موسى بن نصير

أبو عبد الرحمن موسى بن نصير (19 هـ/640 م - 97 هـ/716 م) قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، ثم أصبح واليًا على إفريقية من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك، واستطاع ببراعة عسكرية أن ينهي نزعات البربر المتوالية للخروج على حكم الأمويين،[1] كما أمر بفتح شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو الغزو الذي أسقط حكم مملكة القوط في هسبانيا.

موسى بن نصير
رسم تخيلي لموسى بن نصير

معلومات شخصية
اسم الولادة أبو عبد الرحمن موسى بن نصير
الميلاد 640م (19 هـ)
الشام
الوفاة 716م (97 هـ)
وادي القرى - الحجاز
مواطنة الدولة الأموية 
مناصب
والي إفريقية  
في المنصب
703  – 712 
والي الأندلس  
في المنصب
714  – 716 
الحياة العملية
المهنة قائد عسكري،  والولي 
الخدمة العسكرية
الولاء  الدولة الأموية
الفرع الجيوش الإسلامية زمن معاوية بن أبي سفيان والوليد بن عبد الملك.
الرتبة والي إفريقية وما ورائها
القيادات فتح الأندلس
المعارك والحروب الفتح الإسلامي للمغرب،  والفتح الإسلامي للأندلس 

نشأته

هناك اختلاف على أصول موسى بن نصير، فقد ذكر ابن بشكوال أن اسمه موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد، [2] وذكر بعض المؤرخين أن أباه كان مولى من موالي قبيلة لخم وقيل من صلبها وهو الأرجح[3]، وأن أباه كان على حرس معاوية بن أبي سفيان،[4] وقيل على شرطة معاوية عندما كان واليًا على الشام في خلافة عمر وعثمان،[5] ثم أصبح وصيفًا لعبد العزيز بن مروان، فأعتقه.[6][7] وذكر آخرون أنه ينتسب إلى بني بكر بن وائل، وأن أباه نصير كان من الذين أسرهم خالد بن الوليد في معركة عين التمر عام 12 هـ.[8][9] وذكر آخرون أنه من أراشة من قبيلة بلي سبي أبوه من جبل الخليل من الشام في أيام الصديق، وكان اسم أبيه نصرا فصغر، [2] أما عن مولده، فقد ولد موسى في عام 19 هـ.[10] وفي عهد معاوية بن أبي سفيان، تولى موسى قيادة غزو قبرص.[11][12] وفي عام 73 هـ، نقل عبد الملك بن مروان أخيه بشر من قيادة جند مصر إلى البصرة، وعينه واليًا عليها. فأخذ بشر موسى معه لمعاونته، وعينه على خراج البصرة. ولما ولي الحجاج البصرة، اتهم موسى باختلاس أموال خراج البصرة، فغضب عليه الخليفة عبد الملك بن مروان وأغرمه، ولم ينقذه من هذا الاتهام سوى عبد العزيز بن مروان، الذي تحمّل نصف الغرامة المالية، وأخذه معه لولايته في مصر.[13]

ولايته لإفريقية

بعد أن لحق بعبد العزيز بن مروان في مصر، وجهه عبد العزيز عام 84 هـ بحملة على برقة، فغنم منها وسبى.[14] ثم ولى عبد العزيز بن مروان والي مصر(1) موسى بن نصير على إفريقية خلفًا لحسان بن النعمان عام 78 هـ[15][16][17][18] وقيل عام 86 هـ[19] أو 89 هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك[4][20] استطاع موسى أن يخمد ثورات البربر المتعاقبة، ويعيد فتح المناطق التي كان البربر قد انتزعوها من المسلمين بعد فتحها أول مرة، وبعث بالغنائم إلى عبد العزيز الذي بعثها بدوره إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، فسكن غضب عبد الملك على موسى.[17] وقد اهتم موسى بنشر الإسلام بين البربر[21] ومسالمتهم واستمالة رؤوسهم، ليضمن ألا ينزعوا للثورة مجددًا، فانضم إلى جيشه الآلاف منهم بعد إسلامهم.[22]

ونظرًا للجوء البيزنطيين للغزوات البحرية بعد أن خسروا معاركهم البرية، شرع موسى في بناء دار صناعة قرب أطلال قرطاجنة لبناء أسطول قوي لحماية الثغور. وفي عام 89 هـ، وجه موسى ابنه عبد الله لغزو جزر البليار، فافتتح ميورقة ومنورقة،[23] كما أرسل حملات لغزو سردانية[24] وصقلية، عادت محملة بالغنائم.[25] كما استطاع فتح طنجة، ولم يبق بذلك في المغرب الأقصى سوى سبتة التي كانت تحت حكم يوليان القوطي.[26]

فتح الأندلس

وفي عام 90 هـ، راسل الكونت يوليان موسى بن نصير[27][28] وقيل قائده في طنجة طارق بن زياد يدعو المسلمين لغزو الأندلس، لعداوة بينه وبين رودريك ملك القوط.[29] فكتب موسى للوليد يخبره بدعوة يوليان، فأمره باختبارها بالسرايا، ولا يغرر بالمسلمين بخوض بحر شديد الأهوال. إلا أن موسى طمأنه بأنه ليس بحرًا وإنما خليج، فرد الوليد بأنه وإن كان خليجًا اختبره بالسرايا. فأرسل موسى في رمضان 91 هـ سرية من 400 مقاتل ومائة فارس بقيادة طريف بن مالك، فنزلوا جزيرة سميت بعد ذلك بجزيرة طريف، أصابت مغانم كثيرة.[30]

عندئذ، جهز موسى جيشًا من 7,000 مقاتل معظمه من البربر وولى قيادته طارق بن زياد، وأمره بالعبور للأندلس عام 92 هـ. فجاز طارق بجنوده في 5 رجب 92 هـ[31] إلى موضع الجبل الذي ينسب إليه اليوم. وحين بلغ رودريك خبر جيش طارق جمع جيشًا عظيمًا بلغ نحو مائة ألف مقاتل، وزحف به من عاصمته طليطلة. وحين بلغ طارق خبر حجم حشود رودريك، استمد موسى فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12,000 مقاتل.[32] والتقى الجيشان في 28 رمضان 92 هـ/17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب بحيرة خندة عند وادي لكة،[33] فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر رودريك ولم يظهر مرة أخرى.[34] ثم قسم طارق جيشه فبعث مغيث الرومي مولى الوليد بن عبد الملك في سبعمائة فارس إلى قرطبة،[35] وأرسل مجموعات أخرى إلى إلبيرة ورية، وتوجه هو بباقي الجيش إلى طليطلة.[36] نجحت مجموعات قرطبة وإلبيرة ورية في فتح تلك المناطق، كما دارت معركة صغيرة بين المسلمين والقوط في تدمير، نتج عنها معاهدة بين المسلمين وقائد القوط ثيوديمير.[37]

أرسل طارق إلى موسى يُعلمه بالفتح. فأرسل موسى إلى الوليد بن عبد الملك يبشره، وإلى طارق يأمره بأن لا يستكمل الفتح ويبقى بقرطبة حتى يلحق به. ثم استخلف موسى ابنه عبد الله على القيروان، وعبر إلى الأندلس في رجب 93 هـ.[38] بعد نزوله الأندلس، سلك موسى طريقًا غير الذي سلكه طارق، وافتتح مدن شذونة وقرمونة وإشبيلية وباجة وماردة. ثم ثار أهل إشبيلية على حاميتها من المسلمين وقتلوهم، فأرسل لهم موسى ولده عبد العزيز فأعاد فتحها، ومنها افتتح عبد العزيز لبلة.[39] ثم سار موسى يريد دخول طليطلة، فلقيه طارق في طلبيرة، وأنّبه على مخالفته له في بعض الأمور ثم سارا معًا إلى طليطلة، ثم أرسل من افتتح سرقسطة ومدنها.[40]

وفي عام 95 هـ، جاءت رسل الخليفة الوليد تدعو موسى بالقدوم عليه، فخرج موسى ومعه طارق بن زياد ومغيث الرومي يريدون دمشق، واستخلف ولده عبد العزيز مكانه الذي اتخذ من إشبيلية قاعدة له.[41] ووفد موسى ومعه طارق على الخليفة سليمان بن عبد الملك بعد وفاة الوليد عام 96 هـ.[42] وتقول الروايات العربية، أن سليمان راسل موسى يطالبه بأن يتأنى في القدوم، رغبة منه في أن يدخل عليه في صدر خلافته، وقد كان الوليد في مرض موته، إلا أن موسى رفض، وجدّ في السير، وهنا تختلف الروايات فبعضها يقول بأنه أن أدرك الوليد قبل موته،[42] والبعض يقول أنه وصل دمشق بعد أن أصبح سليمان خليفة.[43] وعند قدوم موسى على سليمان، أمر سليمان بعزله واتهمه باختلاس أموال وسجنه وأغرمه، ولم ينقذه سوى شفاعة يزيد بن المهلب الذي كانت له حظوة عند سليمان.[44]

وفاته وشخصيته

قال عنه ابن خلكان: «كان عاقلاً كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًّا لله تعالى، لم يُهزم له جيشٌ قطُّ.[4]» ويعد موسى بن نصير من التابعين، وقد روى عن تميم الداري،[45] وروى عنه يزيد بن مسروق اليحصبي. وقد خرج مع الخليفة سليمان بن عبد الملك للحج عام 97 هـ،[18] ومات في الطريق في وادي القرى[10] أو بمر الظهران،[44] وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك.[46] وإلى جانب مواهبه العسكرية والإدارية، كان موسى بليغًا في النثر والنظم.[47]

انظر أيضًا

المراجع

  1. عنان 1997، صفحة 59
  2. البداية والنهاية - ابن كثير - الجزء 9 الصفحة 194
  3. تاريخ العرب المطول فيليب حتي ج2 ص 76
  4. ابن خلكان 1972، صفحة 319
  5. الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - نصير أبو موسى نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. الكامل في التاريخ لابن الأثير - ذكر وقعة عين التمر نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  7. البلاذري 1901، صفحة 238
  8. مؤلف مجهول 1989، صفحة 14
  9. المكتبة الشاملة - تاريخ الرسل والملوك للطبري ج3 ص377 نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  10. ابن خلكان 1972، صفحة 329
  11. الزركلي 2002، صفحة 330
  12. سير أعلام النبلاء للذهبي - موسى بن نصير نسخة محفوظة 11 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  13. ابن عذاري 1980، صفحة 39-40
  14. ابن تغري بردي 1992، صفحة 266
  15. ابن تغري بردي 1992، صفحة 254
  16. ابن عبد الحكم 1999، صفحة 274
  17. ابن الأبار 1985، صفحة 332
  18. الحميدي 1966، صفحة 338
  19. ابن عذاري 1980، صفحة 41
  20. الكامل في التاريخ لابن الأثير - ذكر استعمال موسى بن نصير على إفريقية نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  21. ابن عذاري 1980، صفحة 42
  22. عنان 1997، صفحة 25
  23. ابن تغري بردي 1992، صفحة 277
  24. ابن تغري بردي 1992، صفحة 289
  25. عنان 1997، صفحة 25-26
  26. عنان 1997، صفحة 26
  27. الكامل في التاريخ لابن الأثير - مراسلة يوليان لموسى بن نصير نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  28. مؤلف مجهول 1989، صفحة 16
  29. ابن عبد الحكم 1999، صفحة 277
  30. مؤلف مجهول 1989، صفحة 16-17
  31. ابن عذاري 1980، صفحة 6
  32. مؤلف مجهول 1989، صفحة 17
  33. عنان 1997، صفحة 42
  34. مؤلف مجهول 1989، صفحة 18-19
  35. مؤلف مجهول 1989، صفحة 19
  36. مؤلف مجهول 1989، صفحة 20
  37. مؤلف مجهول 1989، صفحة 21-23
  38. ابن عبد الحكم 1999، صفحة 280
  39. ابن عذاري 1980، صفحة 15
  40. مؤلف مجهول 1989، صفحة 24-27
  41. مؤلف مجهول 1989، صفحة 27
  42. ابن عبد الحكم 1999، صفحة 284
  43. عنان 1997، صفحة 57
  44. ابن عبد الحكم 1999، صفحة 287
  45. ابن خلكان 1972، صفحة 318
  46. ابن عذاري 1980، صفحة 23
  47. المقري 1968، صفحة 286

المصادر

  • ابن عبد الحكم, أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله (1999)، فتوح مصر والمغرب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر.
  • مؤلف مجهول, تحقيق: إبراهيم الإبياري (1989)، أخبار مجموعة في فتح الأندلس، دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت، ISBN 977-1876-09-0.
  • ابن عذاري, أبو العباس أحمد بن محمد (1980)، البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب، دار الثقافة، بيروت.
  • القضاعي, ابن الأبّار (1997)، الحلة السيراء، دار المعارف، القاهرة، ISBN 977-02-1451-5.
  • الحميدي, أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح (1989)، جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، الدار المصرية للتأليف والترجمة.
  • البلاذري, أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي (1901)، فتوح البلدان، مطبعة الموسوعات بالقاهرة.
  • ابن تغري بردي, أبو المحاسن جمال الدين يوسف الأتابكي (1992)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • ابن خلكان, أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر (1972)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • عنان, محمد عبد الله (1997)، دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، القاهرة. (ردمك 9775050824)
  • الزركلي, خير الدين (2002)، الأعلام، دار العلم للملايين.

الملاحظات

  • 1: كانت إفريقية في تلك الفترة تتبع ولاية مصر، وكان والي مصر هو من يعين ولاة إفريقية.
سبقه
حسان بن النعمان
والي إفريقية

78 - 93 هـ

تبعه
عبد الله بن موسى
سبقه
طارق بن زياد
والي الأندلس

93 - 95 هـ

تبعه
عبد العزيز بن موسى
  • بوابة أعلام
  • بوابة الإسلام
  • بوابة التاريخ
  • بوابة التاريخ الإسلامي
  • بوابة الحرب
  • بوابة الدولة الأموية
  • بوابة المغرب العربي
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.