنان ناشرون، مؤرشف من الأصل في 08 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 7 مايو 2017.
  3. يوسف حِتّي؛ أحمد الخطيب (2008)، قاموس حتّي الطِّبي للجَيب (باللغة إنكليزي-عربي)، بيروت، لبنان: مكتبة لبنان ناشرون، ISBN 9953-1-0235-X. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |access-date= بحاجة لـ |url= (مساعدة)
  4. "ترجمة (Hypoglossal nerve)"، مكتبة لبنان ناشرون، مؤرشف من الأصل في 13 سبتمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 7 مايو 2017.
  5. "ترجمة (Hypoglossal nerve)"، موقع القاموس، مؤرشف من الأصل في 08 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 7 مايو 2017.
  6. "ترجمة ومعنى hypoglossal nerve في قاموس المعاني"، موقع المعاني، مؤرشف من الأصل في 09 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 9 مايو 2017.
  7. Dale Purves (2012)، Neuroscience، Sinauer Associates، ص. 726، ISBN 978-0-87893-695-3، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2017.
  8. M. J. T. Fitzgerald؛ Gregory Gruener؛ Estomih Mtui (2012)، Clinical Neuroanatomy and Neuroscience، Saunders/Elsevier، ص. 216، ISBN 978-0-7020-4042-9، مؤرشف من الأصل في 4 أبريل 2019.
  9. Anthony H. Barnett (2006)، Diabetes: Best Practice & Research Compendium، Elsevier Health Sciences، ص. 30، ISBN 0-323-04401-8، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  10. Gray's Anatomy 2008، صفحة 460.
  11. Gray's Anatomy 2008، صفحة 506-7.
  12. Kandel, Eric R. (2013)، Principles of neural science (ط. 5.)، Appleton and Lange: McGraw Hill، ص. 1541–1542، ISBN 978-0-07-139011-8.
  13. Richard S. Snell, المحرر (2012)، Snell Clinical Anatomy by regions [كتاب سنيل للتشريح السريري حسب المناطق] (باللغة الإنجليزية) (ط. التاسعة)، فيلادلفيا: Lippincott Williams & Wilkins، ص. 616، ISBN 978-1-60913-446-4، اطلع عليه بتاريخ 9 مايو 2017.
  14. Hill، "Carnegie stage 12 - Embryology"، embryology.med.unsw.edu.au، مؤرشف من الأصل في 10 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 مارس 2017.
  15. Coley؛ Sperling (21 مايو 2013)، "Caffey's Pediatric Diagnostic Imaging" (باللغة الإنجليزية)، Elsevier Health Sciences، ص. 115، مؤرشف من الأصل في 03 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 12 مارس 2017.
  16. Sperber؛ Sperber؛ Guttmann، Craniofacial Embryogenetics and Development (باللغة الإنجليزية)، PMPH-USA، ص. 193، ISBN 9781607950325، مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 2017.
  17. O'Rahilly؛ Müller (مارس 1984)، "The early development of the hypoglossal nerve and occipital somites in staged human embryos"، American Journal of Anatomy، 169 (3): 237–257، doi:10.1002/aja.1001690302.
  18. "Neural - Cranial Nerve Development"، embryology.med.unsw.edu.au، مؤرشف من الأصل في 03 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 17 يونيو 2016.
  19. Pansky، "Chapter 147. The Brainstem: Myelencephalon (fifth Vesicle) – Basal Motor Plate - Review of Medical Embryology Book - LifeMap Discovery"، discovery.lifemapsc.com، مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 12 مارس 2017.
  20. Gray's Anatomy 2008، صفحة 953.
  21. Hui, Andrew C. F.؛ Tsui؛ Chan (01 يونيو 2009)، "Hypoglossal nerve palsy"، Hong Kong Medical Journal = Xianggang Yi Xue Za Zhi، 15 (3): 234، ISSN 1024-2708، PMID 19494384.
  22. Keane, James R. (01 يونيو 1996)، "Twelfth-Nerve Palsy: Analysis of 100 Cases"، Archives of Neurology، 53 (6): 561–566، doi:10.1001/archneur.1996.00550060105023، ISSN 0003-9942، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  23. Boban, Marina؛ Brinar؛ Habek؛ Radoš، "Isolated Hypoglossal Nerve Palsy: A Diagnostic Challenge"، European Neurology، 58 (3): 177–181، doi:10.1159/000104720، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  24. Dev, Bhawna Sharma, Parul Dubey, Sudhir Kumar, Ashok Panagariya, Amit، "Isolated Unilateral Hypoglossal Nerve Palsy: A Study of 12 cases"، Journal of Neurology and Neuroscience (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2018.
  25. "Chapter 7: Lower cranial nerves"، www.dartmouth.edu، مؤرشف من الأصل في 30 سبتمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 12 مايو 2016.
  26. Hung, NK؛ Lee؛ Chan؛ Yeh؛ Cherng؛ Wong؛ Wu (2009 March)، "Transient unilateral hypoglossal nerve palsy after orotracheal intubation for general anesthesia" [شلل عابر للعصب تحت اللّسان بعد تَنْبيب فَمويّ رُغامِيّ من أجل التخدير العام]، 47 (باللغة الإنجليزية)، Acta anaesthesiologica Taiwanica، 1: 48–50، doi:10.1016/S1875-4597(09)60022-9، PMID 19318302، مؤرشف من الأصل في 23 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 9 أيار 2017. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Cite journal requires |journal= (مساعدة)، تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= و|تاريخ= (مساعدة)Acta anaesthesiologica Taiwanica: official journal of the Taiwan Society of Anesthesiologists.[وصلة مكسورة]
  27. Mukherjee, Sudipta؛ Gowshami؛ Salam؛ Kuddus؛ Farazi؛ Baksh (01 يناير 2014)، "A case with unilateral hypoglossal nerve injury in branchial cyst surgery"، Journal of Brachial Plexus and Peripheral Nerve Injury، 7 (01): 2، doi:10.1186/1749-7221-7-2، PMC 3395866، PMID 22296879، مؤرشف من الأصل في 4 يونيو 2018.
  28. "Archived copy"، مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 04 ديسمبر 2011.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: الأرشيف كعنوان (link)
  29. Yetiser, Sertac؛ Karapinar (01 يوليو 2007)، "Hypoglossal-Facial Nerve Anastomosis: A Meta-Analytic Study"، Annals of Otology, Rhinology, and Laryngology (باللغة الإنجليزية)، 116 (7): 542–549، doi:10.1177/000348940711600710، ISSN 0003-4894، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  30. Ho, Tang، "Facial Nerve Repair Treatment"، WebMDLLC، مؤرشف من الأصل في 11 نوفمبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 9 ديسمبر 2011.
  31. Neuroanatomical Terminology: A Lexicon of Classical Origins and Historical Foundations، ص. 300، ISBN 978-0-19-534062-4.
  32. Sharma, SK (2014)، Objective Zoology (باللغة الإنجليزية)، Krishna Prakashan Media، ص. 3.84، مؤرشف من الأصل في 23 أبريل 2020.
  33. "Physical and Neurologic Examinations - Nervous System - Veterinary Manual"، Veterinary Manual (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 19 مارس 2017.
  34. Tada, Motoki N.؛ Kuratani (01 يناير 2015)، "Evolutionary and developmental understanding of the spinal accessory nerve"، Zoological Letters، 1: 4، doi:10.1186/s40851-014-0006-8، ISSN 2056-306X، PMC 4604108، PMID 26605049، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  35. Hurford, James R. (06 مارس 2014)، Origins of Language: A Slim Guide (باللغة الإنجليزية)، OUP Oxford، ص. Chapter "we began to speak and hear differently"، ISBN 9780191009662، مؤرشف من الأصل في 20 مارس 2017.
  36. Hwan Cheong, Jin؛ Min Kim؛ Hyun Kim (2011 March 31)، "Resolution of Isolated Unilateral Hypoglossal Nerve Palsy Following Microvascular Decompression of the Intracranial Vertebral Artery" [تمييز الشَّلل المنعزل وحيد الجانب للعصب تحت اللّسان التَّالي لتخفيف الضّغط الوعائيّ المِجهريّ للشريان الفقريّ داخل القِحفيّ]، Korean Neurosurg Soc.، 49 (باللغة الإنجليزية)، 3: 167–170، doi:10.3340/jkns.2011.49.3.167، PMID 3085813، مؤرشف من الأصل في 23 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 10 أيار 2017. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= و|تاريخ= (مساعدة)

هذه المقالة تعتمد على مواد ومعلومات ذات ملكية عامة، من الصفحة رقم 914  الطبعة العشرين لكتاب تشريح جرايز لعام 1918.

هوامش

2. لكلمة fasciculation مُقابِلان طِبِّيان عَربيَّان:(القاموس الطبّي الموحّد)

  • تَكَوُّنُ الحُزَم
  • ارْتِجافٌ حُزْمِيّ
قد تُسمّى تَحَزُّم أو نَفْضَة عَضَلِيّة (بالإنجليزية: muscle twitch)‏
وهي حركاتٌ عَضَلِيَّة ضَئيلة تَظْهرُ كجِلْدٍ مُرْتَجِف.(القاموس الطبّي للجيب)

3. قُفَاْع، تَقَفُّع [ج: قُفْعٌ] (بالإنجليزية: contracture)‏: تَقَلُّص الْعَضَلَة أَوْ الْوَتَر تَقَلُّصًا دَائِمًا.(القاموس الطبِّي الموحَّد، المعجم الطبّي لموقع المعاني)

4. لكلمة Canal مُقابِلان طِبِّيان عربيّان:(القاموس الطبِّي الموحَّد)

  • قَناة (تَمُرُّ فِيها سَوائِل) [ج: قَنَوات]
  • نَفَق (تَمُرُّ فيهِ أَوعِيَةٌ أَو أَعْصاب) [ج: أَنْفاق]

وصلات خارجية

  • بوابة طب
  • بوابة تشريح
  • بوابة علوم عصبية

This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.