المغيرة (الجبيل)
المغيري أو المغيرة وتلفظ بالمحكية اللبنانية المغيري هي قرية لبنانية تقع في أعالي جرود قضاء جبيل بمحافظة جبل لبنان. تبعد عن مدينة جبيل حوالي 32 كم وتبعد عن بلدة قرطبا كما عن بلدة العاقورة حوالي 4 كلم. ترتفع في المتوسط 1250 م عن سطح البحر.
المغيرة (الجبيل) | |
---|---|
الإحداثيات | 34°05′46″N 35°52′21″E |
تقسيم إداري | |
البلد | لبنان |
التقسيم الأعلى | قضاء جبيل |
خصائص جغرافية | |
ارتفاع | 1200 متر |
بما يخص الأسماء، وبغض النظر عن التقسيم الإداري المعاصر فإنه من المؤكد ان هذا المسطح (الظاهر في الصورة) وبحدوده الظاهرة كان قد شكل على مدى التاريخ وحدة سكنية واحدة لا حواجز جغرافية بينها، وكان أرضية متصلة ومشتركة للقبائل التي تعايشت أو تحاربت أو تعاقبت. وقد ورد اسمي المغيري ويانوح بشكل متكرر في المصادر التي تحدثت عن تاريخ المنطقة الحافل.ومن البديهي انهما كانا يرمزان إلى بقعة جغرافية ـــ ديموغرافية واحدة هي هذه المبيّنة في الرسم.
أصل الاسم
للاسم عدة تفسيرات منها. المغيرة أي المغارة الصغيرة. أو المتغيّرة نتيجة لما تعرضت له بيوتها من تنكيل وحرق متكرر وأشجارها من قطع الأمر الذي غيّر معالمها تكراراً.. مما تجدر إليه الإشارة ان للمغيري اسم توأم يكاد لا يذكر إلا سواسية وهو يانوح حينا ومغيرة التحتا حينا آخر، وربما اختلطت كلها والمقصود واحد.و أياً يكون الاسم فإن هذه القرية الوادعة اليوم، كانت ترزح ولمئات السنين تحت نير التقلبات السياسية في جبل لبنان، وقد ورد عليها هجرات متعددة
أشهرها هجرة البطريركية المارونية في 770 م التي ترافق وجودها مع قدوم عشائر متنوعة تفاهمت حينا وتحاربت أحياناً، وقد دفعت القرية وقاطنوها أثماناً باهظة على مرّ تاريخها فاحرقت البيوت وقطعت الأشجار ونُكِّل بالعباد مما دفع إلى تغيير ديمغرافي مستمر، فكانت المنطقة أشبه ببركان همدت نيرانه مع تاسيس دولة لبنان الكبير (1920-1943).وهنا نحاول ان نتوسل الحقائق بما لدينا ن مصادر ومراجع ورد فيها تعابير مذهبية لا تعبر عن وجهة نظرنا بل تركت على ما هي عليه للأمانة.
الإنتاج الزراعي في المغيري
تشتهر حاليا بزراعة التفاح. في الماضي كان اهالي البلدة يربّون دودة قّز الحرير، الذي ازدهرت صناعته في مختلف الأراضي اللبنانية، بعد ان طورها الأمير فخر الدين الثاني، حين قدم غزّالون فرنسيون من مدينة ليون إلى جبل لبنان بعدما قضى فيروس على موسم الحرير في بلادهم. فأنشأوا معاملهم في عدّة ضيع لبنانبة، فكرّت سبحة معامل الحرير ليصل عددها إلى 175 معملاً. كان لصناعة الحرير أثر اقتصادي ضخم على جبل لبنان، بالإضافة إلى وفرة فرص العمل ومزارع دود القزّ إذ كانت توفر 50% من الناتج المحلي. وتم توسيع مرفأ بيروت ليكون قادراً على مواكبة تصدير الكميات الكبيرة من الحرير إلى العديد من الدول. وبفضلها تمكنتّ الفتيات من الخروج إلى العمل في المعامل لأول مرة، في كسر واضح لحواجز المجتمع المحافظ آنذاك.
هذه المعامل أقفلت بعد ثورة الحرير الصناعي التي عرفها العالم بعد الحرب العالمية فضعف إنتاج الحرير الطبيعي بشكل كبير وتم قطع اشجار التوت ولا يزال بعضها معمرا لتاريخه، وبعد الحرب العالمية الثانية ازدهرت زراعة التفاح واشتهرت المنطقة بأجود انواعه.و هي مصيف ممتاز يمضي اهلها فصل الشتاء في المدن الساحلية لشتائها القارس، فضلاً عن بعدها عن مراكز التعليم العالي وأماكن العمل. يغذي نبع أبو سلهب التاريخي قرية المغيري بمياهه ويسقي بساتينها هو نبع تاريخي حمل الفينيقيين على إنشاء معبد لهم بقربه فتعاورته الأمم اللاحقة. اما ارضها الجبلية الوعرة فقد حملت سكانها القدماء على استصلاح ارضي سرغل وجنان فغدتا سلة قمح القرية. وسرغل هو العريض باللغة المحلية وهذا يعود إلى سطحه السهل العريض نسبياً الأمر الذي ساعد في إنتاج الحنطة، وفيه الأشجار الحرجية وحطب مواقد الشتاء كما أنه لليوم مصيف لرعاة الماعز والأغنام.
مزار يانوح: فينيقي فروماني فدير مار جريس الأزرق
مزار يانوح يعود للحقبة الفينيقية ويقع في منتصف الطريق بين بيبلوس (جبيل) وهليوبوليس (بعلبك)، وهو على غرار معبد أفقا، مخصص لعبادة أدونيس وعشتروت.
خلال الحقبة الرومانية (القرن الثاني للميلاد) خصص المعبد لإلهة الصيد ديانا ابنة جوبيتر في موقع يانوح يبرز «المعبد الكبير» الروماني المبني بحجر كلسي مائل إلى اللون الأزرق، (حجارته استقدمت من مكان آخر وهي غريبة عن طبيعة المنطقة ذات الصخور الرملية والبركانية السمراء) مدخله لجهة الشرق ويحيط به سور من الحجر الرملي. يمتاز معبد يانوح بانسجام طرازه وتناسق أبعاده واحتوائه على عدة خاصيات «رومانية» وقلة المعالم «الشرقية» فيه، إحداها، على الجهة المقابلة للمدخل، الفسحة المرتفعة adyton .وهي موجودة في العديد من المعابد الريفية في لبنان.
إلى الجنوب من المعبد الكبير تبدو بقايا مبني صغير من الحجر الكلسي مائل للون الأزرق، مفتوح لجهة الجنوب يدخل اليه بواسطة درج، يتصف بميزات المعابد ويعرف باسم «المعبد الصغير» مما يساهم في ادخال موقع يانوح في فئة المواقع الدينية الريفية ذات المعبدين أو أكثر وهي عديدة في الجبال اللبنانية وفي الشرق الأدنى إبان الحقبة الرومانية.
جنوبي الموقع تبدو آثار بازليك بركائز ودعائم، مؤلفة من ثلاثة أجنحة تنتهي بحنايا، أرضها مرصوفة بالبلاط، وهي تعود للحقبة البيزنطية الأولى.
بناء الممر المؤدي إلى صحن الكنيسة قد يعود للقرون الوسطى. يعود بناء الكنيسة الصغيرة شمال الموقع إلى القرون الوسطى (القرنين الثاني والثالث عشر) وهي كنيسة تتألف من جناح واحد ولها حنية بارزة لجهة الشرق. النسخة البابلية القديمة من ملحمة جلجامش تشهد على شهرة أفقا في الألف الثاني قبل الميلاد.
قسطنطين والقضاء على الوثنية بتدمير معابدها
عندما حكم الإمبراطور الروماني قسطنطين العظيم روما بين عامي (306–337م) أصبحت المسيحية دين الإمبراطورية الرومانية المهيمن.عانى المسيحيون من سلسلة اضطهادات متفرقة وانصبت عليهم على مدى قرنين ونصف قرن. وكان رفضهم المشاركة في العبادة الإمبراطورية شكلاً من أشكال الخيانة التي يعاقب عليها بالإعدام.
فبين عامي (303م–311م) كان «الاضطهاد العظيم» حيث أمر الإمبراطور بهدم المباني المسيحية ومنازل المسيحيين وجمع كتبهم المقدسة وإحراقها. كما اعتقل المسيحيون وعذبوا. وانتهى هذا «الاضطهاد العظيم» رسميا في نيسان/أبريل عام 311م. عايش الإمبراطور قسطنطين المسيحية منذ ولدته القديسة هيلانة، لكنه لم يصرح باعتناقه المسيحية حتى جاوز 42 سنة. وكتب إلى المسيحيين: إن قسطنطين يعتقد اعتقاداً جلياً أن نجاحاته لم تكن لتتحقق لولا حماية «الإله الأعلى» وحده.ويشير الأسقف يوسابيوس القيصري والمؤرخ sozomen في كتاباتهم انه وبأمر من قسطنطين تم تدمير المعبد Aphaca وحظر الحاكم العبادة فيه باعتبارها فجور (وقد كانت بالفعل). وهذا يدعم نظرة تدمير المعابد المتعمدة وبناء الكنائس البيزنطية على انقاضها ومنها معبد المغيري وقد تم تدميره لرمزيته الوثنية وأقيم مكانه كنيسة ايذاناً بانتصار المسيحية. وكانت من اوائل الكنائس في لبنان ثم بنيت لاحقا كنيسة بيزنطية أكبر عل انقاض سابقتها وربما كانت رمزية المكان من جملة الأسباب التي حملت على اعتماد المغيري مركزا للبطريركية المارونية لاحقاً.
ملاحظات عامة
انتشر التشيع في عهد الدولة الاموية/ 662 - 750 م و الدولةالعباسية 750 – 1258\1517 في بلاد جبيل وكسروان فقد كانت مناطق جغرافية محصنة، تقيهم هجوم وضربات الاعداء. وكانت مدينة جزين الجنوبية وميس الجبل من أهم المدن الشيعية في لبنان، وازداد نفوذ الشيعة في لبنان بحلول الدولة الفاطمية 909 – 1171 م وانتشر التشيع وفي جنوب لبنان حتى ان طرابلس في شمال لبنان نافست مدن الجنوب على التشيع واصبحت أول امارة شيعية في بلاد الشام (امارة بنو عمار). واصبحت سهول عكار الشمالية مركز كبير للتشيع، حتى ان جبال هذه المنطقة عرفت بأسمهم (جبال الضنية/يعني الظنية) في سنة 1517م ـ وهي السنة الّتي فتح فيها السلطان سليم العثماني بلاد الشام ـ قصدت الناس لبنان مِن كلّ جهة، فأتى فريقٌ مِن المتاولة مِن بلاد بعلبك وتوطّنوا في فاريا وحرابل وبقعاتا، وتوطّن غيرهم مِن المسلمين الدروز في بلاد أُخرى مِن كسروان. هذا ما رواه البطريرك الدويهي
كان قدوم الحماديّين إلى البلاد اللبنانية في عهد المماليك الجراكسة / 1383 : 1517، وهم أقدم عهداً في الحُكم الإقطاعي مِن الأُمراء العسافيّين التُركمان الذين حكموا كسروان وجبيل إبّان استيلاء السلطان سليم العثُمّاني على بلاد الشام سنة 1516م.
الصليبيون
فتح الصليبيون مدينة انطاكية سنة 1099، ومدينة طرابلس سنة 1110، ثم اموّا اورشليم بغية الاستيلاء عليها، في الشرق عام 1140م، وكانت الأراضي التي تُشكل لبنان المعاصر تتبع مملكة بيت المقدس وإمارة طرابلس. يقول " غليام
" اسقف صور اللاتيني ما ترجمته:
لما خيّـم الإفرنج في مدينة طرابلس، هبط اليهم جماعة من المؤمنين السريان والموارنة الذين يسكنون جبل لبنان قرب جبيل والبترون لأجل تهنئتهم وعرض خدماتهم عليهم، فرحبوا بهم بعواطف الحب الأخوي واتخذوا منهم هداة يرشدونهم إلى الطرق وايسرها في تلك الجبال الهائلة التي كانت تعترضهم، والمرجح ان بعض أهل المغيري - يانوح كانوا ايضاً من ضمن اولئك الذين عرضوا خدماتهم على الصليبيين، كما وضعوا ايضاً امكاناتهم العسكرية تحت تصرف الفرنجة.
مقر للبطريركية المارونية لخمس مئة عام
ذكر البطريرك الدويهي الماروني في تاريخه عن يانوح، انها كانت من اشرف القرى والمجالس في جبة المنيطرة في اواسط لبنان، وان اهلها كثيرو الغيرة والعبادة، ويظهر ان المغيري كانت عامرة زاهية قبل القرن الثامن، بدليل ان البطريرك يوحنا مارون الثاني، الذي كان يقيم في دير القديس «مارون» على ضفاف نهر العاصي (بجوار مدينة انطاكية) هرب من الدير المذكور إلى قرية يانوح، دير مار جريس الأزرق أصبح مقرا للبطريركية المارونية ابتداء من عام 770.وفي عدة نصوص كنسية وتاريخية تشير إلى رسالة البابا إينوسان الثالث إلى البطيرك إرميا العمشيتي عام 1216، ورسالة البابا إلكسندر الرابع إلى البطريرك شمعون عام 1256، وقد ورد فيهما ذكر المقر البطريركي في يانوح، وفي عام 1270 انتقل المقر البطريركي إلى دير سيدة إيليج في ميفوق.
في عام 2016 إتُخِذ قرار بإعادة ترميم وبناء المقرّ ـ الكنيسة وتم افتتاحها بتاريخ 9 ايلول 2017. وقد أعيد البناء بخصائصه الاساسية قبل ان يهدم ويحرق على ايدي المماليك في العام 1305م.
الحبيشيين حلفاء الحماديين وضو الكبير
اقام الحبيشيون اولا في دير الاحمر في البقاع، واستقروا اخيرا في يانوح بجبة المنيطرة من جرود جبيل، حيث التفوا حول بطاركة الموارنة الاولين من الرابع حتى الحادي والعشرين الذين جعلوا دير سيدة يانوح كرسياً ومقرا لهم. في الصفحة 261 من كتاب «سوريا اليوم» للدكتور «لويس لورته عميد معهد الطب في ليون»، حاشية من مترجم هذا الكتاب الاستاذ «كرم البستاني» هذا نصها: «كان في يانوح معبد» المغيرة «أي المغارة الصغيرة، يقال انه كان معبد الاهة الصيد» ديانا«حوّل إلى دير سيدة يانوح وكان لزمن كرسياً لبطاركة الموارنة، مدفون فيه أربعة منهم. وسبب اتخاذهم ايّاه كرسياً ان تلك المنطقة كانت حمى لمشايخ الحبيشيين حلفاء الحماديين، فلجأ اليه البطاركة اتقاءً للاعتداءات وهو اليوم شبه خربة ولا يزال فيه بقايا ابواب واعمدة تدلّ على عتقه». كما وان الاستاذ مارون عبود يقول في الصفحة 29 من كتابه «صقر لبنان» ما يأتي: «فالبطاركة الاولون ـ من البطرك الرابع حتى الحادي والعشرين ـ كان مقرّهم في دير سيدة يانوح، كانوا يعيشون عيشة تقشف ونسك، لا يعنيهم من شؤون الطائفة أكثر مما يعني اعيانها من تدبير الشؤون المدنية. وكان هؤلاء الزعماء يحمون هؤلاء الرؤساء الدينيين ويناضلون دونهم. ثم انتقل الكرسي البطريركي من يانوح إلى ميفوق».{في عام 1270} وتأسيسا على معطيات تاريخية عدة، فقد امكن القول، ان ضو الكبير الجد الأول لعائلة ضو، قد استقر في بلاد جبيل، ومنه تفرّعت العائلة وانتشرت جغرافيا في مختلف المقاطعات اللبنانية، خلال فترات تايخية متقطعة، وتعددت عقائديا وألقابا بحكم تأثير الظروف التي مرّت بها. لكن حركة انتشار الضويين في النزوح الثاني الذي عرفته اسرة ضو الكبير داخل لبنان، فقد بدأت من يانوح إلى لحفد وشننعير، وتزامنت مع احداث كبيرة حصلت في جبل لبنان والمنطقة، خلال الاعوام 1283 و1305 و1516 و1534 و1562. واما عائلة لحود التي تتفرّع من سعد بن ضو الكبير، فقد انتشرت في طورزيّا من قضاء جبيل، وبعبدات من قضاء المتن الشمالي، ووادي الدير، ووادي بنحليه من قضاء الشوف.
واما الدليل على استقرارهم وتفرّعهم ودورهم في كسروان فهو في ما جاء في الزجلية التاريخية للخوري عون كامل نجيم الغسطاوي (3361 ـ 6961): «وسنة الف وستماية اثنين وتسعين ربانية، خشّوا كسروان القبيعية، في سابع يوم من شباط كان... قتلوا الخوري من شننعير، وابن أبو ضو في قرب غزير، وواحد آخر كان اجير، خوري العرقتي من أهل كسروان...».قد استفاد المسيحيون من اجواء الاتفاق الذي حصل في نهاية القرن السابع، ما بين الإمبراطور البيزنطي والخليفة العباسي، اذ تمتع الموارنة بحريتهم الدينية التي ازدهرت في معقلها الأول حول مركز البطريركية في يانوح حتى بداية القرن الثاني عشر في عهد البطريرك يوسف الجرجسي. وفي هذه المنطقة شهدت الاسر المارونية، ومنها بنو ضو، نزوحا متتاليا، إثر انتقال البطريرك الماروني بطرس، من يانوح إلى دير سيدة ميفوق.
ويرجّح، ان أحد اجداد موسى بن غانم الجد الأول المعروف لآل ضو، توغّل في أعالي جبل لبنان، ونزل في بلدة المغيري، على غرار الاسر التي قصدت الجبل في اوائل القرن التاسع، وذلك من ضمن إحدى حلقات مسلسل الهجرات العربية والسريانية المسيحية منذ القرن السابع الميلادي ضو الكبير، توطّن إذا، بلاد جبيل، وبالتحديد المنطقة المعروفة بجبة المنيطرة التي كانت تمتد اداريا في العهود القديمة من تنورين حتى بسكنتا في ناحية كسروان الكبرى، وكان مركزها «حصن المنيطرة» قرب منابع نهر ابرهيم، حيث بشّر تلميذ مار مارون، القديس ابرهيم القورشي في اواخر القرن الرابع واوائل الخامس. وقد انضمّت هذه المنطقة إلى مناطق الانتشار الماروني، كوادي العاصي، ومنطقة قورش، وقنّسرين، وانطاكية وبلاد الروم، وكل الجبال الواقعة ما بين حلب شرقا وانطاكية غربا، وكذلك في مناطق دمشق وجبل سنير، بحسب تأكيد ابن البطريق (339 ـ 039 ميلادية) والمسعودي عام 659 ميلادية، وفي منطقة الرّها التي اشتهر منها العالم الماروني ثيوفيلوس الرهاوي مستشار الخليفة المهدي، الذي توفي عام 587 ميلادية. وهكذا عرفت تلك الفترة الممتدة من القرن السابع الميلادي إلى القرن الحادي عشر حركة ديموغرافية متبادلة ما بين سوريا ولبنان، حيث هاجرت بعض العائلات من سوريا إلى لبنان، وبالعكس. والمعروف ان اسرة ضو النبكية الاصل المتحدرة من موسى غانم، كان لها شأن واحترام لدى السريان عموما، وائمتهم خصوصا منذ عهد قديم، لكنهم، على ما يعتقد تخلوا عن طقسهم المتأثر بالسريان المونوفيزيين، قبل نزوحهم إلى لبنان، وانضموا إلى الموارنة الخلقيدونيين، إثر النزاع العقائدي، الذي حصل بين المسيحيين في النصف الثاني من القرن السابع، الذي اسفرت عنه هجرة مارونية إلى الجبل اللبناني.
حملات فتوح كسروان الثلاث
في الحملة الأولى
استفاد الشيعة من مناعة مناطقهم الجبلية في كسروان، وتمتّعوا باستقلال تامّ عمّن يجاورهم من الصليبين في المدن الساحلية، وعمّن يجاورهم جنوباً وشرقاً من مذاهب أخرى. وبعد استرجاع المدن الساحلية من أيدي الصليبيين تردّد الشيعة الكسروانيون بشأن الخضوع الكامل للسلطة الجديدة، ما دفع المماليك لاتّخاذ قرارٍ بتصفية الشيعة في كسروان، حيث يبدو واضحاً من خلال العديد من النصوص التاريخية أنّ ملك الأمراء لاجين المملوكي نائب دمشق أخبر عساكره وأتباعهم أنّه من نهب امرأة منهم كانت له جارية أو صبياً كان له مملوكاً، ومن أحضر منهم رأساً فله دينار. وقد وجّه قائده سنقر لاستئصال شأفتهم ونهب أموالهم وسبيهم مع ذراريهم، وكان ذلك عام 1285م. لكنّ الشيعة في كسروان تصدّوا لهذه الحملات المتتالية. في الحملة الثانية: تجدّد القتال سنة 1303م، فسارع المماليك إلى إرسال قوّة كبيرة إلى كسروان والجُبيليين، فوقعت معركة كبيرة عند مدينة جبيل، فحمل الكسروانيون على جيش المماليك، فقتلوا أكثره وغنموا أمتعته وأسلحته، وأخذوا أربعة آلاف من خيلهم، وهزموا الأكراد الذين قدِموا لنجدتهم. حاولت دولة المماليك أن تصلح الوضع بعد هزيمة جيشها على يد شيعة كسروان، ولعلّها أرادت بذلك أن تستفيد من هدنة ما، ريثما تعيد تنظيم الأمور والاستعداد لجولة قاصمة تستأصل من خلالها الوجود الشيعيّ في تلك الناحية.
وكانت تهمة الشيعة بنظر المماليك هي تعاونهم مع المغول بحسب بعض المؤرخين.فعمد ابن تيمية إلى إصدار فتوى بهدر دماء الشيعة الكسروانيين وهدم بيوتهم وحرق أشجارهم، وأنّ قتالهم (الكسروانيين) وقتال النصيرية (العلويين) أولى من قتال الأرمن، لأنّهم عدوّ في دار الإسلام، وشرّ بقائهم أضرّ. اما الحملة الثالثة فقد كانت أصل تسمية فتوح كسروانإذ ذكر المقريزي في كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ما يلي: وفي سنة 704 هـ:1304 م توجه شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية في ذي الحجة من دمشق ومعه الأمير بهاء الدين قراقوش المنصوري إلى أهل جبل كسروان يدعوهم إلى الطاعة فلم يجيبوا. فجمعت العساكر لقتالهم. وفي المحرم 705هـ 1305 م: سار الأمير جمال الدين أقوش الأفرم نائب الشام من دمشق في عساكرها لقتال أهل جبال كسروان ونادى بالمدينة: من تأخر من الأجناد والرجالة شنق. فاجتمع له نحو خمسين ألف راجل وزحف بهم لمهاجمة أهل تلك الجبال ونازلهم وخرب ضياعهم وقطع كرومهم ومزقهم بعدما قاتلهم أحد عشر يوماً وملك الجبل عنوة ووضع فيهم السيف وأسر ستمائة رجل وغنمت العساكر منهم مالاً عظيماً وعاد إلى دمشق في الرابع عشر من صفر فيما أطلق عليه لاحقاً اسم فتوح كسروان , هرب الشيعة من المنطقة إلى البقاع وجنوب لبنان وخاصة إلى جزين وانقلب بعض الشيعة إلى المسيحية،(كآل الهاشم*), وإلى السنه على المذهب الشافعي.
أمراء الأسرة المعنية
- تحولوا خلال حكم الفاطميين من سنّة إلى المعتقد الدرزي.
- فخر الدين الأول (ت 1544)
- قرقماز (ت 1585)
- فخر الدين المعني الثاني (ت 1635)
- علي (ت 1635)
- يونس
- ملحم (ت 1657)
- أحمد (ت 1697)
جاء في دائرة المعارف للبستاني: (بنو حمادة ، هم عائلةٌ مِن المتاولة مِن أعيان جبل لبنان ، ينسبون إلى حمادة العجمي اّلذي كان قد خرج على شاه العجم ، فسير إليه الشاه جيشاً فََقتل أصحابه ، ففر بعشيرته وأخيه أحمد إلى جبل لبنان ، ونزل الحصين ، ثم ذهب إلى قمهز ، ومن هناك تفرقت عشيرته في جبة المنيطرة ووادي علمات ، وسار أولاد أخيه إلى بلاد بعلبك ، وتولوا قرية الهرمل. أمّا الأسر الثلاثون المنتمية إلى الحمادية ، فهي كما تلقى ذلك في الهرمل المطران يوسف الدبس عن الشيخ محمد سعيد باشا هم: شريف ، الحاج يوسف ، ملحم ، زعيتر ، شمص ، ناصر الدين ، عواد ، دندش ، علوه ، جعفر ، المقداد ، حجولا ، قمهز ، خير الدين ، النمر ، نون ، الحاج حسن ، جنبلاط ، بلوط ، المستراح ، الحجل ، صفوان ، علام ، شقير ، بدير ، حيدر أحمد ، عمرو ، أبو حيدر ، همدر. وتنتمي هذه العشائر إلى عصبية عامة وموسعة، تعرف بالعشائر الحمادية. ثم تكررت الحملات على يد الدولة العثمانية وولاتها بعد استيلائاها على المشرق من يد المماليك، وكانت في الغالب تاديبا للحماديين على تمردهم. ومما ورد في الكتب المتناقَلة عن تأريخ فترة حكم آلحمادة للمنطقة أنّه في سنة 1641 م غضب وزير طرابلس على الحمادية ففروا مِن وادي علمات وبلاد جبيل. وسنة 1651 م طرد الشيخ سرحال حماده حسن آغا مِن عكار. وسنة 1654 م وّلى محمد باشا الكبرلي الشيخ أحمد محمد جبة بشرة ، واستخدم عنده الحاج سعد بن علي ، ثُم طرد الحمادية إلى أطراف الزاوية لتعديهم ، فقتلوا عبد الله بن قمر العاقوري في أرض عروات، وسلبوا عمائم القواسة واسلحتهم. وسنة 1659 م توّلى قبلان باشا على طرابلس ، فل ما بلغَ الحمادية أّنه مأمور بقصاصهم فروا إلى كسروان بعيالهم ، فهدم الباشا دورهم وقُرى وادي علمات.
أمراء الأسرة الشهابية
- كان الشهابيون مسلمين سنة. ولهذا السبب، لم يساندهم الدروز في حكمهم مما دفعهم للاعتماد على الموارنة. وتحولت الطبقة الحاكمة الشهابية إلى المارونية في القرن الثامن عشر ميلادي.
الاسم | فترة الحكم |
---|---|
بشير الأول | 1697 - 1707م |
حيدر | 1707 - 1732 |
ملحم | 1732 - 1754 |
يوسف | 1770 - 1788 |
بشير الثاني | 1788 - 1840 |
وسنة 1673 م وّلى حسن باشا الحمادية مقاطعاتهم ورفع عنهم أكلاف المال ، فطمعوا وتصرفوا بالمال نفسه ، وقتلوا أُناساً عند نهر رشعين ، ونهبوا تلك المقاطعات. وسنة 1674 م وّلى حسن باشا الشيخ سرحال حماده بلاد جبيل والبترون ، ولما حضر الشيخ أحمد قانصوه ليوّليه جبة بشرة قبض عليه لأّنه خرب البلاد ، وقبض على الشيخ محمد بن حسن ذيب ؛ لأّنه تصرف بمال الظنية وسنة 1675 م جهز حسن باشا عسكراً لطرد بني حمادة لتصرفهم بالمال الأميري ، فأرسل مدبره فطردهم إلى عين النقير اّلتي فوق أفقا حّتى فصل بينهم الظلام ، ثُم أحضر الشيخ أحمد بن محمد قانصوه وابن حسن ذيب وأمر أولاد عمهما أن يقتلوهما فقتلوهما ، ولما ذاع الخبر وثب جماعتهما على بلاد جبيل فنهبوا وقتلوا واحرقوا حصرايل ، ونهبوا قُرى البترون ومواشي حصرون وسنة 1676 م لما رجع حسن باشا مِن حرب تركمان البكدلة ، وبلغه مطاولة الحمادية أحرق لهم قُرى وادي علمات وقرى جبة المنيطرة ، ولما رجع إلى طرابلس أحرقوا قصوبا وتولا وعبدّلى وبزبينا وشفار وشبطين. لده الشيخ حسيناً بلاد البترون ، والشيخ حسين أحمد جبة بشرة ، وأمرهم أن يعطوا الأمان ويردوا النُزاح. وسنة 1684 م قَتل الحمادية أبا نادر شيخ مزرعة عكار وابن أُخت محمد باشا في حلبا ، ولما عزل محمد باشا مِن طرابلس هجمتْ الحمادية على القلعة وأخرجوا رهائنهم ، ودهموا عشقوت ليلاً وقتلوا مِن أهلها أحد عشر رجلاً ، فتقدمت الشكوى عليهم لوالي طرابلس ، فحنق منهم ووّلى الأمير أحمد المعني على مقاطعاتهم جميعها ، فتو جه الأمير أحمد إلى غزير بخمسة آلاف مقاتل ودهمهم ، ففروا إلى بلاد بعلبك ، فأحرق ايلج ولاساوافقا والمغيري وقطع أشجارهم ، فالتمس خواص الأمير الصفح عنهم ، وقفل راجعاً إلى الشوف مِن دون قبول خِلعةٍ مِن والي طرابلس على مقاطعاتهم. وسنة 1686 م لجأ إليهم الأمير شديد الحرفوش ، فأحرق علي باشا العاقورة وأربعين قريةً مِن قطيعتهم وقطع أشجارها ، ثُم دهم الحمادية العساكر عند عين الباطية وقتلوا منهم خمسةً وأربعين رجلاً وغنمواأسلابهم ، فحمل على جبيل ونكبها ، ولما عاد إلى طرابلس انحدر حزب الحمادية وأحرق قلعة جبيل، ونهب ما في المدينة.
وسنة 1691 م وّلى محمد باشا الحمادية ، فسّلم الشيخ حسين سرحال بلاد جبيل والبترون ، وابنه الشيخ إسماعيل الكورة ، والحاج موسى حمد الجبة ، وأولاد حسن ذئب الظنية ، وقويت شوكتهم بوفاة الشيخ أبي قانصوه فياض الخازن ، فقتلوا يوحّنا الأسود في الكورة ، ونهبوا العاقورة ومستغلات الكسروانيين مِن مينا جبيل وفي سنة 1692م (ص88): كَتب علي باشا اللقيس والي طرابلس إلى الأمير أحمد المعني يستنجده لطرد الحماديّة ضابطي الصيد عليه ، فقدِمتْ إليه الخوازنة بنحو ألف رجُل إلى ما فوق جبيل ، فلمّا علمتْ الحماديّة بهم فرّوا هاربين إلى بلاد بعلبك ، فمدتْ الرجال في أثرهم ، فهلك منهم في الثلج نحو مئةٍ وخمسين رجُلاً ، ولمّا وصلوا إلى قرية كفردان التمس الخوازنة مِن الوزير أنْ يكفّ العساكر عنهم فكفّها ، فرجع المشايخ إلى كسروان. ثُم أحرق قرية نيحا ونهب 13 ألفاً مِن ماعزهم ، ثُم أمر بهم فقُتل الشيخ حسين سرحال وثمانيةٌ مِن رفاقه. وسنة 1698 م أرسل ارسلان باشا عسكراً لقتال الحمادية لامتناعهم عن أداء المال الأميري ، فقبض العسكر على بعضهم بغتةً وسجنوا في طرابلس ، وفر من بقي منهم إلى دير القمر يستغيثون بالأمير بشير حسين الشهابي فأغاثهم ، والتمس إطلاق المأسورين منهم ، وكفل المتأخر واّلذي ترّتب عليهم عقاباً ، فردهم الباشا وفوض توليتهم إلى الأمير بشير ، فو ّ لاهم وقبض المال منهم. وسنة 1759 م طرد أهل جبة بشرة أولاد الشيخ أحمد ، فخلفهم فيها المشايخ يوحّنا الظاهر وعيسى الخوري ، وفي إهدن جرجس بولس الدويهي ، وفي حصرون أبو سليمان عواد ، وغيرهم في غيرها ، فأتى أولاد الشيخ أحمد إلى بلاد جبيل ، فضبط الأمير يوسف الشهابي جميع أرزاقهم وسنة 1761 م سارتْ الحمادية بألَفي مقاتل إلى الجبة ، فالتقاهم أهلها إلى بشرة وقاتلوهم ثماني ساعات، فكسروهم وقتلوا منهم اثني عشر رجلاً وسنة 1770 م قَبض الأمير يوسف الشهابي الوالي على بعض الحمادية ، فالتجأ أقاربهم إلى وزير طرابلس فأمدهم بعسكر فأتوا إلى بزيزا ، فسار إليهم الأمير برجاله وانتشب القتال بينه وبينهم في أميون فانكسروا وحضر فرقةٌ منهم في برجٍ أسفل القرية ، وقتل منهم جماعةً ثُم سّلموا ، وكان الباشاوات والأُمراء يطاردونهم ويؤدبونهم على أعمالهم ؛ فتلاشت قوتهم. هذا ما كتُب عن المشايخ الحمادية في كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان للشيخ طنوس الشدياق المطبوع سنة 1859.وفي سنة 1771م (ص104): لمّا دهمتْ الحماديّة الأمير بشير حيدر الشهابي في العاقورة وهو يَجبي المال الأميري أرسل الأمير يوسف الشهابي مُدبّرَه الشيخ سعد بعساكر مِن المغاربة ومِن رجال بلاده ، فأدرك المتاولة في دير بعشتار ، فغار عليهم بمَن اجتمع إليه مِن تلك البلاد ، وحاربهم مِن الظُهر إلى المساء فظفرَ بهم وفرّ الباقون بالذلّ ، فسار خَلفهم يطرهم إلى القلمون ، فأهلك فيهم نحو مئة رجلٍ ، وقبضَ على الشيخ أبي النصر حمادة وعاد راجعاً ، فقُتل مِن عسكره نَفَران.
النزوح
اقام ال حبيش في يانوح ، على ان خلافات وقعت بين المشايخ الحبيشيين وجيرانهم الشيعة ، افضت إلى الرحيل عن البلدة ، فنزلوا«غزير». بعد معركة مرج دابق 1516، التي انتهت بانتصار السلطان العثماني سليم الأول، ومصرع قانصوه الغوري وكيف كان ، فإنّ الظاهر أنّ الحماديّة كانت لهم أحكام إقطاعية في عهد المماليك ، وأنّ السلطان سليم أقرّهم عليها كما أقرّ غيرهم مِن حكّام الإقطعات الأُخرى في الديار الشاميّة.
ما كَتبهُ المطران يوسف الدبس في تاريخ سورية عن الحماديّة
(م 7 ص34 سنة 1590م) بعد انقراض الأُمراء العسافيّين التركمان على يد الأمير يوسف باشا سيفا ، واستيلائه على أملاكهم وأخذه أموالهم ، وتزوّجه بأرملة الأمير محمّد آخر أُمرائهم ، وقبضه على أبي يونس وأبي سعد منصور حبيش وقتلهما ونهب دارهما أقام بالنيابة عوضهما أبناء حمادة ، فانتقلوا مع يوسف باشا مِن غزير إلى طرابلس ، وأوجس يوسف باشا مِن آل حمادة فألقى الفتنة بينهم وبين المستراحيّة الّذين كانوا بجبة المنيطرة ، وكانوا مِن انساب آل حمادة ، فقَتل قانصوه حمادة أُناساً مِن المستراحيّة في طرابلس ، ثُمّ قَتل منهم بعضاً كانوا يسكنون بكفر صلدا ، وصعد إلى المنيطرة
جاء في كتاب «تاريخ الازمنة» للعلامة البطريرك «اسطفان الدويهي» ما نصه: «وفي سنة 1516، قدم الشيخ «حبيش» بن موسى بن عبد الله بن مخايل مع عياله من يانوح، إلى غزير كسروان واستوطنوها. سنة 1572، صدرت الأوامر من السلطان سليم تقضي بتوزيع واحد وعشرين الف سلطاني على البلاد اسعافاً للعسكر العثماني المحاصر لــ «قبرص» وبالاستيلاء على جميع الكنائس والأديرة ووقوفات النصارى بأسرها ، وتملكها أو بيعها ، فاغتاظ النصارى ، واحزنهم ان يذهب هدراً ما جمعه آباؤهم بعرق الجبين ، فعجزوا عن المحافظة عليه. فعرض بهم وذلوّا ، واشتهى الكثيرون منهم الموت. ولم ينج من هذه المصادرة سوى رزق دير «قنوبين»
النزوح نحو الهرمل في القرن 18
في القرن 18 كانت مناطق جبيل والبترون والزاوية تخضع للنظام المقاطعجي الذي كان سائدا في جبل لبنان، وكانت المشيخة خاضعة لسلطة والي طرابلس، فتجمع له الضرائب من الفلاحين. حكمت المشيخة الحمادية تلك المناطق لقرون قبل ان تتلقى ضربة قاضية على يد الأمير يوسف الشهابي سنة 1770، أزالت نفوذها نهائياً من مناطق الجبل.
في بداية الأمر نسجت المشيخة الحمادية علاقات طيبة مع الامارة الشهابية، الا انها لم تعمر طويلاً بسبب سياسة الشهابيين في توسيع نفوذهم، ونتيجة تلكؤ الحماديين في تسديد الضرائب بانتظام إلى والي طرابلس الذي كان يساهم إلى حد بعيد في تأجيج الصراع ضدهم. بدأت مسيرة الصراع بين الطرفين تشتد حيناً وتفتر حيناً آخر، إلى أن جاء الأمير يوسف الشهابي، وتسلم زمام الأمور فجيش حملة على الحماديين، ودارت معارك بين الجانبين هزم فيها «المتاولة» بالرغم من مساندة والي طرابلس لهم في تلك الفترة.
بدأ مع هذه الهزيمة نزوح الحماديين نحو المناطق الشرقية من سلسلة لبنان الغربية، فانتشروا من بلدة شمسطار جنوباً حتى الهرمل والمناطق الجردية المجاورة لها شمالاً.
لم يحصل النزوح دفعة واحدة، بل كان يتم على دفعات متتالية استمرت بوتائر مختلفة حتى أيام الأمير بشير الثاني، وقد استقر الحماديون النازحون في بلدة الهرمل، اما الوحدات القرابية الأخرى، فقد اتخذت من الجرد موطناً أصلياً لها.
النزوح السوري إلى المغيري
مع بداية الحرب في سوريا في في منتصف شهر آذار (مارس) عام 2011 بدأت تدريجبا حملة نزوح نحو لبنان بوتيرة تسارعت ولم تتوقف حتى اليوم .على الرغم من الحالة الا قتصادية الخانقة في للبنان.مع ملاحظة ان فصلي الربيع والصيف في الأيام الماضية كانا يشهدان وفود يد سورية عاملة مرحب بها، خاصة في أعمال البناء والزراعة.فكان هؤلاء الوافدون يعملون لمدة معينة وغالبا تنتهي بعودتهم إلى بلادهم وعائلاتهم، وكانت اجورهم تغري ارباب العمل فهي زهيدة ومطلوبة وتسد حاجات السوق المحلية. ولكن الأمور اختلفت عندما وفد على البلاد اعداد كبيرة من العائلات وليس فقط من العمال، بل من النساء والأطفال فضلا عن جيل جدبد لا يعرف بلاده أصلا.مما فاقم الازمة الديموغرافية الهوة الاجتماعية التي تفصل بين المجتمعي السوري واللبناني عموما ومجتمع جبل لبنان خصوصا.امتلات القرى للمرة الأولى في تاريخها باغراب عن مجتمعاتها، ولم تعد الجاليات النازحة حتى بعد ان همدت أو كادت الحرب السورية. فتمسك الوافدون باماكن تواجدهم وبلغ عدد النازحين اضعاف عدد أهل القرى المحليين. ونالت قرية المغيري ما ناله جيرانها من التغيير السكاني الفريد في طبيعته. ويتنامى عدد هؤلاء على مر الساعة وتخلى الناشئون منهم عن الخدمة الإجبارية النظامية في جيش بلادهم طوعاً مما يعتبر فرارا يترتب عليه هروبا دائما لا محدود، ويعمل هؤلاء النازحون صيفا ولا عمل جدي خلا هذا الموسم.
المصادر
المراجع
- <*1> كتاب «تاريخ الازمنة» للعلامة البطريرك «اسطفان الدويهي»
تاريخ ألازمنة بالعربية تاريخ، منشور تبدأ أحداثه من تاريخ ظهور الإسلام عام 622 م وتنتهي عام 1686م نشره لأول مرة وعلّق على حواشيه األاباتي بطرس فهد، جونيه، لبنان هذا المخطوط موجود في بكركي تحت رقم 136و 137 ل.
- كتاب تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني (سليمان ضاهر).
- كتاب تاريخ الشيعة في لبنان (سعدون حمادة)
- دائرة المعارف للبستاني
- كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان للشيخ طنوس الشدياق المطبوع سنة 1859.
- المقريزي كتاب - السلوك لمعرفة دول الملوك.
- كتاب «سوريا اليوم» للدكتور «لويس لورته عميد معهد الطب في ليون»، كتاب مشاهدات في لبنان سنة 1875 و 1880
- مارون عبود كتاب «صقر لبنان»
- العينطوريني، انطونيوس ابي خطار أرّخ الأحداث باللغة العامية الركيكة.
- المطران يوسف الدبس في كتاب تاريخ سورية
- مؤلّف: الجامعة الضويّة صفحات تاريخية من لبنان الكيان 1997. للدكتور طوني ضو.
- كتاب «تاريخ لبنان» الحديث للمؤلف كمال الصليبي (بالإنكلبزبة:The Modern History of Lebanon) نشر لندن.1965
- بوابة تجمعات سكانية
- بوابة جغرافيا
- بوابة لبنان