مملكة كرواتيا (925–1102)

تَعود مملكة كرواتيا (بالكرواتية: Kraljevina Hrvatska)‏ أو المملكة الكرواتية (بالكرواتية: Hrvatsko Kraljevstvo)‏ بالزمن إلى ممالك العصور الوسطى في أوروبا الوسطى. ضمت هذه المملكة معظم أراضي كرواتيا الحالية (باستثناء إستريا الغربية وبعض المدن الساحلية الدالماسية)، وكذلك معظم ما يُعرف اليوم بالبوسنة والهرسك. حكمت السلالات الإثنية مملكة كرواتيا لبعض الوقت، وبقيت المملكة آنذاك دولةً ذات سيادة لما يقرب قرنين من الزمن. اتسمت فترة وجود المملكة بالصراعات المختلفة وبفترات السلام أو التحالف مع البلغار والبيزنطيين والمجريين وبالمنافسة مع جمهورية البندقية بهدف السيطرة على ساحل البحر الأدرياتيكي الشرقي. وضح الأسقف غريغوري من نين غايته في تعزيز اللغة الكرواتية من خلال الطقوس الدينية في القرن العاشر، ما أدى إلى نشوب صراع بينه وبين البابا، قبل أن يخمد هذا الصراع بذات نفسه.[1] تمكنت كرواتيا من تأمين معظم المدن الساحلية في دالماسيا مع انهيار السيطرة البيزنطية عليها خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر. وصلت المملكة إلى ذروتها خلال هذا الوقت في ظل حكم الملكين بيتر كريشمير الرابع (1058- 1074) وديمتريوس زفونيمير (1075- 1089).

مملكة كرواتيا
 

الأرض والسكان
إحداثيات 44°15′19″N 17°18′10″E  
المساحة 110000 كيلومتر مربع (القرن 11) 
عاصمة نين
شيبينيك 
اللغة الرسمية اللاتينية 
الحكم
نظام الحكم ملكية مطلقة،  وملكية 
التاريخ
تاريخ التأسيس 925 

حكمت سلالة تربيميروفيتش المملكة لمدة طويلة حتى عام 1091. شهدت المملكة أزمة خلافة آنذاك، وانتقل الحكم إلى سلالة أرباد بعد عقد من الصراعات على العرش وبعد تداعيات معركة جبل غفوزد. تزامن ذلك مع تتويج الملك كولومان من المجر «ملكًا لكرواتيا ودالماسيا» في بيوغراد نا مورو في عام 1102، لتتحد المملكتين تحت تاج واحد.[2][3][4][5] أصبحت الشروط الدقيقة التي حكمت العلاقة بين المملكتين مسألة خلاف في القرن التاسع عشر.[6][7][8] تباينت طبيعة العلاقة مع مرور الوقت، واحتفظت كرواتيا بدرجة كبيرة من الاستقلالية الداخلية بشكل عام، في حين بقيت القوة الحقيقية في أيدي النبلاء المحليين.[6][9][10] غالبًا ما ينظر المؤرخون الحديثون الكرواتيون والمجريون إلى العلاقات بين مملكة كرواتيا ومملكة المجر في عام 1102 على أنها كانت شكلًا من أشكال الاتحاد غير المتكافئ لمملكة واحدة ذات حكم ذاتي داخلي يوحدها ملك مشترك.[11]

خلفية

وصل السلاف إلى جنوب شرق أوروبا في أوائل القرن السابع وأنشؤوا عدة ولايات هناك، بما في ذلك دوقية كرواتيا. بدأ تنصير الكروات بعد وصولهم بوقت قصير، واكتمل الأمر في بداية القرن التاسع. تذبذب حكم الدوقية بين سلالتي دوماغوييفيتش وتربيميروفيتش المتنافستين. نافست الدوقية جمهورية البندقية المجاورة، وقاتلت وتحالفت مع الإمبراطورية البلغارية الأولى، ومرت عليها فترات من التبعية للإمبراطورية الكارولنجية والإمبراطورية البيزنطية. اعترف البابا يوحنا الثامن بالدوق برانيمير كملك مستقل لكرواتبا في عام 879.

المملكة

التأسيس

ارتقت كرواتيا إلى منزلة المملكة نحو عام 925. كان توميسلاف أول حاكم كرواتي تعطيه المستشارية الباباوية لقب «ملك».[12] يقال بشكل عام أن توميسلاف قد توج في عام 925، ولكن لا يمكن تأكيد هذا القول. من غير المعروف متى أو من الذي توجه، كما لا يمكن التأكيد على أنه قد تُوج بالأساس. ذُكر توميسلاف كملك في وثيقتين محفوظتين نُشرتا في هيستوريا سالونيتانا. ذُكر لأول مرة في ملاحظة تسبق توصيات مجلس الانقسام لعام 925، حيث كُتب أن توميسلاف هو «الملك» الحاكم «في مقاطعة الكروات وفي المناطق الدالماسية»،[13][14][15] في حين أُطلق على حاكم الكرواتيين لقب «الملك»[15] وفق القانون الثاني عشرة من توصيات المجلس. لُقب توميسلاف بـ«ملك الكرواتيين» في رسالة بعث البابا يوحنا العاشر بها.[13][16] وضح تأريخ كاهن دوكليا تعيين توميسلاف ملكًا، وحدد فترة حكمه لتكون 13 عامًا.[13] تؤكد التسجيلات والمواثيق اللاحقة إطلاق خلفاء توميسلاف لقب «ملك» على أنفسهم في القرن العاشر، على الرغم من عدم وجود تسجيلات تؤكد ملكية توميسلاف.[14] أصبحت كرواتيا في ظل حكمه إحدى أقوى ممالك البلقان.[17][18]

يعتبر توميسلاف سليل تربيمير الأول، أحد أبرز أفراد سلالة تربيميروفيتش. نجح توميسلاف في توحيد كروات بانونيا ودالماسيا في وقت ما بين عامي 923 و928، مع وجود دوق مستقل لكل منهما. ربما غطت أراضي المملكة معظم دالماسيا وبانونيا وشمال وغرب البوسنة،[19] على الرغم من عدم معرفة النطاق الجغرافي الدقيق لمملكة توميسلاف. أُديرت كرواتيا في ذلك الوقت باعتبارها مجموعةً مؤلفةً من 11 مقاطعة وبانيت وحيد. امتلكت كل منطقة من هذه المناطق [المقاطعات والبانيت] بلدةً ملكيةً محصنةً خاصة بها.

سرعان ما دخلت كرواتيا في صراع مع الإمبراطورية البلغارية في عهد سيميون الأول (المسمى سيميون العظيم في بلغاريا)، الذي كان بالفعل في حرب مع البيزنطيين. عقد توميسلاف اتفاقيةً مع الإمبراطورية البيزنطية وأدت هذه الاتفاقية إلى مكافأة الإمبراطور البيزنطي رومانوس الأول لتوميسلاف بإعطائه شكلًا من أشكال السيطرة على المدن الساحلية في ثيمة دالماسيا البيزنطية،[14] بالإضافة إلى حصة من الجزية التي جُمعت من مدنها الساحلية. استقبلت كرواتيا الصرب المطرودين وحمتهم مع زعيمهم زاهاريا، بعد غزو سيميون لإمارة صربيا في عام 924.[20] حاول سيميون كسر الميثاق الكرواتي-البيزنطي في عام 926، ليحتل بعد ذلك دفاعات ثيمة دالماسيا البيزنطية الضعيفة،[21] من خلال إرسال دوق ألوجوبوتور مع جيش هائل لمحاربة توميسلاف، ولكن جيش سيميون هُزم في معركة المرتفعات البوسنية. أعاد مندوبي البابا يوحنا العاشر السلام بين كرواتيا وبلغاريا بعد وفاة سيميون في عام 927.[22] من الممكن أن الجيش والبحرية الكرواتية قد تألفت في ذلك الوقت من نحو 100 ألف وحدة مشاة و60 ألف فارس و80 ساجينا و100 سفينة حربية (تسمى كوندورا) وذلك بحسب عمل من إدارة الإمبراطورية المعاصر.[23] مع ذلك، تُعتبر هذه الأرقام مبالغةً كبيرةً بشكل عام.[19]

انظر أيضًا

مراجع

  1. باللغة الكرواتية Hrvatski glagoljizam i stradanje dalmatinskih gradova
  2. Larousse online encyclopedia, Histoire de la Croatie: "Liée désormais à la Hongrie par une union personnelle, la Croatie, pendant huit siècles, formera sous la couronne de saint Étienne un royaume particulier ayant son ban et sa diète." باللغة الفرنسية نسخة محفوظة 27 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. Clifford J. Rogers: The Oxford Encyclopedia of Medieval Warfare and Military Technology, Volume 1, Oxford University Press, 2010, p. 293 نسخة محفوظة 27 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  4. Luscombe and Riley-Smith, David and Jonathan (2004)، New Cambridge Medieval History: C.1024-c.1198, Volume 4، Cambridge University Press، ص. 273–274، ISBN 0-521-41411-3.
  5. Kristó Gyula: A magyar–horvát perszonálunió kialakulása [The formation of Croatian-Hungarian personal union] نسخة محفوظة 31 October 2005 على موقع واي باك مشين.(in Hungarian) [وصلة مكسورة]
  6. Bellamy, Alex J. (2003)، The Formation of Croatian National Identity، Manchester University Press، ص. 36–39، مؤرشف من الأصل في 21 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 16 يناير 2014.
  7. Jeffries, Ian (1998)، A History of Eastern Europe، Psychology Press، ص. 195، ISBN 0415161126، مؤرشف من الأصل في 7 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 16 يناير 2014.
  8. Sedlar, Jean W. (2011)، East Central Europe in the Middle Ages، University of Washington Press، ص. 280، ISBN 029580064X، مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2016، اطلع عليه بتاريخ 16 يناير 2014.
  9. Singleton, Frederick Bernard (1985)، A Short History of the Yugoslav Peoples، Cambridge University Press، ص. 29، ISBN 978-0-521-27485-2.
  10. John Van Antwerp Fine: The Early Medieval Balkans: A Critical Survey from the Sixth to the Late Twelfth Century, 1991, p. 288
  11. Barna Mezey: Magyar alkotmánytörténet, Budapest, 1995, p. 66
  12. Neven Budak - Prva stoljeća Hrvatske, Zagreb, 1994., p. 22 نسخة محفوظة 27 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  13. Ivo Goldstein: Hrvatski rani srednji vijek, Zagreb, 1995, p. 274-275 نسخة محفوظة 3 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  14. Florin Curta: Southeastern Europe in the Middle Ages, 500-1250, Cambridge University Press. 2006, p. 196 نسخة محفوظة 28 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. Codex Diplomaticus Regni Croatiæ, Dalamatiæ et Slavoniæ, Vol I, p. 32
  16. Codex Diplomaticus Regni Croatiæ, Dalamatiæ et Slavoniæ, Vol I, p. 34
  17. General Encyclopedia of the Yugoslavian Lexicographical Institute، Yugoslavian Lexicographical Institute، Zagreb، 1982.
  18. باللغة الكرواتية Zoran Lukić - Hrvatska Povijest نسخة محفوظة 26 September 2009 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  19. John Van Antwerp Fine: The Early Medieval Balkans: A Critical Survey from the Sixth to the Late Twelfth Century, 1991, p. 262
  20. De Administrando Imperio: XXXII. Of the Serbs and of the country they now dwell in
  21. Ivo Goldstein: Hrvatski rani srednji vijek, Zagreb, 1995, p. 289-291 نسخة محفوظة 3 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  22. Clifford J. Rogers: The Oxford Encyclopedia of Medieval Warfare and Military Technology, p. 162 نسخة محفوظة 27 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  23. De Administrando Imperio: 31. Of the Croats and of the country they now dwell in. "Baptized Croatia musters as many as 60 thousand horse and 100 thousand foot, and galleys up to 80 and cutters up to 100."
  • بوابة التاريخ
  • بوابة كرواتيا
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.