تجميع ذاتي

يمثل التجميع الذاتي الجزيئي عمليةً تكتسب الجزيئات من خلالها ترتيباً معيناً محدداً بدون أي إرشادٍ أو ترتيبٍ من مصدرٍ خارجيٍ. ويوجد هناك نوعين من التجميع الذاتي self-assembly، وهما تجميع ذاتي ضمن جزيئي intramolecular وتجميع ذاتي بين جزيئي intermolecular. وغالباً ما يشير مصطلح التجميع الذاتي الجزيئي إلى التجميع الذاتي بين الجزيئي، في حين كثيراً ما يُستخدم مصطلح التجميع الذاتي ضمن الجزيئي للإشارة إلى عملية الطيّ folding.

مثال للتجميع الذاتي الجزيئي بواسطة روابط الهيدروجين.[1]

أنظمة الجزيئات الضخمة

تمثل عملية التجميع الذاتي الجزيئي فكرةً رئيسيةً في مجال كيمياء الجزيئات الضخمة [2][3][4] حيث أن تجمع الجزيئات يتم توجيهه من خلال التأثيرات المتبادلة غير التساهمية (على سبيل المثال الروابط الهيدروجينية، التساند الفلزي، التأثير الكاره للماء، قوى فان دير فالس، تأثيرات π-π (باي باي) المتبادلة، و/ أو التأثيرات الكهربائية الساكنة المتبادلة) بالإضافة إلى التفاعلات الكهرومغناطيسية. وتتضمن بعضا الأمثلة الشائعة تشكيل مذيلات (micelle)، الحويصلات، مراحل الكريستال السائل، وطبقات لانغومر الأحادية بواسطة الجزيئات ذات الفعالية السطحية.[5] هذا وتوضح المزيد من أمثلة عمليات تجميع الجزيئات الضخمة أنه يمكن الحصول على تنوعٍ من الأشكال والأحجام المختلفة إثر استخدام عملية التجميع الذاتي الجزيئي.[6]

هذا وسمح التجميع الذاتي الجزيئي بتكوين العديد من الهيكليات الجزيئية التي يصعب الحصول عليها. ومن الأمثلة على ذلك حلقات بوروميان (بالإنجليزية: Borromean ring)‏، وهي حلقات متداخلة والتي لو تم إزالة حلقةٍ منها من الداخل تسفر عن فتح باقي الحلقات. هذا وقد استخدم الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين لإعداد وتجهيز مشابهات من حلقات بوروميان.[7] وحديثاً تم تجهيز بناءً مماثلاً باستخدام الكتل البنيوية غير الحيوية.[8]

الأنظمة الحيوية

يلعب التجميع الذاتي الجزيئي دوراً حيوياً لوظيفة الخلايا. فهو يظهر في عملية التجميع الذاتي للدهنيات (الليبيدات) وذلك لتشكيل غشاء الخلية، ولتكوين اللولب المزدوج للحامض النووي من خلال روابط هيدروجينية للشرائط المفردة، وتجميع البروينات لتشكيل بنى رابعية quaternary structure. وهنا نلاحظ أن التجميع الذاتي الجزيئي للبروتينات المطوية بطريقةٍ غير صحيحةٍ إلى ألياف نشوانية غير منحلة هو المسؤول عن الأمراض البريونية العصبية التنكسية المعدية.

تقانة الصغائر

بنية الحمض النووي على اليسار (تفصيلية توضيحية) ستتجمع ذاتياً إلى تلك البنية الموضحة باستخدام مجهر الطاقة الذرية على اليمين. الصورة من سترونغ.[9]

يمثل التجميع الذاتي الجزيئي سمةً هامةً لطرق أسفل – أعلى في تقانة الصغائر. فباستخدام التجميع الذاتي الجزيئي فإن البنية النهائية (المرغوبة) يتم برمجتها في الشكل والمجموعات الوظيفية للجزيئات. ويُشار إلى التجميع الذاتي على أنه تقنية التصنيع «من أسفل إلى أعلى»، وذلك على النقيض مع تقنية التصنيع «من أعلى إلى أسفل» والتي منها على سبيل المثال الطباعة الحجرية، حيث تُنْحَت البنية النهائية المرغوبة من كتلةٍ أكبر من المادة. وفي ضوء الرؤية التوقعية للتقانة النانوية الجزيئية، ستصنع الدارات المتكاملة microchips في المستقبل من خلال عملية التجميع الذاتي الجزيئي. ومن مزايا استخدام عملية التجميع الذاتي الجزيئي للمواد الحيوية في تشكيل وتكوين الهياكل النانوية هي أنها ستتراجع إلى جزيئاتٍ مفردةٍ والتي يستطيع الجسم تكسيرها.

تقانة الحمض النووي النانوية

تمثل تقانة الدنا النانوية مجالاً من مجالات البحث الحالي والتي تستخدم أسلوب التجميع الذاتي من أسفل إلى أعلى، من أجل تحقيق أهداف في التقانة النانوية. مما يجعل تقنية الدنا النانوية تستخدم أسلوب خصائص التعرف الجزيئي (بالإنجليزية: molecular recognition)‏ للحمض النووي دنا والأحماض النووية الأخرى بهدف إنتاج مركبات دانوية (حمضية نووية) متفرعة تجميعية ذاتية ذات خصائصٍ مفيدةٍ.[10] حيث يُستخدم الدنا كمادةٍ بنائيةٍ بدلاً من كونها حاملاً للمعلومات الحيوية، بهدف تكوين هياكلٍ مثل الشباك الدورية ثنائية الأبعاد (بالإضافة إلى استخدام طريقة أوريغامي الحمض النووي DNA origami) وكذلك هياكلٍ ثلاثية الأبعاد ذات أشكال متعددة الأوجه.[11] كما استخدمت تركيبات الحامض النووي تلك لقولبة تجميع الجزيئات الأخرى ومنها الجسيمات النانوية الذهبية (بالإنجليزية: Colloidal gold)‏[12] وبروتينات الستريبتافيدين.[13]

الطبقات الأحادية ثنائية الأبعاد

غالباً ما يُشار إلى التجميع التلقائي للطبقة الواحدة من الجزيئات (مثال ذلك سماكة طبقة أحادية) في الواجهات التفاعلية على أنه تجميعاً ذاتياً ثنائي الأبعاد. حيث جاءت الأدلة والبراهين المباشرة الأولى، والتي تُظْهِرُ أن الجزيئات لها القدرة على التجميع في داخل المعماريات عالية الترتيب على واجهات التفاعل الصلبة، مع تطوير مطيافية المسح النفقي وبعدها بقليلٍ.[14] وفي النهاية أصبح هناك طريقتان هم الأكثر شيوعاً في عملية التجميع الذاتي للمعماريات والهياكل ثنائية الأبعاد، وهما «التجميع الذاتي إثر الترسيب تحت التفريغ العالي» و«التحمية والتجميع الذاتي على واجهة التفاعل الصلبة».[15] مما جعل تصميم الجزيئات والشروط المؤدية إلى تشكيل هياكلٍ أو معمارياتٍ عالية البلورية أحد أنماط الهندسة البلورية (بالإنجليزية: crystal engineering)‏ ثنائية الأبعاد على المستوى النانوي.

انظر أيضاً


المصادر

  1. F. H. Beijer, H. Kooijman, A. L. Spek, R. P. Sijbesma & E. W. Meijer (1998)، "Self-Complementarity Achieved through Quadruple Hydrogen Bonding"، Angew. Chem. Int. Ed.، 37 (1–2): 75–78، doi:10.1002/(SICI)1521-3773(19980202)37:1/2<75::AID-ANIE75>3.0.CO;2-R.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  2. J.-M. Lehn (1988)، "Perspectives in Supramolecular Chemistry-From Molecular Recognition towards Molecular Information Processing and Self-Organization"، Angew. Chem. Int. Ed. Engl.، 27 (11): 89–121، doi:10.1002/anie.198800891.
  3. J.-M. Lehn (1990)، "Supramolecular Chemistry-Scope and Perspectives: Molecules, Supermolecules, and Molecular Devices (Nobel Lecture)"، Angew. Chem. Int. Ed. Engl.، 29 (11): 1304–1319، doi:10.1002/anie.199013041.
  4. Lehn, J.-M.، Supramolecular Chemistry: Concepts and Perspectives، Wiley-VCH، ISBN 978-3-527-29311-7.
  5. Rosen, Milton J. (2004)، Surfactants and interfacial phenomena، Hoboken, NJ: Wiley-Interscience، ISBN 978-0-471-47818-8.
  6. Ariga, Katsuhiko؛ Hill, Jonathan P؛ Lee, Michael V؛ Vinu, Ajayan؛ Charvet, Richard؛ Acharya, Somobrata (2008)، "Challenges and breakthroughs in recent research on self-assembly"، Science and Technology of Advanced Materials (free-download review)، 9: 014109، doi:10.1088/1468-6996/9/1/014109. {{استشهاد بدورية محكمة}}: |format= بحاجة لـ |url= (مساعدة)
  7. C. Mao, W. Sun & N. C. Seeman (1997)، "Assembly of Borromean rings from DNA"، Nature، 386 (6621): 137–138، doi:10.1038/386137b0، PMID 9062186.
  8. K. S. Chichak, S. J. Cantrill, A. R. Pease, S.-H. Chen, G. W. V. Cave, J. L. Atwood & J. F. Stoddart (2004)، "Molecular Borromean Rings"، Science، 304 (5675): 1308–1312، doi:10.1126/science.1096914، PMID 15166376.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  9. M. Strong (2004)، "Protein Nanomachines"، PLoS Biol.، 2 (3): e73–e74، doi:10.1371/journal.pbio.0020073، PMC 368168، PMID 15024422.
  10. N. C. Seeman (2003)، "DNA in a material world"، Nature، 421 (6921): 427–431، doi:10.1038/nature01406، PMID 12540916.
  11. J. Chen & N. C. Seeman (1991)، "Synthesis from DNA of a molecule with the connectivity of a cube"، Nature، 350 (6319): 631–633، doi:10.1038/350631a0، PMID 2017259، مؤرشف من الأصل (w) في 05 مارس 2016.
  12. C. A. Mirkin, R. L. Letsinger, R. C. Mucic & J. J. Storhoff (1996)، "A DNA-based method for rationally assembling nanoparticles into macroscopic materials"، Nature، 382 (6592): 607–609، doi:10.1038/382607a0، PMID 8757129.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  13. H. Yan, S. H. Park, G. Finkelstein, J. H. Reif & T. H. Labean (2003)، "DNA-Templated Self-Assembly of Protein Arrays and Highly Conductive Nanowires"، Science، 301 (5641): 1882–1884، doi:10.1126/science.1089389، PMID 14512621، مؤرشف من الأصل في 01 ديسمبر 2009.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  14. J. S. Foster & J. E. Frommer (1988)، "Imaging of liquid crystals using a tunnelling microscope"، Nature، 333: 542–545، doi:10.1038/333542a0، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2015.
  15. J.P. Rabe & S. Buchholz (1991)، "Commensurability and Mobility in Two-Dimensional Molecular Patterns on Graphite"، Science، 353 (5018): 424–427، doi:10.1126/science.253.5018.424، PMID 1، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.

المزيد من القراءات والمصادر الخارجية

تقانة نانوية

  • بوابة علم الأحياء
  • بوابة الفيزياء
  • بوابة تقنية النانو
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.