الإلحاد في الشتات الأفريقي

يُقصد بالإلحاد في الشتات الأفريقي إلحاد الأشخاص المنتمين للعرق الأسود خارج قارة أفريقيا. يُعتبر السود في الولايات المتحدة أقل المجموعات العرقية من ناحية كونهم غير منتمين دينيًا، ناهيك عن تعريف أنفسهم بوصفهم ملحدين.[1][2][3] أما في المملكة المتحدة فتتشابه التركيبة السكانية.[4] الملحدون هم الأفراد الذين لا يؤمنون بوجود إله أو آلهة متعددة.[5] الإلحاد ليس رفضًا أو إنكارًا للآلهة؛ إنه عدم الإيمان بوجودها. يُعرّف بعض الملحدين، وليس جميعهم، أنفسهم بوصفهم إنسانيين علمانيين، وهم أفراد يؤمنون بأن الحياة لها معنى وبهجة دون الحاجة إلى الدين أو إلى ما هو خارق للطبيعة، وأنه ينبغي لجميع الأفراد أن يعيشوا حياة أخلاقية بإمكانها تقديم الخير الأكبر للبشرية.[6] يتواجد الملحدون السود والإنسانيون العلمانيون اليوم وعبر التاريخ، رغم أن الكثير منهم لم يكن صريحًا في معتقداته أو عدم إيمانه على الدوام.[7]

تشمل القضايا التي تواجه الملحدين السود حقيقة واقعهم بأنهم «مختلفون عرقيًا» عن حركة الإلحاد الأكبر والأكثر وضوحًا و«مختلفون دينيًا» عن مجتمع السود.[8] يُعد الملحدون السود في الغالب أقلية في بلدانهم ومواقعهم، ثم أقلية أصغر في مجموعة الملحدين، التي هي في كثير من الأحيان تكون أقلية.

في بعض الأحيان، ينظر السود إلى الإلحاد على أنه رابطة للبيض فقط، وفي الولايات المتحدة، يرتبط التاريخ الأمريكي الأفريقي، والعبودية، وحركة الحقوق المدنية ارتباطًا وثيقًا بالمسيحية.[9] أصبح الدين، إلى حد كبير، جزءًا من تقاليد تاريخ السود وثقافتهم.[10] حتى عندما تكون هنالك حركة ملحدة أو حركة علمانية إنسانية قوية في الشتات الأفريقي، فإنها تُهمَل ولا تلقى الاهتمام. تجاهل المؤرخون، في الدراسات التاريخية، أشكال التعبير السوداء عن النزعة الإنسانية والعلمانية.[11]

الإلحاد الأسود والدين

كتب العديد من الكتاب السود البارزين في أمريكا، خلال عصر نهضة هارلم، وناقشوا انتقاداتهم للكنيسة المسيحية بأشكال مختلفة. وصف أنتوني بي. بّين المسيحية بأنها أداة للحفاظ على الوضع الراهن، وأداة لدعم العبودية على مر التاريخ.[12] يرى مايكل لاكي إلحاد الأمريكيين الأفارقة كطريقة للاحتفال «بانتصار ثوري» على ما يعتبره مفهوم إلهي قمعي وعنيف.[13] يرى الكثير من الملحدين الأمريكيين الأفارقة الأمل في نظرة دنيوية إلى العالم، مثلما يروا في «الثقافة الدينية سببًا للسوداوية الكئيبة».[14] عبر ملحدو المملكة المتحدة السود عن آراء مماثلة، وبعضها لها جذور في بلدان مثل نيجيريا. يأسف هؤلاء الملحدون لرؤية الدين يؤثر تأثيرًا ضارًا على وطنهم.[4]

تميل المجتمعات الأمريكية الأفريقية إلى الاعتقاد بأن الكنيسة هي مركز الأخلاق، وغالبًا ما تلجأ إلى الكنيسة لحل المشاكل الاجتماعية المختلفة التي لا يُنتظر من الحكومة حلها أو الاهتمام بها.[15] يقول الكاتب كورد جيفرسون: «لقد تضاعفت دور العبادة للسود، منذ فترة طويلة، بحيث أصبحت بمثابة غرف حرب للتخطيط لأعمال الاحتجاج وحشد الناس الذين سئموا من التشريعات والعنف العنصري على مدى قرون».[16] يلجأ الكثير من السود إلى الدين للعثور على إجابات لمعاناتهم.[17] علاوة على المكون التاريخي للكنيسة وحياة السود، تحل الكنائس، التي تدير بنوك الطعام المحلية، العديد من المشاكل الاجتماعية، وتوفر الرعاية النهارية أو التدريب الوظيفي.[18] يرى العديد من الملحدين الأمريكيين الأفارقة أنه من المهم العمل مع الزعماء الدينيين والمنظمات الدينية لحل مختلف قضايا العدالة الاجتماعية التي تواجه المجتمع.[18]

قد يواجه الأمريكيون الأفارقة الذين أصبحوا ملحدين تكلفة اجتماعية «باهظة».[15] كتبت الصحفية جميلة باي: «من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، فصل الدين عن ثقافة السود».[19] لا تقتصر هذه التكلفة الاجتماعية على السود الذين يتخلون عن المسيحية، بل تحدث أيضًا بين المسلمين السود الذين يتخلون عن دينهم.[20] بعض الملحدين الذين تركوا الإسلام تبرأت منهم أسرهم أو تلقوا تهديدات بالقتل.[20] يواجه الملحدون السود في المملكة المتحدة مشاكل مماثلة، حيث يرتبط ظهورهم كملحدين بخوفهم من «النبذ والشيطنة». أسس كلايف أرويد ولولا تينوبو منظمة ملحدو لندن السود في المملكة المتحدة لهذا السبب.[21] هاجمت امرأة مسيحية سوداء، في مؤتمر للملحدين عُقد على هامش مؤتمر مسيحي في عام 2015، إحدى الحاضرات من الملحدات السوداوات واتهمتها بأنها ذات «عقلية عبودية» وبأنها ممن «استحوذ عليهم الشيطان».[22]

مع ذلك، عندما يرسم الأشخاص صورة الأمريكيين الأفارقة على أنهم «متدينون» فإنهم يتجاهلون «تنوع الفكر الذي يوجد في الواقع داخل مجتمع السود».[23] يلجأ العديد من الملحدين السود، من أجل مكافحة مشاعر العزلة، إلى الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي ليصبحوا جزءًا من جماعات الملحدين على الإنترنت. مع نمو وبروز الجماعات الملحدة التي ترحب بالأشخاص السود، يتزايد عددهم أيضًا، ما يشير إلى وجود «طبقة صامتة من السكان السود في أمريكا تشك بهدوء».[24]

الإلحاد والعنصرية

يمكن النظر إلى الحركة الإلحادية ككل على أنها حركة «عنصرية على نحو ضمني»، إذ أن «الحركة لا تهتم عامة بالقضايا التي تؤثر على الأشخاص الملونين» فتصبح العنصرية تبعًا لذلك «غير مرئية» وبالتالي يصعب الحديث عنها. كتبت سيكيفو هاتشينسون بأن مجتمع الملحدين لديه «نقص كبير في الاهتمام» بالقضايا التي تواجه السود. بعض الملحدين لا يرون سببًا لإنشاء منظمات منفصلة للسود ولا يفهمون مختلف القضايا التي يواجهها الملحدون السود. كتبت مانديسا توماس أن تجاربها الخاصة «تراوحت بين الشعور بالترحاب التام، والشعور بالعزلة التامة، بل والتجاهل».[25][26][27]

ينظر أيضًا أولئك الذين هم خارج الحركة الإلحادية إلى الإلحاد بوصفه أيديولوجيا عنصرية. تذكر ديبي غودارد، مديرة منظمة «أمريكيون أفارقة من أجل الإنسانية» أن زملاءها الطلاب في الدراسات الأمريكية الأفريقية أخبروها أن الإلحاد والإنسانية «أيديولوجيات مركزية أوروبية ضارة». تصف غودارد كيف ينظر كثيرون من السود إلى الإلحاد على أنه «ليس مجرد تهديد للمعتقدات والتقاليد الدينية، بل أيضًا تهديد لهوية السود وتاريخهم». ذكر راي كومفورت، مدافع مسيحي، أن الإلحاد هو «إهانة لتراث السود».[28][29][30]

انتقدت سيكيفو هاتشينسون توجه الحركة الإلحادية الرئيسية نحو المركزية الأوروبية، وفي كثير من الأحيان، نحو «سيادة البيض» في ما يتعلق بقيادتها ذات الأغلبية البيضاء، وبهوسها بالفصل بين الكنيسة والدولة على حساب العدالة العرقية والعدالة بين الجنسين ومعالجة التمييز العنصري. يذكّر أنتوني بي. بّين قراء مجلة ذا هيومانيست أنه من المهم السماح للسود بوضع «أجندة العدالة العرقية» الخاصة بهم. يواجه الملحدون السود قضايا مختلفة عن تلك التي يواجهها الملحدون البيض، ويريد الملحدون السود معالجة قضاياهم.[31]

تكمن المشكلة أحيانًا في أن أفراد جماعات الملحدين لا يفهمون العنصرية بشكل عام. تُسأل امرأة سوداء، حسب وصفها، بشأن صفحتها التي تُسمى «الملحدون السود». تصف المرأة لماذا لا يكون عنوان الصفحة عنصريًا، في حين وجود صفحة مماثلة لها تحمل عنوان «الملحدون البيض» عنصريًا، بأن البيض ليسوا جزءًا من فئة مهمشة في الولايات المتحدة.[32] تعرفت غودارد أيضًا على أفراد يعتقدون أنه من العنصرية إنشاء مجموعات خاصة في إطار الإلحاد لاستمالة الأمريكيين الأفارقة.[33]

مراجع

  1. "America's Changing Religious Landscape"، Pew Research Center، The Pew Charitable Trusts، 12 مايو 2015، مؤرشف من الأصل في 02 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  2. "Atheists"، Pew Research Center، The Pew Charitable Trusts، مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  3. "The Unaffiliated"، Pew Research Center، The Pew Charitable Trust، مؤرشف من الأصل في 06 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  4. McLaughlin, Liam (07 أغسطس 2013)، "Is It Harder to 'Come Out' As an Atheist If You're Black?"، New Statesman، مؤرشف من الأصل في 23 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  5. "What is Atheism?"، American Atheists، مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2017، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  6. "Definitions of Humanism"، American Humanist Association، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2016، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  7. "About AAH"، African Americans for Humanism، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  8. Jefferson, Cord (29 نوفمبر 2011)، "The Rise of Black Atheists"، BET، مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  9. Brennan, Emily (25 نوفمبر 2011)، "The Unbelievers"، The New York Times، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  10. Erdman, Shelby Lin (13 يوليو 2015)، "Atlanta Atheist Wants To Erase Stigma In Black Community"، 90.1 WABE، NPR Atlanta، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2017، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  11. Jones, William R. (2001)، "Religious Humanism"، في Pinn, Anthony B. (المحرر)، By These Hands: A Documentary History of African American Humanism، New York: New York University Press، ص. 26–27، ISBN 9780814766729.
  12. Pinn, Anthony (يوليو 2015)، "Confronting Racism: Don'ts & Dos For Humanists"، Humanist، 75 (4): 24–28، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2017، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  13. Barnard, John Levi (نوفمبر 2009)، "African-American Atheists and Political Liberation: A Study of the Socio-Cultural Dynamic of Faith"، Religion & the Arts، 13 (4): 612–614، doi:10.1163/107992609X12524941450361.
  14. Lackey, Michael (2007)، Black Liberation: An Atheist Manifesto، University Press of Florida، ص. 143، ISBN 9780813040080.
  15. Miller, Ashley (2013)، "The Non-Religious Patriarchy: Why Losing Religion HAS NOT Meant Losing White Male Dominance"، Cross Currents، 63 (2): 211–226، doi:10.1111/cros.12025.
  16. Jefferson, Cord (17 مايو 2012)، "Our Father's Not in Heaven: The New Black Atheism"، Gawker، مؤرشف من الأصل في 20 نوفمبر 2015، اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2015.
  17. Carson, Edward (25 نوفمبر 2015)، "Black Atheists and the Black Church"، The Christian Century، مؤرشف من الأصل في 08 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2015.
  18. Winston, Kimberly (09 أكتوبر 2014)، "Black Atheists Say Their Concerns Have Been Overlooked for Too Long"، The Washington Post، مؤرشف من الأصل في 29 أكتوبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2015.
  19. Bey, Jamila (19 مايو 2010)، "Black Women Who Use the "A" Word"، The Root، مؤرشف من الأصل في 22 مايو 2016، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  20. Morrison, Sarah (18 يناير 2014)، "Allah vs Atheism: 'Leaving Islam Was the Hardest Thing I've Done'"، Independent، مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  21. "Metro's unconventional Christmas message: A black atheist talks about the big day"، Metro، 25 ديسمبر 2015، مؤرشف من الأصل في 19 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  22. Facciani, Matthew (20 أكتوبر 2015)، "Angry Christian Outburst Shows Why It's Hard to Be a Black Atheist"، According to Matthew، Patheos، مؤرشف من الأصل في 08 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  23. Uwujaren, Jarune (31 ديسمبر 2014)، "3 Myths About Black Atheists That Prove They Need Better Representation"، Everyday Feminism، مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  24. DeBakcsy, Dale (05 أغسطس 2014)، "The Growth of African American Atheism"، New Humanist، مؤرشف من الأصل في 24 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  25. Hutchinson, Sikivu (16 يونيو 2014)، "Atheism Has a Big Race Problem That No One's Talking About"، The Washington Post، مؤرشف من الأصل في 03 ديسمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 05 ديسمبر 2015.
  26. Kunerth, Jeff (30 مارس 2013)، "Black Atheists Search for Sense of Belonging"، Frederick News Post، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2017، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  27. Thomas, Mandisa (28 مارس 2015)، "Confessions of a Black Atheist"، CNN، مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2015.
  28. Martin, Michel (24 فبراير 2014)، "From Buddhism to Baha'i: Black Faith Spreads Across All Religions"، NPR، مؤرشف من الأصل في 18 مارس 2017، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  29. "Celebrating The Diverse Spirituality And Religion Of African-Americans"، The Huffington Post، 17 فبراير 2014، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  30. Zaimov, Stoyan (07 فبراير 2012)، "Evangelist Ray Comfort Says Blacks 'Too Smart' for Atheist Agenda"، Christian Post، مؤرشف من الأصل في 11 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 13 ديسمبر 2015.
  31. Hutchinson, Sikivu (26 November 2013) "Secularism and Social Justice," Psychology Today, https://www.psychologytoday.com/us/blog/our-humanity-naturally/201311/secularism-and-social-justice (Retrieved 24 February 2018)
  32. "To Atheists & Christians: My Black Atheists Page is Not Racist!"، Black Atheists، 06 ديسمبر 2014، مؤرشف من الأصل في 11 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  33. MacDonald, G. Jeffrey (2011)، "Atheists' Diversity Woes Have No Black-and-White Answers"، Beliefnet، مؤرشف من الأصل في 08 أغسطس 2018، اطلع عليه بتاريخ 23 ديسمبر 2015.
  • بوابة إلحاد
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.