العصر الجليدي الأخير

العصر الجليدي الأخير هو أقرب عصر جليدي من فترات تجلد الرباعي إلى زمننا الحالي والذي حدث في الأعوام الأخيرة من البليستوسين، منذ حوالي 110,000 إلى 10,000 عام.[1]

أوروبا خلال العصر الجليدي الأخير قبل نحو 20.000 سنة.
الشكل يبين مرحلتين : قبل 300.000 سنة (بنفسجي) وقبل 20.000 (أحمر) [لاحظ جبال الألب وبعض المرتفعات في إسبانيا و إيطاليا و القوقاز. ] . الأرقام تعطي مواقع مدن حالية.

أثناء ذاك العصر، كانت هناك عدة تغييرات جليدية بين تقدم وانحسار. كان أقصى تقدم للتجلد منذ حوالي 18,000 عام. يرى علماء الآثار، أن هذا العصر يقع في فترات العصر الحجري القديم والعصر الميزوليتي.

حدث العصر الجليدي الأخير من نهاية الفترة الإيميانية إلى نهاية الدرياس الأصغر، وتشمل الفترة بين حوالي 115,000- حوالي 11,700 سنة مضت. وفترة العصر الجليدي الأحدث هذه هي جزء من أنماط من الفترات الجليدية وبين الجليدية تُعرف باسم الغمر الجليدي الرباعي الممتد من حوالي 2,588,000 سنة مضت إلى وقتنا هذا. يستند تعريف العصر الرباعي الذي بدأ قبل 2.58 مليون سنة إلى تشكل حزمة الجليد في القطب الشمالي. بدأت صفيحة القارة القطبية الجنوبية الجليدية بالتشكل قبل ذلك، قبل حوالي 34 مليون سنة، في منتصف حقبة الحياة الحديثة (حدث انقراض الأيوسين-الأليغوسين). يستعمل مصطلح العصر الجليدي المتأخر الحديث ليشمل هذه الفترة المبكرة.[2][3]

كانت هناك أحداث متناوبة لتقدم وتراجع جليدي خلال فترة العصر الجليدي هذه. حدثت الذروة الجليدية الأخيرة ضمن الفترة الجليدية الأخيرة قبل حوالي 22,000 سنة. بينما كان النمط العام للبرود العالمي والتقدم الجليدي أصغر، جعلت الاختلافات الموضعية في نشوء التقدم والتراجع الجليدي من مقارنة التفاصيل من قارة إلى قارة صعبة (انظر إلى صورة بيانات لب الجليد في الأسفل للاختلافات). بدأت الذروة الجليدية الأخيرة قبل حوالي 13,000 سنة. وأوضحت نهاية فترة الدرايس الأصغر قبل حوالي 11,700 سنة بداية عصر الهولوسين الجيولوجي، والذي يشمل التراجع الجليدي الهولوسيني.

من وجهة نظر علم الآثار البشري، تقع الفترة الجليدية الأخيرة في فترة العصر الحجري القديم وبداية فترة العصر الحجري المتوسط. عندما بدأت الأدوار الجليدية بالحدوث، كان الإنسان العاقل حبيس خطوط العرض الدنيا واستعمل الأدوات المشابهة للأدوات المستعملة من قبل إنسان النياندرتال في غرب ووسط أوراسيا ومن قبل إنسان دينيسوفا والإنسان المنتصب في آسيا. هاجر الإنسان العاقل إلى أوراسيا وأستراليا مع قرب نهاية الحدث. تقترح البيانات الجينية والآثارية أن مجموعات سكان العصر الجليدي القديم قد نجت من الفترة الجليدية الأخيرة في مناطق الغابات القليلة وتبعثرت بين مناطق ذات إنتاج أولي عالي مع تجنبها للمناطق ذات الغطاء الحرجي الكثيف.[4]

الأصل والتعريف

يُشار إلى الفترة الجليدية الأخيرة في بعض الأحيان على أنها »العصر الجليدي الأخير«، بالرغم من أن هذا الاستخدام غير صحيح لأن العصر الجليدي هو فترة أطول من درجات الحرارة الباردة التي توجد فيها الصفائح الجليدية على مدار السنة بالقرب من أحد أو كلا القطبين. المراحل الجليدية هي مراحل أبرد ضمن عصر جليدي تتقدم فيه الكتل الجليدية؛ تُفصل بواسطة المدة بين دورين جليديين. وهكذا، نهاية فترة العصر الجليدي، التي كانت قبل حوالي 11,700 سنة، هي ليست نهاية العصر الجليدي الأخير بسبب استمرار وجود الجليد الممتد على مدار السنة في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند. على مدى ملايين السنوات القليلة الماضية، كانت الدورات الجليدية وبين الجليدية «تجري» بواسطة اختلافات دورية في مدار الأرض من خلال دورات ميلانكوفيتش.

العصر الجليدي الأخير هو أشهر جزء في العصر الجليدي الحالي، وقد دُرس بشكل مكثف في أمريكا الشمالية، أوراسيا الشمالية، الهيمالايا والمناطق التي كانت متجمدةً سابقًا حول العالم. غطت التجلدات التي حدثت خلال هذا العصر الجليدي العديد من المناطق، بشكل رئيسي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وعلى مدىً أقل في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. لهذه المناطق أسماء مختلفة، مُطورة تاريخيًا وبالاعتماد على توزيعها الجغرافي: فرايزر (في سلسلة جبال المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية)، باينديل (في جبال روكي الوسطى)، وسكونسينان أو حقبة الغمر الجليدي ويسكونسن (في أمريكا الوسطى)، ديفّينسيان (في الجزر البريطانية)، ميدلانديان (في أيرلندا)، وورم (في جبال الألب)، ميريدا (في فنزويلا)، فاسيلي أو فستولي (في أوروبا الشمالية وأوروبا الوسطى)، فاليدي في روسيا وزيريانكا في سيبيريا، لانكويو في تشيلي، وأوتيرا في نيوزيلندا. تشمل المرحلة البليستوسينية المتأخرة بحسب علم الزمن الجيولوجي العصرَ الجليدي المتأخر (الفاسيلي) وفترة ما قبل العصر الجليدي الذي سبقته مباشرةً (الإيميانية).[5]

نظرة عامة

نصف الكرة الشمالي

توزيع النبات في العالم أثناء العصر الجليدي الأخير.

كانت كندا مغطاة تقريبًا بالجليد بكاملها، وكذلك الجزء الشمالي من الولايات المتحدة، كلاهما مغطىً بغطاء لورنتيد الجليدي الضخم. بقيت ألاسكا دون جليد في الأغلب بسبب الظروف المناخية الجافة. وُجدت التجلدات المحلية في جبال الروكي والغطاء الجليديي الكوردييري والحقول الجليدية أو القلنسوات الجليدية في سييرا نيفادا في كاليفورنيا الشمالية. أما في بريطانيا ويابسة أوروبا وشمال غرب آسيا، وصل الغطاء الجليدي الاسكندنافّي مرة أخرى إلى الأجزاء الشمالية من الجزر البريطانية، ألمانيا، بولندا، روسيا، وامتد إلى أقصى شرق شبه جزيرة تايميار في سيبيريا الغربية. تم الوصول إلى الامتداد الأقصى للتجلد السيبيري الغربي بحلول 16,000-15,000 قبل الميلاد وبالتالي في وقت لاحق من وقت وصوله في أوروبا (حوالي 20,000-16,000 قبل الميلاد). لم يكن شمال شرق سيبيريا مغطىً بغطاء جليدي من القشرة القارية. بدلاً من ذلك، غطَّت مجموعاتٌ كبيرة ولكن محدودة من الحقول الجليدية سلاسل الجبال في شمال شرق سيبيريا، ومن ضمنها جبال كامتشاتكا-كورياك.[6][7][8][9][10][11]

لم يكن المحيط المتجمد الشمالي بين الغطاءين الجليديين بين أمريكا وأوراسيا متجمدًا على طول الفترة، ولكنه كان على الأرجح مغطىً مثل يومنا هذا بجليد سطحي نسبيًا، يخضع للتغيرات الموسمية ومليئًا بانفصالات الجبال الجليدية من الصفائح الجلدية المحيطة. بحسب تركيب الرواسب المستخرجة من نوى البحر العميق يجب أن تكون هناك أوقات كانت فيها المياه مفتوحة موسميًا.[12]

خارج الصفائح الجليدية الرئيسية، حدث التجلد الواسع الانتشار في أعلى جبال سلسلة الألب-الهيمالايا الجبلية. على عكس المراحل الجليدية السابقة، كان تلجد وورم يتألف من قلنسوات جليدية أصغر ومحصورة في الكتل الجليدية للوادي في الغالب، مرسلةً فصوصًا جليدية إلى رأس بر الألبين. كانت البرانس، وهي أعلى سلاسل جبلية في جبال الكاربات وجبال شبه جزيرة البلقان وإلى الشرق من القوقاز وجبال تركيا وإيران مغطاةً بواسطة حقول جليدية أو صفائح جلدية صغيرة.[13]

في هضبة هيمالايا والتبت، تقدمت الكتل الجليدية كثيرًا، بالأخص بين 45,000 و25,000 قبل الميلاد،[14] ولكن هذه التواريخ مثيرة للجدل.[15][16] تكوين الصفيحة الجليدية المجاورة على هضبة التبت[17][18] مثير للجدل.[19]

لم تحمل مناطق أخرى في نصف الكرة الشمالي صفائح جليدية ممتدة، ولكنها حملت كتلًا جليدية محلية في المناطق المرتفعة. تجمدت أجزاءٌ من تايوان، على سبيل المثال، بشكل متكرر بين 42,250 و8,680 قبل الميلاد[20] وكذلك جبال الألب اليابانية. حدث التقدم الجليدي الأقصى في كلا المنطقتين بين 58,000 و28,000 قبل الميلاد.[21] لا تزال الكتل الجليدية موجودة في أفريقيا إلى حد ما، على سبيل المثال في الأطلس الكبير، جبال المغرب، سلسلة جبال أتاكور في جنوب الجزائر، وعدة جبال في إثيوبيا. في نصف الكرة الجنوبي، كان هناك غطاء جليدي من عدة مئات من الكيلومترات المربعة على الجبال الشرق أفريقية في مجموعة قمم جبل كليمنجارو، جبل كينيا وجبال رونزوري، لا تزال تحمل بقايا الكتل الجليدية حتى اليوم.[22]

انظر أيضًا

المراجع

  1. Clayton, Lee; Attig, John W.; Mickelson, David M.; Johnson, Mark D.; Syverson, Kent M.، "Glaciation of Wisconsin" (PDF)، Dept. Geology, University of Wisconsin، مؤرشف من الأصل (PDF) في 03 مارس 2016.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  2. Clayton, Lee؛ Attig, John W.؛ Mickelson, David M.؛ Johnson, Mark D.؛ Syverson, Kent M.، "Glaciation of Wisconsin" (PDF)، Dept. Geology, University of Wisconsin، مؤرشف من الأصل (PDF) في 9 أكتوبر 2019.
  3. University of Houston-Clear Lake - Disasters Class Notes - Chapter 12: Climate Change sce.uhcl.edu/Pitts/disastersclassnotes/chapter_12_Climate_Change.doc
  4. Gavashelishvili, A.؛ Tarkhnishvili, D. (2016)، "Biomes and human distribution during the last ice age"، Global Ecology and Biogeography، 25 (5): 563–574، doi:10.1111/geb.12437.
  5. Catt, J. A.؛ وآخرون (2006)، "Quaternary: Ice Sheets and their Legacy"، في Brenchley, P. J.؛ Rawson, P. F. (المحررون)، The Geology of England and Wales (ط. 2nd)، London: The Geological Society، ص. 451–52، ISBN 978-1-86239-199-4.
  6. Clark, D.H.، Extent, timing, and climatic significance of latest Pleistocene and Holocene glaciation in the Sierra Nevada, California (Ph.D.)، Seattle: Washington University، مؤرشف من الأصل (PDF 20 Mb) في 26 مايو 2020.
  7. Möller, P.؛ وآخرون (2006)، "Severnaya Zemlya, Arctic Russia: a nucleation area for Kara Sea ice sheets during the Middle to Late Quaternary" (PDF)، Quaternary Science Reviews، 25 (21–22): 2894–2936، Bibcode:2006QSRv...25.2894M، doi:10.1016/j.quascirev.2006.02.016، مؤرشف من الأصل (PDF 11.5 Mb) في 3 أكتوبر 2018.
  8. Matti Saarnisto: Climate variability during the last interglacial-glacial cycle in NW Eurasia. Abstracts of PAGES – PEPIII: Past Climate Variability Through Europe and Africa, 2001 نسخة محفوظة April 6, 2008, على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  9. Gualtieri, Lyn؛ وآخرون (مايو 2003)، "Pleistocene raised marine deposits on Wrangel Island, northeast Siberia and implications for the presence of an East Siberian ice sheet"، Quaternary Research، 59 (3): 399–410، Bibcode:2003QuRes..59..399G، doi:10.1016/S0033-5894(03)00057-7.
  10. Ehlers & Gibbard 2004 III، صفحات 321–323
  11. Barr, I.D؛ Clark, C.D. (2011)، and Clark %282011%29.pdf "Glaciers and Climate in Pacific Far NE Russia during the Last Glacial Maximum" (PDF)، Journal of Quaternary Science، 26 (2): 227، Bibcode:2011JQS....26..227B، doi:10.1002/jqs.1450، مؤرشف من الأصل (PDF) في 22 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)، تحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة)
  12. Spielhagen, Robert F.؛ وآخرون (2004)، "Arctic Ocean deep-sea record of northern Eurasian ice sheet history"، Quaternary Science Reviews، 23 (11–13): 1455–83، Bibcode:2004QSRv...23.1455S، doi:10.1016/j.quascirev.2003.12.015.
  13. Williams, Jr., Richard S.؛ Ferrigno, Jane G. (1991)، "Glaciers of the Middle East and Africa – Glaciers of Turkey" (PDF)، U.S.Geological Survey Professional Paper 1386-G-1، مؤرشف من الأصل (PDF 2.5 Mb) في 11 مايو 2020.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)Ferrigno, Jane G. (1991)، "Glaciers of the Middle East and Africa – Glaciers of Iran" (PDF)، U.S.Geological Survey Professional Paper 1386-G-2، مؤرشف من الأصل (PDF 1.25 Mb) في 21 سبتمبر 2019.
  14. Owen, Lewis A.؛ وآخرون (2002)، "A note on the extent of glaciation throughout the Himalaya during the global Last Glacial Maximum"، Quaternary Science Reviews، 21 (1): 147–157، Bibcode:2002QSRv...21..147O، doi:10.1016/S0277-3791(01)00104-4.
  15. Kuhle, M., Kuhle, S. (2010): Review on Dating methods: Numerical Dating in the Quaternary of High Asia. In: Journal of Mountain Science (2010) 7: 105-122. نسخة محفوظة 6 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  16. Chevalier, Marie-Luce؛ وآخرون (2011)، "Constraints on the late Quaternary glaciations in Tibet from cosmogenic exposure ages of moraine surfaces"، Quaternary Science Reviews، 30 (5–6): 528–554، Bibcode:2011QSRv...30..528C، doi:10.1016/j.quascirev.2010.11.005.
  17. Kuhle, Matthias (2002)، "A relief-specific model of the ice age on the basis of uplift-controlled glacier areas in Tibet and the corresponding albedo increase as well as their positive climatological feedback by means of the global radiation geometry"، Climate Research، 20: 1–7، Bibcode:2002ClRes..20....1K، doi:10.3354/cr020001.
  18. Ehlers & Gibbard 2004 III، Kuhle, M (31 أغسطس 2011)، "The High Glacial (Last Ice Age and LGM) ice cover in High and Central Asia"، Quaternary Glaciations - Extent and Chronology، ص. 175–199، ISBN 9780444534477.
  19. Lehmkuhl, F. (2003)، "Die eiszeitliche Vergletscherung Hochasiens – lokale Vergletscherungen oder übergeordneter Eisschild?"، Geographische Rundschau، 55 (2): 28–33، مؤرشف من الأصل في 2 ديسمبر 2017.
  20. Zhijiu Cui؛ وآخرون (2002)، "The Quaternary glaciation of Shesan Mountain in Taiwan and glacial classification in monsoon areas"، Quaternary International، 97–98: 147–153، Bibcode:2002QuInt..97..147C، doi:10.1016/S1040-6182(02)00060-5.
  21. Yugo Ono؛ وآخرون (سبتمبر–أكتوبر 2005)، "Mountain glaciation in Japan and Taiwan at the global Last Glacial Maximum"، Quaternary International، 138–139: 79–92، Bibcode:2005QuInt.138...79O، doi:10.1016/j.quaint.2005.02.007.
  22. Young, James A.T.؛ Hastenrath, Stefan (1991)، "Glaciers of the Middle East and Africa – Glaciers of Africa" (PDF)، U.S. Geological Survey Professional Paper 1386-G-3، مؤرشف من الأصل (PDF 1.25 Mb) في 12 أكتوبر 2019.
  • بوابة علم طبقات الأرض
  • بوابة الولايات المتحدة
  • بوابة علوم الأرض
  • بوابة ما قبل التاريخ
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.