بنو قسي

بنو قسي هي أسرة من مولدي الأندلس، حكمت مناطق واسعة في الثغر الأعلى في حوض نهر إبرة في القرن التاسع الميلادي، حتى دانت لهم في عهد موسى بن موسى مدن سرقسطة وناجرة وبقيرة وقلعة أيوب وتطيلة ووشقة وطليطلة برجة ولوكروني وطرسونة وأرنيط وقلهرة، فعدّهم بعض المؤرخين أصحاب المملكة الثالثة في أيبيريا، قبل أن يسقطوا نهائياً في الربع الأول من القرن العاشر الميلادي، نتيجة صراعاتهم الداخلية وتغير موازين القوى العسكرية في تلك المنطقة.

بنو قسي
دولة بني قسي - طائفة بني قسي
226 هـ  312 هـ
المناطق الخاضعة لسيطرة بني قسي حتى عام 228 هـ/842 م (اللون الزهري)
المناطق التي أضافها موسى بن موسى لسيطرة بني قسي (اللون البنفسجي)
أقصى امتداد لمناطق بني قسي (اللون اللبني).

عاصمة تطيلة
نظام الحكم غير محدّد
اللغة العربية، المستعربية
الحاكم
موسى بن موسى 226 - 248 هـ (840 - 862م)
لب بن محمد 285 - 294 هـ (898 - 907م)
التاريخ
تمرد موسى بن موسى على الدولة الأموية في الأندلس 226 هـ
جيش عبد الرحمن الناصر لدين الله يستأصل بني قسي من تطيلة نهائيًا 312 هـ

اليوم جزء من  إسبانيا

نبذة عنهم

تنحدر الأسرة من نبيل إسباني أو قوطي يدعى قسي،[1] كان حاكمًا للثغر الأعلى في عهد القوط، وبعد الفتح الإسلامي للأندلس رحل إلى دمشق وأسلم على يدي الخليفة الوليد بن عبد الملك، وأصبح من موالي بني أمية.[2] وظلوا كذلك في بداية حكم الأمويين في الأندلس حتى عهد الحكم الربضي.[3]

أسس بنو قسي منطقة حكم شبه ذاتي في مناطق من الثغر الأعلى، بين الأراضي الخاضعة لسلطة مملكة أستورياس في الشمال، والدولة الأموية في الأندلس في الجنوب، التي كان بنو قسي خاضعين لهم إسميًا. وعلى مدى قرنين من الزمان، ظل بنو قسي يغيرون ولائهم وتحالفاتهم حسب مصالحهم الشخصية؛ فكانوا يتحالفون مع بشكنس بنبلونة، أو مع الأراغونيين في الشمال، أو أسر المولدين الأخرى في وادي نهر أبرة كبني الطويل، وأحيانًا ينقادون لسلطة الأمويين. وعلى الرغم من كونهم مسلمين، إلا أنهم كانوا يتزاوجون مع نبلاء البشكنس المسيحيين في كثير من الأحيان. فكان موسى بن موسى وإنيغو أريستا زعيم البشكنس إخوة غير أشقاء من جهة الأم،[4] بل وزوّج ابنته أورية من غارسيا إنيغيز وبنات أخيه لأمراء من البشكنس.[2] وتجلّى ذلك التناقض في أسماء بني قسي، فتسمّوا بالأسماء العربية كمحمد وموسى وعبد الله، واللاتينية كأورية ولُبّ، والبشكنسية كغرسية.

استخدم الأمويون بني قسي كولاة مرارًا، كما وجهوا العديد من الحملات لإخضاعهم عندما كان يبدر منهم نزعات للتمرد والعصيان، وهو يعد نوعًا من الفشل من قبل الأمويين في إيجاد حلاً ناجعًا لنزعات تلك الأسرة للخروج على السلطة المركزية للدولة الأموية في قرطبة.

بداية ظهورهم

كان جدهم قسي يحكم شريطًا ضيقًا من الأراضي حول نهر أبرة قرب تطيلة،[5] وقد كان له من الأبناء فرتون وأبو ثور وأبو سلامة ويونس ويحيى.[2] وكان ولده أبي ثور واليًا على وشقة في عهد عبد الرحمن الداخل، وقد وفد على بنبلونة ودعا شارلمان لغزو سرقسطة عام 161 هـ/778 م، وقدم أخاه وولده رهائن لدى شارلمان لإثبات مصداقيته.[6] كما راسل أبو ثور لويس الورع ملك أكوتين يدعوه للتحالف عام 790 م.[7] أما الذين لمعوا من تلك الأسرة بعد ذلك، فكانوا من أبناء الابن الأكبر فرتون، وأولهم «موسى بن فورتون» الذي قتل عام 186 هـ/802 م، بعد أن ثار على الأمير الحكم الربضي في سرقسطة.[8] ثم ظهر ابنه موسى بن موسى الذي بلغت الأسرة في زمنه أوج قوتها.

موسى بن موسى

موسى بن موسى يعد المؤسس الحقيقي لتلك الأسرة، والذي سيطر على مناطق واسعة في الثغر الأعلى.

كان موسى بن موسى على طاعة الأمير عبد الرحمن الأوسط حتى عام 226هـ/840م، عندما هاجم عبد الله بن كليب والي سرقسطة أراضي أخي موسى غير الشقيق إنيغو أريستا، كما هاجم عامر بن كليب والي تطيلة أملاك موسى، فتحالف موسى مع أخيه، وقادا تمردًا على الأمير.[4] فسار عبد الرحمن في عام 228 هـ، بحملة أخضعت موسى الذي طلب الأمان، فأجازه عبد الرحمن، وولاه أرنيط،[9] واجتاح عبد الرحمن بنبلونة.[10] ومن خلال تمرداته المتوالية ثم خضوعه للسلطة، استطاع موسى السيطرة على المنطقة الواقعة على طول نهر أبرة من بورخا إلى لوكروني، بما في ذلك تطيلة وطرسونة وأرنيط وقلهرة.

ومع وفاة إنيغو أريستا وعبد الرحمن الأوسط عام 238 هـ، وانتصار موسى على قوات الممالك المسيحية في معركة البيضاء، تعاظمت قوة موسى، وخاصة بعدما ولاه الأمير محمد بن عبد الرحمن على سرقسطة والثغر الأعلى.[11] وعلى مدى العقد التالي، ضم موسى ناجرة وبقيرة وقلعة أيوب لنطاق سيطرته، إلى جانب تطيلة ووشقة وطليطلة، مما جعل المؤرخون المسيحيون يعتبرونه «الملك الثالث في إسبانيا». غير أن هزيمته في عام 859 م، أمام تحالف قوات أردونيو الأول ملك أستورياس وغارسيا إنيغيز ملك نافارا في مونت لاتورثي.[12] استغل الأمير محمد على ضعف موسى، وعزله عن ولايته واستعاد سيطرة قرطبة على الأراضي التي سيطر عليها موسى. توفي موسى في عام 248 هـ/862 م متأثرًا بجروحه في معركته مع زوج حفيدته ابن سالم البربري،[11] واختفت الأسرة من المشهد السياسي لعشر سنوات.[13]

أبناء موسى

بعد موت موسى عام 248 هـ/862 م، ثار ابنه لب في أرنيط عام 257 هـ/871 م، وتحالف مع غارسيا إنيغيز، وسيطر على الثغر الأعلى وخلع عمال الأمير محمد بن عبد الرحمن، وولى أخويه فرتون على تطيلة، والمطرف على وشقة، واحتفظ لنفسه بسرقسطة. لم يمض وقت طويل، حيث مات لب في حادث صيد قرب بقيرة، ودفن بها في 17 رجب 261 هـ/27 أبريل 875 م.[14] وكان إسماعيل بن موسى قد دخل سرقسطة في 7 ربيع الأول 258 هـ/22 يناير 872 م، قبل أن ينضم إليه أخاه لب بعد يومين، ثم ضم إسماعيل حصن مُنتشون في 12 ربيع الأول من العام نفسه. فأرسل له الأمير بحملة عسكرية فر منها إسماعيل إلى لاردة، ثم قبض عليه عبد الله بن خلف والي بربطانية، وسلّمه للأمير عام 259 هـ. ثم أطلقه الأمير بعد مدة قصيرة، فلجأ إلى حصن منتشون، وصاهر بني خلف فتزوج من السيدة بنت عبد الله بن خلف، ثم غدر بهم وقتلهم وسيطر على حصون بربطانية وبربشتر والقصر. فأرسل له الأمير محمد الحملة تلو الأخرى إلى أن سحق جيش المنذر بن محمد والقائد هاشم بن عبد العزيز دفاعات سرقسطة عام 268 هـ/882 م، ففر منها إسماعيل.[15] بينما ظل فرتون بن موسى يحكم تطيلة، حتى وفاته في جمادى الأول 260 هـ/مارس 874 م.[16]

كان رد الأمير محمد الفوري للحد من محاولات بني قسي للتوسع، بوضع أسرة منافسة لهم وهو بنو تجيب أصحاب قلعة أيوب، التي كانت من سابقًا من الأراضي التي سيطر عليها أباهم موسى بن موسى. وفي العام التالي 873 م، أرسل الأمير محمد حملة نحو الشمال لقتال المتمردين، بدءً بطليطلة التي صالحه أهلها على الولاء.[17] شجع ذلك عمروس بن عمر على تقديم ولائه للأمير، فكاتب عمروس أهل وشقة على تسليمه المطرف وبنيه، فأجابوه إلى ذلك، فأسر المطرف وأولاده وزوجته بيلاسكيتا ابنة غارسيا إنيغيز ملك نافارا، وأرسلهم إلى قرطبة، حيث أمر الأمير بصلب المطرف وأولاده الثلاثة محمد وموسى ولب في 8 ذي القعدة 259 هـ/4 سبتمبر 873 م، وكافأ الأمير عمروس بتوليته وشقة.[18] ولم يبق من رجال الأسرة الأقوياء سوى إسماعيل بن موسى في منتشون، ومحمد بن لب بن موسى الذي برز اسمه للمرة الأولى كأحد متمردي سرقسطة على سلطة الإمارة.

محمد بن لب

حصن منتشون أحد الحصون التي سيطر عليها بنو قسي.

في العقد التالي، وبعد وفاة أبيه وعميّه، أصبح محمد بن لب زعيمًا للأسرة، بدأ ظهوره بثورته في سرقسطة عام 260 هـ، فأرسل له الأمير جيشًا بقيادة هاشم بن عبد العزيز الذي ابتاع المدينة من محمد بن لب نظير خمسة عشر ألف دينار. فخرج منها محمد بن لب الذي ولاه الأمير على أرنيط وطرسونة وجريش.[19] وبعد وفاة الأمير محمد، لجأ الأمير الجديد المنذر بن محمد، إلى تولية بني تجيب سرقسطة ومحمد الطويل وشقة، لإحداث توازن قوى في المنطقة.[20] وبعد أن تمكن إسماعيل بن موسى من لاردة، أعد محمد الطويل كمينًا لجيش بني قسي الذي قاده ابني إسماعيل موسى والمطرف، فقتل موسى وثلاثمائة من جنوده، وأسر المطرف.[21] ثم بلغ الصراع على السلطة داخل أسرة بني قسي ذروته عام 270 هـ/884 م، عندما قاتل محمد بن لب بن موسى بالقرب قلهرة، قوة من 7,000 رجل بقيادة عمه إسماعيل بن موسى وابن عمه إسماعيل بن فرتون بن موسى، وانتهت المعركة بمقتل أربعة من أبناء فرتون،[22] وأسر عمه إسماعيل بن موسى، حتى سلّم له سرقسطة وتطيلة وبلتيرة، ثم أطلق عمه إلى حصن منتشون الذي ظل به حتى وفاته في 10 جمادى الآخرة 276 هـ/9 أكتوبر 889 م.[23]

بعد وفاة إسماعيل بن موسى، طلب الطويل من الأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن أن يولّيه على مناطق بني قسي، إلا أن الأمير ولّى محمد بن لب بن موسى القسوي مكان عمه إسماعيل.[24] فأصبح بذلك محمد بن لب بلا منازع زعيمًا لبني قسي، وسيطر على معظم أراضيهم. وفي عام 273 هـ/886 م، شن محمد بن لب هجومًا على ألبة والقلاع، حقق فيها بعض الانتصارات،[25] قتل فيها دييغو رودريغيز كونت قشتالة.[26]

وفي 276 هـ/890 م، ضرب محمد بن لب حصارًا استمر لأعوام على سرقسطة في محاولة منه للتوسع على حساب بني تجيب حكام تلك المدينة.[27] وفي عام 293 هـ/897 م، تمرد أهل طليطلة، وعرضوا على محمد بن لب أن يتولى مدينتهم، ولكن نظرًا لانشغاله بحصار سرقسطة، أرسل لهم إبنه لب.[28] وفي 12 رمضان 285 هـ/2 أكتوبر 898 م، وبينما كان محمد بن لب يستطلع أمر سرقسطة، أمسكه أحد الحراس، وطعنه برمحه وإحتز رأسه،[29] وأرسلها لبني تجيب الذين أرسلوها لقرطبة، حيث عُلّقت أمام القصر لثمانية أيام قبل أن تدفن.[30]

لب بن محمد

وفي عام 283 هـ/896 م، اشتبك الطويل مع قوات بني قسي بقيادة لب بن محمد بن لب التي كانت في طريقها لحصن منتشون، إلا أن لب استطاع هزيمة قوات الطويل وأسر أخيه فرتون بن عبد الملك.[31] وفي ذي الحجة 283 هـ/يناير 897 م، وجهه أبوه إلى طليطلة، ليتسلم قيادتها بعدما عرض أهلها ذلك على أبيه محمد بن لب.[32] ثم شن هجومًا نحو الشرق على أره، أدى إلى مقتل ويلفريد البرشلوني.[33] وبعد عودته إلى طليطلة عام 898 م، توجّه إلى جيان بأمر من أبيه للتحالف مع عمر بن حفصون، وقبل أن يصلها جائته أنباء وفاة والده تحت أسوار سرقسطة.[28]

بعد وفاة أبيه، أرسل لب بن محمد للأمير عبد الله بن محمد يطلب منه توليته تطيلة وطرسونه، فأجابه الأمير إلى ذلك. وبحلول عام 900 م، تحالف ألفونسو الثالث مع فرتون غارسيز ملك نافارا لمهاجمة طرسونة التي كانت تحت سيطرة لب؛ غير أن لب قاد المدافعين عن المدينة لصد الهجوم بنجاح. وفي عام 285هـ/898م، انتهز الطويل فرصة وفاة محمد بن لب، فسار بالمدد لحلفاءه من بني تجيب في سرقسطة، وأغار على قوات بني قسي.[34] إلا أن لب بن محمد حين علم بذلك، تحرك بقوة قرب وشقة، وأعد كمينًا لمحمد الطويل، وهزمه وأسره،[35] وأجبره على التنازل عن بربشتر والأراضي الواقعة بين وشقة ومنتشون، ودفع فدية قدرها 100,000 دينار، وترك ابنه عبد الملك وابنته السيدة وبعض بني عمومته كرهائن لضمان تسليم المال. ثم تزوج لب بن محمد من السيدة بنت محمد الطويل، وتنازل له عن نصف الفدية.[35]

وفي عام 290 هـ/903 م، ثارت طليطلة مجددًا على الأمويين، وسألوا لب أن يتسلم المدينة، فبعث شقيقه المطرف، الذي جعلوه حاكمًا عليهم حتى عام 293 هـ/906 م، عندما اغتاله محمد بن إسماعيل بن موسى، وتولى مكانه، والذي قتله أهل المدينة بعد ذلك.[36] هاجم ألفونسو أراضي لب مرة أخرى، لكنه أجبر على فك الحصار والعودة، بعدما هاجم لب بقواته ألبة. عندئذ، تحوّل لب إلى مهاجمة بليارش، واجتاحها وأسر الآلاف، بما فيهم إيسارنو ابن ريموند كونت بليارش، الذي ظل أسيرًا في تطيلة لعشر سنوات.[37]

وفي عام 905 م، تحالف ملك أستورياس مع كونتي أراغون وبليارش، بزعم معاقبة لب بن محمد، لتخطيطه لانقلاب في نافارا، صعد بسانشو الأول إلى العرش مكان فرتون غارسيز. بعد ذلك بعامين، شن لب هجومًا على بنبلونة، ودارت معركة مع البشكنس في ليدنا في 18 ذي الحجة 294 هـ/30 سبتمبر 907 م، أدت إلى هزيمة قوات بني قسي هزيمة قاسية، ومقتل لب بن محمد.[34] كانت تلك المعركة نقطة تحول في موازين القوى في تلك المنطقة، حيث أدت لظهور سانشو الأول كقوة إقليمية كبرى، في حين بدأ التراجع النهائي لبني قسي.

السقوط والنهاية

بعد مقتل لب، استولى منافسي بني قسي على أراضيهم، فهاجم سانشو قلهرة، وكسر بنو تجيب حصار سرقسطة الذي دام لأعوام، واستولوا على إيخيا دي لوس كاباييروس.[38] واستعاد محمد الطويل الأراضي التي قد كان خسرها، ووصل إلى أقصى امتداد وصل إليه بنو الطويل شرقًا باستيلائه على بربشتر ولاردة. وسيطر يونس بن محمد شقيق لب على منتشون ولكن لفترة وجيزة حيث استولى عليها محمد الطويل.[39] أما غربًا، فقد خلف عبد الله بن محمد بن لب شقيقه لب على تطيلة عام 294 هـ/906 م.[24] وفي عام 911 م، تحالف عبد الله مع محمد الطويل وغاليندو أثناريز الثاني كونت أراغون، لمهاجمة بنبلونة. وبعد أن دمروا عددًا من القلاع ثم انسحبوا،[40] فلحقهم سانشو،[41] ففر الطويل، وهزم غاليندو وأجبر على الاعتراف بسيادة سانشو على أراضيه، وإنهاء الحكم الذاتي لأراغون. ذكرت المصادر العربية أن عبد الله انتصر في تلك المعارك، ولكنه لا يعدو أن يكون انتصارًا تكتيكيًا، حيث انسحب على الفور نحو الجنوب.[41] وفي عام 914 م، هاجم سانشو أراضي بني قسي، واستولى على أرنيط وهاجم قلهرة.[42] في 4 محرم 303 هـ/19 يوليو 915 م، هاجم سانشو تطيلة، وأسر عبد الله، وقتل ألفًا من رجاله، وفر ابنه محمد بن عبد الله إلى حصن بلتيرة.[43] فهرع المطرف بن محمد بن لب، شقيق عبد الله، لفك حصار المدينة وتولى مكانه،[44] وأعلن ولائه للأمير عبد الرحمن بن محمد، ثم قتله ابن أخيه محمد بن عبد الله بن محمد في 23 رمضان 303 هـ/30 مارس 916 م في تطيلة، وقيل استدرجه لحصن بلتيرة وقتله هناك.[45] أما عبد الله، فقد افتدى نفسه من سانشو بتركه ابنته وابنه فرتون رهائن عند سانشو. ورغم ذلك، لم يمض شهران حتى مات عبد الله مسمومًا في تطيلة، قيل بمكيدة من سانشو.[43]

بعد وفاة محمد بن عبد الملك الطويل عام 913 م، دعا أهل لاردة محمد بن لب بن محمد بن لب بن موسى ليتولى مدينتهم فدخلها في 24 محرم 310 هـ/24 مايو 922 م، ثم ضم حصون منتشون وبربشتر وبلغي. وفي 17 صفر 315 هـ/22 أبريل 927 م، أخرجه أهل لاردة من مدينتهم، وسلموها إلى بني تجيب. فلجأ محمد إلى حصن أره، فحاصره هاشم بن محمد التجيبي إلى أن بلغه أن خيمينو غارسيز متوجهًا لمهاجمة أراضيه، فانصرف عن حصار أره. ثم خرج منه إلى وشقة عام 316 هـ، إلى أن دعاه صهره ابن ريموند الأول كونت بليارش للحاق به في بليارش، فلما استقر عنده، غدر به ابن ريموند وقتله في جمادى الآخر 317 هـ/يوليو 929 م.[46]

منذ وفاة لب بن محمد عام 907 م، وأصبح بنو قسي مفككين وضعفاء في مواجهة قوى الشمال والغرب، حيث أدى التحالف بين أردونيو الثاني ملك ليون وسانشو الأول ملك نافارا إلى تكوين جيش قوي اجتاح أراضي بني قسي حول بقيرة وناجرة وتطيلة عام 918 م، ثم بعث الخليفة الأموي القوي عبد الرحمن الناصر لدين الله جيوشه شمالاً لمواجهة الجيوش المسيحية.[47] وفي العام التالي، هاجم اثنان من قادة بني قسي هما محمد بن عبد الله ومحمد بن لب، بني الطويل في بربشتر، فاستغل سانشو الفرصة وتحالف مع ابن عمه برنارد كونت ريبزوغا وبني الطويل، وهاجم وأحرق منتشون، التي فقدتها بنو قسي مجددًا.[48] وفي عام 12 محرم 310 هـ/12 مايو 922 م، شن الحلفاء المسيحيون هجومًا آخر نحو الجنوب، بينما شكل محمد بن عبد الله حلفًا مع المطرف بن موسى ويحيى بن ذي النون لمقاومتهم، إلا أنهم هزموا، وسقطت بقيرة وناجرة، وأسر محمد. ثم قتل محمد بأمر من سانشو في عام 311 هـ/923 م.[45] وفي العام التالي، استئصل جيش عبد الرحمن الذي كان عائدًا من غزو الممالك المسيحية بني قسي من تطيلة، وسار بهم إلى قرطبة، ونصّب عبد الرحمن بني تجيب ولاة على أراضيهم.[49]

شجرة نسب بنو قسي

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
قسي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
يحيى
 
 
 
يونس
 
 
 
فرتون
 
 
 
أبو ثور
 
 
 
أبو سلامة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
موسى
 
 
 
 
زاهر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
موسى
 
 
 
 
المطرف
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
إسماعيل
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
فرتون
 
 
 
 
لب
 
 
 
 
 
المطرف
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
محمد
 
المطرف
 
موسى
 
 
إسماعيل
 
 
 
 
محمد
 
المطرف
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
موسى
 
محمد
 
لب
 
 
 
عبد الله
 
يونس
 
لب
 
المطرف
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
فرتون
 
 
 
محمد
 
 
محمد
 
 
 

انظر أيضًا

المراجع

  1. Warwick Ball (2009)، Out of Arabia: Phoenicians, Arabs, and the discovery of Europe، East & West Publishing، ص. 117–122، ISBN 978-1-907318-00-9، مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2016، اطلع عليه بتاريخ 30 مارس 2013.
  2. ابن حزم1 1982، صفحة 502
  3. ابن القوطية 1989، صفحة 70
  4. العذري -، صفحة 29
  5. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 12
  6. عنان 1997، صفحة 174
  7. عنان 1997، صفحة 227
  8. العذري -، صفحة 27 ذكر العذري أن اسمه فرتون بن موسى، وهو ما لا يتفق مع شجرة النسب التي ذكرها بالتفصيل ابن حزم في كتابه جمهرة أنساب العرب
  9. العذري -، صفحة 27
  10. ابن عذاري 1980، صفحة 87
  11. العذري -، صفحة 30
  12. عنان 1997، صفحة 298
  13. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 12-41
  14. العذري -، صفحة 31
  15. العذري -، صفحة 32-34
  16. العذري -، صفحة 35
  17. عنان 1997، صفحة 301
  18. العذري -، صفحة 63
  19. العذري -، صفحة 35-36
  20. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 59-63
  21. أبا الخيل 1995، صفحة 190
  22. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 56-58
  23. العذري -، صفحة 34
  24. عنان 1997، صفحة 342
  25. عنان 1997، صفحة 318
  26. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 59
  27. أبا الخيل 1995، صفحة 184
  28. عنان 1997، صفحة 336
  29. العذري -، صفحة 36
  30. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 67-68
  31. أبا الخيل 1995، صفحة 191
  32. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 66-67
  33. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 67
  34. العذري -، صفحة 37
  35. العذري -، صفحة 65
  36. عنان 1997، صفحة 340
  37. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 73
  38. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 77
  39. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 77-79
  40. عنان 1997، صفحة 343
  41. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 79-80
  42. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 80
  43. العذري -، صفحة 38
  44. عنان 1997، صفحة 363
  45. العذري -، صفحة 39
  46. العذري -، صفحة 40
  47. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 85
  48. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 85-86
  49. Cañada Juste, "Los Banu Qasi", 88-89

المصادر

  • ابن القوطية, أبو بكر محمد بن عمر (1989)، تاريخ افتتاح الأندلس، دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت، ISBN 977-1876-09-0.
  • ابن حزم, علي (1982)، جمهرة أنساب العرب، دار المعارف، القاهرة، ISBN 977-02-0072-2. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |تجاهل خطأ ردمك= تم تجاهله (مساعدة)، تأكد من صحة |isbn= القيمة: checksum (مساعدة)
  • ابن عذاري, أبو العباس أحمد بن محمد (1980)، البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب، دار الثقافة، بيروت.
  • العذري, أحمد بن عمر بن أنس (-)، نصوص عن الأندلس من كتاب ترصيع الأخبار وتنويع الآثار، والبستان في غرائب البلدان والمسالك إلى جميع الممالك، منشورات معهد الدراسات الأسلامية في مدريد. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  • عنان, محمد عبد الله (1997)، دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، القاهرة، ISBN 977-505-082-4. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |تجاهل خطأ ردمك= تم تجاهله (مساعدة)، تأكد من صحة |isbn= القيمة: checksum (مساعدة)
  • أبا الخيل, محمد بن إبراهيم (1995)، الأندلس في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري، مكتبة الملك عبد العزيز العامة - الأعمال المحكمة، ISBN 9960-624-03-x. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |تجاهل خطأ ردمك= تم تجاهله (مساعدة)، تأكد من صحة |isbn= القيمة: invalid character (مساعدة)
  • Alberto Cañada Juste, "Los Banu Qasi (714-924)", in Principe de Viana, vol. 41, pp. 5–95 (1980).
  • بوابة إسبانيا
  • بوابة الأندلس
  • بوابة الباسك
  • بوابة التاريخ الإسلامي

This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.