خطأ الملاحظة

خطأ الملاحظة هو الفرق بين القيمة المقاسة لكمية وقيمتها الحقيقية.[1] في الإحصاء, لا يعد الخطأ «إثما». التقلبية هي أشياء متأصلة ناشئة عن عملية القياس.

وتنقسم أخطاء القياس إلى مركبتين: الخطأ العشوائي، والخطأ النظامي.[2]

ويقع الخطأ العشوائي عندما يؤدي تكرار القياس إلى نتائج غير متسقة مع بعضها، وذلك على الرغم من أن الكمية أو الخاصية المقاسة ثابتة لاتتغير. أما الخطأ النظامي فهو لا يخضع لقوانين الصدفة، بل إنه يظهر بشكل متكرر ومتناسق، ويمكن التعبير عنه بمفهوم الدقة المتأصلة في أداة القياس أو النظام الخاضع للدراسة (والدقة هي أصغر قيمة يمكن قياسها أو رصدها بواسطة أداة القياس أو أداة الرصد).[3] وقد يشير مصطلح الخطأ النظامي أيضًا إلى أخطاء متوسطها الحسابي لا يساوي صفرًا، وفي هذه الحالة فإن أخذ متوسط القياسات لا يعالج أو يخفف من تأثير هذا الخطأ.[4]

العلم والتجربة

ومتى يكون مصدر الخطأ في القياس هو العشوائية أو اللايقينية التي يمكن نمذجتها بواسطة أساليب علم الإحصاء، فإن مصطلح «خطأ» في هذه الحالة هو مصطلح إحصائي بحت.

وفي كل مرة نعيد تجربة القياس باستخدام أداة قياس حساسة، نحصل على قراءة تختلف بشكل طفيف عن القراءة السابقة. والنموذج الإحصائي الشائع المتبع في هذه الظروف ينص على أن الخطأ يتكون من جزئين قابلين للجمع:

  1. الخطأ النظامي: وهو خطأ يتكرر في كل مرة بصفة ثابتة ومنتظمة، وقيمته تظل ثابتة ما دمنا نستخدم نفس أداة القياس بنفس الطريقة وتحت نفس الظروف.
  2. الخطأ العشوائي: وهو خطأ تتغير قيمته مع كل عملية قياس جديدة.

ويطلق على الخطأ النظامي أحيانًا لفظ الانحياز الإحصائي. وفي العادة يمكن التخفيف من وطأته بطرق رياضية قياسية. وتُعد معرفة كيفية استخدام الأدوات القياسية، وطرق القياس المتفق عليها والتي تؤدي إلى تقليل مقدار الخطأ النظامي جزءًا أساسيًا في مرحلة دراسة أساسيات العلوم المختلفة.

أما الخطأ العشوائي فهو بسبب عوامل لايمكن التحكم فيها، أو لا ننوي التحكم فيها. وفي الأغلب ما تكون التكلفة الباهظة هي السبب الرئيسي الذي يمنعنا من التحكم في هذه المؤثرات الخارجية في كل مرة نقوم فيها بإجراء تجربة، أو قياس كمية فيزيائية. وقد يكون سبب الخطأ هو أن أيًا كان الشئ الذي نحاول قياسه يتغير مع الزمن، أو أنه عشوائي في الأصل (مثلما الحال في ميكانيكا الكم، انظر القياس في ميكانيكا الكم). وقد يحدث الخطأ العشوائي أيضًا عندما نحاول استغلال أدوات القياس لأبعد مدى ممكن. فمثلًا، من الشائع جدًا أن يظهر خطأ عشوائي في قراءة الميزان الرقمي، في آخر خانة رقمية بالتحديد. فعند قياس وزن جسم معين قد تتأرجح قراءة الميزان بين القيم 0.9111g، 0.9110g، 0.9112g.

الفرق بين الخطأ النظامي والخطأ العشوائي

تنقسم أخطاء القياس إلى مركبتين: الخطأ العشوائي والخطأ النظامي.[2]

يظهر الخطأ العشوائي دائمًا في القياس ولا يمكن التخلص منه. وهو نتيجة تذبذبات غير متوقعة بطبيعتها في قراءات جهاز القياس، أو قد يكون نتيحة خطأ بشري في تفسير نتيجة التجربة أو قراءة الجهاز. ويتسبب الخطأ العشوائي في تغير قيمة الكمية المقاسة مع تكرار تجربة القياس حتى وإن كانت تلك الكمية ثابتة. ويمكن تقدير مقدار هذا الخطأ عن طريق تكرار التجربة ومقارنة عدة قراءات مع بعضها البعض. ويمكن تقليله عن طريق أخذ متوسط جميع القراءات. ويرتبط الخطأ العشوائي ارتباطًا وثيقًا بمفهوم دقة القياس. حيث أنه كلما زادت دقة أداة القياس، كلما قل التباين (الانحراف المعياري) في تذبذبات القراءات.

أما الخطأ النظامي فمقداره متوقع، وفي الغالب ما يكون المقدار ثابتًا أو أنه يتناسب مع قيمة القياس الحقيقية. ومن الممكن التخلص من هذا الخطأ عادة في حالة تحديد سببه. وقد يكون سبب هذا الخطأ هو أن معايرة جهاز القياس لم تتم بشكل سليم، أو أن طريقة الرصد خاطئة أو غير مثالية، أو قد يكون بسبب تداخل العوامل البيئية مع عملية القياس. ودائمًا ما يؤثر هذا الخطأ على القياس في إتجاه متوقع. ومن بين الأمثلة على سبب وجود هذا الخطأ هو أن قراءة الجهاز الصفرية لا تساوي الصفر (أو ما يعرف بالخطأ الصفري، وذلك عندما تكون قراءة الميزان أكبر من الصفر رغم أنه لا يوجد شئ على كفته).

وفي عام 2005، نشر المجتمع الأمريكي للهندسة الميكانيكية (ASME) دليلًا بعنوان «اختبار اللايقينية لعام 2005 – الاختبار القياسي في تقييم الأداء 19.1»، وهو عبارة عن كتيب يناقش الأخطاء العشوائية والنظامية بكل تفاصيلها، ويستفيض في شرح الإجراءات والأساليب المتبعة في حساب اللايقينية في الأنظمة المختلفة، وحساب تأثير كل مصدر شك على نتيجة كل قياس بدقة مقبولة.

مصادر الخطأ النظامي

المعايرة الخاطئة

قد تظهر الأخطاء النظامية بسبب المعايرة الخاطئة لأدوات القياس (والتي تعرف بالخطأ الصفري)، وكذلك قد تتداخل العوامل البيئية في عملية القياس، وقد تظهر أحيانًا أخطاء بسبب طريقة القياس الخاطئة على صورة نسبة خطأ. وللتوضيح تخيل شخصًا يحاول حساب الزمن الدوري الذي يتذبذب به بندول باستخدام علامة مرجعية، فإذا كانت ساعة التوقيف التي يستخدمها صاحب التجربة تبدأ العد من ثانية واحدة، فسوف تتزحح جميع القراءات التي سوف يسجلها بمقدار ثانية. وإذا كرر هذا الشخص التجربة 20 مرة مع وجود نفس الخطأ الصفري، فسوف تكون هناك نسبة خطأ في متوسط النتائج، حيث أن القيمة النهائية سوف تزيد بشكل طفيف عن القيمة الفعلية.

وفي مثال آخر: من المعروف أن الموجات الصوتية تتباطئ قليلًا في الهواء، وإذا لم يؤخذ ذلك في الاعتبار فسوف تخطئ أجهزة الرادار في تقدير المسافات. ومن بين المصادر الأخرى التي تتسبب في ظهور الأخطاء النظامية هي التقديرات الحسابية التي تستند على نماذج رياضية أو قوانين فيزيائية مبسطة. فعلى سبيل المثال، عدم أخذ حركة دعائم البندول في الاعتبار، أو استخدام أول حدين فقط من مفكوك تيلور لدالة جيب الزاوية في حل معادلة البندول التفاضلية مع الزوايا الكبيرة نسبيًا: فمثل هذه التقريبات قد تؤدي إلى نسبة خطأ بسيطة بصورة منتظمة.

الكمية

قد يكون مقدار الخطأ النظامي ثابتًا، وقد يتناسب خطيًا مع قيمة الكمية المقاسة، أو مع كمية أخرى لا علاقة لها بالكمية المقاسة (فمثلًا قد تؤثر الحرارة في طول المسطرة عن طريق التمدد الحراري مما يؤثر على القراءة). وعندما يكون الخطأ ثابتًا ففي العادة ما يكون السبب هو الخطأ الصفري في أداة القياس (المعايرة الخاطئة). أما إذا كان مقدار الخطأ متغيرًا، فقد يتخذ قيمًا موجبة أو سالبة. فمثلًا، إذا علمنا أن نسبة الخطأ في الثرمومتر هي 2%، فإذا كنا نريد أن نقيس درجات الحرارة التالية (200°, 0°, -100°) فسوف نجد أن قراءات الثرمومتر هي كالآتي على الترتيب (204°, 0°, -104°). وبالتالي فإن كانت درجة الحرارة أعلى من الصفر، فسوف تكون القراءة أعلى من القيمة الحقيقية، وإن كانت أقل من الصفر، فستكون القراءة أقل من القيمة الحقيقية.

الانزياح

أما الأخطاء النظامية التي تتغير مع الزمن أثناء التجربة فمن السهل تتبعها. ذلك حيث أن عملية القياس تعبر عن تغير القيمة المقاسة مع الزمن. ومن السهل ملاحظة انزياح القراءة إذا كانت الكمية المقاسة ثابتة، وعند تكرار عملية القياس نجد أن القراءة تتزحزح في اتجاه معين في أثناء التجربة. فإذا وجدنا أن القراءة التالية تزيد في المقدار عن القيمة السابقة، كما هو الحال في أجهزة القياس التي تسخن عند تشغيلها، فمن الممكن أن نلاحظ هذا الخطأ بكل سهولة عند قياس القراءة الصفرية للجهاز قبل أداء التجربة وفي أثنائها (حيث أن القراءة الصفرية هي قيمة ثابتة). وإذا وُجد أن القراءة الصفرية تحيد عن الصفر بصفة منتظمة، فمن المؤكد وجود خطأ نظامي في القياس. وإذا ظلت المشكلة قائمة بعد إعادة تهيئة ومعايرة الجهاز قبل التجربة مباشرة، فمن المحتمل أن الخطأ يتغير مع الزمن، وبالتالي حسبنا أن نطرح قيمته من القياسات، وأن نأخذه في الاعتبار عند تقييم دقة القياس.

ولكن إن لم نستطع أن نميز أي نمط بعد إجراء سلسلة من القياسات، فليس بوسعنا اكتشاف وجود أي خطأ نظامي إلا إذا كانت لدينا وسيلة ما لتأكيد قراءة الجهاز، مثل محاولة قياس كمية معلومة، أو مقارنة قراءة الجهاز الذي نستخدمه بقراءة جهاز آخر يتميز بدقة أعلى. فعلى سبيل المثال، دعنا نتأمل مجددًا في تجربة البندول السابق: ففي حالة وجود خطأ في قراءة ساعة الإيقاف التي نستخدمها ونريد أن نتحقق من ما إذا كانت تعمل بشكل صحيح أم لا، فليس بيدنا حيلة سوى أن نقارن معدل دقاتها بمعدل دقات ساعة الهاتف الأرضي، ومن ثم سنتبين إذا ما كان معدل دقات تلك الساعة أسرع أو أبطأ عن الطبيعي. وعليه فيجب أن يؤخذ ذلك الخطأ في الاعتبار عند تصحيح قراءات زمن البندول الدوري.

وكذلك يجب التحقق من أداء أجهزة القياس الكهربية مثل الأميتر والفولتميتر، ومقارنة قراءات تلك الأجهزة بالقراءات الصحيحة بصفة دورية.

ومن الممكن كذلك أن نتحقق من وجود أخطاء نظامية عن طريق قياس كميات معلومة بالفعل. فعلى سبيل المثال، يمكن التحقق من دقة جهاز المطياف المزود بمحزز حيود، وذلك عن طريق قياس الأطوال الموجية الخاصة بخطوط فراونهوفر المنبعثة من الصوديوم، وقيمها معلومة بدقة عالية (600 و 589.6 نانومتر). وعن طريق تلك القياسات يمكن حساب كثافة الشقوق في محزز الحيود، والتي يكن أن تستخدم لاحقًا في قياس الأطوال الموجية لأي خطوط طيفية أخرى.

ومن العسير أن نتعامل مع تلك الأخطاء النظامية الثابتة، وذلك حيث أنه يمكن اكتشاف آثارها فقط في حالة أننا نعرف طريقة التخلص منها. ولا يمكن التخلص من تلك الأخطاء عن طريق تكرار القياس أو أخذ متوسط القراءات. ولكن الطريقة العامة في محاولة التخلص من هذه الأخطاء هي إعادة معايرة أداة القياس بصورة صحيحة.

مصادر الخطأ العشوائي

وفي العادة تميل الأخطاء العشوائية إلى أن تتمركز حول قيمة متوسطة بتوزيع طبيعي، فطبقًا لمبرهنة النهاية المركزية، فإن مجموع قيم عدة متغيرات عشوائية مستقلة يؤول في النهاية إلى توزيع طبيعي. وهذه الشروط تنطبق في العادة على الخطأ العشوائي حيث أنه يتكون في العادة من مجموع أخطاء عشوائية أخرى مستقلة عن بعضها. وقد تكشف تلك الأخطاء العشوائية عند إدراجها في معادلة الانحدار الخطي عن أسباب التغيرات في قيم الصادات والتي لا يمكن أن تفسرها التغيرات في قيم السينات.

المسح الإحصائي

وفي سياق الاستطلاعات والأبحاث الديموغرافية، فقد يشير اللفظ «خطأ الملاحظة» أحيانًا إلى أخطاء الاستجابة وكذلك الأصناف الأخرى من الأخطاء التي لا تعتمد على نوعية العينة المختارة.[5] فقد تظهر مثل هذه الأخطاء في سياق استطلاعات رأي بسبب جمع المعلومات بطريقة خاطئة، وهو ما يحدث في حالة الخطأ في تسجيل ردود أفعال المستجوبين، أو في حالة تسجيل ردود أفعال غير دقيقة. وقد استفاضت الكتب التالية في شرح مصادر الأخطاء التي لا تعتمد على نوعية العينة: « Salant and Dillman (1995)» و« Bland and Altman (1996)»[6]

وقد تكون هذه الأخطاء نظامية أو عشوائية. وفي العادة ما تكون أسباب الأخطاء العشوائية في هذه الحالة هي سهوات السائلين أو المستجوبين غير المقصودة. أما الأخطاء النظامية فقد تكون نتيجة رد فعل المستجوبين على الطريقة التي صيغت بها الأسئلة. وبالتالي فإن طريقة صياغة الأسئلة ذات أهمية حيوية في نتيجة الاستطلاعات، حيث أنها تتحكم في فداحة خطأ القياس.[7] ولهذا الغرض فقد طُورت أدوات متعددة لمساعدة الباحثين في صياغة أسئلتهم بشكل جيد، ومن بينها اختبارات (MTMM) والتي تقدر جودة الأسئلة وسلامتها من الصياغة المبهمة. وكذلك لدينا برنامج حاسوبي يستطيع أن يتنبأ بجودة المسح الإحصائي (يعرف اختصارًا بـ SQP). ومن الممكن توظيف هذه المعلومات في تصحيح أخطاء القياس.[8][9]

تأثيرها على تحليل الانحدار

في حالة وجود خطأ في قياس أحد المتغيرات التابعة، فلن تتأثر أساليب تحليل الانحدار بذلك مطلقًا وسوف تظل صحيحة من ناحية رياضية. إلا أنه قد نلحظ انخفاض معامل التحديد (R^2) عن ما إذا كانت عملية القياس تتم بشكل مثالي.

أما في حالة وجود خطأ في قياس متغير مستقل واحد أو أكثر، فسوف تصبح مفاهيم الانحدار ومعاملات الانحدار بلا معنى إحصائي، ولا يجوز استخدامها في هذه الحالة.[10]:p. 187

إنظر أيضا

المراجع

  1. Dodge, Y. (2003) The Oxford Dictionary of Statistical Terms, OUP. ISBN 0-19-920613-9
  2. John Robert Taylor (1999)، An Introduction to Error Analysis: The Study of Uncertainties in Physical Measurements، University Science Books، ص. 94, §4.1، ISBN 0-935702-75-X، مؤرشف من الأصل في 14 يوليو 2019.
  3. "Systematic error"، Merriam-webster.com، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 10 سبتمبر 2016.
  4. "Google"، Google.com، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2016، اطلع عليه بتاريخ 10 سبتمبر 2016.
  5. Bland, J. Martin, and Douglas G. Altman. "Statistics notes: measurement error." Bmj 313.7059 (1996): 744.
  6. Salant, P., and D. A. Dillman. "How to conduct your survey." (1994).
  7. Saris, W. E. and Gallhofer, I. N. (2014). Design, evaluation and analysis of questionnaires for survey research. Second Edition. Hoboken, Wiley.
  8. DeCastellarnau, A. and Saris, W. E. (2014). A simple procedure to correct for measurement errors in survey research. European Social Survey Education Net (ESS EduNet). Available at: http://essedunet.nsd.uib.no/cms/topics/measurement نسخة محفوظة 18 ديسمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  9. Saris, W. E.؛ Revilla, M. (2015)، "Correction for measurement errors in survey research: necessary and possible"، Social Indicators Research، 127: 1005–1020، doi:10.1007/s11205-015-1002-x.
  10. Hayashi, Fumio (2000)، Econometrics، Princeton University Press، ISBN 0-691-01018-8. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  • بوابة صناعة
  • بوابة رياضيات
  • بوابة علوم
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.