قومية فلسطينية

الوطنية الفلسطينية هي الحركة الوطنية للشعب الفلسطيني من أجل تحقيق مبدأ تقرير المصير والسيادة على أرض فلسطين.[1] وقد تشكلت هذه الحركة في الأساس لتطلق زمام المعارضة ضد الصهيونية. أصبحت هذه الحركة فيما بعد ركيزة جوهرية في مناهضة النزاعات القومية العربية. وهكذا فقد رفضت الاحتلال التاريخي للأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل والسيادة العربية غير المحلية من قبل مصر على قطاع غزة والأردن على الضفة الغربية. على عكس الأطروحات الحالية التي تقتصر على كون فلسطين هي إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة فقط فقد اقترح في الفترة ما بين 1969 و1972 من قبل منظمة التحرير الفلسطينية مرارا وتكرارا فكرة ضم الأردن إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية كجزء من رؤيتها نحو إقامة فلسطين كبرى.[2]

الخلفية التاريخية

قبل تطور مفهوم الوطنية الحديثة، اتجه هذا الولاء الوطني ليركز بؤرة اهتمامه في مدينة معينة أو شخص معين. فقد صيغ وترجم هذا المصطلح «القومية» عن طريق الكاتب والناقد الألماني يوهان جوتفريد هردر في أواخر القرن الثامن عشر. وقد قورنت القومية الفلسطينية بالعديد من الحركات القومية الأخرى مثل القومية العربية والصهيونية. أدلى بعض القوميين دلوهم في القضية الفلسطينية قائلين «إن الأمة الفلسطينية هناك دائمًا، فهي في الواقع جزء من النظام الطبيعي الذي يسود أراضيها؛ حتى غرقت في قلوب قاطنيها». وتماشيًا مع هذه الرؤية الفلسفية، فقد صرحت جامعة القدس أنه على الرغم من تعرض فلسطين للاحتلال في الآونة الأخيرة من قبل القدماء المصريين والحيثيين والفلسطينيين والإسرائيلين والآشوريين والبابليين والفرس والرومان والمماليك والعثمانيين والبريطانيين والصهاينة، ولكن ظل الكيان الفلسطيني محتفظًا بوجوده على الأراضي الفلسطينية ولايزال.

صورة لمظاهرة احتجاجية نسائية تطوف أراضي فلسطين ضد الانتداب البريطاني عام 1930م. وتنص اللافتة على «لا اتصال، لا مفاوضة حتي يسقط الانتداب».
تتربع كلمة فلسطين على قائمة الأعمال ومنها وجودها في ترجمة خليل بيدس في مقدمة كتاب Akim Olesnitsky's الذي خاض في وصف الأراضي المقدسة عام 1889.

أثار زخاري فوستر جدلاً في مقال الشؤون الخارجية لعام 2015 حول أول عربي استخدم مصطلح «الفلسطيني»، فريد جورج كساب، وهو مسيحي يدين المسيحية الأرثوذكسية[؟] في بيروت. وقد توصل إلى هذا استنادًا على مئات من المخطوطات وسجلات المحاكم الإسلامية، والكتب، والمجلات، والصحف التي يعود تاريخها إلى الفترة العثمانية (1516-1918). وأوضح كذلك أن كساب في كتابه 1909 كتاب فلسطين والهيلينية والاكليروسية؛ حيث أشار بالمناسبة أن العثمانيين ذوي النزوع الفلسطيني الأرثوذكسي يطلقون على أنفسهم العرب، فهم في واقع الأمر عرب، على الرغم من وصف الناطقين باللغة العربية من فلسطين بالفلسطينيين خلال الجزء المتبقي من هذا الكتاب. أدلي فوستر برأيه فيما بعد عن طريق منشور صغير انتشر في ميدان فلسطين عام 2016 موضحًا بشاهد تاريخي حيث استخدم الأديب والمترجم الفلسطيني خليل بيدس مصطلح «فلسطيني» لوصف السكان العرب في المنطقة في مقدمة لكتاب له ترجم من الروسية إلى العربية في عام 1898. ففي كتاب " Akim Olesnitsky" الذي خاض في وصف الأرض المقدسة، تمكن بيدس من إيضاح توقيت العمل الزراعي الصيفي الذي يبدأ في شهر مايو مع حصاد القمح والشعير. وبعد تحمل المناخ الصيفي الذي لا تشتهيه الأراضي لندرة الأمطار بشكل قاطع مما يؤدي إلى نفاد مخزون المياه بالخزانات ونضوب الأنهار والينابيع، تبدو معالم اللهفة والحفاوة على الفلاحين لإستقبال فصل الشتاء، هذا الموسم الذي تنتشر خيراته في حقولهم المتحجرة لتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج. وأوضح فوستر أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث حيث يظهر مصطلح 'الفلسطيني' أو 'Filastini "باللغة العربية. وأضاف، أن هذا المصطلح «فلسطيني» قد تم استخدامه بالفعل منذ عقود مضت في اللغات الغربية التي كتبتها جيمس فين البريطانية، والألمانية لودفيغ شنلر، وجيمس ويلز الأمريكية. وفي كتابه «الهوية الفلسطينية وبناء الوعي الوطني الحديث»، لاحظ المؤرخ رشيد الخالدي أن الطبقات الأثرية التي تشير على تاريخ فلسطين والتي تشمل الكتاب المقدس والرومانية والبيزنطية والأموية والفاطمية والصليبية والأيوبية والمملوكية والعثمانية تشكل جزءًا من هوية الشعب الفلسطيني المعاصر؛ حيث قدموا على فهم ذلك خلال القرن الماضي، ولكن باءت بعض محاولات وجهود القوميين الفلسطينين بالفشل واستقبلت بالتهكم وذلك لمحاولاتهم التي تنطوي على المفارقات التاريخية في الولوج إلى التاريخ مرة أخرى لبث فيه صحوة الوعي القومي الأمر الذي يحتم بعصرية هذه المحاولات. وأكد الخالدي على عدم انحصار دائرة الهوية الفلسطينية على مفهومها فقط، بل اتسعت لتشمل "العروبة[؟] والدين[؟] والولاءات المحلية" التي تلعب دورًا هامًا في اكتمال هذه الدائرة. وناقش أيضًا شأن الهوية الوطنية الحديثة للشعب الفلسطيني التي امتدت جذورها إلى الخطابات القومية التي ظهرت بين شعوب الدولة العثمانية في أواخر القرن ال19 التي شحذت بعد ترسيم الحدود الحديثة للدولة الأمة في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية. كما أنه يسلم بأن الصهيونية لعبت دورًا في تشكيل هذه الهوية، على الرغم من الخطأ الجسيم الذي يشير إلى أن الهوية الفلسطينية برزت أساسا كاستجابة فعلية على الصهيونية. ويسترسل الخالدي في وصف السكان العرب في فلسطين أثناء الإنتداب البريطاني[؟] بأنها «هويات متداخلة» ذات النزوع الولائي إلى القري والمناطق ودولة فلسطين التصورية والبديل المدرج في بلاد الشام والمشروع القومي العربي بالإضافة إلى الإسلام. وأضاف قائلًا أن «الوطنية المحلية لا يمكن بعد وصفها بأنها القومية للدولة الأمة». وقام المؤرخ الإسرائيلي حاييم جربر أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة العبرية في القدس بتتبع مسار القومية العربية بالنظر في تاريخ القرن السابع عشر حيث الزعيم والمفتي الديني خير الدين الرملي (1585-1671) الذي عاش في مدينة الرملة. ادعى أن فتاوى خير الدين الرملي الدينية (فتوى: جمع فتاوى) التي جُمعت في شكلها النهائي في عام 1670 تحت اسم الفتاوى الخيرية كانت خير شاهدٍ على الوعي القومي الذي يسود المدينة آنذاك حيث أنها شكلت سجلًا معاصرًا، وأعطت رؤية عميقة عن العلاقات الزراعية. ولعبت هذه المجموعة الدينية التي تم إدراجها تحت مسمى الفتاوى الخيرية لكاتبها ومؤلفها خير الدين الرملي دورًا حيويًا في تسليط الضوء على مجموعة من المفاهيم مثل فلسطين Filastin)) وبلدنا (biladuna) والشام (سوريا) ومصر (Misr) والديار (diyar) في سياق يرمي إلى نظرة تخترق الحدود الجغرافية.

أقر كلًا من المفكر الإسرائيلي باروخ كيمرلنج والمؤرخ الإسرائيلي بيني موريس أن حصار عكا[؟] عام 1834 هو الحدث التكويني الأول للشعب الفلسطيني، في حين أبرم موريس أن وجود العرب في فلسطين بقي جزءًا من الحركة القومية الوطنية للوحدة الإسلامية أو العربية. في كتابه الصراع بين إسرائيل وفلسطين: مائة عام من الحرب The Israel–Palestine Conflict: One Hundred Years of War، يقول جيمس جلفن أن "القومية الفلسطينية ظهرت خلال فترة ما بين الحربين ردًا على الهجرة الصهيونية والإستيطان. ومع ذلك، فإن هذا لا يحط من شرعية[؟] الهوية الفلسطينية عندما تُذكر الحقيقة الآتية التي تقر بظهور القومية الفلسطينية عقب الصهيونية كاستجابة فعلية لها، والأمر الذي لا يقلل بأي حال من الأحوال من شأن القومية الفلسطينية أو يشكك في صحتها عند مقارنتها بالصهيونية. تنشأ جميع القوميات التي تتخذ مسارًا معارضًا لفكرة " الآخر ". وإلا لماذا سيكون هناك داعي لتحديد من أنت؟، فكل القوميات يتم تعريفها من خلال معارضيها. وقد ناقش البريطاني المتخصص في دراسات الشرق الأوسط برنارد لويس أنها لم تكن كدولة فلسطينية، ذلك أن عرب فلسطين التابعين للدولة العثمانية اعترضوا على الصهيونية، حيث لم يُعرف مصطلح الدولة بعد إلى العرب ولم يتم خروجه إلى الوجود، حتى أن مفهوم القومية العربية في الولايات العربية للدولة العثمانية، "لم تصل إلى نسب كبيرة قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى".وقد أكد المؤلف والمؤرخ الأمريكي المتخصص في نقد الشأن الإسلامي دانيال بايبس أن الوجود العربي الفلسطيني لم يطأ الأراضي الفلسطينية منذ بداية عام 1920، ولكن بحلول ديسمبر كانون الاول اتخذت شكلًا مماثلًا لما تتواجد عليه اليوم. وأضاف أنه مع توغل الإنتداب البريطاني على فلسطين من سوريا الكبرى، اجتهد عرب الانتداب الجديد في تحقيق أفضل مايمكن لوضعهم الراهن، ومن ثم أطلقوا على أنفسهم لفظة فلسطينيين.

الجذور التاريخية

رافق انهيار الدولة العثمانية توهج الشعور بالهوية العربية في الولايات العربية في الدولة العثمانية، وأبرزها سوريا والتي تم اعتبارها أن تشمل فلسطين ولبنان. وغالبًا ما يُنظر إلى هذ التطور بأنه وثيق الصلة بالنزوع الإصلاحي أو ما يُطلق عليه النهضة العربية أو اليقظة العربية أو حركة التنوير العربية مما وجه الأنظار في أواخر القرن التاسع عشر إلى قضية إعادة تحديد الهويات الثقافية والسياسية المتأصلة بسمة الشخصية العربية. وتحت راية الحكم العثماني، رأى السكان العرب قاطنو الأراضي الفلسطينية أنفسهم توابع للدولة العثمانية. وفي عام 1830، احتلت فلسطين من قبل التابع المصري للدولة العثمانية محمد علي وابنه إبراهيم باشا. نجمت الثورة العربية الفلسطينية نتيجة المقاومة الشعبية الرافضة للمطالب الثقيلة التي وقعت على عاتق المجندين؛ حيث أدرك الفلاحون أن التجنيد في جوهره لا يقل تعذيبًا عن عقوبة الإعدام. وفي عام 1834 اجتاحت المظاهرات العديد من المدن من بينها القدس والخليل ونابلس. وردًا على هذا، أرسل ابراهيم باشا[؟] جيشًا لقمع المتمردين في الرابع من أغسطس في مدينة الخليل. وبمساعدة كل من القومية العربية في شكلها المبكر والقومية السورية باعتبارهما الإتجاهات السائدة في هذه الفترة جنبًا إلى جنبٍ مع الولاء المستمر للدولة العثمانية، تمايزت السياسة الفلسطينية إلى ردود أفعال لدفع الهيمنة الأجنبية ونمو الهجرة الخارجية، وبخاصة الصهيونية. ونتج عن احتلال إبراهيم باشا للأراضي الفلسطينية تدمير مدينة عكا عام 1830[بحاجة لمصدر] وعلى إثرها ازدادت الأهمية السياسية لنابلس.

انتزع العثمانيون السيطرة على سوريا في 1840-1841. وعقب ذلك ارتفع صيت عشيرة عبد الهادي التي نشأت في عرابة[؟] في منطقة سهل عرابة في شمال الضفة الغربية (منطقة السامرة)، لتتقدم إلى الصدارة. وقد اكتسبت فئة الحلفاء المخلصين وعائلة طوقان الولاية المطلقة على جبل نابلس وبعض المناطق الأخرى. في عام 1887 تم تقسيم ولاية القدس كجزء من سايسة الدولة العثمانية؛ حيث اتبعت سياسية تقسيم بلاد الشام (سوريا العثمانية) إلى وحدات إدارية صغرى. واتبعت إدارة هذه الولاية منحنى محلي واضح. كما كشف المؤلف ميشيل كامبوس أنه عقب تأسيس تل أبيب في عام 1909، أخذت النزاعات على الأرض طريقها نحو النمو[؟] لتأخذ منحنى جديد وهوال تنافس[؟] الوطني الواضح. أضحت المطامع الصهيونية تشكل وبالًا على القادة الفلسطينيين، حيث ساهم شراء الأراضي الفلسطينية من قبل المستوطنين الصهيوينيين ولاحقًا طرد الفلاحين الفلسطينيين الأصليين لهذه الأرض في خلق جذوة مشتعلة عملت على تفاقم المسألة. وردت هذه الأحزاب القومية الفلسطينية في جريدة فلسطين في يونيو 1914 بخطاب من أبو السعود وتمثلت في جميعة الإخوة والعفة، والجمعية الخيرية الإسلامية، وشركة الاقتصاد الفلسطيني العربي، وشركة التجارة الوطنية الاقتصادية. وتتشابه هذه الجمعيات في انتهاج مسار عملي واحد وتبني مُثُل عليا قيمة تتمثل في تعزيز[؟] الوطنية والسمو بالطموحات التعليمية ودعم الصناعات الوطنية.

المجموعات القومية الفلسطينية

الأعيان

تعد فئة الأعيان الفلسطينيين هي مجموعة من النخب التي تسكن المناطق الحضرية، وتمثل قمة الهرم الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني؛ حيث الجمع بين القوة الاقتصادية والسياسية التي هيمنت على السياسات العربية الفلسطينية طوال فترة الانتداب البريطاني. وقد تم تشجيع الهيمنة العليا من أصحاب النفوذ والأعيان ومحاولة الاستفادة منها خلال الفترة العثمانية وأثناء الانتداب البريطاني لاحقًا للعمل كوسطاء بين السلطة والشعب لإدارة الشؤون المحلية في فلسطين. شكلت عائلة الحسيني قوة رئيسية في التمرد ضد حاكم مصر وفلسطين محمد علي في تحدٍ واضح للدولة العثمانية، مما عزز من قوة العلاقة التعاونية مع عودة السلطة العثمانية. فقد شاركت هذه العائلة في النزال ضد عائلة القيسي بالتحالف مع رئيس المناطق الريفية لمنطقة القدس مصطفى أبو غوش، وقاموا بعملية الاشتباك على هذه القبيلة مرارًا وتكرارًا. ووقعت العديد من النزاعات تدريجيًا في المدينة بين كلًا من القبيلة والخالديين التي تؤدي إلى عائلة القيسي، فقد تعاملت هذه النزاعات مع المواقع المدنية وليس مع التنافس القيسي اليماني. وترأست عائلة الحسيني فيما بعد حركات المقاومة والدعاية ضد الأتراك الناشئين الذين سيطروا على مقاليد الدولة العثمانية وربما كان الأكثر من ذلك هو أخذ مقاومتهم بعدًا عدائيًا ضد الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية المبكرة. شغل السياسي جمال الحسيني رئاسة الحزب العربي الفلسطيني عام 1935. واُنتخب اميل الغوري أمينًا عامًا لهذا الحزب فهو المنصب الذي شغله حتى نهاية الانتداب البريطاني في عام 1948. وفي عام 1948 الذي شهد سيطرة الأردن على القدس وطرد الصهاينة منها، قام الملك عبد الله الأول بإقالة أمين الحسيني من منصب مفتي القدس، ومنعه من دخول القدس. كانت أسرة النشاشيبي لها تأثير فعال بشكل خاص في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني من 1920 حتى 1948. أثناء هذه الفترة، تنافست هذه العائلة مع عائلة الحسيني، من أجل الهيمنة على المشهد السياسي العربي الفلسطيني. أما على الجانب الآخر من الأعيان الذين يفتقدون وهج الهوية الفلسطينية مع السكان العرب الفلسطينيين فيُذاع صيتهم كقادة وليسوا كممثلين عن المجتمع العربي الفلسطيني.

المراجع

  • بوابة التاريخ
  • بوابة إسرائيل
  • بوابة فلسطين
  • بوابة السياسة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.