مفاعل ديمونا

مفاعل ديمونا هو عبارة عن مفاعل نووي إسرائيلي، بدء بالعمل ببنائه عام 1958 بمساعدة فرنسا، واستمر بنائه ما بين سنتي 1962 و1964. الهدف المعلن من إنشائه كان توفير الطاقة لمنشئات تعمل على استصلاح منطقة النقب (الجزء الصحراوي من فلسطين التاريخية). سنة 1986 نشر التقني السابق في مفاعل ديمونا، موردخاي فعنونو للإعلام بعض من أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي يعتقد أن له علاقة بصنع رؤوس نووية ووضعها في صواريخ باليستية وطائرات حربية، ثم في غواصات نووية موجودة في ميناء حيفا، كنتيجة لهذا العمل، اختطف فعنونو من قبل عملاء إسرائيليين من إيطاليا وحوكم بتهمة إفشاء أسرار الدولة.

صورة لمفاعل ديمونا تم التقاطها من قبل قمر تجسس أمريكي سنة 1968

التخطيط السابق للبنى التحتية

إن الردود التي أعقبت قيام الكيان الصهيوني، والسخط العارم الذي عم الرأي العربي، كانت متوقعة، مما يبرر اللجوء المبكر والإعداد القبلي للبرنامج النووي من أجل خلق نوع من الردع لامتصاص الغضب في الأراضي العربية. فكان من قرارات المؤتمر الصهيوني العالمي عام 1908 تحقيق ما يصبون إليه. فحسب المهندسان جيمس سيمون الفرنسي ويعقوب شبق الألماني يجب إقامة مؤسسة علمية خاصة لتعليم التخطيط المهني في 11/4/1912. وفي عام 1924 افتتحت كلية التكنولوجيا العبرية خلال فترة رئاسة إيلنج تسلوموكابليني (1931-1950) وقد ازداد هذا العدد إلى أن وصل إلى خمس جامعات رئيسية ومعهدين كبريرين للتكنولوجيا والبحوث بالإضافة إلى معاهد التعليم العالي.

وقد توالت الإنجازات في هذا المضمار إذ أنشئ معهد وايزمان سنة 1941 بحيفا، بمعنى أن دولة الكيان خططت للبنى التحتية لبرنامجها النووي بحكمة. بعد ذلك أسست المفاعلات عن طريق المساعدات الأجنبية، ومن جهة أخرى استفادت من المعطيات الطبيعية المتمثلة في التنقيب المبكر على اليورانيوم في صحراء النقب تحت إشراف لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية التي توجد تحت مراقبة مباشرة من طرف وزارة الدفاع الإسرائيلية.[1]

الخطر البيئي

و يشكل مفاعل ديمونا خطر حيث أن الغبار الذري المنبعث منه والذي يتجه نحو الأردن يمثل خطراً بيئيا وبيولوجيا، كما من المتوقع في حال انفجاره قد يصل الضرر الناتج عنه لدائرة نصف قطرها قد يصل إلى قبرص وبنفس هذه المسافة في دائرة حوله. ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل لم توقع على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي.

بدأت إشاعات تتعلق بسلامة المفاعل ومدى أمانه خاصة بعد أكثر من 40 عاماً على مباشرته العمل، وهناك تخوفات على سلامة القاطنين في المناطق المجاورة.

ويعتبر مفاعل ديمونا هو المحرك الرئيسي لحرب 1967 بسبب امتلك مصر أسلحة وقاذفات من طراز تبليوف الاستراتيجية القادرة على القيام بمهمة عن بعد وامتلاكها صواريخ إستراتيجية قادرة على تدمير مفاعل ديمونة. وقد كشف مؤخرا عن الكثير من حالات الإصابة بالسرطان في صفوف المواطنين الفلسطينيين في المناطق المجاورة مثل مدينة الخليل.[2]

فالدلائل تشير إلى أن مفاعل ديمونا -أهم منشأة نووية إسرائيلية- دخل في مرحلة الخطر الإستراتيجي؛ بسبب انتهاء عمره الافتراضي والذي يظهر واضحًا للعيان من خلال تصدعه وتحوله إلى مصدر محتمل لكارثة إنسانية تحصد أرواح مئات الآلاف من الضحايا إن لم يكن الملايين. وحسب التقارير العلمية وصور الأقمار الصناعية لديمونا المنشورة بمجلة «جينز إنتلجنس ريفيو» المتخصصة في المسائل الدفاعية الصادرة في لندن عام 1999 والتي استندت في معلوماتها إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية التجارية الفرنسية والروسية، فإن المفاعل النووي يعاني من أضرار جسيمة بسبب الإشعاع النيتروني. ويحدث هذا الإشعاع أضرارًا بمبنى المفاعل، فالنيترونات تنتج فقاعات غازية صغيرة داخل الدعامات الخرسانية للمبنى مما يجعله هشًّا وقابلاً للتصدع.

هذا إضافة إلى أن المفاعل أصبح قديمًا (40 عامًا) بحيث تآكلت جدرانه العازلة. كما أن أساساته قد تتشقق وتنهار بسبب قدمها محدثة كارثة نووية ضخمة. وعلى الرغم من استبدال بعض الأجزاء من المفاعل فإن هناك خلافًا جديًّا يدور حول ما إذا كان من الأفضل وقف العمل في المفاعل تمامًا قبل وقوع كارثة.

ويرى الخبراء أن إصابة الكثير من سكان المناطق المحيطة بالمفاعل الشائخ بالأمراض السرطانية والعاملين فيه أيضًا كان بسبب تسرّب بعض الإشعاعات من المفاعل. فقد كشف تقرير أعدته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أذيع بتاريخ 1-7-2003، أن العشرات من عمال المفاعل النووي ماتوا تأثرًا بالسرطان في وقتٍ ترفض فيه إدارة المفاعل والحكومة الإسرائيلية مجرد الربط بين إصابتهم -ومن ثَم موتهم- وبين إشعاعات متسربة.

كما أن المحاكم الإسرائيلية تنظر الآن في أكثر من 45 دعوى قضائية تقدمت بها عائلات المهندسين والخبراء والفنيين العاملين في المفاعل النووي في ديمونا بصحراء النقب؛ بسبب تفشي الإصابة بالسرطان خلال السنوات الأخيرة بعد اختراق الإشعاعات النووية لأجسادهم. وقد طالبوا في الشكاوى المقدمة بسرعة صرف تعويضات عاجلة تقدر بنحو 50 مليون دولار نتيجة الأضرار التي لحقت بهم خلال سنوات عملهم.[3]

الخبراء الأساسيون العاملون في المفاعل الأكثر إصابة بالمرض، بينما تقل الإصابة بنسبة 50% لدى الفنيين والمساعدين من الدرجة الثانية والذين لا يتعرضون مباشرة للإشعاع النووي. يليهم حراس المفاعل النووي، حيث سيصيبهم المرض في السنوات الثلاث المقبلة إذا ما استمروا في عملهم. كما تم اكتشاف أعراض مرض السرطان لدى أكثر من 70% من سكان النقب.[4]

وقد نسب تقرير القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أحد العمال الذين أصيبوا بالسرطان تأكيده «أن الحرائق كانت تندلع بشكل يومي تقريبًا داخل المفاعل، وقد استنشقنا بخار المواد النووية الخطيرة»، فيما صرّح عامل آخر «كنت عدة مرات أجد نفسي داخل غيمة صفراء من المواد السامة».

الطاقة المنتجة

بدأ تشغيل مفاعل ديمونا في كانون الأول/ ديسمـبر 1963، بدعم من فرنسا التي زودت إسرائيل بالآلات والمعدات اللازمة لذلك. وكانت طاقته آنذاك لا تتعدى 26 ميجاوات، مما يترجم إنتاجيًّا بحوالي 8 كيلوجرامات من البلوتونيوم، وهذا يكفي لصناعة قنبلة نووية واحدة بقوة 20 كيلو طنًّا من المتفجرات. وفي السبعينيات رفعت إسرائيل طاقة الإنتاج القصوى لمفاعل ديمونا إلى حوالي 70 ميجاوات، بزيادة قدرها 44 ميجاوات، بينما تسعى إسرائيل حاليًا لزيادة الكفاءة الإنتاجية لمفاعل ديمونا لتصل إلى ما يقارب 100 ميجاوات، متجاهلة كل ما يعانيه المفاعل من مشاكل.

البلوتونيوم

ويشكل إنتاج البلوتونيوم إحدى أخطر العمليات في العالم؛ إذ إن إنتاج كيلوجرام واحد من البلوتونيوم ينتج أيضا 11 لترًا من سائل سام ومشع مثل مركبات الأيزوسيانيد Iso-cyanide كمنتج جانبي، وعلى الرغم من كل المشاكل التي تواجه مفاعل ديمونا فإن إسرائيل تواصل إنتاج البلوتونيوم داخله.

البلوتونيوم الخام الذي يتم إنتاجه في مفاعل ديمونا عبارة عن مسحوق حامضي أخضر اللون، يسخن في درجات حرارة عالية جدًّا، ويتحول إلى سائل يتم ترشيحه لتنتج بعدها «أزرار» صغيرة بوزن 130 جرامًا. ويمكن للمفاعل طبقًا لاعترافات التقني الإسرائيلي فانونو أن ينتج 9 أزرار أسبوعيًّا. أي أن مفاعل ديمونا ينتج سنويًّا 40 كيلوجرامًا من البلوتونيوم، أي ما يساوي 10 - 12 قنبلة.

وتشير التقارير الصادرة عن معهد الأبحاث التطبيقية بالقدس ووزارة البيئة الفلسطينية، إلى أن هناك اعتقادًا بأن المفاعل الإسرائيلي استهلك خلال الأربعين عامًا الأخيرة 1400 طن من اليورانيوم الخام.

الموقف السياسي الدولي

وقد أخفقت أكثر من 15 دولة عربية في تمرير قرار يخضع برنامج إسرائيل النووي للتفتيش الدولي بالمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا 15-9-2003.. واضطرت لسحب مشروع القرار على وعد أن يطرح المشروع النووي الإسرائيلي للمناقشة في اجتماع العام المقبل

انظر أيضًا

المراجع

  1. الترسانة النووية الصهيونية تاريخ ومكونات - المجد الامني نسخة محفوظة 07 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  2. ديمونة تسرطن الفلسطينيين، الجزيرة نت، 21 يونيو 2009 نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  3. صحيفة القدس الفلسطينية العدد المنشور في 28-1-2003
  4. شبكة الإنترنت للإعلام العربي

مصادر

  • بوابة إسرائيل
  • بوابة طاقة نووية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.