الإصلاح الاقتصادي في العراق
يصف الإصلاح الاقتصادي في العراق القرارات التي اتخذتها سلطة الائتلاف المؤقتة لتغيير اقتصاد العراق بشكل كبير في أعقاب الغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003.
قبل الاحتلال الأمريكي، كان العراق يمتلك اقتصادا مركزيا التخطيط. ومن بين أمور أخرى، حظر القانون الملكية الأجنبية للشركات العراقية، وأدار معظم الصناعات الكبرى كمؤسسات مملوكة للدولة، وفرض تعريفات جمركية كبيرة لمنع دخول السلع الأجنبية.[1] وبعد غزو العراق في عام 2003، سارعت سلطة الائتلاف المؤقتة إلى إصدار العديد من الأوامر الملزمة بخصخصة اقتصاد العراق وفتحه أمام الاستثمار الأجنبي.
وقد تم تنفيذ الإصلاح الاقتصادي إلى جانب إصلاح المؤسسات الحكومية والنظام القانوني العراقي واستثمار دولي كبير لإصلاح أو استبدال البنية التحتية المتضررة في العراق.
وفي حين أن جهود الإصلاح قد حققت بعض النجاحات، فقد نشأت مشاكل في تنفيذ جهود إعادة إعمار العراق الممولة دوليا. وتشمل هذه العوامل عدم كفاية الأمن وانتشار الفساد وعدم كفاية التمويل وضعف التنسيق بين الوكالات الدولية والمجتمعات المحلية.
التخطيط
كان بول بريمر، الرئيس التنفيذى لائتلاف سلطة العراق المؤقتة، قد خطط لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقى المملوك للدولة من خلال تفكير السوق الحر. وقد خفض بريمر معدل الضريبة على الشركات من حوالى 45 في المائة إلى معدل ضريبى ثابت نسبته 15 في المائة وسمح للشركات الاجنبية باعادة جميع الارباح المكتسبة في العراق إلى الوطن. وكانت المعارضة من كبار المسؤولين العراقيين، بالإضافة إلى الوضع الأمني المتردي، تعني أن خطة الخصخصة التي اقترحها بريمر لم يتم تنفيذها خلال فترة ولايته،[2] على الرغم من أن أوامره لا تزال سارية المفعول. وبالإضافة إلى حوالى 200 شركة أخرى مملوكة للدولة، كان من المقرر أن تبدأ خصخصة صناعة النفط في وقت ما في أواخر عام 2005، على الرغم من معارضة اتحاد نقابات النفط في العراق لذلك.
النفط
وينص الأمر رقم 39 على إطار للخصخصة الكاملة في العراق، باستثناء "الاستخراج الأولي والمعالجة الأولية" للنفط، ويسمح بملكية أجنبية للأصول العراقية بنسبة 100 في المائة. إن قانون النفط العراقي هو جزء مقترح من التشريع تم تقديمه إلى مجلس النواب العراقي في أيار مايو 2007.[3]
ولم تتوصل الحكومة العراقية بعد إلى إتفاق بشأن القانون. في حزيران يونيو 2008، أعلنت وزارة النفط العراقية عن خطط بالمضي قدما بعقود صغيرة من دون مناقصات مع شركة "إكسون موبيل" و"شل" و"توتال" و"بي بي" - التي كانت شريكة سابقا في شركة نفط العراق - إلى جانب شركة "شيفرون" وشركات أصغر لخدمة أكبر الحقول في العراق.[4] وقد تم إلغاء هذه الخطط في أيلول سبتمبر بسبب توقف المفاوضات لفترة طويلة بحيث تعذر إنجاز العمل ضمن الإطار الزمني، وفقا لوزير النفط العراقي حسين الشهرستاني. كما انتقد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الاتفاق، قائلين أنه يعيق الجهود الرامية إلى إقرار قانون الهيدروكربون.[5]
وضمت حكومة بريمر الانتقالية شخصيات مقربة من إدارة جورج بوش مثل اللوبي المؤيد لصناعة تجارة الحبوب دان امستوتز الذي عين مسؤولا عن السياسة الزراعية في العراق.
الاستثمار والتجارة الخارجيين
ينص قرار سلطة الإئتلاف المؤقتة رقم 39، المعنون "الاستثمار الأجنبي"، على أن "المستثمر الأجنبي يحق له القيام باستثمارات خارجية في العراق بشروط لا تقل مؤاتاة عن تلك المطبقة على المستثمر العراقي"، و"لا يجوز تقييد مقدار المشاركة الأجنبية في الكيانات التجارية المشكلة حديثا أو القائمة في العراق.... وبالإضافة إلى ذلك، "يؤذن للمستثمر الأجنبي... تحويل جميع الأموال المرتبطة باستثماراتها الأجنبية إلى الخارج دون تأخير، بما في ذلك الأسهم أو الأرباح وتوزيعات الأرباح "....
وبهذا الترتيب، يؤكد النقاد أن سلطة الإئتلاف المؤقتة غيرت بشكل جذري الاقتصاد العراقي، إذ سمحت باستثمارات أجنبية غير محدودة وغير مقيدة تقريبا ولم تضع قيودا على تحويل الأرباح إلى الخارج. غير أن هذه السياسات تتفق مع المعايير الدولية الراهنة بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر التي تلتزم بها معظم دول العالم المتقدم[6][7] وخلص الأمر إلى أنه "حيثما ينص إتفاق دولي يكون العراق طرفا فيه على شروط أكثر ملاءمة فيما يتعلق بالمستثمرين الأجانب الذين يضطلعون بأنشطة استثمارية في العراق، تطبق الشروط الأكثر ملاءمة بموجب الاتفاق الدولي".[8]
وفقا لنقاد مثل نعومي كلاين، تم تصميم هذا النظام لخلق بيئة مواتية للمستثمرين الأجانب قدر الإمكان، مما يسمح للشركات الأمريكية والمتعددة الجنسيات بالهيمنة على الاقتصاد العراقي. وقد أشارت انتقادات كبيرة إلى أن هذه السياسات معادية للديمقراطية بشكل أساسي، وأن مثل هذه القواعد لا يمكن أن تكون مشروعة إلا إذا أقرتها حكومة عراقية منتخبة خالية من الاحتلال الأجنبي.[9] ويجادل آخرون بأن القواعد تجعل القانون الاقتصادي العراقي متوافقا مع المعايير الحديثة للتجارة الدولية، وأن الحكومة السابقة وقوانينها لم تكن شرعية ديمقراطيا لأن حكومة صدام حسين لم تنتخب.
منح أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 17 جميع المقاولين الأجانب العاملين في العراق حصانة من "الإجراءات القانونية العراقية"، ومنح الحصانة فعليا من أي نوع من الدعاوى، المدنية أو الجنائية، عن الإجراءات التي يقوم بها المتعاقدون داخل العراق.[10]
وعلق أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 12، المعدل بموجب الأمر 54، جميع التعريفات، مما أزال الميزة التي يتمتع بها المنتجون العراقيون المحليون على المنتجين الأجانب.[11][12] غير أنه أعيد في وقت لاحق فرض نسبة "5 في المائة" على جميع السلع المستوردة للمساعدة في تمويل مشاريع إعادة الإعمار العراقية.[13]
الضرائب
وينص الأمر رقم 49 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة على تخفيض ضريبي للشركات العاملة داخل العراق. وخفض المعدل من 40% كحد أقصى إلى 15% كحد أقصى على الدخل. تم إعفاء الشركات العاملة مع سلطة الائتلاف المؤقتة من أي ضريبة مستحقة.[14]
الديون الخارجية
وكان أحد التحديات الاقتصادية الرئيسية هو ديون العراق الخارجية الهائلة، التي تقدر بنحو 130 مليار دولار. وعلى الرغم من أن بعض هذه الديون كانت مستمدة من عقود التصدير العادية التي فشل العراق في سدادها، إلا أن جميعها تقريبا كانت نتيجة للدعم العسكري والمالي أثناء حرب العراق مع إيران.
آثار
منذ ذروة عام 1980، تقلص الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للعراق بشكل مطرد إلى 12.3 مليار دولار فقط في عام 2000. بيد أن رفع العقوبات، بعد الإطاحة بصدام، كان له أثر فوري. بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 55.4 مليار دولار بحلول عام 2007[15] بسبب الزيادة في إنتاج النفط وكذلك الأسعار الدولية. وفي عام 2006، قدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 17 في المائة.[16]
نقاش أخلاقي
ويقول منتقدو سلطة الائتلاف المؤقتة ان هذه السياسات لم تكن فقط محاولات سافرة لتشكيل اقتصاد العراق لصالح المستثمرين الامريكيين (وغيرهم) وضد مصالح العراقيين أنفسهم بل انها كانت غير قانونية بموجب القانون الدولي (وخاصة قرارات لاهاي واتفاقيات جنيف) لأن القوة المحتلة ممنوعة من إعادة صياغة قوانين البلد المحتل.[17]
انظر أيضًا
المراجع
- "Iraq's economy: Past, present, future"، مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 2006، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- Weisman, Steven R. (05 يناير 2004)، "THE STRUGGLE FOR IRAQ: NORTHERN REGION; Kurdish Region in Northern Iraq Will Get to Keep Special Status"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 20 أغسطس 2021.
- Pepe Escobar on Iraq - The U.S. "Surge" in Iraq and the oil law.، Sao Paulo, Brazil: The Real News، 29 يونيو 2007، وقع ذلك في 2:25 - 3:14، مؤرشف من الأصل في 11 فبراير 2008، اطلع عليه بتاريخ 29 يونيو 2007.
- Kramer, Andrew E. (19 يونيو 2008)، "Deals With Iraq Are Set to Bring Oil Giants Back"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 20 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2017.
- Kramer, Andrew E. (10 سبتمبر 2008)، "Iraq Cancels Six No-Bid Oil Contracts"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 28 فبراير 2017، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2017.
- "oecd.org/~restrictions on foreign ownership WTO" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 17 أكتوبر 2005، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- "Archived copy" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 17 أكتوبر 2015، اطلع عليه بتاريخ 07 فبراير 2016.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة CS1: الأرشيف كعنوان (link) - "iraqcoalition.org/regulations/~Foreign_Investment_.pdf" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 01 يوليو 2004، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- WAR: TRADE BY OTHER MEANS: How the US is getting a free trade agreement minus the negotiations
- "iraqcoalition.org/~Status_of_Coalition_Rev_with_Annex_A.pdf" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 01 يوليو 2004، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- "Coalition Provisional Authority Order Number 12: Trade Liberalization Policy" (PDF)، 12 يونيو 2003، مؤرشف من الأصل (PDF) في 24 سبتمبر 2013، اطلع عليه بتاريخ 09 يونيو 2014.
- "iraqcoalition.org/~Trade_Liberlization_Policy_2004_with_Annex_A.pdf" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 03 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- Iraq Investment and Reconstruction Task Force نسخة محفوظة 2012-08-08 على موقع واي باك مشين.
- "iraqcoalition.org/~Tax_Strategy_of_2004_with_Annex_and_Ex_Note.pdf" (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 03 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- "CIA World Fact Book - Iraq's Economy"، مؤرشف من الأصل في 6 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 27 مايو 2010.
- "National Strategy for Victory in Iraq"، georgewbush-whitehouse.archives.gov، مؤرشف من الأصل في 31 أكتوبر 2013، اطلع عليه بتاريخ 09 يونيو 2014.
- Mate, Aaron (07 نوفمبر 2003)، "Pillage is forbidden"، the Guardian (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2018، اطلع عليه بتاريخ 20 مارس 2018.
- بوابة العراق
- بوابة الاقتصاد